تخيم على تركيا هذه الأيام أجواء غير عادية مشحونة برائحة الحرب والبارود، لكنها ليست الحرب المعتادة مع المسلحين من حزب العمال الكردستاني وإنما أجواء إحتمال وقوع حرب مع الجارتين سورية وإيران اللتان كانتا أقرب الدول الصديقة لحكومة أردوغان
وقد لا يمر يوم دون أن تتصدر الصحف التركية
أنباء وصور عن إحتمال وقوع هذه الحرب، وخاصة بعد أن قررت دخول الحرب المعلنة في
الظاهر ضد تنظيم داعش بتفويض برلماني يستهدف على وجه الخصوص حماية المعارضة
السورية وفي الوقت نفسه ضرب المتمردين الأكراد في الشمال السوري، بعدما بات
واضحاً أن عملية إبتزاز كبيرة تجريها أنقرة، التي باتت رعايتها لداعش مفضوحة،
من أجل التخلي عن الوحش الذي أوجدته بالتنسيق مع الإستخبارات الأميركية، والثمن
طبعاً تعهد أميركي بعدم التخلي عن محاولة إسقاط الرئيس الأسد، وإقامة منطقة
عازلة في سورية.
من جديد تعود تركيا إلى نغمة إقامة المناطق العازلة مع سورية، وهي التي دأب
الرئيس التركي أردوغان على الترويج لها والتهديد بها منذ بدء الأزمة السورية،
ومع بدء التحالف الغربي الذي تتزعّمه واشنطن وتزعم أنه يهدف إلى محاربة داعش
وغيره من التنظيمات الإرهابية، عاد أردوغان إلى طرح إمكانية إقامة تلك المناطق
العازلة في سورية، واليوم ترحب أمريكا وحلفاؤها بتصويت البرلمان التركي لصالح
تمكين الجيش المحلي من التدخل عسكرياً لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في كل من
سورية والعراق، وإعطاء الضوء الأخضر للجيش للقيام بعملية عسكرية في الأراضي
السورية والعراقية، والذي يجيز لها نشر قوات أجنبية على الأراضي التركية
للمشاركة في تلك العملية، فيما إعتبرت إيران أن أي تدخل عسكري تركي سيزيد
الأوضاع القائمة في سورية والعراق تعقيداً وحرباً ستشمل المنطقة بأكملها.
في سياق متصل إن حديث تركيا عن المناطق العازلة يستكمل مسيرة إنخراطها في الحرب
على سورية، كأكثر دولة تورطت في الأحداث السورية عبر إيواء وتدريب وتسليح
وتمويل ودفع المجموعات الإرهابية إلى الداخل السوري إنطلاقاً من البوابات
الحكومية التركية الرسمية، ومشاركتها بصورة فاعلة ومباشرة عبر ضباط أتراك في
الهجوم على مواقع الجيش السوري، وبالتالي هي جزء من الحرب التي تشنّ على سورية،
وبالمقابل فإن تركيا لا تخفي إنخراطها في الحرب على سورية بل تتباهى بما تقوم
به، ومن هذا المنطلق يسعى أردوغان الى تحقيق عدة مكاسب منها قضم مناطق من العمق
الجغرافي السوري على طول الحدود التي تمتد من عين ديوار على الحدود السورية –
العراقية وصولاً إلى كسب على شاطئ البحر المتوسط
كما يرغب أردوغان في السيطرة على التجمعات
الكردية التي يعتبرها مأوى لحزب العمال الكردستاني في الداخل السوري والأحزاب
الكردية الناشئة في سورية كحزب الإتحاد الديمقراطي، كما أنه يريد تصدير الأزمة
الكردية إلى الخارج التركي أي إلى سورية عبر خلق حالة عداء بين الأكراد وتنظيم
داعش، فضلاً عن رغبته في تحويل الحرب إلى حرب كردية في وجه الإرهاب بما ينقل الصراع
من الداخل التركي إلى سورية، أما الهدف الأساسي من تقديم تركيا الدعم لدولة الخلافة
في هجومها على عين العرب هو الضغط على هذه القوات حتى تصل إلى مرحلة تطلب فيها
المساعدة من تركيا وعندها ستظهر تركيا وكأنها تنقذ الأكراد، وبذلك سيكون مبرّراً
أكثر فرض حالة شريط حدودي ومنطقة حظر جوي شمال سورية، بمعنى أن الرئيس التركي يحاول
أن يلعب على ملف الأكراد عن طريق محاولته تقديم المساعدة في ملف الأكراد في سورية،
وأعتقد هنا أن دول الإقليم لن تسمح له بإقامة مناطق عازلة كون أنّ إيران ستكون
صاحبة الكلمة الأقوى خاصة أن إيران هي من الدول التي تحتوي على عدد كبير من الأكراد
الطامحين إلى إقامة دولة مستقلة.
بالتالي كشفت تركيا عن وجهها التآمري على المستوى السياسي والمذهبي بأمر أميركي،
فتدخلت في العراق مطالبة بحقوق "أهل السنة"، ودعمت العمل المسلح في سورية إنطلاقاً
من قاعدة مذهبية ضد العلويين، والإستعانة بإمكانياتها للعمل ضد النظام في سورية،
والإنفصال عن إيران بتحريض مذهبي، ومن هذا المنطلق فإن العلاقة الإيرانية - التركية
تسير على حافة الهاوية، ويعمل الحلف الأميركي والإسرائيلي لإيقاع الصدام بينهما
لتحقيق تدمير قوة الإسلام السياسي بجناحيه "السني والشيعي"، في تكرار للحرب
الإيرانية - العراقية والغزو العراقي للكويت، فضلاً عن إشعال الفتنة المذهبية بين
"السنة والشيعة"، والتي تمثل آخر حلقات الحرب الأميركية.
وهنا يمكنني القول إن إرهاصات التوتر التركي - الإيراني بدأت بالظهور من النافذة
السورية، مع حرص الطرفين على تفادي الصدام حفاظاً على مصلحة الطرفين، لكن إن تجاوز
الأتراك التدخل السياسي والدعم العسكري والمذهبي واللوجيستي والمادي للمسلحين،
فسيبادر الإيرانيون إلى تطبيق معاهدة الدفاع المشترك مع سورية، وضرب الجيش التركي،
العضو في حلف الناتو، الذي ستُفتح له الأبواب للتدخل الخارجي خارج إطار مجلس الأمن
بحجة مساعدة تركيا، وهذا ما سيشعل النار في كل المنطقة، لأن سقوط سورية هو الخطوة
الأولى لإسقاط العراق، ثم إسقاط إيران، وصولاً إلى إسقاط روسيا والصين
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل أميركا
وحلفاؤها وخاصة تركيا جاهزون لهذه الحرب الشاملة؟ في الحقيقة إن الوقائع
والإمكانيات تؤكد عجزهم عن ذلك، فهم في مرحلة الضعف العسكري والأزمة المادية، ولذا
فإن تركيا ستدفع ثمن تهورها وإندفاعها المشبوه في سورية، وستلحق بها بعض الدول
الخليجية، فأول الإنذارات الإيرانية لتركيا بأن لا يقوم الجيش التركي بعمليات
عسكرية داخل التراب السوري، لأن ذلك سيجر إلى حرب بين البلدين، من شأنها أن تتوسع
لتصبح إقليمية وسمعنا أن المرشد الأعلى أعطى إيعازات للحرس الجمهوري بأن لا يبقى
مكتوف الأيدي ، ويتبع هذا بأن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي في حال إندلعت حرب شاملة
ضد سورية كونها الحليف الرئيسي للنظام السوري.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إنّ هدف أمريكيا المعلن هو ضرب الإرهاب ولكن يبقى
السؤال: من يضمن جدية الولايات المتحدة في ضرب الإرهاب؟ وهي التي ذهبت إلى
أفغانستان بهدف ضرب طالبان والقاعدة، وقد مضى على دخولها ثلاثة عشر عاماً، فهل نفذت
ما أعلنت عنه؟ كما أنها قامت بغزو العراق بحجّة وجود أسلحة الدمار الشامل، ولم تخرج
إلا تحت ضربات المقاومة العراقية
فأين هي أسلحة الدمار الشامل والديمقراطية المزعومة، وبالتالي إن الخطة التي يقال إنّ مدتها ثلاث سنوات لن تنتهي في ثلاث سنوات لأنّ المسألة ليست بنية عسكرية فقط بل هناك بنية فكرية تنتج مزيداً من الإرهابيين، وبالتالي نصبح أمام حرب مفتوحة قد تمتد لسنوات طويلة تشمل المنطقة بأكملها لن يكون الخاسر فيها سوى سورية.
خيام محمد الزعبي-صحفي وكاتب أكاديمي في العلوم السياسية
https://www.facebook.com/you.write.syrianews
زوال ايران قلتلي بس شو رأيك بتصريح اليوم اللي صدر من ايران سقوط النظام السوري سيعرض أمن إسرائيل للخطر شو بينفهم منو حبيب على مين عم تضحك مفكر الشعب السوري اهبل لها الدرجة