syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
فتحي أفندي... بقلم : فواز هاشـــم

مضى متثاقلا وهو يحمل الأكياس المحملة بالفاكهة والحلويات ، عشر دقائق وأكون وصلت البيت ، قال لنفسه  وأحس براحة أكبر .


فتحي أفندي رجل في أواسط العمر حليق الذقن والشاربين مربوع القامة ، خفيف الشعر ، يعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية لمدة تزيد على العشرين عاما ؛ وأحس بغضب شديد يجتاحه  عشرون عاما ومازال حينما يحتاج  لاذن خروج من العمل أن يتذلل لابو عبد الجبار ، ذلك اللئيم ، وأحس بضيق وصعوبة في التنفس، فتوقف لشرب كأس من الليمون البارد من عند ابو محمد بائع العصير .

اليوم هو الخميس ، وهو ليس كأي خميس آخر ، فاليوم يصل حسين ، ولده الثاني من معسكره الذي يقضي فيه تدريبه العسكري ، فلقد استدعوه للخدمة  العسكرية الإلزامية منذ سنة ونصف وباقي عليه سنة أخرى يلا بتمضى ، ويأّمل نفسه بأن حين إنتهاء "الخدمة العسكرية" سيكون حسين عونا وسندا له في تحمل أعباء الاسرة ، فهو الآن بالكاد يقوم بأولاد زوجته وأولاده . عاود السير والعرق يتصبب من جبينه وتنزل قطرات من العرق على عينيه فيرفرف بجفنيه ليزيح قطرات العرق تلك، فلقد أصبحت الرؤية ضبابية .

فكر... ماذا لو يخترع أولئك الأجانب الشياطين مســاحات آلية لمسح عرق أمثاله وهم عائدون الى بيوتهم حاملين الأكياس بكلتا اليدين ، أشرق وجهه للفكرة ، ثم أخذ يقهقه عندما فكر بأن أمثاله سوف لن يستطيعوا شراء تلك المساحات وبالتالي لن يكون هناك داع لاختراعها . ارتسمت على وجهه علائم الجدية وتمتم وكأنه يقرر دراسة علمية " المخترعون لن يخترعوا شيئا لا يمكن للناس الذين يحتاجونه أن يدفعوا ثمنه ، والناس الذين يستطيعون دفع ثمنه لا يحتاجونه " .

 شعر بالزهو للنتيجة التي توصل إليها وداخله نوع من التشفي وهو يتذكر ابو عبد الجبار ،  فهو بالتأكيد لم يفكر بالذي فكر فيه وبالتالي فهو على حق عندما جابهه المرة الماضية وثار عليه ورد إهاناته المتكررة  وتحكمه فيه وقال له كلمات قاسية جارحه ، فعلا هو يستحق أن أقول له " أنت لست بأحسن مخلوق على هذه الأرض " .

شــاهد وهو يقترب من منزله شــبانا يلبسون البذات العسكرية وهم يمشون الخيلاء ، أبطأ قليلا وهو ينظر اليهم نظرات ملؤها الحنان وابتسامة عريضة على وجهه ، تمنى لو أوقفهم وقبل جباههم . الله يحميكم يا أولادي ، الله يحميكم يا أبطال وأحس بقطرات شوق وحنين تنهمر من عينيه وأخذ يحث السير فاليوم هو الخميس .

اصبح على بعد خطوات معدودات من بيته وتوقف ليشتري خبزا ، فسمع من المذياع خبر تفجير إرهابي وقع عند مدخل "الشام " الجنوبي ، ووقوع ضحايا من المدنيين والجنود ، فخفق قلبه وشحب وجهه : "الله يحميهم ... الله يحميهم" وأخذ يهرول صوب بيته .

عندما وصل تخيل أنه ســمع من يقول له " حســـين اصيب بالأنفجار وفقد بصره " . 

 

(( القصة مستوحاة من حادثة حقيقية لأشخاص حقيقيين ))                     

2010-12-10
التعليقات
Ayman
2011-01-02 14:39:54
Fathi
The story is interesting and has suspense built into it. However, I would have liked to read more of this beautiful writting. Looking forward to your next contribution.

الإمارات
Dee
2010-12-28 17:48:53
Abu Fathi
This short story has all the elements of the characteristics of a good story. I believe the author has been successful in weaving the threads of events into an engaging tale.

الولايات المتحدة
ميس هاشم
2010-12-18 07:41:13
...
ماشاء الله كتابة جميلة وقصة مؤثرة بارك الله بكم.

سوريا
أحمد النعيمي
2010-12-16 11:07:48
قصة حلوة
يعطيك العافية ابو عمر ماشاء الله عليك عم توصف الشخصية بدقة لازم تكثر من هاي القصص بلكي بيصيرو شي مرة مسلسل يومي يحكي كل يوم قصة او بيصير شي لوحة من بقعة ضوء . الله يوفقك وياخد بيدك

سوريا
ابو حميد
2010-12-16 10:25:58
البلاغة في الإجاز
قصة قصير إنما قويةو محمسة وبليغة

الإمارات
Hood-o-x
2010-12-16 09:32:57
انعكاس حقيقي
انعكاس حقيقي للواقع بطريقة ادبية جميلة

الإمارات
Ousama
2010-12-13 10:49:49
كل يوم ...
هي حالة التفكير يلي بمر فيها كل إنسان يوميا، شاء أم أبا . عمله و عائلته و أولاده و لقمة عيشه و الحال المستقبلي الذي سيكون عليه. القصة جميلة جدا تحاكي جزءا من الواقع ، بيقى علينا أن نستبشر خيرا و نأمل بغد مشرق . شكرا استاذ فواز .

سوريا
مروى شكور
2010-12-13 09:40:35
مؤثرة
القصةكتيربسيطة وقصيرة بس واقعية وعلى قولتكmeaningful خبرحلو أنوفي كتاب عالطريق بانتظارك؟؟؟؟؟؟؟؟

سوريا
مروى شكور
2010-12-13 09:29:01
مؤثرة
القصة بسيطة وكتير قصيرة بس على قولتك meaningful ؟؟؟؟؟ بانتظار نشر كتابك..........

سوريا
فواز هاشم
2010-12-12 18:59:23
شكرا لك يا باسمة جزائري
Thank you very much for your nice and sweet comment; actually I liked your contribution as well. Wish you success in your prosperous years to come;You have touched a very sensitive issue in our modern days . thank you again

سوريا
باسمة جزائري
2010-12-12 14:25:44
لا تبالي
القصة مؤثرة وليست خيالية.. كل من مات ويموت من الناس كل يوم له حكاية لأن كل إنسان حكاية خاصة. شكراً لك فواز.. ولا تهتم ببعض النقد السلبي، لأن بعض الناس في مجتمعاتنا لا يستطيعون المرور من أمام مصباح في الطريق دون أن يكسروه، أو شجرة مثمرة دون أن يرموها بحجر.. هكذا يبررون لأنفسهم احتراق مصابيحهم وعقم أشجارهم.

سوريا
أجمد
2010-12-12 13:39:11
روعة
قصة وجميلة وحلوة كتير شكرا إلك

سوريا
عمر ابو فواز
2010-12-11 18:39:09
ابداع
ان القصه بالفعل رائعه ارجو ان تنشر المزيد من قصصك الرائعه

السعودية
أحمد علي
2010-12-11 14:30:42
حقيقة
حقيقة يعيشها كثير من الناس .... تخيلت القصة كاني أراها ... الله يفتح عليك

مصر
انجى على
2010-12-11 14:13:08
جميلة
قصة جميلة واقعية

مصر
رنوش
2010-12-11 13:21:47
عهد
ليش دخلك الافلام مو مستوحاة من الواقع ياريت ما نكون سلبيين و خلينا ننقد نقد بناء بعيد عن التعجرف و الفوقية لانك مو عبقري و مبدع زمانك متل مانك مفتكر ياريتك تركت صورتك المحترمة بعقولنا وما حكيت هالحكي المغرور

سوريا
لولو
2010-12-10 20:39:32
الله يحمينا
قصة جميلة سلسة التعابير سهلة المفردات ،وصفك لأبو فتحي يذكرنا بالكثير من الأباء البسطاءاللتي تحمل هموم عائلتهامن حولنا مع أني لاأحب النهايات المؤلمة والحزينة.ننتظر مشاركاتك القادمة عن قريب انشاء الله،بس الله يحمينا ويجيرنا من ساعة الغفلة

سوريا
ليليا
2010-12-10 20:27:11
رد على عهد ابراهيم
اذا كان رأيك انو هل القصة من فيلم فبحب قللك انو الحياة والله مليانة أفلام ومسلسلات وقصص مؤلمة ومؤثرة

سوريا
Kamel
2010-12-10 19:32:27
شكرا
قصة جميلة جدا ... شكرا

سوريا
عصام حداد
2010-12-10 19:27:09
الله يشفي الجميع
بارك الله فيك أخ فواز .. فعلا الإرهاب بشع وموطنه التشدد والتعصب والتطرف وعلينا جميعا أن نعي ذلك وننتبه لندفع الأذى عنا وعن أهلنا ومجتمعنا .

سوريا
HaMooZ
2010-12-10 19:23:39
تراجيديا
قصة إنسانية معبّرةتعكس صورة من الواقع

سوريا
bemmmmmr
2010-12-10 02:29:55
قدر
قدر احمق الخطا سحقت هامتي خطاه

سوريا