إن الأحداث التي تمر بالإنسان عامها و خاصها تخرج من فكره ما يتجاوب أو ينسجم معها أو يسعى إليها فهي عادة الشاغلة للفكر و هي التي منه تأخذ الحيز الأكبر .
و يكون ذلك في حالتين مختلفتين ، الأولى هي حالة تأثير الحدث على فكرة موجودة أصلاً في عقل المبدع و التي نستعين على شرحها بالمثال التالي ، فإذا شبهنا الفكرة بالشجرة و افترضنا أن الأحداث هي الجو و كان الجو ممطراً فحتماً ستبتل الشجرة وهكذا يؤثر الحدث على الأفكار الموجودة أصلاً في عقول المبدعين ، الشجرة تظل شجرة و إن تأثرت بهطول المطر ، أو بجفاف أو حرارة الجو .
الحدث يؤثر في أسلوب التعبير عنها ، صياغتها ، و إخراجها إلى حيز الوجود ، فنفس الفكرة يختلف التعبير فيها برودة أو حرارة ، شراسة أو وداعة ، بحسب الجو الذي يعيش فيه المبدع و يسيطر على اللاوعي ، أو الوعي ، متى اختار المبدع أن يسعى نحو الاستفادة من الحالة المزاجية التي تخلقها الأحداث التي تحيط به .
كما أن الحدث يخلق في عقول المبدعين أفكاراً جديدة ، و هذه هي الحالة الثانية ، فهنا يكون الأثر موضوعياً بالدرجة الأولى و قد يكون شكلياً أيضاً متى كان التعبير عن الفكرة و صياغتها متأثراً أيضاً بالحدث ، و إن عقل المبدع و خياله في هذه الحالة يتزاوج مع الحدث المحيط ليلد فكرة جديدة .
و هذه الحالة الثانية تجعل من المبدع في كثير من الحالات يبتعد عن حياده الذي نراه فضيلة إبداعية ، أو يبتعد عن الإبداع نفسه إذا جعل الحدث بحد ذاته الفكرة ، بمعنى أن المبدع في هذه الحالة لا يكون مبدعاً و إنما يكون ناقلاً لم يتلقاه بحواسه الخمسة أو يشعر به بتأثير الحدث فيجعل مما تلقى أو أحس موضوعاً قائماً بحد ذاته و مهما ارتقى المتلقي أو المتأثر في أسلوبه فإنه لا يكون في عمله هذا مبدعاً و إنما ناقلاً ، و حتى إن حالف النجاح ما قدمه الناقل ، وحتى و لو كان الناقل في نقله مبدعاً فإن هذا لا يغير من حقيقة النقل الذي يختلف عن الإبداع ، فالإبداع خلق جديد و النقل انعكاس أو تصوير لما هو موجود أصلاً .
https://www.facebook.com/you.write.syrianews