كثيرة هي الأمنيات وكثيرة الآمال.لكن تبقى طريق الوصول شاقة أحيانا والمسافات متعبة.حتى وإن كانت من خلال الحلم..
هو الوطن تلك القدرة الإلهية الخارقة التي لا تمل التقمص والجاذبية لتبقي الروح والذاكرة دائما في هياج وصراع.
ما هو الإنتماء ؟
هل هو لعنة أزلية لا يمكن الفرار منها؟أو الإستغناء عنها تماما كالماء والهواء للجسد.
من خضم تجربتي ووقوفي على حد الموت والهذيان فوق مفترق يفصل بين السقوط في مستنقع الإنسلاخ والهجر وبين عشق خالص مطلق وأبدي لوطن وإن كان من صنع الذاكرة.. في الأساطير الهندية قيل أن الإنسان من جبروته و تسلطه أحضر له سيفا وشقه نصفين.لماذا؟
لكي يضعف!
لكن في أسطورتي مع الوطن عندما تم الإنقسام بت أقوى وكذلك نصفي الثاني (الوطن)
هذا هو الوطن العذب الذي أعشق الإنتماء إليه وطن رقراق كماء النهر وطن يدوس هامات الصخور ليعبر جارفا كل القذارات هادرا لا يهدأ ولا يتوقف.. هذا هو الوطن المعتز بفحولته كغزال فحل يحيى في غابة مليئة بأكلة اللحوم والوحوش..وما يزال حيا!!
لأنة الأقوى والأبها والأجمل..
هذا هو الوطن المليء بالحكايا والصبايا والمفارق ورجولة الفجر على ساعدي فلاح.. وصفاء الغروب وموج البحر في عيني أم آرقها الإنتظار..
هذا هو الوطن الشهم المقاتل الذي لا يمل الزناد..كم جميل عناق السبابة والزناد في حرب الكرامة والتحرير لا يوجد في عناقات العشق مثيل له...
هذا هو الوطن الصديق الوفي الذي لا يشي أو يخون مهما طالت جلسات التعذيب في سراديب القهر الممتدة من البحر إلى البحر...
هذا هو الوطن الذي كلما تعتق في خوابي الروح زاد طيبا وزاد القلب حنينا وشو قا..
هذا هو الوطن الذي عيناه دوما غارقتان بالحزن والدمع كيتيم يبحث عن حنان بين ذراعي أمرآة لا يعرفها لكنه موقنا أن سيراها ذات يوم..
هذا هو الوطن المصلوب في جوازات السفر والحقائب في طرقات القتل والإغتراب..لكنه حي ..والحقيبة ايضا وطنا جميل..
هذا هو الوطن الأخضر كالبيادر والسنابل وعيني طفلة كنت أعشقها في مساء لم أعد أ ذكر لونه..
لست ممن ينتمون للسريالية.. لكن هذا هو الوطن الذي يسكنني وأسكنه ونسكن معا في أزقة المنفى وليال القهر والبرد والجوع..
ومازلنا نحلم فوق الأرصفة أن نلتقي يوما على تخوم الموت والنسيان..." (...)
( صار الوطن غربه وصار السفر دار ) مشكور على الكلام الجميل