syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
حان وقت حقنة التطعيم ... ولن أخذلكم ثانية !!! ...بقلم : عزمي مخول

لا أزال أذكره جيداً ذلك اليوم المرعب في تاريخي المدرسي، بالرغم من مضي الكثير من السنوات على ذلك

 حينما دخل الممرضون بلباسهم الأبيض المتسخ، ليقوموا بإقفال باب الصف بمجرد دخولهم، مسلحين بتلك الإبر من الحجم الكبير، وبأداة التعقيم الفريدة في ذلك الوقت "بابور الكاز" ورائحته اللعينة ...


وما أن بدأووا بإشعاله، وإحماء الأبر الطبية عليه، حتى بدأ الرعب يدب في قلوبنا نحن أطفال الصف الرابع الإبتدائي، عندها قاموا بصفنا بالدور، وطلبوا منا أن نخلع المريول المدرسي ونكشف عن ذراعنا حتى الكتف لتلقي إبرة التطعيم ...

لا أزال أذكر شعوري في ذلك الحين، فقد كنا كمن يقاد إلى حتفه.

وكان كل منا يحاول أن يكون أخيراً في ذلك الصف اللعين، بإنتظار معجزة تحل علينا بعد أن سدت الأبواب في وجوهنا

 يا الله ما لنا غيرك يا الله

 وهاهي المعجزة تحل أخيراً !!!

ولكنها تحققت بالنسبة لي فقط، في صوت المدرس (وهو أحد أقربائي) يدعوني للخروج من الصف طالباً مني أن أخبر والدي أن يقوم بأخذي إلى مديرية صحة حمص ليقوموا بفحصي أولاً وقبل تطعيمي

 لم أفهم ما يجري ففرحتي بخروجي من المسلخ أقصد "الصف" لا تقدر، متناسياً نظرة الرعب في أعين أصدقاء وزملاء تركتهم يواجهون قدرهم.

لم أفهم تلك النظرة التي طالتني من أصدقائي وزملائي في الصف بعد خروجهم من الجحيم

 ما فهمته فيما بعد، أن المدرس وخوفاً عليّ من أن أكون مصاباً بمرض قد يفاقمه أخذ ذلك الطعم. تلك الحالة التي أصابت أخي الأكبر بمرض السل سابقاً ليشفى منه لاحقاً وبعد معاناة طويلة. تلك الحالة التي أنقذتني مؤقتاً من جحيم أخذ الطعم في المدرسة على نار ساخنة، لأخذه لاحقاً في مديرية الصحة بعد فحصي على نار باردة.

 ما يعنيني من تلك الحادثة التي لا زلت أذكرها جيداً، تلك النظرة التي لم أفهمها من أصدقائي وزملائي في حينها، وفهمتها بعد أن كبرت

إنه: (الشعور بالخذلان والتخلي) !!!
 

عشته سابقاً ولن أعيشه الآن ...

وسنواجه قدر شعبنا المرعب سوية بعد أن سدت أبواب العالم في وجوهنا.

فقد حان وقت التطعيم ثانية، وفي التطعيم صحة     !!!

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-09-17
التعليقات