syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
خيرات الشام ... بقلم : الدكتور دارم طباع

كلما اشتدت الأزمة في سورية كلما ازداد إعجابي بهذا الشعب الحي، الذي على الرغم من جهل مقتتليه الأسلوب السياسي لمعالجة الأزمة، وتخلفهم في معالجتها بالطرق الحضارية التي تعتمد صوت العقل ودماثة اللسان العربي الجزل والفصيح بدلاً من صوت المدافع والرصاص، برزت عظمته في إدارة موارده الطبيعية بحيث يعمل الجميع وبصمت مطلق، وبإرادة لامثيل لها، في المحافظة على محاسن هذا البلد العظيم، ليبقى رغم كل ما ألم به من مصائب كبار، قادر على أن لايستسلم لمأساته، ومنتجاً خصباً لامثيل له في محيطه الجغرافي.


وهذا الإعجاب ليس وليد أيامنا الصعبة التي نعيشها اليوم فقط، بل هو ميراث يتكرر في تاريخنا جيلاً بعد جيل، فكم من المآسي والحروب عرفها أبناء شعبنا، وكم من الفتن والقلاقل مرت بمنطقتنا، ورغم ذلك بقيت بلاد الشام زينة للعالمين، يفخر بها القاصي والداني.

وعشقي للشام أدغدغه هذه الأيام بكتاب أبي البقاء عبد الله بن محمد البدري المصري الدمشقي، نزهة الأنام في محاسن الشام، الذي استهله بقصيدة جميلة منها:

 

سقا الله شاماً كان فيها اجتماعنا         بأحبابنا النـــــــــــــــــائين مغدودقاً سكبا

منازل أحبابي ومربــــــــــــــــع جيرتي          وأوطان إخواني ومن كان لي تربا

لعمري لإن شط المزار وأصبحت         منازلـــــــــــــــــــــــــــــــهم شرقاً ومنزلنا غربا

فإني على بعد الديـــــــــــــــــار وقربها           أسر لهـــــــــــــــــــــم حباً وأبدي لهم حبا

عسى مامضى من شملنا أن نعيده       ونصبح في أفق ونمسي به شهبا

 

ليدخلني في أزقة الشام ومواضعها، أفند حاراتها ومناطقها، وأستذكر بهاءها وجمالها، فأغرق في بحر فضائلها ومحاسنها، وألوم نفسي وإخواني وصحبي على تقصيرنا في خدمتها، فهي موطني ومسقط رأسي، ومجمع أهلي وناسي، وملعب خلاني وإخواني:

 

بلد صحبت به الشبيبة والصبا           ولبست ثوب العز وهو جديد

فإذا تمثل في الضمير رأيته              وعليه أغصان الشباب تميد

 

ومن محاسن دمشق التي ذكرها الكتاب مسجدها الذي كان معبداً، ثم أصبح جزءاً منه كنيسة، وتحول جزء آخر إلى جامع بعد الفتح الإسلامي، وكان المسلمون والنصارى يدخلون من باب واحد للصلاة، وهو باب المعبد الأصلي الذي كان في جهة القبلة، مكان المحراب الكبير الذي هو اليوم، فينصرف النصارى إلى جهة الغرب لكنيستهم، ويأخذ المسلمون يمنة إلى مسجدهم، إلى أن بادل الوليد ابن عبد الملك كنيستهم بأربع كنائس أخرى ليقوم بتوسيع رقعة الجامع وبناء أضخم وأروع بيت لله في الإسلام، كما بنى المنارة التي يقال لها العروس ورتب لها ثلاث نوب، كل نوبة أربعون مؤذناً، وهي باقية إلى يومنا هذا، ليكون الآذان الجماعي في جامع بني أمية الكبير لامثيل له في العالم أجمع

 

 وأذكر أنني كنت تباهيت على صديقي اليوناني الذي بهرني بحضارة أثينا الرائعة، بتراثنا الرائع الذي يجمع حضارة البناء وحضارة الشعوب، فأدخلته الجامع الأموي، وعرجت به إلى غرفة المؤذنين، ليشاركهم الآذان كواحد منهم، ويروي لبطرك الروم الأورثوذكس في أثينا مارآه في دمشق من سماحة الإسلام، وسهولة الوصول إلى الله جل جلاله في هذا البيت الجامع، وقد روى له أيضاً أنه رأى رؤيا العين ماقاله الوليد لشعبه بعد بناء المسجد: ياأهل دمشق! إنكم تفخرون على الناس بأربع: بهوائكم، ومائكم، وفاكهتكم، وحماماتكم، فأحببت أن أزيدكم خامسة، وهي جامعكم، فكان هذا التعبير أروع وصف للشام جمع فيه البيئة في الهواء والماء، مع الصحة الجسدية في الفاكهة والحمامات، والصحة النفسية في هذا الجامع الجديد.

 

ولكي لايكون لحديثي شطط وملل أحببت أن أنقل لكم سريعاً ياعشاق الشام بعضاً مما يجعلكم تزدادون فخراً بشامنا، فقد بهرت بأصناف الفواكه التي ذكرها الكتاب، والتي لم يبق منها وللأسف إلا القلة من الأنواع، فقد وجد بالشام من الفاكهة المشمش، وهو أحد وعشرون صنفاً بدمشق: حموي، سندياني، أويسي، عربيلي، خراساني، كافوري، بعلبكي، لقيس، لوزي، دغمشي، وزيري، كلابي، سلطاني، حازمي، إيدمري، سنيني، بردى، ملوح، فراط النجاتي، جلاجل القلوع.

 

والقراصيا وهي سبعة أصناف: رشيدية، بعلبكية، افرنجية رومية، طعامية، بزرة ، فيجية. والكمثرى أو الأنجاص باليونانية، ومن أصنافه في دمشق: عثماني، عيلاني، خلاني، سمرقندي، صيني، ملكي، صقلانين مغاربي، يبرودي، رحبي، درسي، قناديلي، خنافسي، معلق، دهمروري، عريب، بعلبكي، ماوردي، عقرباني، شتوي، صيفي، سكري، قهلي.

 

 والتفاح في دمشق أصناف منها: سكري، مسكي، فتحي، صيني، شتوي، بلدي، صيفي، قاسمي، فاطمي، قحابي، فضي، حديثي، جناني، حرستاني، لبناني، حلواني، دهشاني، أخلاطي، بربري، نبطي، ماوردي، بطيخي، مجهول. والدراقن وهو أصناف عدة بدمشق: خواجكي، رصاصي، حمصي، نيرباني، لوزي، لزيق، لقيس، كلابي، صالحي، ختمي، مظفري، مسافري، صوري، زهري، لحم الجمل، مجهول.

 

 والخوخ وهو أصناف: صيفي، زجاجي، قبرصي، اسود، عين البقر، خوخ الدب، خوخ الطعام، أغبر، شقير، حايكي، برقوق، مجهول، بزرة. والرمان أصناف: شويكي، بردي، ماوردي، مليسي، كوفي، برجنيقي، سحاقي، شويخي، مصري، سلطاني، محجر، مطوق، تدمري، لقيط، حصوي، طقاطقي، قطي، مشبه، حامض للطعام، لفان، رأس البغل، مجهول. والبطيخ الأخضر بدمشق أصناف: داراني، مرجي، دومي، حبشي، قبلي، عواميدي مسمى بالنموس.

 

والعنب صنوف بدمشق: بلدي، خناصري، عاصمي، زيني، بيتموني، قناديلي، افرنجي، مكاحلي، بيض الحمام، حلواني، بوارشي، جبلي، قصيف، ابزاز الكلبة، قشلميش، كوتاني، عبيدي، شحماني، جوزاني، دراقني، مخ العصفور، عرايشي، رومي، شبيهي، نيطاني، عصيري، رناطي، ورق الطير، سماقي، حرصي، مجزع، شعراوي، دربلي، قاري، علوي، عينوني، مورق، مشعر، مسمط، مرصص، محضر، مقوس، حمادي، تفاحي، رهباني، زردي، مبرد، مخصل، مغاربي، شحمة القرط.

 

وأخيراً التين أصناف: مزي، برزي، ماسوني، رومي، بعلبكي، كعب الغزال، غريب، طيفور، شتوي، جبلي، حفيراني، ملكي، عسيلي، مكتب، مجهول، ورق الطير.

 

أما فضائل الشام التي يختتم بها الكاتب فهي كثيرة، ومحاسنها جمة غزيرة، وبركاتها مشهورة، وأخبار خيراتها مأثورة، وهذا ما يجعلني أدعوكم جميعاً معي لنرفع أيدينا إلى السماء، ونتضرع إلى الله ونقول: حفظ الله الشام وأهلها، وزاد في خيراتها، ولتبقى محاسنها وفضائلها تبهر الجميع على مر الدهور، وتكون خيرات الشام بركة للعالمين، وسهماً فاقئاً لعيون الحاسدين.

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2013-11-13
التعليقات