تتحدث المسرحية عن زوجين "زكريا و ثريا" ينتقلان، بحكم عملهم، للعيش في مدينة بيروت حيث غلاء الأسعار، ومن أجل رتفع مستوى المعيشة لديهما يبدآن في تقديم تنازلات بسيطة تتحول فيما بعد إلى تنازلات كبيرة. المسرحية تشير الى عمق الانقسام الطبقي للمجتمع اللبناني... احداثها تدور في مطعم ليلي يرتاده الاغنياء حيث يعمل زكريا "زياد" بطل العمل كساقي "بار مان" ويضطر ولضيم الدنيا ان يبيع كرامته "من خلال تشغيل زوجته كمومس مع زبائن المطعم" حتى يتمكن من تأمين حياة أفضل له ولعائلته. زكريا يهرب من فقر مدقع لكنه يصطدم بواقع مؤلم جداً لا يستطيع ايجاد حل له أو تجاهله لينتهي به الحال الى محاولته ارتكاب جريمة قتل وسجنه بنهاية المسرحية.
المسرحية زيادية بامتياز، أي بأسلوبه المعتاد الواقعي، الذي يمس جوهر الشعب في حياته اليومية بشكل مختلف عن أسلوب الاخوين رحباني, حيث الغوص في المثالية, والابتعاد عن الواقع الذي يعيش فيه المشاهد خيالا آخر, و عالما آخر, هذا ما رفض زياد تقديمه لجمهوره من خلال "بالنسبة لبكرا شو", و فضل ملامسة الواقع خاصة أن الحرب الأهلية كانت على الأبواب.
بداية زياد المسرحية كانت عام 1973 مع "سهرية" ذات الصبغة الرحبانية التقليدية... عام 1974 بدأ بمسرحه الواقعي "الزيادي" مبتعداً بذلك عن النمط الرحباني التقليدي من خلال عمله "نزل السرور", من بعدها انتظر زياد حتى عام 1978 حتى قدم مسرحية "بالنسبة لبكرا شو" وما يجمع هذه الأعمال الثلاثة هو الحضور الغنائي المميز للراحل الرائع جوزيف صقر، (صاحب الصوت العذب ذوالنكهة المميزة). في "بالنسبة لبكرا شو"يلعب الراحل جوزيف صقر دور "رامز " بائع الخضار ابن الضيعة البسيط و قريب زكريا... قدم جوزيف صقر من خلال هذا الدور مجموعة من أغانيه المميزة مثل "ع هدير البوسطة" و "عايشة وحدا بلاك" و "أسمع يا رضا".
تنطبق كلمات أغاني جوزيف صقر على الحال السورية، اقتصاديا على وجه التحديد. «خسّة اللي موصلها بإيدي وسعرا مقيّد بالجريدة، حطّولا أسعار جديدة، كل لحظة في سعر جديد، عجّل كلها يا رضا!». المسرحية جريئة اجتماعيا تناقش واقع مؤلم يعيشه بعض الناس، هذا الواقع يضطر البعض منهم للإنحراف وكل ذلك في سبيل تأمين لقمة العيش ، حتى يكتشف ان الطريق الملتوي لكسب العيش ليس بالنهاية الطريق الصحيح ...وأن الأمر بالنهاية لا يعود مجرد عمل أو كسب رزق! عندما يكتشف زكريا علاقة زوجته بالأندلسي "الأسباني" ويقول لها في موقف مضحك " هيأتو بينطح منيح " و أن الأمر لم يعد متعلق بالشغل أو وسيلة لتحسين مستوى العيش انما بدأت ثريا بالانتقاء واختيار الزبائن، و أن الأمر تعدى موضوع دفع مبلغ من المال، ما يستدعي غضب زوجها زكريا الذي كان يعيش واقع متناقض بين حاجته لتشغيل زوجته و بنفس الوقت عدم تقبله و خجله من هذا الوضع. في موقف مضحك آخر يقول زكريا لزوجته "يحرق دينو هالصالون .. صار مارق كل الحلف الأطلسي على ضهري" في سبيل دفع اقساط اغراض البيت و السيارة ... ألخ
و يقول لها بدي أرجع متل ما كنت بالأول أي قبل أن يسكن في بيروت. أهم ما في المسرحية حوار زكريا مع مدير المطعم حول المواد الأولية و المطعم يلي بيبرم وحوار زكريا مع نجيب "عشي المطعم" محاولا تبرير ما تفعله ثريا و أنها اضطرت لفعل ذلك و أن الموضوع عابر و أن الفكره بالاساس كانت من أجل تسديد قسط الصالون وبسبب الحاجة الى المال ... و أنه بالاساس جلب زوجته كي تعمل معه في المطعم لكنهم لم يقبلوها سوى في هذا العمل "مومس"... اشتغلت لانهم كانو مكسورين و بحاجة.
و كونهم يعملون في الليل ما اضطرهم لاستئجار منزل في بيروت .. زاد مدخولهم لكن بنفس الوقت زاد المصروف "أجر منزل ، اقساط الفرش، مدرسة الاولاد الخاصه"... ألخ. وهنا يسترسل زكريا في الشرح عن صعوبة الحياة وتكاليفها محاولاً تبرير فعلته وان فكرته الأساسية كانت بتأمين التعليم الخاص و الجيد لاولاده كي يتجنبوا صعوبات الحياة. يقول حرفياً لنجيب "رجعت فكرت نجيب .. صحيح ولادنا عميكلفونا 35 ليرة بمدرسة المعارف الحكومية .. ما شي يعني ... عميتعلموا بـ 35 ليرة ...!!ما شي يعني ..!!!
أي أن التعليم الجيد يكلف مبالغ كثيرة و أنه يريد مستقبل جيد لأولاده و لا يريدهم عندما يكبروا أن يعملوا مثله عند أولاد الخواجة عدنان "صاحب المطعم" .. و يكمل قائلاً " ما بيسوا يعني .. هيك فكرت ..!! بدنا نعيشون عيشة أحسن بس العيشة أحسن بتكلف أحسن .. طبيعي كل شي بحقه "بثمنه" أنه لا يقبل أن تقوم زوجته بهذا العمل لكن لا يوجد أي دخل اضافي أو زودة على المعاش و أنهلم يتعرضون للاستغلال من قبل رب العمل و أنه لا يستطيع الانتظار بسبب التزاماته تجاه أسرته و أولاده.. الحل الوحيد الذي اقترحه رب العمل على زكريا هو الذهاب الى الخليج...
ردة فعل زكريا كانت بقوله "أنا ما بدي روح الخليج أنا بدي اشتغل ببلدي شو يعني يا الخليج يا أما منرجع متل ما كنا لانه بلد ما بيحمل ؟ أنا تعودت يحترق سلافي هون.. لا زراعة فيه ولا صناعة فيه بس ما بدي روح على الخليج"...و يكمل شارحاً لنجيب "الفقر بيفزع نجيب" لم نكن نراه عندما كنا فقراء و كنا نعيش بشكل طبيعي . عندما خرجنا منه و رأيناه عن بعد بيفزع أكتر صار .. أنا أعرف أن عمل ثريا غير صحيح لكن قلت في نفسي أنه أمر مؤقت ولا أحد يعرف بأني زوجها ... ألخ
في نهاية المسرحيه يقول لزوجته بانه قرار التوقف عن العمل فتعتقد أنه وجد عمل آخر و عندما تكتشف أنه لم يجد العمل البديل تقول له "ماذا نفعل بالاقساط والأولاد وتكلفة المدارس" بسبب عدم احتمال زكريا لهذا الوضع الصعب طالب زوجته أن تترك المطعم والعمل عندما ترفض تحدث مشكله كبيره...
هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه زكريا يدفعه الى محاولة ارتكاب جريمة قتل وسجنه بالنهاية, وهنا تضطر زوجته ثريا للعمل مكانه وتعود الحياة الى مجاريها في المطعم وكأن شيئاً لم يكن.
بالنسبة لبكرا شو همٌ شعبي أبطاله كل المواطنين ... بالنسبة لبكرا شو سؤال يشغل البال ويقلق الحال ... بالنسبة لبكرا شو مجموعة هواجس تشكل حزمة من الأسئلة تشغل بال كل الناس وممكن أن تكون هم كل سوري .
https://www.facebook.com/you.write.syrianewsfont>
بالنسبة لبكرا شو ؟