syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
اليونسكو تحذر....وإسرائيل مستمرة في تهويد القدس ... بقلم : الدكتور خيام محمد الزعبي

الكثير من دول العالم عبروا عن إرتياحهم لقبول فلسطين عضو كامل بمنظمة الأمم المتحدة للتربية و الثقافة و العلوم    " اليونسكو   " و هذا نجاح كبير حققته فلسطين و يعد تتويجاً للجهود التي تقوم بها كل الأطراف ممثلة في قيادتها بمساندة عربية و دولية من أجل مزيد التعريف بفلسطين و قضيتها العادلة و حشد كل التأييد لها، ومن هذا المنطلق أكدت فلسطين، على تصميمها وحرصها على مواصلة جهودها واستمرار تقديم العون الفاعل من أجل رسم مستقبل منظمة اليونسكو، وتحصينها أمام الأزمات والتحديات التى تقف أمامها.


بعد فوز فلسطين بعضوية اليونسكو ، سرَّع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتيرة بناء 2,000 وحدة سكنية إستيطانية، وعلَّق مساهمة إسرائيل في ميزانية اليونسكو، ولم يكن من المستغرب أن تعمل الولايات المتحدة على قطع تمويلها عن اليونسكو عقب عضوية فلسطين فيها، مدعيةً أن تشريعات صدرت في 1990 و1994 تُجبرها على ذلك، وساقت الولايات المتحدة أيضاً حجةً متناقضة مفادها أن العضوية  المستندة إلى صفة فلسطين كدولة، والمرسِّخة لهذه الصفة  قد قوَّضت الهدف من التفاوض على إتفاق وضع نهائي من شأنه أن يعلن قيام دولة فلسطينية.

 

أمر معيب ولا أخلاقي من الإدارة الأميركية والإسرائيلية أن تعترض على إنضمام فلسطين إلى هذه المنظمة، كونها الأكثر سعياً ورغبة في التعلّم والتطور والإنتاج، وكأنه ممنوع على هذا الشعب العربي التواصل الفكري والثقافي ، أو كأن المطلوب التأكيد أن ليس ثمة شعب فلسطيني مبدّع، وفي صفوفه مثقفون وصلوا إلى العالمية بإنفتاحهم على الإنسانية وبإبداعهم وتفاعلهم مع ثقافات العالم، أو كأن المطلوب التأكيد على أنه حتى لو كان هذا الشعب موجوداً ويمتلك هذه القدرات فممنوع عليه أن تكون له دولة، وبالتالي لا مكان لفلسطين على الأرض وفي الأمم المتحدة أو في اليونسكو وغيره.

 

وفي سياق متصل إن مثل هذا الموقف غير المستغرب من أميركا لا يمكن أن يساهم في تحقيق الأمن والسلام والإستقرار في المنطقة، بل هو يسبب المزيد من الحقد والكراهية ضد السياسة الأميركية، وبالتالي يبقي باب الصراع مفتوحاً على الأرض بكل الوسائل والأساليب كما يبقي الذاكرة حيّة ويرسّخ في أذهان أبناء الشعب الفلسطيني وعلى مدى أجيال من الزمن المواقف العنصرية التي تتخذها الإدارات الأميركية المتعاقبة والمنحازة دائماً إلى إسرائيل وإرهابها.

 

واليوم أصدر المجلس التنفيذي لليونسكو خلال إجتماعه المنعقد حالياً في باريس وبأغلبية الأصوات بعد جهد ودعم عربي إسلامي قراراً يطالب اسرائيل كسلطة قائمة بالإحتلال بعدم تغيير الوضع القائم في القدس، كما طالب القرار  بإعتماد إرسال بعثة خبراء مكونة من ممثلين عن مركز التراث العالمي والهيئات الاستشارية التابعة لليونسكو بحيث تبدأ هذه البعثة مهمتها في تقييم حالة الحفاظ على تراث بلدة القدس القديمة وتقديم تقريرها وتوصياتها للجنة التراث العالمي التي ستنعقد في الدوحة أواخر حزيران العام الحالي، وهذا أكبر برهان على إن اليونسكو محفل مهم لتطبيق القانون الدولي فيما يتعلق بالممارسات الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة، فعلى سبيل المثال، أكدت اليونسكو مراراً وتكراراً  أن محاولة إسرائيل لضم الحرم الإبراهيمي/كهف البطاركة في الخليل ومسجد بلال بن رباح (قبر راحيل) في بيت لحم لقائمة التراث الوطني الإسرائيلي تمثل إنتهاكاً للقانون الدولي، وإتفاقات اليونسكو وقرارات الأمم المتحدة.

 

ما إنفكت إسرائيل تخرِب وتدمر مواقع تاريخية وثقافية ودينية وطبيعية في أرجاء مختلفة في الأرض الفلسطينية المحتلة، فقد أقدمت السلطات الإسرائيلية عقب إحتلالها القدس مباشرة على هدم حارة المغاربة واستولت على مبانٍ تاريخية ودينية مثل متحف فلسطين للآثار، وأخضعت إسرائيل التراث الثقافي في المدينة لتشريعاتها الوطنية، وفي مثال صارخ آخر، عمل مركز سيمون فيزنتال على بناء متحف التسامح في القدس الغربية، الأمر الذي إرتضى إجراء حفريات في مقبرة مأمن الله القديمة وإستخراج مئات الجثث والرفات من قبورها، وعلاوة على ذلك، إستخدمت إسرائيل علم الآثار كذريعة لتهجير السكان الفلسطينيين قسراً، وهدم القرى وفرض السيطرة الإقليمية على الأراضي الفلسطينية لتعزيز مشروعها الإستيطاني غير القانوني وإستغلال الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

 

وبالتالي فإن إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القرارات والمعاهدات والإتفاقيات الدولية وقرارات اليونسكو ولجنة التراث العالمى، التى طلبت منها مراراً وتكراراً عدم المساس بالتراث العالمى الإنسانى فى القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فى المدينة أو إجراء أى تغيير، سواء كان طبوغرافيا أو ديموجرافيا عليها، معتمدة فى ذلك على طغيانها وقوتها وأن تفرض بالقوة حقاً ليس لها إطلاقاً.


إن أمام إسرائيل أحد حلين، إما الإحتكام لقرارات الشرعية الدولية، وإما الاحتكام إلى منطق القوة والفوضى ، ولا أعتقد أن السلام يمكن أن يسود إذا ظلت إسرائيل تحتكم إلى القوة التى لن تدوم لها إلى الأبد، فعليها أن تعرف بأن العرب والمسلمين لن يبقوا ضعفاء للأبد، وأن الدعم الذى تتلقاه من هنا وهناك لن يدوم، وفي إطار ذلك يمكنني القول  إن كل ما تقوم به إسرائيل لا يفضى إلى السلام الذى ينشده هذا المجتمع على الإطلاق، بل يؤجج العنف والكره والحقد والبغض، وإذا أرادت الأمن والسلام فعليها أن تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، ووقف كامل إجراءاتها التى تقوم بها فى القدس والمقدسات.

 

وأخيراً ربما أستطيع القول يجب على جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى ولجنة القدس ومنظمة اليونسكو ولجنة التراث العالمى إتخاذ الإجراءات السريعة والفورية لوقف عدوان إسرائيل المتكرر على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، ووضعهم أمام مسئولياتهم بغية إيجاد المناخ اللازم والملائم للسلام الذى ينشده المجتمع الدولى، ولإقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإعطاء الشعب الفلسطينى حقوقه كاملة فى العودة إلى دياره ووطنه وفق قرارات الشرعية الدولية.

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-04-21
التعليقات