syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
ما بين جنيف وميونيخ... الشعب السوري ينزف دماً ... بقلم : الدكتور خيام الزعبي

إن الأزمة السورية التي ستغيب عن جنيف حتى العاشر من شباط المقبل كانت من أبرز الملفات التي ناقشها مؤتمر ميونيخ للأمن في دورته الخمسين في العاصمة البافاراية الألمانية، فالمؤتمر يعطي فرصة سنوية للتشاور حول سياسات الأمن والسلام عبر عام من أحداث أو ضمن دراسات جديدة يلقيها خبراء على الحضور مما يسمح بنقاش بنّاء لما يمكن الإعتماد عليه في سياسة الأمن والسلام في المستقبل.


شهدت أروقة هذا المؤتمر مشاورات مكثفة شارك فيها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمفوض الأممي والعربي لسوريا الأخضر الإبراهيمي، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف، وتركزت حول تعثر مؤتمر جنيف2، وتأخر النظام السوري بتسليم وتفكيك أسلحته الكيماوية، وإدراج الممرات الإنسانية فضلاً عن توسيع المعارضة السورية في الجولة المقبلة.

 

خلال المؤتمر أوضح الإبراهيمي أنه حاول تشجيع السوريين على حل أزمتهم بأنفسهم، وتوجه للدول ذات التأثير على المنطقة لمطالبتها بالتدخل، وأشار إلى أن إيجاد حل للأزمة السورية ليس بيده ولا يؤمن به في اللحظة الراهنة، ورأى أن إنفجار سوريا قادم لا محالة بشكل غير مسبوق وبتداعيات كارثية إن لم يستيقظ الجميع، أما وزير الخارجية الروسي أعلن أن بلاده تعجز بمفردها عن حل الأزمة السورية، ودعا إلى الضغط على طرفي الأزمة للتوصل إلى إتفاق ينهي النزاع بين الفريقين، وأشار رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي إلى أن العلاقة المتداخلة جغرافياً وتاريخياً بين بلاده وسوريا وإنقسام التركيبة المجتمعية اللبنانية بين مؤيدين ومناهضين للنظام السوري يفرضان على حكومته النأي بنفسها عما يجري في جارتها العربية المضطربة، وذكر أن تجاوز عدد اللاجئين السوريين بلبنان 860 ألف لاجئ صاحبته زيادة كبيرة في الظواهر السلبية بالمجتمع اللبناني، وتساءل عن مصير ومستقبل 25 ألف مولود سوري بلبنان في العام الماضي، يعيشون حالياً بلا هوية وفي فقر مدقع، ولفت ميقاتي إلى أن إستمرار الأزمة السورية كبد الإقتصاد اللبناني خسائر فادحة بلغت 7.5 مليارات دولار في العام الماضي وحده.


وفي السياق نفسه، قال المفوض الأممي السامي للاجئين أنطونيو غوتيرس إن الأزمة السورية تكلف ميزانية تركيا مليارات طائلة، وكبدت الأردن خسارة سنوية بنحو 2.8 مليار دولار، وأدت لإرتفاع الأسعار وإنهيار الخدمات وإنتشار الظواهر السلبية فيه.
وقالت وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو إن ما تشهده سوريا من إستهداف للمدنيين وتدمير للبنية التحتية  فاق ما جرى بالبوسنة التي تميزت أزمتها بإيصال المساعدات الإنسانية بعكس ما يجري الآن في سوريا،
وإتفق رئيس وفد المفاوضات للسلطة الفلسطينية صائب عريقات مع وزيرة الخارجية الإيطالية في الحاجة إلى وقف إنساني لإطلاق النار في سوريا لإدخال المساعدات إلى المحاصرين بمدنها.

 

وفي سياق متصل مـا يجبر على القول بأن مباحثات  "جنيف2 " فشلت، هي النتيجة لستة أيام من التفاوض الذي تخلله معارك إعلامية عنيفة بين فريقي الأزمة إضافة إلى تراشق سياسي وإتهامات وصلت للخيانة، هذا ما أثر سلبياً على المباحثات التي لم تتقدم خطوة سوى إن الفريقين جلسا على طاولة واحدة، حتى دون التخاطب المباشر بينهما، فكل فريق حمّل الآخر نتيجة ما وصلت إليه الامور، وعليه، فإن الجولة الجديدة من التفاوض المقررة في 11 شباط دخلت في نفق مظلم خصوصاً مع إعلان رئيس وفد الحكومة إن المشاركة فيها مبنية على قرار تتخذه القيادة.

 

وبتقديري فإن النتائج النهائية للمحادثات بين وفدي النظام السوري ومعارضة الخارج ستكون مخيّبة لآمال الشعب السوري، نتيجة مجموعة من العوامل أهمها، عدم نضوج أي تسوية إقليمية ودولية خاصة بالملف السوري، على الرغم من المفاوضات المتقدمة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وكذلك بين طهران وواشنطن ومجموعة من العواصم الأوروبية في شأن ملفات مهمة أخرى بالنسبة إلى الوضع في الشرق الأوسط، بالإضافة الى إستمرار روسيا وإيران في دعم النظام السوري عسكرياً، وموازاة ذلك إستمرار مجموعة من الدول الخليجية بمدّ جزء من المعارضة السورية المسلحة بالمال والسلاح والرجال، مع تولي هيئات غير حكومية عربية وأجنبية وشخصيات إسلامية نافذة  بدعم باقي المجموعات السورية المعارضة، وهذا يعني إستمرار القتال لفترة زمنية غير معروفة، بالإضافة الى فشل أي من الفريقين عسكرياً على الساحة السورية في فرض الحسم الميداني على خصومه حتى اليوم من جهة، وتشابك القوى الإقليمية والدولية من جهة أخرى، بمعنى أن الحل في سورية لم يعد شأناً داخلياً للسوريين وحدهم، بل باتت تشاركهم فيه قوى إقليمية ودولية تتصارع على الأراضي السورية بالوكالة، وهذه الأطراف لها أعداد من المقاتلين المحليين أو من يسمون أنفسهم بالجهاديين، وجميعها قوى باتت تبتعد عن الهدف الأساسي الذي خرج من أجله قسم كبير من الشعب، باحثين عن الحرية والديمقراطية والعيش الآمن، فضلاً عن غياب إيران عن المؤتمر الحليف رقم واحد لسوريا وبالتالي فإن وجود إيران خارج دائرة المباحثات، يقضي على كل الحوافز من أجل بذل الجهود لنجاح إجتماع جنيف2 حول سوريا..

 

 فالأحداث التي تشهدها المنطقة لعبت الإدارة الامريكية دوراً رئيسياً في صناعتها وتطويعها لصالحها ولصالح حليفتها إسرائيل من خلال إستمرار نزف الدم السوري الى أمد غير معلوم وتدمير ما تبقى من سوريا، فسياسة اللاحسم التي تمارسها واشنطن، تعكس سياسة مقصودة منها لإغراق الجميع في الوحول التي صنعتها أيدي اللاعبين الدوليين والإقليميين وغير الإقليميين داخل سوريا، غير أن المشكلة الرئيسية تكمن في أنها تأتي على حساب الشعب السوري.


وبالتالي فإن سياسة الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة تعتمد على لعبة توازن القوى بين النظام السوري والمعارضة، فعندما تتفوق قوى المعارضة على النظام السوري، يسمح لأطراف أخرى الإشتراك بالصراع الى جانب النظام السوري كي تستمر الحرب لإن إنتصار طرف على الطرف الثاني يعني إنتهاء الأزمة وهذا ما لا يريده أعداء سوريا.


إن لعبة التوازن جرى تطبيقها أثناء الحرب العراقية الإيرانية فكان عدد من الدول العربية وبعض الدول الأجنبية يقف الى جانب العراق في حين كان عدد آخر من الدول العربية والأجنبية يقف مع الجانب الإيراني ولذلك إستمرت الحرب ثمان سنوات وكان الخاسر الأول فيها هو الشعب الإيراني والشعب العراقي، وكان المستفيد الأول من إستمرارها لهذه الفترة الطويلة هم أعداء الأمة العربية.

 

وبالتالي أمام مطالبة المعارضة بتشكيل حكومة إنتقالية كمخرج وحيد للأزمة الدموية في سوريا، مع مطالبة النظام السوري بإجراءات دولية شاملة لمواجهة الإرهاب، وفي ظل غياب أي دور دولي ضاغط بشكل جدي لفرض التسوية على الجميع، ضاعت فرصة مؤتمر  "جنيف 2 "، وفتح الباب أمام جولات جديدة من العنف في الداخل السوري.

 

وأخيراً يمكنني أن أصل الى نتيجة مفادها إن الأزمة السورية متشعبة الوجوه فهناك بالدرجة الأولى حرب مصالح بين الدول الكبرى ثم صراع نفوذ بين دول المنطقة للإستئثار بالقرار السوري ومن ثم حرب بين أبناء الشعب السوري أنفسهم، وبالتالي فإن فرص تحقيق إنفراج دبلوماسي في مفاوضات جنيف2 ضئيل كون الصراع إقليمي مركزه سوريا، فالوضع في سوريا مستمر على ما هو عليه إلى أمد بعيد كون أن المنطقة المحيطة بسوريا باتت تمثل جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل.

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-02-08
التعليقات
المجدد
2014-02-09 07:12:04
اصبت كبد الحقيقة
والله كل كلمة ذكرتها سيدي الدكتورهي الحقيقة الصادمة فعلا نحن امةعربيةواحدة ذات رسالة خالدةووالله وتالله وباللهلو طبقنا هذا الشعارالرائع تطبيقاحرفيا لاصبحناقادة العالم ومنارةالهدى بأسرة شرقية وغربية ورسالتناالخالدة الى ابدالابدين قولة عزوجل في محكم التزيل (ومن يبتغ غيرالاسلام دينافلن يقبل منة وهو في الاخرة من الخاسرين)ثم بعد ذلك نطبق حرفياجازماقول الحق سبحانةوتعالى (واعتصموبحبل الله جميعاولاتفرقواواذكروانعمة الله عليكم اذكنتم اعداء فألف بين قلوبكم وكنتم على شفا حفرة من النارفانقذكم منها)

السعودية