تتميز ورقة المعلومات التي وزعتها إدارة أوباما عن الاتفاق النووي مع إيران بكثرة المعلومات التي أغفلتها . وتؤكد هذه الورقة المؤلفة من 2000 كلمة ـــــــ حوالي 4 صفحات ــــــ مثل خطاب الرئيس أوباما المتلفز ليلة السبت حول الاتفاق ، على تعهد إيران بوقف تخصيب اليورانيوم ، وإبطاء استكمال بناء مفاعل لإنتاج اليورانيوم ، وقبول زيارات تفتيش جديدة للمواقع الأساسية ـــــ وكلها تدابير وقائية تتصف بالشفافية ضد محاولة إيران انتاج القنبلة النووية بينما تستمر معها المفاوضات .
إن الذي أغفله البيت الأبيض في ورقة المعلومات هذه هو أن الاتفاق يُقدم عدة تنازلات كبرى لطهران حول شروط اتفاق المرحلة الثانية النهائية المخطط لها . وعلى الرغم من أن المسؤولين في البيت الأبيض ووزير الخارجية كيري قالوا مراراً بأنه لن يتم الاعتراف بتأكيدات إيران على " حقها في تخصيب اليورانيوم " في الاتفاق المرحلي الراهن ، فقد جاء في نص الاتفاق بأن " الحل النهائي الشامل سوف يتضمن وجود برنامج محدد المعالم لتخصيب اليورانيوم مُتفق عليه بين الطرفين " . بعبارة أخرى ، فإن الولايات المتحدة وشركائها الخمسة قد وافقوا على أن نشاط إيران لتخصيب اليورانيوم سوف يستمر إلى أجل غير مسمى . إضافة إلى ذلك ، فإن المطلب الأمريكي الثابت بإغلاق منشآت التخصيب تحت الأرض لم يرد ذكره في الاتفاق .
لقد تحدث أوباما ومسؤولون آخرون حول فترة ستة أشهر لإتمام المفاوضات ، لكن الاتفاق يقول إن ترتيبات الأشهر الستة يُمكن تجديدها لفترة أخرى بناء على موافقة الطرفين ، وبأن هدف الأطراف هو إنهاء المفاوضات للوصول إلى اتفاق والبدء في تنفيذه خلال فترة لا تتجاوز العام . كما ينص الاتفاق على وجود خطوات إضافية بين مرحلة الإجراءات الأولية ومرحلة الخطوة النهائية ، من ضمنها " تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة التي تطالب إيران بتعليق تخصيب اليورانيوم " ، لكن الاتفاق لا يقول فيما إذا كان سيجري تحقيق هذه المطالب بالقوة إذا ما اقتضى الأمر .
إن الجزء الأكثر إثارة للقلق في وثيقة الاتفاق تضمنه ما يرقى إلى تحديد موعد لانتهاء مفعوله في الاتفاق النهائي الشامل . تقول الوثيقة بأن الاتفاق النهائي سوف " يكون ساري المفعول لفترة طويلة الأمـد يتم الاتفاق حولها " ، وإنه متى انتهت هذه الفترة المحددة " سيتم التعامل مع برنامج إيران النووي بنفس الطريقة التي يُعامل بها برنامج أي من الدول الأعضاء في اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية " . وهكذا تستطيع إيران أن تتطلع إلى مرحلة قادمة لن يكون فيها عقوبات ، ولا قيود مفروضة على قدراتها النووية ، ويكون بإمكانها بناء عدد غير محدود من أجهزة الطرد المركزي لإنتاج البلوتونيوم بدون أن يُشكل ذلك انتهاك لأي اتفاقات دولية .
ويقول المسؤولون في الإدارة بأنهم يعتبرون موافقة إيران على عبارة " طويلة الأمـد " في الفقرة التي تحدد موعد انتهاء سريان مفعول الاتفاق يُعتبر بمثابة تنازل هام . فمن الناحية النظرية قد يعني هذا، فترة تمتد من 15 إلى 20 سنة . ولكن إيران ، كما قيل لنا ، اقترحت في نفس الوقت فترة أقصر من ذلك بكثير تمتد من 3 إلى 5 سنوات . ومهما كان الحل الوسط ، سيكون من الخطورة السماح للنظام في إيران بأن يملك برنامج نووي غير مقيد في أي وقت من الأوقات ــ وهذا سيكون من المؤكد غير مقبول لإسرائيل ولجيران إيران العرب . ولذلك يتعين على الولايات المتحدة المحافظة على قدرتها على منع انتهاء الضوابط على برنامج إيران النووي بواسطة حق الفيتو في مجلس الأمن .
وكما قلنا ، فإن هذا الاتفاق المرحلي له قيمة لأنه يُوقف تقدم إيران نحو صناعة القنبلة ، كما إنه من الأفضل بكثير من الخيار العسكري الذي كان ، بخلاف ذلك ، من الممكن أن يكون ضرورياً . ولكن الاتفاق يترك الولايات المتحدة وشركائها الخمسة في موقف تفاوضي سيئ للحل النهائي . إن التنازلات التي أعطيت لإيران يجب أن تكون متوازنة وهذا يتحقق بإعادة منشآتها النووية إلى وضعها السابق ، وبدون تحديد موعد لانتهاء مفعول ذلك بشكل تلقائي . السبت 30-11-2013
https://www.facebook.com/you.write.syrianews