وحيدة كانت تقف بآبه الملوك وفي صدرها الكثير الكثير من الحزن واليأس وفي طبقات صوتها هدير موج ونغم عصفور ذبيح..وفي أحداقها تتربع الملائكة تحت أغلفة الدمع (والغصات)
ما هي القدرة التي تعطي الإنسان هذا القدر من التحمل على إحتواء التناقضات؟
وكيف للقدر أن يعبث بمصائرنا؟ أو هكذا الإنسان محكوم بقدرة ما تحركه بالرغم من أنه آله صغير فوق هذه الأرض!!
هي الآن واقفة مقابل ذلك الشباك الذي يفصل بينها وبين روحها(أمها) فاصل زجاجي شفاف لكنة يشبه الليل البهيم ويمتد كالغربة والوجع الذي يملأ أحداقها , وعلى ذلك الرف الذي به الزجاج كتب دين كثيرة ومتنوعة مليئة بالأدعية تكثر هنا الصلوات والابتهالات لشيء خفي..
أمسكت الكتب لكنها ما لبثت ان رفعت يدها عنهم كممسوس.. هل تستطيع تلك الكتب والصلوات أن تشفي مريضا واحد؟
كنت اقف قريبا منها بكل انكساراتي ..وانظر لأحداقها المتقدة التي تنعكس على لوح الزجاج مثل أشكال الملائكة..لحظات مليئة برائحة الموت .والروح كانت تتخبط كفتاة مغتصبة لم تعي هول الكارثة كل ما لديها البكاء والنحيب..
اصوات كثيرة لجة لا حدود لها كانت الناس من خلال الضجة والموت والحزن تبحث عن فرحة ما أو شكلا للفرح بين أكوام الحزن التي تملأ ذلك الممر..وهي ما زالت مستندة للحائط واحداقها تشبة النهاية او الموت وهي تنظر لتلك الأم الممددة على ذلك السرير الأبيض وعيناها مغلقتان تماما لكنهما مليئتان بالحياة..
وفوقها غطاء ابيض.كأنها الرب في ذروة تجليه... كان الصمت والسكون سيدان الموقف لكن نبض الام الرب كان يحارب الصمت وقليلا من الرعشات
كثيرة الآن الأسئلة!والقلب يعصرة الحزن كمن يعتصر اسفنجة مبللة...
لكن الأمل عندما يتولد من خضم اليأس والوجع تتشكل الارادة. والإرادة اقوى من كل شيء...صمت مطبق مغلف بإنتظار مضن وترقب.
فجأة فتح الرب عيناه كأنة يخلق كائن ما كأن الله ينذر بالقيامة!كنت آرى ذلك المشهد من خلال أحداق تلك الفتاة!المنعكسة على لوح الزجاج وبحركة مسرحية رمت الكتب التي فوق الرف!
كنت واقفا خلفها مثل ذلك العمود المزخرف وكنت أأخذ الاخبار من احداقها..لكنني فارغ اخرق كهذه اللحظات مليئا بالغربة والقذارة تماما كمستنقع!..
إن الفرحة مثل الكون تأتي بغموض وترحل ... خرج الطبيب من الغرفة رآيتة يبحث عن شيء ما فأرشدتهّ..
حادثها وطمأن لحظات صبرها بالفرج... لكني وبشكل فجائي رآيتها تسقط على الآرض!..
ركضت نحوها مسرعا كانت عيناها مغمضتان لكن بريق الأحداق مازال حيا لا ينطفئ... أيقظتها فتحت عيناها قليلا ومن خلال شكل الأحداق عرفت كل شيء...
تركتها بعد أن إستعادت قواها ورحت أمشي في ذلك الممر الضيق كأحلامي.. ضربت الجدار بيدي بقوة حتى شعرت بشيء ما يتقد في داخلي ... توقفت وصرخت بصوت مرتفع له دوي الرصاص.... نحن من يصنع الحياة...نحن من يصنع الحياة....