جلست بوقارٍ على طاولة الدراسة أنا (وشيبتي) كتلميذة نجيبة، واتخذت قراري بأن أزداد علماً و ثقافة وأن اتقن التعلم على هذا الجهاز التنكنولوجي الحديث و الذي يسمونه (الايباد).
وبدأت أتلقن دروسي من أولادي الذين أصبحو أساتذتي بعد أن كنتُ يوماً استاذتهم حتى نالوا أعلى شهاداتهم.
التزمت بدروسي بل تفوقت على الكثيرات من صديقاتي اللواتي لم يرغبن بالتواصل التكنولوجي الحديث.
فأنهالت عليّ عبارات التشجيع من أولادي و أحفادي وصديقاتي مما شدني للمثابرة ومتابعة المعرفة.
وكانت من أجمل العبارات والتشجيع التي سمعتها في مجمل حياتي أحسنت ياتيته ..أحسنت ياماما. الآن نستطيع أن نتواصل معاً من خلال هذا الجهاز.
فبذلت قصارى جهدي واتقنت التعلم حتى ظننت بأنني ارتقيت بل أصبحت من عمالقة العلم، وأصبح عندي نافذة كبيرة اطل من خلالها على العالم والتي يسمونها (السكايب).
وهنا بدأت رحلتي الجديدة فتواصلت من خلالها مع أهلي وأحبابي وأصدقائي الذين تناثروا كالشهب في أنحاء العالم وتحدثت معهم مطولاً.
ثم تكلمت وترنمت مع من بقي لي من أهلي و جيراني وأحبابي ومن صمد في (سوريتي الحبيبية / وعشقي الأبدي).
وتذكرت الشاعر حافظ ابراهيم حين قال:
ماعابهم أنهم في
الأرض قد نثروا
ومن خلال استخدامي لهذا الجهاز وحركته السحرية ، تناهى إلى سمعي كلمة (افتح ياسمسم)التي ذكرتني ببرامج الأطفال والحلم الذي عشناه و شاهدناه مع أولادنا تلفزيونياً و كان خيالاً رائعاً ولكنه اليوم أصبح علماً وواقعاً نلمسه.
وبكل فخر وسعادة الآن أحسست بأنني انضممت إلى فئة المتطورين تنكنولوجياً وأنني لم أعد أمية.
وبتلك المرحلة وفي أحد الأيام فاجئتني جارة لي بزيارة لم يسبقها موعد، وبينما كنت أرحب بها، انسكبت دموعها على كتفي بعد أن ضمتني بحنانها ، فأنتظرتها حتى هدأت وارتاحت وتأكدت بأن سيول دموعها تدفقت وسبقت موعد سفر ابنها وأحفادها. وأنها اشتاقت لهم قبل أن يغادروها. و بدت قلقة لفراقهم وغيابهم الطويل قبل رحيلهم إلي بلاد الغربة.
لم أستطع أن أوقف شلال العواطف المتدفق من ثنايا أم تفارق ابنها وأحفادها.
فوقفت وقفة المقدامة و قررت أن اساعدها لاخفف عنها آلام فراقهم، وبدأت اشرح لها كيفية استعمال برنامج السكايب لكي تطمئن من خلاله على ابنها وأحفادها، وبأثناء وجودها إلى جانبي اتصلت بأبنتي التي تعيش بلندن لأريها سهولة استعماله والتواصل معها و لكنها للأسف عبّرت عن جهلها.
فأيقنت بأنه أصبح لي دوراً مهماً معها و بادرت بتلقينها وتشجيها على استخدامه كي لا تيأس من تواصلها معهم.
وهنا تحولت من تلميذة نجيبة إلى (استاذة قديرة) ودأبت بمتابعتها إلى أن اتقنت دروسها وتواصلت مع أولادها وأحفادها.
وكم فرحت بنجاح مهمتي و أصبحت فخورة بنفسي. الآن أنا (استاذة بالتكنولوجيا) بعد ان كنت تلميذة نجيبة.
وبعد أيام قليلة زارتني صديقة لي مصطحبة معها حفيدها بدر الذي لايتجاوز من العمر السنتان، وكان يحمل بيده شاشته الصغيرة والتي تدعى الأيباد.
وبدأ يضغط على أرقامها وبكل ثقة و يتحدث مرة مع والده وتارة مع خالاته ثم مع عماته ويعرف متى سيبدأ و متى سينتهي وكيف سيغلق الجهاز.
هنا خجلت من نفسي ومن كل ثناء نلته من أولادي وأحفادي وممن أعرفهم ومن جارتي التي تفاخرت أمامها وعلمتها.
فأيقنت أن ما أفتخر به وعملت من أجله هو الآن بمتناول أي طفل يتقن تعلمه بشكل تلقائي كما يتعلم الكلام. وأن هذه التنكنولوجيا الساحرة بالنسبة لنا، الآن هي من بديهيات حياة هذا الجيل بل و باتت جزءاً من معلوماته.
فضحكت و ضحكت وعلمت في نفسي أن هذا الطفل أصبح زميلي في المعرفة وأيقنت أن عمري التكنولوجي لايتجاوز السنتان.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews
مقال رائع واسلوب شيق ذكرني بكتابات المحامي الراحل نجاة قصاب حسن " لااعلم مدى قرابتة منك" لة الرحمة من الله وشكرا
اخي القارئ شكرا لك على هذا التعليق اللطيف. رحم الله اخي المحامي نجاة الذ ي ترك لنا ارث ثقافي غني.