حينما شنّت إسرائيل عدوانها الوحشي على لبنان عام 2006 مُستهدفة حزب الله ، اعتقدنا أن تحريم الدعاء لحزب الله من قبل مشايخ الوهابية يعود لأسباب مذهبية ، ونابعة من تعصب لا يقبله الإسلام ولا يُقرّه ..لا سيما أن الإسلام بالأساس لا يعرف المذاهب ولا الطرق ولا الدروب ،ولا الشوارع ولا الزواريب
وكل هذه كانت بالأساس وليدة صراعات ذات طموحات سلطوية وسياسية ثم تطورت مع الزمن إلى خلافات مذهبية وفقهية ..تتراجع مع الاستقرار والاستتباب السياسي وتنهض مع الخلافات والصراعات السياسية ، وهذا كان شأنها قديما وحاضرا ..
اليوم هناك غزّة ، وليس لبنان ، يعني هناك إسلام لا يبرح آل سعود وآل ثاني وأردوغان العثماني ، يردحون ليل نهار بالتشدق بالغيرة عليه .. ولكن ماذا فعلوا لنصرته ؟.
مشايخ الوهابية وبلسان كبيرهم حرّموا الدعاء للمقاومة في غزّة كما حرّموها لحزب الله ، واعتبروا حتى التظاهر من أجل نصرة غزة نوعا من البدعة .. وآل سعود وبلسان كبيرهم تحدّثوا عن إرهاب الدول ولكن لم يأتوا على ذكر إسرائيل بكلمة واحدة !! وكأن دولتهم واحة من الديمقراطية لا يوجد بها حتى سجن واحد ولا يُحاسَب بها مواطن مهما عبّر عن رأيه المُخالف والمُعارض لهم ، ودولة تسودها الحرية والديمقراطية وكل أربع سنوات تجري انتخابات حرة وتعددية ونزيهة تأتي بوجوه جديدة وتذهب بوجوه قديمة ، ولا يوجد بها سيوف إلا لرقصات الفلكلور الشعبي، ولا سكّين إلا لحاجات المطابخ ، ولا آلة حادة لقطع الرقاب ، ولولا لزوم حلاقة الشباب للذقون ما كان هناك حتى شفرة حلاقة !!.
أما آل ثاني الغيورين على غزة فهم يعيشون تحت حماية ووصاية الأمريكي الذي يحمي ويدعم إسرائيل عدوة غزة، وإن هم تجاوزا حدود الكلام فهم يعلمون قبل غيرهم أنه لن يكون لهم مكان تحت الشمس .
أردوغان ينطبق عليه ما ينطبق على آل ثاني ولكنه يزيدهم بالعنتريات التي ما قتلتْ ذبابة .. ومن يقف صادقا مع غزّة ، فحاجاتها اليوم معروفة : الصاروخ والبندقية والرصاصة ، وليس الربابة القَطَرية ولا الطبل العثماني .. أو على الأقل طرد سفير وسحب سفير وإغلاق مكتب أو سفارة ، وإنزال علَم إسرائيل من سماء انقرة والدوحة ...فلسنا أمام أفراح وإنما أمام أرواح تُزهَق لأطفال ونساء وشيوخ .. غزّة تحتاج إلى صاروخ ( فجر) وليس لأدعية صلاة الفجر ولا العصر ولا العشاء ..
لا نلوم الأمم المتحدّة ، ولا الولايات المتحدة فهذه معروفة بعدائها للعرب ولقضية فلسطين ودعمها اللامحدود لإسرائيل .. فكل ما سقط في غزّة من ضحايا وآلاف الشهداء والمُصابين ، وكل التدمير الذي حصل ، لم يُحرّك شعرة في رأس ( أوباما) بينما أسرُ جندي إسرائيلي من قلب الميدان ، أوقفَ شعر رأسه القصير الأجعد أصلا وصرخ بصوت وصل صداه فورا إلى أنقرة ، مطالبا بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي حالا وبلا قيد ولا شرط لأنه لم يكن يحمل بندقية ولا يُقاتل وإنما كان يحمل قفصا كبيرا مليئا بحمامات السلام البيضاء التي كان يرغب بإطلاقها في سماء غزّة.. طبعا صرخة أردوغان رجع صداها إليه حالا بتأكيد دافيد أوغلو وزير خارجية أردوغان أنه سيبذل قصارى جهده لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي ( المسكين) الذي افتقدته حماماته .. وما زال هناك من يراهن على أولئك المنافقون !!.
وأما رأس الأمم المتحدة فقد ردّد صدى كلام ( أوباما) من طابقه الأخير في المنظمة الدولية وطالب بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي حالا ، بل وزاد عليه ، خشيته أن تؤثّر ( الحرب) في غزة سلبا على السامية في أوروبا .. وحرصا على صحته وقلقه هذا فإننا نُطمئِنه أن لا يخشى من ذلك ..فالسامية في أوروبا مُصانَة جيدا وممنوع تناولها ولو بالقلوب ، وإلا يُتهم الشخص بمعاداة السامية وهذه جريمة تحاسِب عليها كل القوانين الأوروبية.
ورغم كل ذلك هناك من يراهن على أردوغان العثماني وعلى آل ثاني ، ويبني على بعض التصريحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع !! ومن يتابع عشقهم لأردوغان وآل ثاني يعتقد أن أولئك مهووسين بفلسطين أكثر من هوَس روميو بحبيبته جولييت ، بل وأكثر من هوَس فلورنتينو بساحرته فيرمينا في قصة الراحل كبرييل كارسيا ماركيز ( الحب في زمن الكوليرا ) ..
وليس الحب في زمن ( تسيبي ليفني) معشوقة كل المناضلين من المُعجبين بنخوة ( المعتصم) ..الذين لم يبخلوا عليها بالنخوة العربية ولكن ليست للأهداف التي انتخى لها المعتصم ... إني أخالُ اردوغان وتميم في مقدمة جيش جرّار يزحف نحو القدس ويصرخ بصوت هادر مع سميح القاسم : تقدّموا ، تقدّموا .. كل سماء فوقكم جهنم.. وكل أرض تحتكم جهنم.. تقدموا، تقدموا .. يموت تميم وأردوغان ، ويفنى جيشاهما ولا يستسلموا ،، تقدموا ، تقدموا....
أخالهم يصرخون مع سميح القاسم وحمم نيراهم تتطاير فوق المستعمرات والمدن الإسرائيلية كما لو كانت حمم بركان فيزوف الإيطالي أو كراكاتوا وتامبورا الأندونيسي ، أو جبل بيليه في المارتينيك ، أو حمم أشيكون المكسيكي .. أو حمم جزر الهاواي !!
وأما صرخة ( وامعتصماه) والتي تؤكد كثير من كتب التاريخ أنها غير صحيحة ،وتشكك بوقعة عمورية كلها ، وأنه تم اختراعها عبر التاريخ كنوع من حشد الهمم وشحذها ليس إلا ،فهذه الصرخة أطلقها البعض في أفغانستان وفي البوسنة ، وغيرها ، ولكنها ماتت وتلاشت أشلاؤها حينما أطلقها أهل فلسطين منذ 65 عاما ، ويطلقها كل يوم أهل غزة ، ولم تصل إلى مسامع من تحمّسوا لأهل أفغانستان والبوسنة وغيرها ,,
وحينما يتعلق الأمر بفلسطين فهم يصرخون ( وا أمريكاه ) ويستجيرون بها لترد عنهم كيد إسرائيل وإجرامها ، ولكن ( المعتصم ) الأمريكي لا يفهم إلا باللغة العبرية ، وأهل العربية كلهم لا يعنون له إلا بقدر ما يعني له ( بان كيمون) وأممه غير المتحدة .. ولذا لم يكن أمام بني جهل إلا التمثُّل بحكاية زنوبيا ( وهي إحدى الحكايات التي تتحدث عن موتها) حينما أدركت أن عدوها "عمرو بن عدي" قد دخل ليقتلها فما كان منها إلا أن تناولت السم من خاتمها قائلة : " بيدي لا بيد بن عدي " .. فطالما أن الإسرائيليين يقتلون أهل غزة ، فالأوْلَى أن يقوم أبناء جلدتهم بالمهمة ويرتاحون من القضية كلها ،فيغلقون عليهم كل منافذ الحياة حتى يموتون ببطء على مبدأ الموت الرحيم ..!!
هناك من سيتوتر ويقول : وماذا فعل محور
المقاومة لغزة ؟ وهم يعرفون كما كل البشر أن محور المقاومة هو من أدخل الصواريخ
والسلاح إلى غزة ، وهو من أدخل تقنيات تصنيع الأسلحة ، وهو من صبر عل كل شرور
أمريكا ولم يتخلى عن غزة وعمّن يقاوم لأجل غزة وفلسطين ..ولم يغدروا بهم ..وإن كان
هناك من يعتبر موقف محور المقاومة ( مزايدة)
فنقول له : رجاء زايد على طريقتهم وسوف نرفع لك ( العكال والشماخ ) .. أما أن لا تترحموا ولا تسمحوا برحمة الله فهذا قمة الخزي والظلم والإجحاف ... فماذا ستقولون في الآخرة للصدَّيق والفاروق وذو النورين وأسد الله الغالب حينما يسألونكم عن الأقصى الذي أسرى إليه نبيكم من المسجد الحرام وبارك من حوله ؟.
ماذا ستقولون لهم وأنتم تُوئِدون في الحياة حفيدات الزهراء وعائشة والشيماء وخولة بنت الأزور وأم حكيم المخزومية وزينب والخنساء ، وإن حررتموهم من الوأد ترسلوهم لممارسة الدعارة تحت اسم ( الجهاد) وتزيدون غضب الله ونبيه غضبا على غضب !!. سقطتْ ورقة التوت وبانت كل العورات على حقيقتها ولم يعد يسترها كل جلود الجِمال وكل صوف الأغنام والنعاج في كل جزيرة العرب ...شكرا غزّة ....
https://www.facebook.com/you.write.syrianewss
المقال بلا شك جميل ومعبّر