ثلاث أعوام مضت ... لا يوجد نوعٌ من الإستغلال إلّا و ذاق طعم مرارتهِ المواطن السوريّ المسكين ، كلّ من ينظر إليه يظنّه بصموده حجرَ صوّان كلّما استهلكتهُ لإضرام النيران مرّة ، كلّما كان أقوى في المرّة المقبلة.. ذلك المغلوب على أمره لم يعد في جيبه لا ذهباً و لا حديداً و لا فلّينْ .. فجميعها قُلبت تُراباً جافّاً ابتلاعهُ لا يُدرّ نفعاً .. جسده أُهلك ، قلبه تمزّق لوعةً ، و أفكارهُ باتت تشكّل حرباً جديدةً تسجنه بينه و بين نفسه..
فقد أصبحنا في زمن لم يعد هناك مكانٌ للإستغراب لا من تصرّف قريبٍ و لا غريب .. فهي حربٌ فتكت بكلّ شيءٍ و خرّبتهُ .. ربما تكون هذه ذريعة ممتازة ، كي يقوم السوريّ بسرقة أخيه السوريّ ، كسرَ ظهره و مفاجأته .. فتراهُ ينظر مفجوعاً إلى جارهِ العزيز الذي تربّى معه و قاسمه ما في حياته من أفراحٍ و أحزان ، يذهب خلسةً إلى فرنٍ أو مكان يتوافر فيه الخبز بإزدحام أقل .. و يتركهُ هو يلهثُ خلف لقمة عيشه و يقف أمام المخابز بالساعات ... و أليس من المعيب أن يخلق الأخ مع أخيه عداوةً من أجل جرّة غازٍ ، أو حفنةٍ من المازوت أخفاها عنهُ ، مدّعياً أنه يعاني نُقصاناً يزيد عن حالِ شقيقه بأشواطٍ و أشواط ؟! .. و تنتهي القصة في آخر الزيارة حين ينفضح وجود تلك الثروة المخبّأةً عنهُ في مكان ما من البيت .. و هنا تبدأ القطيعة العميقة الثلاثيّة الأبعاد !!!
فأصبحنا نخافُ كثيراً من بعضنا، نخشى "الحسد " فإذا امتلأت طاولاتنا يوماً
بصنف من الفاكهة أو الحلوى .. "لندلّل و نرفّه " بها أنفسنا .. نكون قد فتحنا على
أنفسنا أفواهاً و أبواباً و عيوناً .. تعجّ بالأسئلة و التحقيقات من أشخاصٍ البارحة
كانوا و كنّا نقول لهم "الصدر إلك و العتبة إلي ، ولَو أنت أخي!!! " .. و
اليوم ما عُدنا نرى فيهم سوى طمعاً استوطن نفوسهم و شَغلها بالشجع .. و كيف لا
نخافُ من أشخاصٍ يتسابقون من منهم يأكل و يستغلّ و يأكل و لا يشبع ، ثم يعود للنهب
و الأكل و يرغب بالمزيد و المزيد ..!!
أحاول جاهدة أن أبحث في هذه الفئة عن صفاتٍ لطالما تغنّينا بها .. أن أجد الجانب
السوريّ الأصيل .. أنبشُ فيهم عن المحبة ، التواضع ، عن رفق الإنسان بأخيه الإنسان
، عن المروءة ، و الكرم.. عن أمثالٍ حفظتها منذ صغري .. أحتارُ أين منهم من كان
يقول " الجار قبل الدار " !!
و لكنّن حججهم محضّرة مسبقاً ، كرجلٍ كلّما أخطأ قال " الله يلعن الشيطان
" .. فتلك الحرب الشيطانية جعلت من المحبّة و الرفق و المساعدة مجرّد شِعارات ،
يرفعونها عالياً و لا يفوّتون فرصةً للتبوّء بها ، ثم يدحرونها جانباً و
يُهملونها..
هؤلاء ليسوا إلّا عبارة عن تجار جُدد في أزمة وضيعة.. لا يختلفون عن غيرهم إلا بنوع
البضاعة المعروضة "للإستغلال ".. فكفاكم متاجرةً بأخلاقكم ، عودوا كما كنتم ،
أعيدوا إلى ذاكرتي ذلك السوريّ الرائع ،صاحب القلب الملّون بالياسمين الأبيض ،
الفوّاح بعطره المميّز .. أو اذهبوا بعيداً عنّا و إيّاكم أن تعلّموا أولادكم هكذا
.. إياكم أن تنسبوا أفعالكم إلى شيم السورييّن .
https://www.facebook.com/you.write.syrianews
إلك كل الشكر سالي على دعمك الدائم .. تسلميلي يارب .. عنجد كتبتو من قلبي لأنو عم شوف الناس كيف عم تتغير من جوا .. بدي نرجع نحب بعض متل أول ، و نرجع متل ما كنا ..
كلمات تلامس الخاصرة الرخوة سلمت يداكي يا كارلا الى الأمام
الله يسلمك سالي .. و شكرا على دعمك ، لو ما أنت دليتيني عالموقع ما بينتشر المقال .. عنجد كتبتو من قلبي لأنو عم شوف الناس كيف كل يوم عم تتغير من جوا و بدي نرجع نحب بعض .. و نرجع متل الأول.