syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
إيقاظ البحث العلمي في أوروبا فماذا عن سورية؟ ... بقلم : أ.د. وائل معلا

استرعى انتباهي مؤخراً مقال نشِر في العدد الأخير من المجلة الإلكترونية البريطانية "عالم الجامعات " University World News ، التي تعنى بأخبار التعليم العالي في جميع أنحاء العالم. المقال بعنوان : صرخة لإيقاظ البحث العلمي والابتكار في أوروبا،


يتناول فيه كاتبه مؤتمر قمة الابتكار الأوروبي الخامس الذي عقد في مقر البرلمان الأوروبي من 30 أيلول وحتى الثاني من شهر تشرين الأول الحالي ، والذي اتفقت فيه أسماء كبيرة في مجال البحث العلمي على أنه آن الأوان لاطلاق صرخة لإيقاظ البحث العلمي والابتكار في أوروبا، واتفقت على إعلان من خمس نقاط موجه إلى واضعي السياسات في الاتحاد الأوروبي وإلى الدول الأعضاء بعد أن سعى العديد من المتحدثين إلى تحديد سبل لإزالة العقبات في طريق تحول أوروبا إلى اقتصادٍ ابتكاري ناجح .

 

قمة الابتكار

تم تنظيم القمة من قبل منتدى "المعرفة من أجل الابتكار ". وقد ضبط إيقاع القمة من قبل جيرزي بوزيك Jerzy Buzek رئيس الوزراء البولندي السابق والرئيس الحالي للبرلمان الأوروبي، الذي قال " لا يزال الاتحاد الأوروبي بعيداً جدا عن مركز الفعل في خريطة الابتكار العالمية ".


واشتكى بوزيك، وهو نائب رئيس المجلس الحاكم للمنتدى، من أن الأفكار العظيمة التي يأتي بها العلماء الأوروبيون غالباً ما تموت قبل أن تجد طريقها للتنفيذ في القطاع الصناعي، وأكد الحاجة الملحة لإنعاش الاقتصاد الأوروبي وإخراج الابتكار من سباته. أما الخطوات التي وضعها لتحقيق ذلك فهي أربعة: ضرورة التركيز على تقنيات تمكينية رئيسية ، وتعزيز دور قطاع الأعمال في تحديد طبيعة البحوث العلمية الضرورية على مستوى الإتحاد الأوروبي، وخلق شراكة ابتكار أوروبية في مجال النقل، و استخدام الطاقات الكامنة للشباب.
 

وما خلص المؤتمرون إليه في بيانهم الختامي معايير محددة يمكن أن يفيد المعنيين بوضع السياسات الوطنية للبحث العلمي في بلادنا. فقد دعوا المعنيين بالبحث العلمي في أوروبا إلى تطبيق الأدوات الحديثة وسياسات دعم الابتكارالتي لاقت القبول والتقدير. كما دعوا إلى بناء ثقافة تقوم على التنبؤ بمواطن الفشل المحتمل والاستجابة السريعة لتجنبه، وتحمل المخاطر، و التمويل السريع. ونبهوا إلى ضرورة إيجاد بيئة سياسة بحثية واضحة المعالم، وتضمين الابتكار كمبدأ في جميع الإجراءات والقرارات، والانخراط في التفكير والعمل المشترك في مختلف القطاعات وعلى طول سلسلة القيمة التي تتضمن كل مراحل الإنتاج، وتغيير آليات العمل والتوجهات والعمل على بناء ثقافة التغيير على كل المستويات.


وقد تناوب المفوضون الأوروبيون على المنبر، فدعا جانيز بوتوتشنيك Janez Potocnik المفوض الأوروبي لشؤون البيئة، إلى أربعة إجراءات لتعزيز اقتصاد دائري يرتكز على كفاءة استخدام الموارد، مؤكداً الحاجة الى بناء فهم مشترك لتحديات الابتكار البيئي وإلى وضع أهداف ومعالم مشتركة ، وقياس التقدم المحرز في السعي نحو تحقيق هذه الرؤية والأهداف ، ومعالجة العوائق التي تحول دون الابتكار بطريقة ملموسة.


أما مفوض الطاقة ، غونتر اوتينجر Günther H Oettinger ، فقد أكد أن الأمر لا يقتصر فقط على تمويل البحوث ولا على تطوير التكنولوجيا، وإنما يتعلق بسياسة متكاملة ينبغي تطويرها تبدأ بالقيام ببحوث أساسية وتنتهي بتلبية احتياجات السوق ".

رأى المجتمعون أن الابتكار أمر بالغ الأهمية لتحقيق النمو الاقتصادي، وأن على كل دولة من دول الاتحاد اختيار الحقل الذي تتميّز فيه. كما لا بد لأوروبا من بناء نظام إبداعها الذاتي وتحسينه من أجل البقاء في دائرة المنافسة على الصعيد العالمي.


بالنسبة لبيرتون لي Burton Lee المحاضر في ريادة الأعمال والابتكار الأوروبي في كلية ستانفورد للهندسة، الأزمة الأساسية في أوروبا هي أزمة ابتكار و ليست أزمة ديون . وهي أزمة أداء ضعيف مزمن في شتى المجالات، وأن الطلاب في أوروبا منفصلون إلى حد بعيد عن مناهج الابتكار، وأن أفضل الأمثلة الأوروبية نجدها في فنلندا والمملكة المتحدة حيث قام الطلاب بتشكيل أندية ريادة الأعمال الخاصة بهم والتي تعد لاعبا مهما في مجال منظومة الابتكار الوطنية.

ويرى الباحثون أنه من الضروري بالنسبة للاتحاد الأوروبي تعزيز تكامل أفضل بين العلم و صنع السياسات، والابتعاد عن التشريعات الاعتباطية غير المدروسة ، والتوجه نحو سياسات تنظيمية مبنية على أساس علمي متين وعلى دراسة متأنية للمخاطر.

 

الهيئة العليا للبحث العلمي في سورية

وفي سورية، أحدثت الهيئة العليا للبحث العلمي بالمرسوم التشريعي رقم 68 لعام 2005 وهي تهدف وفقاً لما ورد في مرسوم إحداثها إلى رسم السياسة الوطنية الشاملة للبحث العلمي والتطوير التقاني واستراتيجياتهما بما يلبي متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والتنسيق بين الهيئات العلمية البحثية تنسيقاً كاملاً ودعم الهيئات العلمية البحثية لتحقيق أغراضها على جميع الصعد. ويعد مشروع رسم السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار الذي ورد في الخطة الخمسية العاشرة من أهم مشاريع الهيئة ، ويهدف إلى تطوير سياسة للعلم والتقانة والابتكار واستراتيجية وطنية للبحث العلمي. ووفقاً لموقع الهيئة على الانترنت، من المتوقع أن يعمل في هذا المشروع أكثر من مائة دارس، وأن ينتج حوالي خمس وعشرون دراسة قطاعية.

 

لكن حتى الآن ورغم مرور سنوات عديدة على إحداث الهيئة التي عقدت عليها الكثير من الآمال في تنشيط البحث العلمي في القطر، ما زالت سورية تفتقر إلى سياسية وطنية للعلوم والتقانة والابتكار. كما أن آخر تقرير سنوي أصدرته الهيئة عن واقع البحث العلمي في سورية كان لعامي 2008 و 2009، وتضمن العديد من الأخطاء في جمع المعلومات وتحليلها. وما زالت الهيئة ونحن على أعتاب العام 2014، بصدد إصدار التقرير السنوي لعام 2010. ومن غير الواضح سبب التأخر الكبير في إعداد هذه التقارير السنوية كون الأمر لا يحتاج إلا لجمع المعلومات من كافة الجهات المعنية بالبحث العلمي في القطر، والتأكد من صحتها والقيام بتحليلها.

والسؤال الذي يتبادر للذهن هو: إذا كان الباحثون وواضعوا سياسات التعليم العالي والتطوير الإقتصادي والمجتمعي في أوروبا يدقّون نواقيس الخطر وينعون الإبتكار في بلادهم وعدم قدرة جامعاتهم ومؤسساتهم البحثية على رعاية بذرة الابتكار وتوجيه البحوث العلمية في الاتجاه الصحيح، فما هو الحال عندنا؟ وما هو موقع الابتكار في خطط وسياسات البحث العلمي لدينا؟ ومتى سيكون لدينا سياسة وطنية شاملة للبحث العلمي والتطوير التقاني، والاستراتيجيات وخطط العمل المرتبطة بها، والتي تلبي متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية؟

 

قد يكون من المتعذّر في المرحلة الراهنة تخصيص الموارد المالية اللازمة للنهوض بالحث العلمي وتوجيهه الوجهة السليمة التي تقتضيها ضرورات التنمية، لكن هذا لا ينفي ضرورة العمل على وضع سياسة وطنية شاملة للبحث العلمي والتطوير التقاني، والاستراتيجيات وخطط العمل المرتبطة بها، والتي تحقق متطلبات التنمية، بحيث تكون جاهزة للتنفيذ عندما تتوفر الإمكانيات والموارد اللازمة لذلك.


2013-10-31
التعليقات
Prof. Ala
2013-11-02 22:56:22
McGill University/Montreal-Canada
دكتور معلا نسي أن يذكر المشكلة الرئيسية والتي هي فصل السياسة عن العلم (يجب إزالة جميع فروع البعث والأمن السياسي والعسكري و... و ... من جامعاتنا) ... ينبغي علينا أن نبدأ من هذه النقطة ومن ثم علاج المشاكل أخرى. أيضا يجب انتخاب جميع رؤساء الجامعات داخل الجامعات نفسها وكذلك العمداء من خلال انتخابات حرة حقيقية في هذه الحالة سوف سنختار أفضل الناس لإدارة جامعاتنا ومن ثم نعطي مثالا جيدا لمجتمعنا وشعبنا لإدارة بلدنا ومدننا وحتى قرانا...

سوريا
أستاذة
2013-11-02 07:49:38
ناديت فأسمعت حيا ولكن!!
اود ان أشكر الدكتور وائل على مقاله الممتع وعلى مقالاته السابقة عن التعليم العالي والتي اطلعتنا على العديد من التطورات على صعيد التعليم العالي في اوروبا وفي العالم، وفتحت باب النقاش والحوار حول العديد من المواضيع الهامة التي تتعلق بالعملية التعليمية بالجامعات وبالبحث العلمي وغيرها. اما بالنسبة للهيئة العليا للبحث العلمي، فينطبق عليها قول الشاعر يا د وائل: "ناديت فأسمعت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي".

سوريا
alber
2013-11-01 20:26:27
بحث شو؟ ... علمي
البحث العلمي يحتاج إلى تمويل كبير و حرية اختيار و تواصل عالمي: بالنسبة للتمويل فالهم الوحيد لجميع الجامعات السورية هو تخريج الطلاب المسجلين بأقل التكاليف الممكنة مع غياب تمويل الشركات الصناعية(للتذكير أن نظام الشراء في الجامعات يتبع حتى اليوم نظام المناقصات و حدث و لا حرج عن الصفقات و الفساد في مثل هكذا نظام ) في مجال الحرية لا داعي للتذكير بوضعها في سوريا و كيف أن أي باحث يمكن يختفي بين ليلة و ضحاها بسبب تقرير بسيط.. أما عن التواصل العالمي فهاد حلم كل سوري بسبب القيود المفروضة على حركة السوريين

سوريا
عصام حسن
2013-11-01 16:34:12
الدعم الشامل
أشكر الدكتور صاحب المقال على فتحه هذا الموضوع للمناقشة وهنا ومن خلال كافة التجارب العربية والدولية يحتاج البحث العلمي الحقيقي الى دعم غير محدود يتجلى بحضور المؤتمرات المدعوم من الدولة والمراقب وكذلك تنشيط التعاون العربي والدولي في مجال البحث العلمي، وضع حدود بين البحث العلمي الأكاديمي البحت والبحث العلمي الخدمي الموجه وكلاهما يحتاجان للدعم غير المحدود

سوريا
عضو هيئة تدريسية
2013-11-01 15:53:04
الأمل مفقود
لا ولن ترتقي أمة في سلم الحضارة وعمادها البحث العلمي إلا بركنين مكينين؛ هما الانسان والوقت. للأسف ما أبخس ثمنهما في بلادي. عبثاً تحاول دكتور معلا.

سوريا
أبو الزلف من جامعة تشرين
2013-11-01 12:48:34
صراع الاجيال
المشكلة في البحث لدينا هي ليست فقط مادية وإنما فكرية. فالجيل الذي يستلم الادارة الاكاديمية في جامعاتنا ووزارة التعليم العالي ليس له علاقة بالبحث العلمي وذلك لأنه جيل "جاهل" للأسف بأدوات البحث العلمي الحقيقي ومناهجه لأنه لم يعمل أبدا في هذا المجال. لن تقوم قائمة للبحث العلمي في بلادنا حتى يستلم الجيل القادم الذي بدأ بالعودة من الايفاد منذ سبع سنوات تقريبا. للأسف فاقد الشيء لايعطيه.

سوريا
استاذ
2013-11-01 11:35:56
شي مضحك!!
يا ناس نحن عم نحكي على تقرير عن البحث العلمي لعام ٢٠١٠ والذي كان من المفروض ان يصدر عن الهيئة في مطلع عام ٢٠١١، وحتى الآن لم يصدر وما زالت الهيئة منهمكة في إعداده، فوالله شر البلية مايضحك وان شا الله يصدر قبل ٢٠٢٠.

سوريا
طلال ...
2013-11-01 09:05:37
مؤسسة فاشلة
الهيئة العليا للبحث العلمي تعمل كأي مؤسسة بيروقراطرية ولا تعطي أي قيمة مضافة بسبب آليات عملها التجميعية. التغيير ضروري.

سوريا
موفد
2013-11-01 07:23:01
الاهتمام بالموفدين
الاهتمام بالموفدين و تقديم المحفزات المشجعة و ترغيبهم بالعودة للوطن. قبل الازمة كان الموفد يفكر اذا كانت العودة للوطن ستناسبه و تؤمن له الموقع الاجتماعي المناسب و المادي و لكن بعد الازمة اعلن الكثير من الموفدين رغبتهم بالبقاء ببلد الايفاد بالاضافه لتسهيلات بلد الايفاد الاقامة للطلاب. و ماذا تفعل وزارة التعليم العالي تقوم بالضغط على الطالب الموفد و تهديده و توعيده و لا تحاول ان تجد اي حل مناسب للطالب الذي يخشى ضمن هذه الظروف العودة.

سوريا
باحثة وأستاذة جامغية
2013-10-31 20:20:31
تقرير سيء للغاية!!!
أنا من الذي اطلعوا على التقرير السنوي عن البحث العلمي الذي صدر عن الهيئة لعمام 2008 - 2009، وهو آخر تقرير صدر عن الهيئة بهذا الخصوص. وأنا أتفق مع كاتب المقال أن هذ التقرير كان سيء جداً ومن المعيب أن يصدر عن مؤسسة حكومية معتبرة لاحتوائه على العديد من الأخطاء الفاحشة في المعلومات، ومن المؤسف أن أحداً لم يقم بمراجعة هذا التقرير قبل صدوره. ونحن بانتظار صدور التقرير السنوي لعام 2010 حيث يشير موقع الهيئة الالكتروني أنه قيد الاعداد، فعسى أن تصحح فيه جميغ المعلومات المؤسفة التي وردت في التقرير السابق

سوريا
همام مقيد
2013-10-31 18:35:22
وضع العصي في عجلة العائدين من الايفاد
الأسباب واضحة وتتمثل بعدم قدرة خريجي منظومة الاتحاد السوفييتي على القيام بأي بحث فضلا عن سعيهم الدائم لوضع العصي والحواجز أمام العائدين من الإيفاد بدءا من معضلة التعديل والتسوية ومن ثم خدمة العلم وهكذا يخبو حماس العائد من الايفاد ويغرق في همومه تاركا البث العلي باحثا عن أي عمل يسد رمقه ورمق أولاده. فبإزالة هذه العوائق يمكن أن نبدأ ببحث علمي حقيقي

بريطانيا
باحث
2013-10-31 13:03:34
واسفاه
اذا كان الاتحاد الاوروبي يطلق صرخة لايقاظ البحث العلمي في دول الاتحاد كما ذكر كاتب المقال، فنحن بحاجة لان نطلق اكثر بكثير من مجرد الصرخات ربما لايقاظ القائمين على الهيئة العليا للبحث العلمي لدينا وجميع العاملين في رسم سياسات وخطط البحث العلمي. آمل ان يطلع العاملين في هذه الهيئة على هذا المقال فعسى ولعل!!!! مع الشكر للكاتب

سوريا
استاذ جامعي
2013-10-31 12:55:19
هيئة ليست على مستوى الآمال المعقودة عليها
اشكر الدكتور وائل معلا على هذا المقال الشيق واتفق معه في ان الهيئة العليا للبحث العلمي لم تكن أبدا على مستوى الآمال المعقودة عليها ، وآخر تقرير سنوي صدر عن هذه الهيئة والذي أشار اليه كاتب المقال هو عن العامين

سوريا
سوري
2013-10-31 12:06:38
فكرة
قبل ايقاظ الابتكار في سوريا يجب ايقاظ الناس من النوم

سوريا
مواطن
2013-10-31 10:02:07
بحث علمي!!
انت فين و الحب فين!! لما كنت انا بالدراسات العليا و كان الكاتب وزير تعليم عالي رفضت الجامعة مخطط دراسة الماجستير تبعي لأنها تحتاج تمويل قدره مليون ليرة. فعملنا دراسة من نمط هات ايدك و لحقني. و هادا الحكي كان عام 2006 يعني وضع البلد كان ممتاز.

سوريا
معيد
2013-10-31 09:51:44
لا بحث مع غياب الامكانيات
اشكر لك المقال الغني....... للاسف لا امكانات معنوية او مادية في جامعاتنا ..كما ان قيادة الجامعة تبحث فقط عن تطبيق قوانين تبقى بلا جوهر مثل اجبار أعضاء الهيئة التدريسية بالتفرغ العلمي من دون ان يكون هناك مجال الاجراء الابحاث الحقيقية و تنسى الجوهر الاساسي و هو حرية الفكر و اجراء الاختبارات بعيدا عن تحكم السلطة الحاكمة للجامعة بنوع البحث ... على جامعاتنا توفير الامكانات اذا قبل الحديث عن ما يسمى البحث العلمي في سوريا

سوريا