لست أريد أن أدعي لنفسي التنبؤ بما سيحدث...ولست أريد أن أثير أحداً بما أكتبه.. إنما أكتب لأني أشعر بالخطر المحدق بهذه الأمة.
كنت قد حذرت من الخطر القادم قبل أكثر من عام حين كتبت أن الزمن ليس في صالح سورية.. ذلك أن الصهيونية ليست في عجلة من أمرها حيث إنها تستطيع أن تنتظر كي يرهق عدوها قبل أن تهاجمه.
وحين كتبت ان على سورية أن تحسم الوضع عسكرياً في أسرع وقت فإني كنت أعني أن يتم هذا بأي ثمن لأن أي تسويف يسمح للصهيونية أن تمعن في تنفيذ مشروعها....
مسكين ذلك المحلل الذي قدمته قناة سورية الفضائية اليوم وهو يتحدث عن المجتمع الدولي الذي سيوقف الإرهابيين لأن هذا المجتمع سوف يكون هدفاً لتلك المجموعات... مسكين لأنه لم يتعلم مما حدث في العراق، ومسكين لأنه يعتقد أن المجموعات الإرهابية تمتلك القدرة الفنية أو العسكرية على التحرك لوحدها لكي تهدد أوربا وكأن الأدوات المنفذة في سورية ليست سوى بهائم تقوم بعمل محدد ينتهي بحددود ما كلفت به..
عسى ألا يكون في سورية مسؤول يفكر كما يفكربه ذلك المحلل لأنه بائس في فكره وقد يكون أحد اسباب وصولنا لما نحن فيه أن من أمثاله من يُنَظّرون لنا!!
أعود للموضوع الخطير.... لا تستخفوا بالصهيونية! قاوموها ولكن لا تستخفوا بها!
أعود فأقول إن الصهيونية لا تتحرك عبثاً ولا تحرك أساطيلها لكي تستعرض عضلاتها فهي في غنى ذلك... كما ان من المهم جداً التأكيد على أن تحريك اية قطعة بحرية بعيداً عن مهتمها قرار مكلف جداً..
فلماذا قررت القيادة العسكرية الأميركية توجيه قطع جديدة من الأسطول الأمريكي الحامل لصواريخ كروز للقرب من الساحل السوري. أليس هذا ما حدث في العراق مرتين وانتهى في الحالين بغزو العراق؟؟
بل لعل الأهم من كل ذلك هو السؤال: متى كانت آخر مرة حركت فيها الصهيونية قواتها نحو منطقة ثم سحبتها دون إشتباك؟
وأرجو أن يفهم القادة العسكريون حقاً معنى هذا السؤال بالنسبة لسورية. فحين يعلن وزير الدفاع الأمريكي أن الأسطول الأمريكي يحرك قطعات جديدة نحو الساحل السوري فهو لا يتحدث عن إحتمالات ذلك لأن الصهيونية تمتلك من القدرة العسكرية أن تقصف دمشق من المحيط الهندي ومن ألمانيا دون اية مشقة..... لكنه إشعار باشتباك قريب الوقوع سوف تستخدم فيه الصهيونية صواريخ كروز كما حدث في العراق مرتين في 1991 و 2003.
فقد اقترب المشروع الصهيوني لسورية من الإنهيار بسبب تماسك قومي في سورية لم تدركه الصهيونية ولم تتوقعه... وحيث إن الصهيونية لا يمكن أن تتخلى عن آخر حلقة في مشروع الشرق الأوسط الجديد بعد تحويل العراق لقاعدة متميزة لتحريك الصهيونية والقاعدة والسلفيين كما تشاء و متى تشاء... ذلك لأن عدم إكمال تنفيذ المشروع باحتلال سورية قد يؤدي لإنهياره في العراق كذلك ليس بسبب تحول بقايا البعث البائسة الى "جند النقشبندية" بل لإمكانية نمو حس قومي عربي في العراق كما حدث في ثلاثينات القرن الماضي بعد فشل المشروع الصهيوني الأول.. أي بمعنى أوجز إن عدم النجاح في الهيمنة على دمشق قد يعني أن كل ما فعلته الصهيوينة منذ عام 1990 قد يتحول الى عبث وضياع، فلسان حالهم سيكون:
فإذا الذي جمع الطغاة خشارة وإذا عصارة كل ذاك أثام
أعود فأقول أنه حتى في قضية كوبا عام 1961 فإن الصهيونية لم تسحب قواتها إلا بعد أن تنازل السوفيت فسحبوا صواريخهم من كوبا!
فإذا قال قائل ان الصهيونية لن تغزو سورية بسبب موقف روسيا فهو جواب ليس كافياً ذلك لأن روسيا تعارض أي تدخل أجنبي في سورية لأسباب ليس هذا مكانها لكن المهم فهم حقيقة مهمة جداً وهي أن روسيا لن تدخل حرباً من أجل أحد خارج حدودها..... أما الصهيونية فهي تقاتل في سورية من أجل بقائها. أي بمعنى آخر ان هناك حدوداً لما يمكن لروسيا أن تفعله في وقف أي غزو لسورية، هذا إلى جانب حقيقة أن لروسيا مصالح عديدة لا بد من الحفاظ عليها وهي ضمن المعسكر الرأسمالي اليوم... ولعل من المفيد التذكير بأن روسيا لم تزود حتى اليوم منظومة الصواريخ المضادة للطائرات وصواريخ كروز رغم الإنتهاء من صناعتها وتحقيق موعد تسليمها حيث إني على يقين أن ذلك تم لمنع سورية من إستخامها ضد الهجوم الصهيوني والذي لا تلغي روسيا احتمال قيامه وما يترتب على ذلك من إحراج للروس أمام الصهاينة!
وقد يقول قائل إن الصهيونية لن تغزو سورية براً، وقد يكون القرار ليس في إرسال جنود أمريكيين للمعركة ولكن هذا لا يعني عدم قيام الصهيونية باطلاق حمم صواريخها الموجهة لضرب قواعد الصواريخ والمطارات ومقاومة الطائرات ومقرات القيادة والتحكم في سورية مما يجعل عمل المقاومة المسلحة سهلاً. أو قد يقود للنتيجة التي جرت في ليبيا!
إني لا أتحدث عن ما إذا كان الغزو سيقع أم لا لكني أتحدث عن توقيت وقوعه.
وقبل عرض فكرة واحدة فقط من فكر إيقاف الهجوم المنتظر لا بد من عرض سؤالين:
أولهما ماهي علاقة الولايات المتحدة بما تفعله أية دولة في حالة حرب ليس مع الولايات المتحدة حتى تعد أن ما تفعله سورية يعرض للأمن القومي الأمريكي للخطر كما تدعي؟
وثانيهما ما كانت ستفعل الولايات المتحدة لو أن دولة أعلنت رسمياً أنها تدعم بالمال والسلاح قوة مسلحة تقاتل الحكومة الأمريكية في ولاية فلوريدا على سبيل المثال. ثم إكتشفت القوات المسلحة الأمريكية صناديق سلاح ومواد كيمياوية مكتوب عليها أنها صنعت في تلك الدول الممولة للتمرد؟
فهل يمكن لبشار أن يوقف غزو سوريةّ؟
والجواب على ذلك هو نعم إذا خرج مقاتلا ومغيراً لقواعد اللعبة دون أن يجلس كي يغزى في داره كما فعل صدام...اي أن يفهم العدو أنه قرر نقل المعركة خارج حدوده بل إلى مواضع إنطلاق العدوان!
وحيث إن السعودية قد أعلنت بشكل رسمي أنها تمون وتسلح التمرد المسلح في سورية كما أن سورية اكتشفت سلاحاً ومواد كيمياوية قادمة من السعودية فإن ذلك إثبات لا يقبل الجدل بالعدوان السعودي على سورية وهكذا يصبح من حق سورية أن توجه رسالة قوية للسعودية كجزء من حقها في الدفاع عن النفس المضمون في القانون الدولي....
ويتم ذلك بصاروخين يسقطان على مدينة الرياض كإشارة واضحة لما سيترتب على إستمرار دعم السعودية للإرهاب...
ولن يحدث شيء في العالم سوى الإستنكار وهو متوقع..... أما السعودية فهي دولة جبانة يقودها أعراب جبناء سوف تتوقف عن دعمها فوراً إذا لم تجد رد فعل صهيوني مباشر.. والذي لن يقع...
إن هذه العملية هي خطوة واحدة متاحة لسورية لإيقاف الغزو. ذلك لأن العدو الصهيوني سوف يفهم جيداً أن سورية مدركة لما يمكن أن يحدث وان أي رد فعل ضد حقها في الدفاع عن نفسها سوف يترتب عليه معركة قد تدمر فيها سورية ولكنها لن تنتهي إلا بخراب إسرائيل كذلك.
هكذا فقط يمكن أن تغير سورية قواعد المعركة وقد تجبر العدو الصهيوني أن يوقف مشروعه التدميري.... فإذا لم يتم ذلك فإن خيار "شمشون" قد يكون الخيار الوحيد المتاح.
لا ادري لماذا يعطي الكاتب كل هذا الوزن للصهيونية ولماذا لا يعتبر أن كل دوله في العالم لها مصالحها الخاصة بها. بعض ال مصالح تلتقي ولاكن إعطاء اسم الصهيونية لتمثل العالم الغربي بأكمله ينجلي علي مبالغته مزوره و رعناء. أليس الكاتب هو من نشر مقالا بعنوان ؛ كفاكم عويلا أيها الفلسطينيون ؛ بمناسبه ذكرا نكبه فلسطين ادعا فيها بان الفلسطينيون لم يقاومو الاحتلال . أمل أن يكون الكاتب أمينا علا مصلحه آلامه بدل أن يكون بوقا آخر للصهيونية