أخوتي وأخواتي الأعزاء : إنّ السؤال المطروحْ والذي يُفترض بإجابته أن نبوحْ :
لمَ عندما تصدح كلمة ضريبة في الأجواءْ ينفر بعضنا منها ويشعر كأنه حلّ عليه البلاءْ ؟
هل لأنها تشكّل له إيذاناً بالدفعْ والذي يتعارض مع مبدأ الكنز عنده والجمعْ ؟
أم لأنها اشتقت لغةً من فعل الضربْ الملازم لوقوع الزلازل والعواصف ومدافع الحربْ ؟
ولماذا تحمل كل هذا الأثرْ في نفوس العامة من البشرْ ؟
بدايةً لكي نتمكن لما سبق من الإجابة لا بد لنا من الرجوع إلى العصور القديمة والإنابة :
لم يكن مفهوم الضريبة في التجمعات البشرية البدائية متبلوراً كما هو اليوم لأن الحياة كانت قبلية ورعوية والضريبة كانت بطابعها عينية مؤلفة من الحيوانات الأليفة المفيدة والمحاصيل الزراعية الفريدة , يقدمها كل فرد لزعيم العشيرة مقابل حمايته لها ولأماكن الرعي من الهجمات الخطيرة .
ثم تطور هذا المفهومْ مع اتحاد القبائل بالعمومْ تحت لواء إمبراطوريات وأممْ تسعى للسيطرة ولفرض نفسها في أعالي القممْ , لتأخذ الضريبة طابعاً ماديا ( ذهب فضة ) والذي لم يكُن من قبل أمراً عاديا .
وفي العصر الحديث الذي تمثّل بظهور الطاقة والصناعة والعمران ومكننة الزراعة , انتهت الضريبة العينية وصارت فقط مادية تعتمد على ( نسبة محددة ) سنوية أو شهرية يتوجب على الفرد المكلف دفعها للحكومة بشكل أوراق مالية مقابل حصول الفرد على تأمينات اجتماعية وتطوير ما يلزم من المؤسسات والبُنى التحتية .
وقد أخذت الضريبة في وقتنا الحاضرْ أشكالاً عدة منها خفي ومنها ظاهرْ :
فالظاهرة كضريبة الدخل المقطوعْ وضريبة الأرباح والبيوعْ , وضريبة الإنفاق الاستهلاكي والخدماتْ والجمارك و و المسقّفاتْ , حتى صارت الضرائب في بعض البلدانْ تُفرض على كل شيء بل ومكانْ : كعبورك طريق فوق نهرْ أو اجتيازك لنفق أو جسرْ , وسلوكك لطريق وسط المدينة أو قطعك لمضيق في سفينة , ودخولك لأحد المواقع الأثرية او تناولك لبعض المشروبات " الغازية " , حتى عملية دخول المرء لأحد المرافق لقضاء " حاجة " صار لدفع رسم عليها محتاجا .
أما الضرائب الخفية والباطنة والتي تبقى في جسم الإنسان كامنة وتُعد الأخطر لأنها غير آمنة , فأنت عندما تقطن في أية مدينة يتوجب عليك دفع ضرائب غير مباشرة وثمينة :
- نفسية : فمن خلال وجودك في جو متواصل من الضغط والتعبْ فستصاب بالأمراض العصبية والنفسية وتشعر بالنصَبْ ( كالفصام والاكتئابْ والهستريا والعُصابْ ) ذلك لأن متطلبات الحياة صارت كثيرة وأنت في سبيل تأمينها ستقع بالعجز والحيرة .
- مهنية : فمن خلال عملك في حيّز محصورْ وعدم تطلّعك نحو أفق بعيد منظورْ فأنت مرشّح للإصابة بضعف البصرْ وليكن بعلمك أن البلاء عليه لا يقتصر والضررْ , إذ أنك معرّض للإصابة بانقراص الفقرات وأمراض المفاصلْ والتي يصعب أن تكون للشفاء التام منها متماثلْ , لأن المشي والركض لديك شبه معدومْ وعمر الشباب قصير لا يدومْ .
- صحية : والتي تعود لنوعية الغذاء ولنقاوة البيئة ذلك أن المدن أضحت بالتلوّث مليئة , فكثرت الإحتشاءات و الجلطاتْ وازدادت أعداد المصابين بالسرطاناتْ , ناهيك عن الأمراض التحسسية والفيروسية وظهور أمراض لم تعرفها من قبل البشرية : فالبقر قد هستر وجنْ وأضحى إلى المرعى الطبيعي يحنْ والخنازير والطيور صارت من الإنفلونزا تئنْ .
وأخيراً دخلت عيادتي فتاة ذاتُ ابتسامةٍ عريضة تسألني عن سبب غياب " أضراس العقل " عندها وهل هي
مريضة !! فأجبتها بكل ثقة ومهارة : إنها يا عزيزتي ضريبة " الرّقي والحضارة " .
فعلا لكل شيء ضريبة واذا بدنا نفكر بالضريبة الروحية والنفسية رح نجن اكتر هههههههههههمساهمتك معبرة ومهضومة بس معقول يكون كل واحد بيتبع الحضارة بلا عقل او قصدك اللي بيفهم الحضارة غلط ..شكر كبير الك لانه تعبان على جمع بعض المعلومات كمان وينعاد عليك بكل خير وصحة وسعادة
تعودنا منك د.ياسر على المقلات الرائعة المفيدة بأسلوب مميز لايجاريه أحد .. أشكرك على هذه المعلومات راجيا من الله لك السعادة والصحة .
د.ياسر مقالك رائع. بحييك وبتمنالك التوفيق
أما النظام الاقتصادي والمالي فوجد لقوننة تلك الأمور لا لتركها على الغارب .. فالمواطن معروف أجره أوراتبه وضريبته وتحسم من معاشه آليا فلماذا لايحاسب التاجر آليا أيضا ويحدد سقف ربحه .. وما دخل تحسين المعيشة برفع الأسعار مباشرة حتى بات الربح أكثر من عشر أضعاف دون رقيب أو حسيب .. وحتى الآن لم نقرأ أن نظام سوق في العالم هو لزيادة الأرباح وتجويع المواطن فكيف إن كنا نسميه نظام السوق الاجتماااااااااعي ..!
وتلك مشكلة حقيقية فالحكومة تزيد الرواتب لتحسين المعيشة لا لياخذها التاجر وهنا الحلقة المحيرة .. وهي لماذا تسمح الحكومة بغلاء الأسعار وهي تعلم كم تكلف أي سلعة محلية أو مستوردة وكم هي نسبة ربحها .. صحيح أنالأسعار حررت لكن تحريرها لايعني عدم وضع سقف ربح أقصى لأي مادة وإلا سيخرب التاجر الدنيا وتحل الفوضى ويموت الفقير جوعا لأنه بصراحة لايشبع ..
نعم الضريبة هي حاجة وضرورة لكن عدم توافقها مع دخل الفرد أساء لسمعتها وضرورتها حتى بات اسمها مرتبط بالكارثة على المواطن فعندما ترفع ضريبة أي شيء يكون المتضرر الوحيد هو المواطن موظفا أم لا لأن التاجر سيخرجها من قحف رأسه وهذا ليس عدلا .. والمفارقة هي هذا الإرتباط الوثيق بين زيادة الرواتب وغلاء الأسعار وكأن التاجر كان يخسر سابقا وعندما زادت الرواتب ورفع سعر بضاعته وأصبح يربح ..
تتسبب لنا هي الأخرى بالعديد من الأمراض مثل تشمع الكبد مثلاً , إضافة إلى ذلك فقد دلت الدراسات الحديثة على أن جميع أنواع العصائر حتى الطبيعية منها تُعتبر مؤذية لجسم الإنسان بماتحتويه من سكريات اصطناعية وخلوها من الألياف الضرورية للجهاز الهضمي , لذلك يجب علينا كبشر العودة إلى الطبيعة والابتعاد قدر المستطاع عن حياة المدن وما تتضمنه من ظروف معيشية وعادات غير صحية وشكراً جزيلا على هذه المقالة المفيدة .
ما لفت نظري في هذه المقالة هو جمعها لمختلف أنواع الضرائب التي يدفعها الإنسان في وقتنا المعاصر وعلى مستوى العالم , وأنا أوافق السيد الكاتب بأن الحضارة التي وصلنا إليها كلّفتنا وتكلّفنا في كل يوم الشيء الكثير وبخاصة النواحي الصحية , فإضافة لما ذكره الدكتور ياسر من غياب أضراس العقل خلْقيا بسبب نوعية الغذاء الذي نتناوله وبسبب التطور البنيوي لجسم الإنسان ككل والذي أصبح هو الآخر في طوره نحو التقزّم والضمور , أُضيف أن بعض المشروبات الغازية " الحضارية " التي نشربها والتي لم يعرفها أجدادنا من قبل يتبع
صح لسانك حيكم مقالة جميلة جدا
اي والله معك حق.. مقالتك حلوة كتير.. شكراً إلك. بس حابة أعرف جواب لسؤال: هل للحضارة والمدنية (بمعناها الحضاري) ضريبة شي؟... ما بعرف!