واشــــنطن ـ
1_ حاول الرئيس أوباما في خطاب بارز أمام طلاب الكلية الحربية في "ويست بوينت" الشهر الماضي ، تجاوز مغامرات أميركا العنيفة في العراق وأفغانستان وذلك بالشروع في نهج جديد يقوم على مبدأ نبذ استخدام القوة إلا في ظروف تُمليها الضرورات القصوى
2- وفي وقت لاحق بالكاد يكون أسبوعين ، وجد السيد أوباما نفسه بالفعل في تلك الظروف ، وبدا الرجل يوم امس في حديقة البيت الأبيض على وشك أن يأمر الجيش الأمريكي بالتدخل مرة أخرى في العراق . وقد استبعد على الفور في بيانه إرسال قوات برية لإنقاذ حكومة بغداد المحاصرة من قبل مجموعات المتطرفين الإسلاميين . وهو ينظر حالياً في مجموعة من الخيارات بما فيها القيام بضربات جوية باستخدام طائرات حربية وبدون طيار.
3- إن احتمال عودة القوات الأمريكية إلى العراق وحتى في شكل محدود ؛ يُؤكد مدى
تأثير هذه البقعة البائسة من الأرض في صياغة شكل رئاسة أوباما . فهي التي أوضحت في
البدء مضمون وأبعاد حملته الانتخابية الأولى للوصول إلى البيت الأبيض عندما قوت
معارضته للحرب هناك من ترشيحه . كما أنها التي حددت معالم سياسته الخارجية لاحقاً
وهو يؤكد تصميمه على الانسحاب منها ، والابتعاد عن أماكن مثل سورية . وهي التي
ستُعرّف في نهاية المطاف بإرثه السياسي الذي سيتركه وراءه وهـو أن كتب التاريخ
ستذكره ــــــــــ كما يأمل ــــــــــ بكونه من قام بإنهاء حروب أميركا في الخارج
.
4- ومع ذلك ، وبمقدار ما كان يرغب برؤية العراق في مرآة الرؤية الخلفية بمعنى أن لا
تكون من الأوليات الملحة في سياسته الخارجية ، فإن التقدم السريع نحو بغداد من قبل
متطرفين إسلاميين يُطلقون على أنفسهم اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام
ـــــــــ داعش ـــــــــــ قد أرغمه على إعادة النظر في نهجه هذا . وبقدر ما كان
يُريد أن يترك مصير العراق للعراقيين أنفسهم ، فإنه خلص إلى نتيجة مفادها أن
الولايات المتحدة لا يزال لديها مصلحة في تجنب انهيار الدولة التي احتلتها لأكثر من
ثماني سنوات على حساب أرواح ما يقارب من 4500 جندي أمريكي .
5- يقول السيد أوباما " لدينا مصلحة في التأكد من أن مجموعة مثل داعش ، وهي منظمة
عنيفة تمكنت من الاستفادة من الفوضى في سورية ، لا تتمكن من الحصول على موطئ قدم
لها أوسع في المنطقة . هناك مخاطر نشوب اقتتال طائفي عنيف إذا حاولت هذه المنظمات
الإرهابية ، على سبيل المثال ، اجتياح المواقع الشيعية المقدسة ، والذي يُمكن أن
يؤدي إلى صراعات بين السنة والشيعة يصعب جداً إخمادها ".
6- وقام أوباما بالالتفات قليلاً الى الماضي القريب مستشهداً بتاريخ الولايات
المتحدة المؤلم في العراق والرغبة في عدم السماح للجهود الأمريكية هناك بأن تذهب
سدى . " لدينا مصالح هائلة هناك . ومن الواضح أن قواتنا والشعب الأمريكي ودافعي
الضرائب الأميركيين قاموا باستثمارات ضخمة وبتضحيات من أجل إعطاء العراقيين فرصة
لرسم مسار أفضل يتعلق بمصير بلادهم " .
7- ومع ذلك ، يُصر الرئيس أوباما على أنه يتعين على زعماء العراق القيام بنوع من
التنازلات التي من شأنها تحقيق الاستقرار في بلادهم ، وشدد على أنه لن يسمح
لمشاكلهم الخاصة أن تُشغل الولايات المتحدة في كل مرة . وقال " نحن لن نسمح لأنفسنا
بأن ننجر مرة أخرى إلى الحالة التي كنا فيها ، عندما كنا هناك ، نحرص على أن نضع
الغطاء على الأشياء" ــــــــــــ المقصود بذلك عدم السماح بتفاقم الأوضاع
ــــــــــ ولكن القادة السياسيين في العراق فشلوا في معالجة الانشقاقات التي تقسم
المجتمع .
8- لقد انتقد الجمهوريون منذ فترة طويلة أوباما لسحب القوات من العراق في نهاية عام
2011 بدون أن يترك وراءها قوة متبقية صغيرة . في الحقيقة كان ذلك الانسحاب يتم وفق
جدول زمني متفق عليه أصلاً من قبل بين الرئيس جورج بوش والقادة العراقيين الذين لم
يوافقوا في ذلك الوقت على منح الحصانات لأفراد القوات الأمريكية المتبقية هناك
والتي أصر عليها البنتاغون . لكن النقاد يُجادلون في نفس الوقت بأنه كان ينبغي على
السيد أوباما أن يحاول بجهد أكبر تمديد الوجود الأميركي هناك .
9- وعلاوة على ذلك ، يقول هؤلاء النقاد أيضاً بأن الرئيس لم يفعل ما يكفي للضغط على المالكي للقيام بإصلاحات في العملية السياسية الداخلية ، وأن فشل السيد أوباما بأن يفعل المزيد لمساعدة المعارضة المعتدلة في سورية المجاورة قد جرأت المتطرفين الإسلاميين على الامتداد إلى داخل العراق .
10- إن إحياء تلك الانتقادات في الوقت الراهن ليس مردّه فقط اندلاع الأحداث الأخيرة
بشكل مفاجئ في العراق ، والتي عرضت أيضاً خطة الرئيس للانسحاب من أفغانستان إلى
مزيد من الأسئلة . فقد سبق وأن أعلن السيد أوباما الشهر الماضي أنه يعتزم إنهاء
المهمة القتالية في أفغانستان بحلول نهاية العام الجاري تاركاً هناك 9800 جندي
يغادرون جميعهم أيضاَ بحلول عام 2016.
11- ويوم أمس الجمعة حث الجمهوريون السيد أوباما على التصرف بشكل حاسم في العراق
متسائلين عن السبب في أنه يريد أن يأخذ عدة أيام لاتخاذ قرار بهذا الشأن . وقال
النائب إد رويس عن ولاية كاليفورنيا ، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب "
يجب ألا تكون لدينا قوات برية في العراق ، ولكن نحن بحاجة الآن إلى القيام بضربات
جوية لقصف طوابير هؤلاء الارهابين الذين يسيرون نحو بغداد " .
12- وقال النائب هوارد مكيون عن ولاية كاليفورنيا ، ورئيس لجنة خدمات الجيش في مجلس
النواب ، أن الرئيس أوباما في حاجة إلى استراتيجية أوسع نطاقاً لاحتواء التهديد في
المنطقة . لا توجد حلول سريعة لمعالجة هذه الأزمة ، وأنا لن أؤيد القيام بضربات
جوية لمرة واحدة تبدو جيدة أمام الكاميرات ولكن ليس لها تأثير دائم " . وأضاف أنه
ينبغي على الرئيس أن ينظر بشكل جدي في أمر طرد فريقه للأمن القومي .
13- ومن الجانب الآخر من الطيف ، أعرب الديمقراطيون عن قلقهم بشأن التورط من جديد
في العراق بعد سنتين ونصف فقط من مغادرة البلاد حتى أن وزيرة الخارجية السابقة
هيلاري كلينتون ، التي صوتت لصالح غزو العراق عام 2003 كعضو في مجلس الشيوخ ، والتي
تعيد الآن تموضعها من أجل الدخول مرة ثانية في الانتخابات الرئاسية القادمة ، قالت
بأنها تعارض استخدام القوة الأميركية للمساعدة في انقاذ الحكومة العراقية بدون وجود
ضمانات من السيد المالكي بالقيام بإصلاحات في العملية السياسية الداخلية .
وقالت لمحطة البي بي سي في مقابلة سُجلت يوم الخميس " ليس في هذا الوقت ، لا " . وأضافت السيدة كلينتون ، التي إذا ترشحت وفازت في الانتخابات سوف ترث الوضع في العراق ، بأنه ينبغي على البيت الأبيض أن يستمر في رفض طلب السيد المالكي القيام بضربات جوية حتى يُظهر الشمولية في سياسة حكومته ــــــــــــ المقصود بذلك معالجة هواجس السنة ومد اليد إلى الأكراد ، وإجراء حوار وطني شامل يضم كل المكونات . وقالت في إشارة الى استخدام القوة العسكرية " لا . ليس هذا دورنا هناك ".
14- وكان النشطاء الليبراليون أشد عنفاً وحماساً . يقول بيكي بوند ، المدير السياسي لجماعة ناشطة تدعى كريدو "على مدى السنوات الــ 12 الماضية ، كانت الحرب في العراق تُعتبر حرب بوش وتشيني . وإذا أراد الرئيس أن يُشبَه نفسه بجورج بوش في قراره الكارثي بغزو العراق من خلال إطلاق جولة جديدة من الضربات الجوية ، فسوف تصبح الحرب في العراق عندئذ حرب باراك أوباما " .
15- ولكن هذا سوف يكون بكل تأكيد آخر شيء يُريده أوباما . فقد كان العراق بالنسبة
له قالب لا ينبغي أن يكون فيه أي شيء يتعلق بالسياسة الخارجية . فقد عارض غزو
العراق عندما كان عضو في مجلس الشيوخ عن ولاية إيلينوي ، والكثير من قراراته كرئيس
تمت صياغتها في ضوء الدروس التي أخذها من الحرب في العراق التي يقول عنها بأنها حرب
غبية . لقد أثبتت الحرب في رأيه أن التدخل العسكري في أكثر الأحيان يجعل الأمور
أسوأ ، وليس أفضل .
16- وعندما وافق على إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان ، أصر على وضع جدول زمني
لسحبهم . وعندما قرر التدخل في ليبيا ، وافق على استخدام القوة الجوية فقط ، وحرص
على التأكد من أن الحلفاء في الناتو يتولون زمام المبادرة . وعندما اندلعت الحرب
الأهلية في سورية ، قاوم جميع دعوات التدخل حتى ولو اقتصر الأمر على مجرد استخدام
القوة الجوية كما فعل في ليبيا . كما قاوم لفترة طويلة قبل أن يُوافق على تسليح
المعارضة . وكلما طالت اقامته في منصبه ، كلما بدت شكوكه تزداد حول جدوى استخدام
القوة كوسيلة لتغيير العالم نحو الأفضل .
17- حتى أنه ، وهو يُقر يوم الجمعة بإمكانية استخدام القوة مرة أخرى في العراق ،
وضع مسؤولية ما يجري على عاتق المالكي وزعماء عراقيين آخرين لعدم قدرتهم على
المواجهة مطالباً إياهم بتنحية خلافاتهم الطائفية جانباً ، وبالعمل على استقرار
بلادهم . وقال إن " الولايات المتحدة سوف تقوم بدورها . ولكن ليكن مفهوماً أن الأمر
يعود في نهاية المطاف للعراقيين ، في دولة ذات سيادة ، لحل مشاكلهم بأنفسهم ، ولن
نقوم بذلك نيابة عنهم " .
18- ومع ذلك ، يقول أولئك الذين عمِلوا لفترة من الوقت حول السيد أوباما بأنهم سمعوا نبرة إحباط عميق في صوته وهو يتحدث عن احتمال إعادة الانخراط في العراق . تقول جوليان سميث ، مساعدة الأمن القومي السابقة لنائب الرئيس جوزيف بايدن " يُمكنني بسهولة تصور ماذا يدور في عقل الرئيس . لقد وصل إلى مرحلة شعر فيها أن بإمكانه أن يُحرر نفسه من هذه القضايا ، وأن لا يقوم بتحديد سياساته فقط على أساس برنامج أو خطى الرئيس السابق .
كان حريصاً على عدم اعتماد بوش كنقطة مرجعية في قراراته والابتعاد عن ذلك قدر الإمكان ، وأن يتطلع إلى الأمام بشكل أكبر، وأن تكون له استراتيجية خاصة به يعمل بموجبها . كان أوباما قد قطع شوطاً كبيراً وبلغ مرحلة انعطاف في ذلك عندما حدث ما يجري الآن في العراق " . الصحفي بيتر بيكر .
السبت 14-6-2014 .
https://www.facebook.com/you.write.syrianews
حبذا لو كان رابط المصدر موجوداً... حسب معرفتي باصول الترجمة...
الرابط : http://www.nytimes.com/2014/06/14/world/middleeast/obama-finds-he-cant-put-iraq-behind-him.html الملاجظة جميلة وصحيحة تماماً وسوف يتم الأخذ بها في كل الترجمات القادمة التي لم أرسلها بعد ، وألف شكر لكم أخي السيد سام ، ولإسرة تحرير موقع سيريانيوز على رعايتهم الكريمة .