syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
المشهد الذي أبكاني كثيرًا... بقلم: سامي السعدي

الأم الراحلة : الله يعطينا عمر لأشوفك أنت وأختك مرسين بها البيت الكبير يا أمي ، روح الله يرضى عليك يا خطاب أنت وأختك نبيهة ، رضا يجيء من عالي سماء ، ويلبسك إياه طول عمرك أنت وأولادك يا حق  


خطاب : أمي ... آه لو كنتي عايشة لك أمي آه ، والله لأبوس أصابع رجليك وأحطك بمرج عيوني والله ...

 كتبته أعلاه ، هو أشد وأقسى مشهد شاهدته في حياتي ، وهو من مسلسل (الدبور) وكان بالحلقة (31) وبالتحديد الدقيقة (4) من زمن الحلقة ، وصادف يوم عيد الفطر المبارك ، حيث كنت مجتمعاً ومعي مجموعة من الزملاء في إحدى الاستراحات لقضاء أول أيام العيد ، وكنا من الحريصين جدًا على مشاهدة أحداث هذا المسلسل الرائع ، وعندما ظهر هذا المشهد أخذتنا الذاكرة إلى أمهاتنا ، وشعرت أن لسان حال زملائي يقول (الله يحفظك يا أمي) ، بينما من فقدوا أمهاتهم فقد تأثروا بالمشهد كثيرًا ، ولمحت الدمع في أعينهم ، أحد زملائي توفيت والدته في حادث مروري خلال الصيف الماضي قبل شهر رمضان بأسبوعين ، ولا أخفيكم أنه نظر إلينا وقال " أعذروني يا زملائي ما أقدر أخفي دموعي ، كنت كل يوم عيد أحصل على عيدية من والدتي تفوق جميع العيديات التي أحصل عليها من الآخرين ، وكانت كل سنة تزيد من قيمتها ، وهذا العام فقدت روح أمي ، شوفة أمي أغلى من كل الهدايا ، يا ليتك يا أمي ترجعي ولو لساعة فقط " ثم سكت من شدة البكاء ، أنا وبقية الزملاء تذكرنا أننا في صباح ذلك اليوم أخذنا العيدية من أيدي أمهاتنا ، ثم تخيلنا لو أننا مكان زميلنا ماذا ستكون مشاعرنا ؟؟؟

 

عندما عدت إلى المنزل وتوجهت إلى سريري ، لم أستطيع أن أنام من قسوة المشاهد التي شاهدتها ، ثم بدأت أتخيل لو أنني مكان زميلي ، ماذا لو فقدت والدتي هذا العام (بعيد الشر عنها) ، عندها تذكرت ذلك المشهد من المسلسل وأخذت أبكي ...

سؤال : كيف حال تعاملنا مع أمهاتنا ؟؟ كم من شاب أو شابة يتعامل مع والدته بجفاء !!! كم من شاب وشابة يحمل في قلبه الكبر على والدته لأنه أفضل منها في الدراسة ، ويحمل شهادة أعلى من شهادتها ، ووظيفته أعلى من وظيفتها ، ومرتبته أعلى من مرتبتها .........

نعم ... الدبور مجرد مسلسل ، ولكن لا ننسى أن الفن رسالة ، نعم لقد تغير الفن في زماننا هذا ، وأصبح (بعضه وليس كله) مجرد تهريج وضحك وجمع أموال للفنانين والكتاب إلا من رحم الله ، وقد قدم مسلسل الدبور رسائل عديدة قد نستطيع أن نتعلم منها ونعلم أبنائنا ، ومن أهم ما طرحه هذا المسلسل هو البر بالوالدين والتربية الصالحة ، وحذر من العديد من الصفات كالظلم والكبر والخديعة ، وأعظم صفتين حذر منها هذا المسلسل هما الكذب وشهادة الزور ، وهاتين الصفتين من أكثر الصفات السيئة انتشار في البلدان العربية ، بل أصبح الجيل الجديد يستهتر بهما بشكل واضح ، بعد أن كنا في السابق نقاطع من يستخدم الكذب في تعاملاته ، ونعاقب من يشهد زورًا في قضية ، لما يترتب على هاتين الصفتين السيئتين من أضرار على الفرد والمجتمع ، ولما قد يترتب عليها من انتشار للفساد والشائعات .....

أعود إلى الموضوع الأساس وهو البر بالوالدين ، لاحظت أن أغلب الأبناء لا يتذكرون والديهم إلا في عيد الأم وعيد الأب ، وفي باقي الأيام لا نذكرهم ولا نظهر لهم الاحترام ولا نقدم لهم الهدايا ، ونحن نعلم أن أغلب الأديان تحدثنا على البر بالوالدين في كل وقت وحين ، قال تعالى (( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا))   ونجد أن أغلب الأديان حثت على البر بالوالدة خصوصًا أتى رجل إلى رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم – فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله ؟؟ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام  (( أمــك ... ثم أمــــك ... ثم أمــــك ... ثم أبـــوك)) ......

لقد شاهدنا في الآونة الأخيرة العديد من صور عقوق الوالدة ، شاب يقتل أمه من أجل إرضاء زوجته !!! وآخر يحرق أمه وهي بالسيارة من أجل الحصول على أموالها !!! وثالث يرمي بوالدته في دار المسنين لأنه يرى أن مكانته ومنزلته تجعله يترفع عن الاهتمام بوالدته !!! وفتاة تحرق أمها بماء الأسيد لكي لا تتدخل في حياتها على حسب رؤيتها !!! وأخرى تتهم أمها بالجنون وتدخلها المستشفى وتتخلى عنها وهدفها إرضاء عشيقها !!! ....... وتطول القائمة .

يا إخواني أرجوكم بعد قراءتكم لمقالي هذا أن تتوجهوا إلى أمهاتكم وتقبلوا يديها وتطلبوا منها السماح عن ما حدث منكم سواء بعلمكم أو بغير قصد منكم ، واطلبوا منها أن تدعو لكم بالتوفيق في حياتكم ، وقدموا لها هدية ولو بسيطة ، ومهما كانت الهدية بسيطة فإن معناها كبير في النفوس ، ومن كانت أمه قد سلمت روحها لباريها (الله يرحمها ويجعل روحها بالجنة) فأرجو منكم أن تزوروا قبرها وتدعوا لها وتستغفروا لها وتتصدقوا عنها ولو بالقليل وتذكروا قول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم (( إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له)) ......

وأختم مقالي بقول الحق سبحانه وتعالى (( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا )) ......

2010-12-06
التعليقات
د. محمد
2010-12-06 21:17:27
الوالدين
الله يطول بعمرك يا بابا و يا أمي وأسأل الله سبحانه و تعالى انو يرضيهم عليي و الله يعيشني حتى اشتغل خدام عند رجليهم هني الاتنين أمين يا رب العالمين.

سوريا
fatima
2010-12-06 19:08:35
الله يحفظك يا أمي
لا أحد يعلم لذة رضا الوالدين إلا من تذوقها وشعر بها، و والأم بالذات نعمة عظيمة، وكلمة واحدة منها (الله يرضى عليك) كافية ليحميك الله من كل مكروه ويبعد عنك كل ظلم ويرده عنك.. صدقوني .. رضى الأم شيء عجيب .. وغضبها شيء أعجب.. حماكِ الله يا أمي ورعاكِ وألبسك ثوب الصحة والعافية طوال العمر.. وحمى الله جميع امهاتنا يايرب و أرجوكم اكسبوا رضاهم و تنعموا بذه النعمة العظيمة فوالله لا يعدلها نعمة، لأن اثرها تراه حاضرا في الدنيا وقبل الآخرة..وشكرا لك أخ سامي هذه التذكرة الرائعة و االقيّمة.

سوريا
عبده
2010-12-06 13:30:19
بعد الأم حفير وطم
شكرا لك أخي سامي وحفظ الله لك والدتك ورحم والدتي التي فقدتها منذ زمن ولكن فقدانها جرح غائر مازال ينزف وذكراها لاتفارقني وأنا أتحسر على كل دقيقة قضيتها بعيدا عن قدميها ونصيحتي لكل من أكرمهم الله ومازالت والدتهم على قيد الحياة أن يرتموا على أقدام امهاتهم ويغمروها بالقبل وطلب الرضا

سوريا
زائر
2010-12-06 10:22:03
رغم صعوبة الوصول للتعليق
دبحتنا يا معلم... ذكرتنا بعشرين سنة لورا ...

سوريا
شام
2010-12-06 09:27:25
جميل جداً
مقال جميل للتذكير بفضل الوالدين وقيمة وجودهم في حياتنا وأنا أرى أن كل شخص لا يزال والديه على قيد الحياة (الله يطول عمرهن) يجب أن يستغل ذلك بالاقتراب منهم قدر المستطاع والاهتمام بهم وإدخال الفرحة والسرور إلى قلبهم دائماً وذلك بحسن المعاملة والكلام الطيب فهم تحملوا الكثير من أجلنا.

سوريا
عامر
2010-12-06 09:06:48
أحسنت
شكرا لك

سوريا
اسرع واحد بالحارة
2010-12-06 01:07:10
الحمدلله
والله انك بكيتني خاصة اخر اية قرانية في المقال شكرا لك على كل كلمة

سوريا