syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
الورقة الأخيرة ... بقلم : الدكتور دارم طباع

لست أتكلم هنا بالسياسة، فالورقة الأخيرة التي قصدتها كانت الخمسمائة ليرة الأخيرة التي بقيت في جيبي من راتبي الشهري وأنا لاأزال في مطلع الشهر، كانت هي الأغلى والأهم والأكبر والأقوى والأجمل، أمسكها بيدي وأضمها لأستنشق منها عبق الحياة، أنظر إليها بشغف لا يوصف فقد أصبحت ملاذي الأخير للعبور إلى بداية الشهر القادم


أقبلها لأنها الوحيدة التي قبلت أن تبقى معي وأنا خالي الوفاض، أشمها لأنها لاتزال تحمل ذكريات زمن جميل مضى كان لها فيه صولة وجولة، وأحترمها لأنها الوحيدة التي لم تتغير بعد حروفها وصورها وشعارها وأرقامها لم تعبث بهم صور العابثين، إنها البقية الباقية من وطني بعد أن أصبح العالم كله من حولي سراب، أشد عليها بحنو ولطف علها لاتغادرني، أستعطفها كي تبقى إلى جانبي

 

لكنها خائنة كالجميع، فقد فضلت أن تركن إلى أخواتها المجتمعات في أي مكان آخر على أن تبقى وحيدة هنا في جيبي، غادرتني سريعاً وأنا أرتجف، وعليَ الآن أن أنتظر أياماً وأيام حتى تعود هي وأخواتها إلى جيبي مع بداية الشهر القادم، عندها لن أسمح لها إطلاقاً أن تغادرني من جديد، بل سأسجنها في محفظتي الصغيرة حتى نهاية الشهر عقوبة لها على ما اقترفته معي في الشهر الماضي، ولن أحبها ولن أحترمها بعد، فهذه الخائنة لم تعد تمثل قيمة لي كسابق عهدها، وعليها كي تستعيد ثقتي بها أن تثبت حبها لي من جديد، ولاتفارقني أبداً.

2013-11-04
التعليقات