ترددت كثيراً قبل الشروع بكتابة هذه السطور، ليس لأني أتنصل من مسؤولية غثة ألقيناها على كاهلنا بحكم ما يدور من حولنا - وربما يستهجن البعض من لفظ غثة، كون الذي يعد العصي ليس كمن يأكلهاها – وأرجع لسبب التردد لألخصه قي أنه كلما اعتقدنا بأننا نفترب من نهاية اللعبة، تعود الأوراق لتختلط من جديد، لنمسي نردد المثل العربي القائل : " ويكأنك يا زيد ما غزيت "، ونرجع القهقرى وندور في دوامة الأخذ والرد مع الذين كلما جفّ عودهم جاءهم من يروي من الأكل الخمط ما قد ذبل.
لن أستطرد كثيراً، لأكتفي بسرد قصة، وردت فيما جمع في مؤلفات عن سيرة رسولنا الأكرم، عليه أفضل السلام وأتم التسليم ... فأقول:
أتى نعيم بن مسعود الأشجعي رسول الله يوم الأحزاب فأسلم. وقال: إن قومي لم يعلموا بإسلامي, فمرني بما شئت يا رسول الله. قال: "إنما أنت فينا رجل واحد فاخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة".
فأتى يهود قريظة فقال لهم: قد عرفتم ودي إياكم. قالوا: صدقت. قال: إن قريشًا ليسوا كأنتم, البلد بلدكم, بها أموالكم وأولادكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تتحولوا منه إلى غيره, وإن قريشًا قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه, وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره, فليسوا كأنتم, فإن رأوا نصراً أصابوها وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم, وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم, فلا طاقة لكم به إن خلا بكم, فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهائن من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمدًا. فقالوا: لقد أشرت بالرأي.
ثم خرج حتى أتى قريشًا, فقال لأبي سفيان: قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمد وإنه قد بلغني أمر قد رأيت عليَّ حقًّا أن أبلغكموه نصحاً لكم فاكتموه عليّ. قال: تعلموا أن معشر اليهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد, وأرسلوا إليه أنا قد ندمنا على ما فعلنا, فهل يرضيك أن نأخذ لك من قريش نفراً من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم, فأرسل إليهم: نعم. فإن بعثت إليكم اليهود يلتمسون رهائن منكم من رجالكم فلا تفعلوا.
فلما أرسل أبو سفيان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل قالوا: إنا لن نقاتل معكم محمدًا حتى تعطونا رهائن من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا.
فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة, قالت قريش: والله لقد حدثكم نعيم بن مسعود بحق. فأرسلوا إلى بني قريظة: إنا والله ما ندفع إليكم رجلاً من رجالنا فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا.
فقالت بنو قريظة حين انتهت إليهم الرسل بهذا: إن الذي ذكر لكم نعيم لحق, ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا فإن رأوا فرصة انتهزوه. وإن كان غير ذلك رجعوا إلى بلادهم. فأرسلوا إلى قريش: إنا والله لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهائن. فأبوا عليهم. وخذل الله بينهم! "نهاية السرد ".
قصة مررنا عليها مرور الكرام ... لكن فيها عظيم الدلالة والعبر، كثيرون منا يحفظون عن ظهر قلب المثل الذي يقول << اليد الواحدة لا تصفق >> !. ولكنا وجدناها مع نعيم بن مسعود, بأنها تفعل الأعاجيب حينما وظف نفسه مفتاحاً لنصر جعل من دعوة الإسلام باقية إلى يوم الدين بإذن الله عز وجل.
استودعها مخطوطة لكل ذي لب، مؤادها بأن الفرد بذاته يمكن أن يهزم جيشاً جراراً بعدته وعتاده، فيما لو آمن بما يقوم به، ولم يبخسه جهداً مهما كان بنظر الآخرين ضئيلاً، فرب حجرة تسند جرة لو شاء الله العلي القدير، فأروني في أنفسكم ذلك الحجر ... ولنجعل من الصحابي الجليل - نعيم بن مسعود رضي الله عنه، الذي لم يرد في سيرة نبينا الأكرم من أخباره غير ما ذكرت - قدوتنا في التصدي للعدوان.
سوف يأفل العدوان، وتأفل معه كل تداعياته بخير وسلام على الأمة بإذن الله العلي القدير، ولا يتبقى في الأذهان إلا الشواهد الحية عن فعال الرجال، ما كان من أمرهم في التصدي لمثل هكذا عدوان .. لذلك فليسأل أي منا نقسه أولاً قبل الآخرين .. ما ذا سيذكر عني من يأتي بعدنا عما أبليت فيه لدرء أو التقليل من أخطار وملمات هذا العدوان ؟؟
لو كان البلاء حسناً فنعم البلاء.. وإلا فليعد كل منا حساباته، فالتأريخ لا يرحم، وسيوصم الجميع فيه بحسن فعالهم أو بقبحها.
أخي الذي حجبت أسمك باسم بديل قلت فاختزلت ما يمكن أن ينشر بكتاب ولكن هل فينا من يقرأ ليعي ما يقرأ وينفذ ما وعى أشك في ذلك فلو أدلى كل واحد منا بقطرة في سبيل حل النزاع لملأنا جراراً يعجزون افراغها من دون التوصل لحل ولكن كل واحد ينتظر فعل الآخر ويقف ليتفرج لهذا المشكلة مستمرة شكراً لهذه اللفتة وأرجو أن تلاقي الصدى الجميل .
أخي الحبيب سليم...الكتابة تحت أسم مستعار ليس من لب الموضوع وإنما الغاية كانت وما تزال لشحذ همم من أسكن نفسهة في المنطقة الرمادية من دون أن يفعل شيئاً غي انتظار الحلول من الغير والسير تحت مظلة من ترجح كفته في النهاية...هم أناس سلبيين آثروا على أنفسهم أ، يكونوا كما وصفهم رسولنا الأعظم بالإمعات!.الحل لا يكون إلا من أنفسنا وعليه يجب كما ذكرت أن يساهم أي منا بما يستطيع في سبيل الوصول للصيغة الأمثل التي يباركها الله وتكون مؤشراً لنهاية الحرب بإذن الله!!!