syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
نظارة البخيل ... بقلم : وحيد كامل

أي تفكير هذا الذي يعتقد به البخيل ! و أية فلسفة هذه التي يؤمن بها ! يقال بأن الكرم يغطي كل عيب ، و البخل من أكبر العيوب . ويقال أيضاً أن البخيل يشقى و يجمع المال لغيره ليسرف و يبذر ماله بعد موته ، لأن غيره لم يتعب بجمع هذا المال ،أو لأن البخيل الذي أورثه حرمه أثناء حياته، فيستبيح كل ما كان محظوراً لديه من مصاريف و مشتريات .


لكن الغريب أن يقوم البخيل بحرمان نفسه ، بل و أقرب الناس إليه من أهم لوازم وضرورات الحياة ، مثل الغذاء و الدواء و الكساء ، رغم أنه يملك المال الوفير .


وفي بعض الأحيان يتصرف البخيل تصرفات تكاد تكون ضرباً من الخيال ونادرة الحدوث ، وهذا ما حدث مع الأستاذ كمال :

فالأستاذ كمال لم يفكر بالزواج رغم أن عمره جاوز الأربعين عاماً، علماً بأن حالته المادية ممتازة ، ودخله الشهري مرتفع جداً ، وليست لديه أية عوائق صحية ، لكنه لا يمكن أن يتحمل أن ينفق من ماله شيئاً ، حتى و إن كان في سبيل الزواج و الإستقرار ، فهو بخيل إلى حد كبير ، وهدفه الوحيد في الحياة هو زيادة ثروته.

أخيراً و بعد إلحاح شديد أقنعه أهله بالزواج ، و اختاروا له العروسة ، وتم تحديد موعد الزيارة العائلية.


أم كمال ، تلك المرأة الأمية ، الطيبة ، البسيطة ، تعاني من قصر نظر شديد ، وليس لديها نظارة طبية ، فهي لن تستطيع أن ترى خطيبة ابنها المفترضة بوضوح لتبدي رأيها فيها. و كمال لديه مد نظر شديد، لكنه يرتدي نظارة طبية ، فليس لديه أية مشكلة في الرؤية.

اقترحت أم كمال على ولدها العريس أن يفحصها طبياً و أن يشتري لها نظارة طبية فرفض ذلك كي لا يدفع التكاليف .

وفي يوم الزيارة اقترح كمال على والدته أن تلبس نظارته الطبية ، لترى الخطيبة و أهلها.

عند مدخل بيت العروس أعطى كمال نظارته لأمه ، فشعرت أم كمال أن نظرها ازداد سوءاً ، وكادت أن تنعدم الرؤية لديها ، إضافة إلى صداع داهمها فوراً لدى ارتداء نظارة ولدها. أخبرت ولدها بذلك ، فأجابها بأنها سوف تتأقلم بعد قليل، وسيصبح كل شيء على ما يرام ، فالمسألة مسألة دقائق فقط.


كان منظر الأم غريباً و هي تضع نظارة لا تتناسب مع وجهها من حيث الشكل، كما أن الصداع ازداد لديها بسبب عدم ملاءمتها طبياً. وكان من الصعب أن تخلع النظارة ، بحضور العروس و أهلها، رغم أنها لا تميز الأشخاص و لا حتى الأشياء أمامها ، لذلك بدأت تشغل نفسها بأن تتناول بعضاً من الفواكه الموجودة أمامها ، لكنها بدلا من تضع يدها في صحن الفواكه ، كانت تضعها في صحن القشور والبذور ، وعندما حاولت أن تأخذ كوب الماء ، صدمته بيدها فوقع على الأرض مما زادها إحراجاً وحيرة.

بدأ الغمز و اللمز عند العروس و أهلها عندما شعروا بأن الأمر غير طبيعي ، فالعريس لا يستطيع التركيز ، وأمه تضع نظارة على وجهها جعل منظرها يشبه صورة كاريكاتورية. وبصعوبة استطاعوا أن يخفوا الضحكات و استعاضوا عنها بابتسامات تخفي وراءها إشارات تعجب و استفهام.

أما صاحبنا كمال هو أيضاً اصبحت الرؤية لديه شبه معدومة لعدم ارتدائه نظارته، ولم يستطع التمييز بين عروسته وخالتها.

و انتهت الزيارة ، وعندما أصبح الجميع خارج منزل الخطيبة فسخت أم كمال الخطبة قبل أن تتم نتيجة لحنقها الشديد وغضبها من ابنها. و أقسمت أن لا تعود ثانية إلى هذا المنزل ، و أن لا تخطب لابنها قبل أن ترتدي نظارة نسائية طبية تليق بوجهها و ببصرها ، فانشرح صدر الأستاذ كمال لهذه النتيجة الموفقة.



https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-10-04
التعليقات