syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
الخيط و الإبرة ... وضعف البصر والبصيرة ... بقلم : عزمي مخول

صادفتها على باب شقتها, وهي تضع نظاراتها الطبية, و تحاول أن تدخل الخيط في ثقب الأبرة, مستعينة بضوء أشعة الشمس المتسللة من سقف بيت الدرج. عرضت عليها المساعدة, وأنا في طريقي إلى سطح الشقة. ولكن جارتنا أم ميخائيل السبعينية النازحة من منطقة القصير والتي تسكن شقة أبنها المقابلة لنا في الطابق ذاته, وبما عرف عنها من صبر وعناد ورفض لأي تدخل خارجي في قضية داخلية, رفضت عرض المساعدة.


قدرت عاليا موقفها المبدئي, وشكرت الله كثيرا على أنها لم تقبل عرضي بالمساعدة, خوفاً من الأحراج الذي كنت سأتعرض في حال فشلي في أداء مهمة باتت صعبة حتى لمن هم مثل عمري,وقد تجاوزت الخمسين.
 


وتابعت طريقي وأكملت سقاية نباتات وشجّرتي حديقة السطح, والتي أصبح عمرهما من عمر الأزمة السورية, وحين زرعتهما كنت أقول لنفسي: أن تزرع شجرة خير من أن تعلن (الطليان). والتي لازلت أذكر تعليق أحد أصدقائي عند زراعتهما بقوله: سيصبح جذع الشجرة بعرض نصف متر قبل أن تنتهي هذه الأزمة. ومن يومها وأنا أسقيهما بشكل يومي علّ جزعهما يصل إلى ذلك البعد في أقصر مدة ممكنة !
 

 

وفي طريق عودتي إلى شقتي, وبعد أن أكملت مهمتي في السقاية, فاجأتني أم ميخائيل بأنها لازالت تحاول وبدون كلل أو ملل إدخال ذلك الخيط اللعين في تلك الأبرة. ولكنني أدركت أن شيئا ما قد تغيرفي نظراتها التي قد بدأ يتسلل اليأس إليهما, بعد أن كان يملؤهما الأمل والتفاؤل ...
 


تسللت إلى شقتي, بدون أن أتكلم, لأنني أحسست عندها بأن أي كلمة ستجرح مشاعرها. ولأنني أعرف أن عرضي بالمساعدة غير حقيقي !!!
 

 

لا أعرف ماذا حصل بعدها, ولكن أم ميخائيل مشهورة بصبرها وعنادها في الحي الذي نقطن فيه, ولن تستسلم بسهولة, وخوفي إن إضطرت للإستسلام مرغمة, أن تمزق ذلك الثوب الذي كانت تنوي أن تخطيه بتلك الأبرة والخيط !!!

لعن الله ضعف البصر والبصيرة الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه ...



https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2015-03-25
التعليقات