تعد الفيروسات التاجية عائلة كبيرة يمكنها أن تحدث طيف واسع من الأمراض عند الإنسان والحيوان، ويتظاهر الشكل السريري لها عند الانسان بإصابات شبيهة بالرشح العادي وصولاً إلى أمراض قاتلة مثل التناذر التنفسي الشاذ المعند المعروف باسم ) SARS) الذي انتشر في العالم عام 2002 وتمكن العلماء من السيطرة السريعة عليه والانتهاء منه، والتناذر التنفسي الشرق أوسطي بفيروسات الكورونا (MERS-CoV) الذي انتشر في السعودية منذ عام 2012 بشكل حالات إفرادية ضمن تجمعات صغيرة وصل اليوم إلى مرحلة مقلقة تهدد الصحة العامة في الشرق الأوسط والعالم كله.
في 10 حزيران 2012 ظهر فيروس تاجي أو كورونا جديد في حالة وفاة لشخص مصاب بالتهاب رئوي مكتسب معند أدى إلى فشل رئوي حاد لم يكن مشاهداً من قبل عند الإنسان، و وعرف فيما بعد أن هذا الفيروس ينتشر في أشخاص يعيشون في الشرق الأوسط، ودعي بالفيروس التاجي المسبب للتناذر التنفسي الشرق أوسطي Middle East Respiratory Syndrome corona virus (MERS_coV)
لتظهر بعد ذلك وعلى مدى العامين الماضيين عدة حالات في مناطق مختلفة من العالم تعود أصولها جميعها إلى الشرق الأوسط، وأجريت الفحوص المخبرية على عدد من الحالات المشتبهة فكانت المجموعة الأولى في الأردن التي أصيب فيها شخصان من الكادر الصحي، الأول طالب طب والثانية ممرضة وتوفيا، والمجموعة الثانية في السعودية من مجموعة مرضى من أربعة أشخاص من عائلة واحدة توفي منهم اثنان، والمجموعة الثالثة في بريطانيا لثلاثة أشخاص توفي منهم اثنان كان الأول منهم عائداً من باكستان والسعودية وأدخل المشفى في بريطانيا حيث أصيب منه الحالتان الثانيتان وتوفيت واحدة منهما
وكانت المجموعة الثالثة والرابعة في السعودية، ثم المجموعة الخامسة في فرنسا وتتكون من حالتين توفيت واحدة منهما كانت الأولى لشخص عائد من دبي توفي في فرنسا والثانية لشخص كان معه في نفس الغرفة في المشفى، أما المجموعة السابعة فكانت في تونس، والمجموعة الثامنة في إيطاليا إلى أن تطور المرض في الشهرين الأخيرين لتبدأ حالات جديدة تظهر في السعودية والإمارات العربية المتحدة بشكل أكثر انتشاراً وتسارعاً وتسجل حالة في اليونان وحالة في مصر ليصل عدد الحالات المؤكدة حتى تاريخ 2 أيار 2014 ( 339 ) حالة مثبتة مخبرياً من العدوى البشرية توفي منهم ( 112 ) مريض.
وكما هو ملاحظ من تسلسل ظهور المجموعات الأولى من الاصابات فقد كان كل المرضى الذين أصيبوا بهذا الفيروس مرتبطين بشكل مباشر وغير مباشر بالشرق الأوسط، وقد ظهر في بعض الدول انتقال مباشر من إنسان لإنسان بشكل موضعي وغير مستدام، وخصوصاً عند الأشخاص الذين انتقلوا من الشرق الأوسط، كما أن كل المرضى المصابين بهذا المرض ظهرت لديهم بالبداية إصابات تنفسية تطورت فيما بعد إلى عدد من الإختلاطات الثانوية بما في ذلك فشل كلوي حاد، وفشل أعضاء متعدد، وتناذر تنفسي حاد مؤلم (ARDS) أو اعتلال تخثري مرتبط بالسل consumptive coagulopathy إضافة إلى ذلك فإن العديد من المرضى ظهرت لديهم أعراض معدية معوية، بما في ذلك الإسهال، وكانت نسبة الوفاة أكثر من 30%.
يشبه المرض في بدايته مرض الانفلونزا حيث يظهر حمى وسعال خفيف واضطراب في التنفس يتطور غالباً إلى ضيق شديد في النفس، وعدم القدرة على الحفاظ على الأوكسجين (نقص الأكسجين). يكون التقدم عادة بشكل سريع أو قد يستغرق عدة أيام، ويتضرر الناس نتيجة تطور شكل قاتل من فشل الجهاز التنفسي، يعرف بإسم متلازمة الضائقة التنفسية للبالغين (ARD) أو ( (ARDSبالإضافة إلى مهاجمة الحويصلات الهوائية في الرئتين، كما يصيب الفيروس أيضاً أجهزة أخرى في الجسم مما يسبب الفشل الكلوي، والتهاب شغاف القلب (التهاب التامور)، أو نزيف جهازي شديد نتيجة اختلال نظام التخثر (تخثر الدم داخل الأوعية). ولدى الأشخاص المصابين بأمراض الجهاز المناعي مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي الحاد أو زرع الأعضاء فقد لا يعانون من أعراض الجهاز التنفسي ولكن يمكن أن تتطور لديهم الحمى أو الإسهال.
كانت لدى معظم المتوفين حالات معقدة من مجموعة من الأمراض المزمنة كالسكري والفشل الكلوي وغيره، لكن معظمهم أيضاً تمتعوا قبل الإصابة بصحة جيدة، إضافة إلى أن عدد قليل من الحالات أصيب بشكل مشارك بفيروسات أخرى، بما في ذلك فيروس الانفلونزا A، ونظير الانفلونزا، والحلأ البسيط، والمكورات الرئوية، وقد كان متوسط عمر المصابين حوالي 56عاماً أي بين 2-94 سنة، وأغلب الحالات (72%) كانوا من الذكور.
تدل الدراسات الحديثة على أن الفيروس المسبب لهذا المرض هو فيروس حيواني انتشر بشكل طبيعي عند البشر مع بقاء إمكانية الانتقال بين البشر محدودة جداً، ويعتقد أن مخزن العدوى هو لدى أنواع من الخفاش، بينما تنتقل العدوى إلى الإنسان عن طريق الجمال، إلا أن هذه الدراسات الوبائية لا تزال غير كافية لتحديد الطرق الدقيقة في نقل العدوى، مما يجعل السيطرة على المرض لا يزال صعباً، ويزيد الأمر تعقيداً ظهور الحالات البشرية المعندة خلال فترات متباعدة، وضمن مناطق جغرافية مختلفة.
يستطيع الفيروس النمو بشكل جيد في المزارع الخلوية التي تستخدم عادة كمزارع للتشخيص الفيروسي، وتظهر الدراسات الأولية لهذا الفيروس مقارنة بالفيروسات التاجية الأخرى المعروفة وجود تشابه وراثي مع بعض الفيروسات التي وجدت سابقاً عند الخفاش. ولا يزال من غير الواضح والمؤكد إمكانية انتقال المرض بشكل مباشر من الحيوان إلى الإنسان، وإذا ما كانت الحيوانات الأهلية وخصوصاً الجمال، أو الأغذية والمشروبات الملوثة هي مصدر العدوى فإن ذلك يعقد من فهم وبائية المرض. أما العدوى النادرة من إنسان لإنسان فقد ظهرت في أماكن الرعاية الصحية، أو ضمن النطاق الضيق للعائلات التي على تماس مع الأشخاص المصابين، أو الأشخاص الموجودين في أماكن عمل الأشخاص المصابين، إلا أن الدراسات لم تظهر ثبات مثل هذه الأنواع من العدوى مما يجعل وبائية المرض غير واضحة حتى الآن.
الوقاية والعلاج:
لاتزال محاولات تطوير لقاح للمرض في المراحل التجريبية حيث توصلت بعض شركات انتاج اللقاح إلى تطوير لقاح يمكنه رفع مناعة الجسم ضد المرض ويتوقع ترخيصه تجارياً في وقت قريب.
أما معالجة المرض فتستخدم لها برامج معالجة تعتمد على استخدام مضادات الفيروسات والانترفيرون
وتتضمن إجراءات الوقاية من المرض اتباع الآتي:
1- ممارسة تنظيف اليدين دائماً، من خلال غسل اليدين بالماء والصابون، والتدليك بالكحول أو مركبات التتش المعقمة لليدين قبل وبعد تناول الطعام؛ وقبل وبعد التعامل مع الطبخ وإعداد الطعام؛ وبعد السعال والعطس واستخدام المراحيض؛ وقبل وبعد لمس الحيوانات.
2- ممارسة آداب السعال السليم من خلال تغطية الفم والأنف أثناء العطس أو السعال، واستخدام أنسجة تغطية الوجه عند السعال أو العطس، وتغطية الفم والأنف بها، والتخلص من الأنسجة المستخدمة تلك في سلة النفايات.
3- تجنب التعامل غير الصحي مع المزرعة والحيوانات المستأنسة، بما في ذلك الجمال.
4- تجنب التعامل غير الصحي مع المرضى أو المصابين بالمرض، وإذا كان لديك مرض في الجهاز التنفسي يفضل البقاء في المنزل، وارتداء قناع جراحي لحماية أفراد عائلتك.
5- إذا كنت من العاملين الصحيين فيجب اتباع بروتوكولات مكافحة العدوى في عملك بكل دقة.
6- ويجب زيارة الطبيب أو المستشفى أو المرفق الصحي فوراً إذا ظهرت أعراض المرض بما في ذلك السعال المستمر، وغيرها
7- إذا كنت على اتصال وثيق مع مريض وتأكد وجود المرض لديه يجب الامتثال للوائح الصحية المحلية وتأجيل أي رحلة في الخارج حتى بعد ظهور نتائج اختبار سلبية.
8- ممارسة عادات صحية سليمة مثل: ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، واتباع حمية غذائية متوازنة، والنوم الكافي لمدة 8 ساعات على الأقل، لأن ذلك من شأنه أن يساعد على تعزيز مناعة الجسم .
https://www.facebook.com/you.write.syrianews