كأن الإرهاب لديه مشكلة مع الأمن القومي السوري فمن قبل حاولوا واهمين العبث بالخريطة الجغرافية بالوطن وتنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني، واليوم حاولوا أيضاً العبث بأخطر قضايا الأمن القومي الداخلي وهو التعليم فأرهبوا وروعوا محاولين بكل قوة فرملة تدفق العلم الى تلاميذ وطلاب سورية وأعتدوا على الأساتذة وأشعلوا النيران في المراكز والمؤسسات التعليمية وخطفوا الطلاب وإغتالوا الكفاءات العلمية، برغم ذلك إستمرت وزارة التربية بمتابعة تنفيذ خططها التربوية لمواجهة الأزمة من خلال إيلاء قطاعاتها كل الإهتمام والرعاية والتطلع نحو المستقبل المشرق لتحقيق أهدافها المرسومة.
تلعب وزارة التربية دوراً هاماً في بناء منهج
التواصل الحضاري وخلق روح المواطنة إبتداءاً من الصف الأول الإبتدائي وحتى نيل أعلى
الشهادات، هذا التواصل الذي أدت فيه الوزارة دوراً كبيراً في جعل الإنسان الرأسمال
الحقيقي في البناء البشري والتنموي، لذلك فإن سعي الوزارة في خضم المتغيرات الجديدة
هو سعي جاد وحقيقي وتحاول في كافة كوادرها إبتداءاً من الوزير وإنتهاءاً بالمعلم
والكوادر الإدارية ان تنفذ خطة تربوية علمية وممنهجة من أجل إيصال فكرة الرؤية
والبناء وتحصين الحياة من طوارئ الثقافات الهجينة وتأثيرات بعض سلبيات العولمة
والإستفادة من إيجابياتها .
الذي يحدث اليوم فى وزارة التربية من حركة مستمرة تستهدف فى المقام الأول إعادة هذه
الوزارة المهمة إلى سابق عهدها بإعتبارها مكاناً للتعليم وللتربية أيضاً، هو أمر لم
يأت من فراغ وإنما جاء تجسيداً حقيقياً لفكر ورؤى وإستراتيجيات وضعها وزير التربية
الدكتور هزوان الوز، وعلى الرغم من المشاكل والأزمات التى تحيط بالعملية التعليمية
من كل الإتجاهات، إلا أنه تولى المسؤولية فى وقت دقيق حاملأ معه أكثر من خطة
للتطوير والإرتقاء بالعملية التعليمية، في هذا الإطار فإن الرهان على إصلاح منظومة
التربية والتكوين هو رهان على إصلاح الدولة والمجتمع
وبالتالي، هو رهان يهم الجميع لأن الإصلاح من هذا القبيل، وبهذا العمق الإستراتيجي، يمكن أن يرهن مستقبل بلد بكامله، ويمس في العمق بناء شخصية المواطن السوري، ومن هذا المنطلق وجب التأكيد أن إصلاح منظومة التربية والتكوين ليس إصلاحا لقطاع معزول عن البناء الإجتماعي العام، وإنما هو إصلاح لقطاع يتفاعل بنيوياً ووظيفياً مع باقي القطاعات المختلفة، والمجتمعات التي صعدت سلم الرقي والتحضّر، قد أخذت على عاتقها ان يكون نظامها التربوي هو السبيل الى تحقيق أهدافها المنشودة، ولا شك ان القوى البشرية المدربة والمؤهلة هي نتاج النظام التربوي وهي مخرجاته
ونحن في سورية وجدنا أن أفضل إستثمار يكمن في
الإنسان، وقد قدم نظامنا التربوي دوراً مهماً في التنمية، لإيماننا إن التربية
والتنمية حالتان متلازمتان، وقد قطعنا شوطاً كبيراً على طريق التعليم الكمي، فحققنا
مقعداً لكل طفل في سن القيد والقبول، وعممنا التعليم الأساسي وجعلنا من الأمية في
حدودها الدنيا، وأزلنا التفاوت بين الجنسين، بمعنى إن سورية أكدت إلتزاماتها
الدولية وبذلك تمكنت من تحقيق اهداف التعليم للجميع في وقت مبكر، بفضل السياسة
الحكيمة لقيادة بلدنا العزيز، والتي أولت التعليم مركز الصدارة ضمن أولويات العمل
التنموي، لذلك كانت صورة سورية في جميع التقارير الصادر عن اليونسكو ناصعة ومشرفة،
حيث صنفت بشكل مستمر من بين الدول ذات الأداء العالي في تحقيق تلك الأهداف.
ما نراه من الإسراع في عملية بناء وترميم المدارس وتوفير الكادر التدريسي والتنسيق
مع المحافظات للنهوض بالواقع التربوي، والإهتمام بالنازحين وتسهيل أمورهم، والبدء
بإنجاز مشروع التعليم الإلكتروني، تدل دلالة واضحة على أن الوزارة تعمل على
الإستمرار في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتطوير العملية التربوية في سورية بعد أن
تمت إعادة النظر في مفردات المناهج لمختلف المواد الدراسية ومختلف المراحل للعمل
على تحسين جودة النظام التربوي بمدخلاته وعملياته للوصول إلى مخرجات تواكب معطيات
العصر ومتطلباته والتنمية الوطنية المستدامة، بما يحقق مستقبلاً أفضل للدولة
السورية، إضافة إلى أن الوزارة أقامت دورات مكثفة صيفية بالتعاون مع اليونيسيف،
وعملت على إعداد وتأليف المنهاج المكثف للفئة (ب) بحيث يستطيع المتعلم إنجاز صفين
في عام واحد في مرحلة التعليم الأساسي
كما إن خطة الوزارة خلال العام الحالي شملت
التركيز على نتائج التعلم والتعليم وتعمل على ضمان جودة التعلم بحلول عام 2030)م)
الذي يهدف الى ضمان التعليم الجيد الشامل والمنصف، وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة
للجميع، وفي إطار العملية التطويرية التي تجري على المناهج تم إدخال مادة اللغة
الروسية في المناهج التعليمية لتوسيع مصادر المعرفة وتنوعها لدى التلاميذ والطلاب،
وهي بالتالي تنتج التعرف على ثقافة وحضارة جمهورية روسيا الإتحادية.
ورغم إنتظام العملية التربوية إلا أن هناك مدارس بقيت مغلقة أو طالها التدمير
والتخريب بفعل العمليات الإجرامية للمجموعات الإرهابية المسلحة وعلى الرغم من
الخسائر التي تعرض لها هذا القطاع بخروج ما يقارب خمسة آلاف مدرسة من الخدمة، ومع
كل هذه الأضرار في البنية التحتية لا تزال (17486) مدرسة تقوم بخدماتها التعليمية
يستفيد منها (4.246.138) متعلماً، بالمقابل ترفض الوزارة أن تقف مكتوفة اليدين
متحدية الإرهاب والدمار إذ بادرت بتحديد موعد الإمتحانات النهائية للصفوف
الإنتقالية ولشهادة التعليم الأساسي والشرعي مؤكدة إلتزامها بإمتحان الثانوية
العامة في وقت أظهر الكادر الإداري والتدريسي شجاعة واضحة والتزاماً تجاه سير
العملية التربوية، وإنطلاقاً من ذلك فإن وزارة التربية التي قبلت التحدي كسبت
الرهان وإستحق كادرها التدريسي والإداري باقات من الورود لكل جهد يبذل للإرتقاء
بطلابنا وتحصين شخصيتهم الوطنية وإنتمائهم القومي.
مجملاً... إن الطموح يقودنا الى جعل هذه الوزارة الصرح الذي يعول عليه جميع
السوريين من أجل بناء الحياة المتمناة، فوزارة التربية تحاول اليوم ان تتطور وأن
تقود الآفاق الطموحة من خلال جهد الوزير وجميع كوادر الوزارة ومديرياتها العامة،
وبذلك فإن الوزارة تؤدي دورها بأمانة وحرص لجعل التربية الرافد الحقيقي لتطوير
الحياة في كافة نواحيها
وأخيراً أختم مقالي بالقول أن سورية سوف تظل
متمسكة بوحدتها وستبقى شامخة بكرامتها، صلبة بعزيمتها، زاخرة بعطائها، هؤلاء
العاملين في وزارة التربية اليوم مجتمعين على قلب رجل واحد ليؤكدوا حرصهم على أن
ينقلوا للعالم رسالة واضحة بأن هذا البلد الكريم هو بلد المحبة والسلام والوئام ...
قاعدة للبناء والعطاء ... ومنبعاً للقيم والأصالة، وأن التعليم في مدارسنا يعبر عن
الصمود السوري والمسيرة التعليمية مسيرة مقاومة بسعيها المتواصل في بناء الشخصية
السورية والإنسان السوري الصامد على أرضه المدافع عنها بغض النظر عن الثمن.
مدير مكتب صحيفة العالم الجديد بدمشق
https://www.facebook.com/you.write.syrianews