* ليس من الغريب أن المصطلحات التي طفَتْ في سورية خلال هذه الحرب باتت تحتاج إلى قاموس خاص بعنوان : "مصطلحات الأزمة" ، أشبهُ بِكتاب " فقه الأزمة " !!. منها ما هو مثير ومُسلٍّ ، ومنها ما هو غريب وعجيب !!.
*ولكن الغريب ، بل أغرب الأمور ، وما أكثرها في سورية ، أنه مهما بلغت خطورة المشكلة وآثارها فلا تجدُ أحدا مسئول عنها ، ويجب محاسبتهُ !! فدَوما الجريمة تُسجّل ضد مجهول !!. البلد مليئة بالفساد وشريعة القوي منذ أكثر من أربعين عاما ولكن دوما الجريمة ضد مجهول ،، مع أن هناك من يُخبِركَ (وهذا ليس على عاتقي) أن الفاسدين معروفين في كل مدينة وحي ومنطقة وقرية وهم يشيرون لأنفسهم بأنفسهم من خلال البيوت الفخمة والسيارات الفارهة والحياة المُترفة ، والعقارات والأملاك الواضحة ، والثروات المنقولة وغير المنقولة ، ويعرف الصغير والكبير أن هؤلاء ما كانوا سوى موظفين في الدولة في هذا السلك أو ذاك
ولو جُمِعتْ كل رواتبهم وتعويضاتهم على مدى
خمسين عاما لما اشترتْ لهم أكثر من بيتٍ بسيط في ضواحي دمشق أو أحيائها الشعبية جدا
، ولكن بفضل استغلال السلطة والنفوذ (كما يروي بعض الحاسدين ، ولستُ منهم)، أو
بمعنى آخرا ، بفضل الفساد (كما يُشيعُ بعض المروِّجين) باتوا ينافسون أثرى الأثرياء
ويعيشون حياة أكبر البورجوازية ، متفوقين حتى على شيوخ وأمراء النفط !! ولكن هذا لم
يُنسِهِمْ أبدا محبة الوطن ، تلك البقرة الحلوب ، وضرورة تضحية الآخرين وأبنائهم
عنهُ ، ولكن ليسَ أبنائِهم هُم ، فهؤلاء " دلوعات أمهاتهم " أو مِنَ " الذوات "
وهؤلاء يُخدَمون ولا يَخدِمون ، يُضَحّى من أجلهم ، ولا يُضَحُّون من أجل أحد ،
يحصِدون الثمار ولا يزرعون !!..
* كمْ من الروايات (التي لا نعرف مدى صحتها) تقول أن هناك مَن لديهم اليوم
الاستثمارات في الخارج بعشرات ملايين الدولارات أو مئات الملايين ، أو حتى
المليارات ، وذلك حسب حجم السلطة التي كانوا يتمتعون بها في الوطن !!. ويضربون لك
مثلا نُواب الرئيس السابقون ووزير دفاعهم وكيف يعيشون هُم وأبناؤهم في باريس وغيرها
،، هذا على سبيل المثال فقط !!.
*ولكن بالمقابل ، وحتى نكون عادلين ، ولا نتجنّى على أحد ، ألم يجمَع بعضهم ، أو
أبنائهم ، ثرواتهم بشطارتهم وكدّهم وتعبهم وعرقهم ، وكانوا رجال أعمالٍ ناجحون ؟؟.
ألَم يتحدّث عن ذلك الفنان السوري الشهير ياسر العظمة في إحدى حلقاته الكوميدية ؟؟.
*شكّلوا لجنة في زمنٍ ما للتحقيق في الكسب غير المشروع وتمّ تسجيل الجريمة أخيرا ضد
مجهول !! الدولة غرقت بالمحسوبيات والشخصنات وتحولت المؤسسات الى مزارع واقطاعيات
وكلْ مسئولْ يتصرف بالمؤسسة وكأنها ملك أبيه ،،والجريمة ضد مجهول !! وحينما تؤكد
لهم ان هذا هو الجاني والمسئول عن تخريب هذه المؤسسة لأنه يفعل كذا وكذا وكذا
وتحكمه أمزجته وعلاقاته الشخصية ويدعس على القانون والمعايير ، فيقولون لك هذا
مفروض بحكم الجغرافية !!.
*لا يُحرِّكون ساكنا ضد أيَّ مُخرِّبٍ في الدولة مهما كانت الأدلّة واضحة ويتركونهُ
سنين وسنين يمارس التخريب ، كما ذاك الذي شكوناهُ كثيرا ، كبير الحجم صغير العقل ،
ثم يأتون في زمنٍ ما ليقولوا أنهُ كانَ من دواعش الداخل ورمزٌ للإختراقات !! ولكن
بعدَ خراب البصرة كلها وبعدَ فوات الأوان !!.
* اليوم وبعد خمس سنواتٍ من حربٍ ضروس طحنت البشر والشجر والحجر ، نسمع بِمصطلَحٍات
جديدة ومثيرة ولذيذة عن "دردرة" الإقتصاد السوري ، وعن "بختنة" الحزب !!. طبعا
الحوار والنقاش وتبادل الآراء مسألة جميلة وضرورية ومهمة ، وتُعَبّر عن روح وطنية
مسئولة وديمقراطية ، وكنا نحتاجها منذ عقود طويلة ، ولكن لا بأس ، فأن يأتي زمنٌ
للحوار والنقاش ، فخيرٌ من أن لا يأتي !!..
*والسؤال : لماذا لا يتم التحقيق مع مَن دَردرَ ومَن بَختنَ ، عَلَنا وعلى الشاشة
السورية كي نسمعَ وجهات نظرهم ويُتاح لهُم الدفاع عن أنفسهم ، وتفنيد الحقائق ، وإن
كانوا هم مسئولون فعلا عن العبث بالاقتصاد وبالحزب أم أن الأمور كانت أكبر منهم
وفوق مقدرتهم!!. بل لماذا لا نكون شفافين مع شعبنا وتحصل مناظرة علنية على الطريقة
الأمريكية بين من دردر ومن بختَنَ من طرفٍ وبين من يلقون عليهما اللوم من طرفٍ آخرٍ
ليعرف الرأي العام حقيقة كل شيء ؟؟. ما الذي يمنع ؟؟. لماذا لا نتعوّد على هكذا
مناظرات علنية ؟؟.
*كل شيء يجب أن يتوضّح ومن قِبَل أصحاب العلاقة بالتحديد ليقطعوا القيل بالقال !!.
ما أعرفهُ من خلال خبرتي أنهم يُسلِّمونك المسئولية ولكن لا يعطونك الصلاحية
الكاملة ، فينطنط عليك هذا وذاك وأنتَ غير قادر على فعلِ شيء !!. وإن كان مَن هُم
حولك مدعومين فلا يأبهون بك ولا بتعليماتك ولا بكلِّ أوامرك !!. فتضطر حينها إلى
مسايرة الجميع على حساب العمل والوطن !!. هذه هي طبيعة الأمور في الدولة السورية
!!.
*لا أعرفُ إن كانت الدردرة مسئولة بالفعل عن دردرة الإقتصاد ، ولكن أعرف أنه في
عهدها تراجعَ مستوى المعيشة كثيرا وزادت البطالة والفقر والغلاء والفساد ، ولمْ
أكُنْ أثِق بكل الأرقام التي كان يُطلِقها أهل الدردرة بينما كنا نرى بأمِّ أعيننا
كيف ترتفع الأسعار ويزداد الغلاء وتتراجع أحوال الناس المعيشية ، وتندرُ فُرص العمل
!!. فالواقع كان يُكذِّب كل الأرقام !!.
*ولكن يبقى السؤال : من جاء بصاحب الدردرة من البنك الذي كان يعمل به في أبو ظبي
ليستلم كل تلك المناصب المُهمة والكبيرة في الدولة ؟؟. ولماذا تم السكوتُ عنهُ كل
تلك السنين ؟؟ فهو لم يبقى بضعة أشهر في المنصب حتى لا يُكتشَفْ وإنما بقيَ سنوات
طويلة ، وكان قبلها رئيس هيئة تخطيط الدولة ، فكيفَ لم يُكتشَف من السنة الأولى أو
الثانية أو الثالثة أو ، أو ، أو ، الخ ، إنْ كان فعلا " يُدردر" الاقتصاد !!.أين
كان المستشارون الإقتصاديون في الدولة وماذا كانت آرائهم في أداء الدردرة ؟؟.إنْ
كانت آرائهم إيجابية فهم شركاء في الدردرة ، وإن كانت آرائهم سلبية ولم يصغي لهم
أصحاب القرار ، فيكون هؤلاء شريكون بالدردرة !!.
* مِنَ المعلوم للصغير والكبير أنه لا يمكن لا لِصغيرٍ ولا لكبيرٍ أن يستلم منصبا
لا صغيرٍ ولا كبيرٍ إلا بعد موافقةٍ وتزكيةٍ أمنية !! وبناء على ذلك فالمؤسسة
الأمنية كانت دوما مسئولة عن تنصيب أي واحد في الدولة ، ولم يكُن لي شخصيا حظّ
عندها ولذا لم أصلح لأي منصب ، بينما من لا يصلحون من طلابي كانوا صالحين لكل
المناصب!! فهل كانت التقييمات والتزكيات دوما صحيحة وفي مكانها ، وتخضع لمعايير
موضوعية تعتمد المؤهلات والكفاءة والخبرة والمقدرة ، أم تعتمد مسائل أخرى مبنية على
نظرة سطحية للأمور ، وعلى تقارير كيدية وكاذبة وافتراءات وأضاليل ، أم إلى محسوبيات
وشخصنات وقرابات ومصالح ؟؟.وهل كان كل شخص يُشغِل المكان المناسب أم العكس ؟؟.
** وعلى ذِكر " البختنَة " التي تعني الحزب ، فلا يسعني إلا التذكير بالمقال الذي
نشرتُهُ سابقا في الثامن من آذار الماضي على صدر هذه الصحيفة الغرّاء تحت عنوان :
((هل سيُعادُ النظر بكل حزب البعث بعد إلغاء قيادته القومية وإلغاء عطلة 8 آذار))
؟؟. وهو متوفر على غوغل لِمن يرغب الإطلاع عليه كاملا ، وسأقتطف فيما يلي بعضا مما
جاء فيه :
}}..... بعد عام 1970 غابت العبارات والمصطلحات التي نشأ عليها الرفاق لعقودٍ من
الزمن كما : الرجعية العربية والرجعية الدينية ، وذيول الاستعمار ، وضرب الاستعمار
والإمبريالية بأضعف حلقاته (أي عملائه) وحلّت مصطلحات جديدة منها ما هو مُستوحى من
فلسفة ماو تسي تونغ كما : التناقض الأساسي والتناقض الجوهري ، باعتبار التناقض مع
الرجعية بكل أشكالها هو تناقض ثانوي بينما التناقض الأساسي هو مع العدو الإسرائيلي
، ويجب تجميد الأول لمصلحة الثاني ..
وهكذا تم الانفتاح على كافة بُلدان الخليج وفي مقدمتها السعودية وبِتنا نرى مشاهد لم نعتَد عليها في الماضي ، إذ لا أنسى حينما شاهدتُ الملك حسين ، ملك الأردن في عام 1971 وموكبه يخترق شوارع دمشق في منطقة الفحّامة ، في طريقه للقصر الرئاسي ، ومن ثم موكب الملك فيصل عام 1974 في ساحة الجمارك متّجها نحو القصر الرئاسي أيضا !. وتطورت العلاقات وتعمّقت إلى درجة العلاقات الشخصية القوية بين بعض المسئولين السوريين الكِبار وبين ملوك وأمراء ومشايخ الخليج الذين باتت لهم حظوة كبيرة في سورية !!!.
وعلى الصعيد الداخلي فقد تم الانفتاح على طبقة التُجّار التي كانت تُصنّفُ حتى الأمس حليفة للإمبريالية بفعلِ ترابُط مصالحها ، وتمّتْ إقامة شراكات تجارية بين بعضهم وبعض القيادات الجديدة .. كما تمّ الانفتاح على المؤسسة الدينية التي كانت تُصنّفُ حتى الأمس في خانة الرجعية !!. *فضلا عن ذلك فقد تغيّر كل نظام الحزب الداخلي ، وألغِيت المراحل الطويلة التي كان يمرُّ بها الحزبي حتى يصل لمرحلة العضوية العاملة التي قد تصل إلى خمسة عشر عاما ينصقل خلالها بشكل قوي، وتم اختزالها بمرحلتين فقط ويُمكن للحزبي أن يُصبِح عضوا عاملا بثلاث سنوات بشكلٍ بسيط وسهلٍ لا يحتاج فيها إلى نضال الماضي ومسيرته الطويلة!!!.
وتراجع دور الحزب لدرجة أصبحَ اسما من غير مُسمّى وانفتحت أبوابه لِمن هبّ ودبّ (من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار)، وتحوّل إلى نادٍ يستطيع الجميع الانتساب له مُجرّد دفع الاشتراك ، دونما أدنى معايير وقواعد وانعدمت داخله الروح الحزبية التي كانت تجمع أعضائه في يومٍ ما ، ونخرته العصبيات الطائفية والمذهبية ، حتى أصبحت مُحاصصات رسمية!. ولذلك سمِعنا في النصف الثاني من السبعينيات خلال أحداث الأخوان المسلمين، عن حزبيين كانوا يذهبون إلى المساجد في حماه وحلب ليعلنوا (انسحابهم وابتعادهم عن حزب البعث)
وفي وقتنا هذا نعرفُ أن الكثيرين ممن كانوا في الحزب هم اليوم يحملون السلاح ويقاتلون مع المجموعات المسلحة!! بل من نفّذ مجزرة المدفعية في حلب مُنطلِقا من تعصَّب طائفي حاقد ، في أواخر سبعينيات القرن الماضي كان ضابطا ينتسب لحزب البعث !!... انقلبَ كل شيء، وخرجَ بعضهم بنظريةٍ تقول : أن الحزب تأمّمَ وبات ملكا لكل الشعب وليس لأعضائه فقط ،وانفتحت أبوابه على مصاريعها لِمن يرغب بالانتساب إليه ، فامتلأ بالانتهازيين والمنافقين والمنتفعين والوصوليين الذين انتسبوا له بهدف المكاسب والوظائف وليس إيمانا بفكر الحزب وأسسه العقائدية والتنظيمية وشعاراته العروبية والقومية !!!.....
هكذا باتت الأجواء داخل الحزب وغابت بداخله كل المعاني والقيم والمفاهيم النضالية برفع الصوت ضد الممارسات غير الصحيحة ، ومظاهر الخلل والسلبيات والانحراف ، وتحوّل الجميع إلى أرقام ، لا دور لهم سوى الإصغاء والاقتناع بما يسمعوه، ونشر الدعاية لذلك ، والتصفيق والدبكة بالمناسبات دون المقدرة على وقف أي شكلٍ من أشكال الفساد التي كانت ماضية كجلمود صخرٍ في وضعية الانحدار !!!... البعثي الصحيح الصادق مع نفسه كان يشعر بالاغتراب في تلك الأجواء وفي وسط الكّمْ الهائل من المُسجلين في الحزب على حساب النوعية، فكانوا حزبيون وليسوا بعثيون بالمعنى الفكري والثقافي والتنظيمي والنضالي والآيديولوجي والعَلماني والطبقي !.
ولم يكُن أمام االبعثي الصحيح سوى المراقبة والفرجة ، لاسيما بعد أن تمّ تهميش هذه النوعية !!... وحينما أتحدّث عن البعثي الصحيح الصادق مع نفسهِ ، فإنما أقصدُ البعثي الذي يرفع الصوت عاليا في وجه كل أشكال السلبيات والأغلاط والممارسات والانحرافات التي لا تنسجم مع دور البعثي ومسؤوليته ، وانتقاد كل مظاهر الخلل دونما مُجاملة لأحد ، والنظرة بموضوعية وصدق وأمانة وجرأة لواقع الناس والمطالبَة بوضع الحلول الصحيحة لهذا الواقع ، وتحميل كل بعثي في موقع نفوذه المسؤولية عن الخلل والفشل ومحاسبته ,ووووووو !.
فهذا ما أقصدهُ بالبعثي الصحيح الصادق مع نفسه ، كما نصّت عليه كل أدبيات الحزب وأنظمتهِ !. هذه النوعية غابت نهائيا منذ عقود طويلة ، وتهمّشت بكافة السبُل ، حتى تم خلق طاقم جديد ، وكوادر جديدة لا تجيد إلا التصفيق ، ولا تجرؤ لأن تقف وتشير بيدها علنا إلى أي مسؤول فاسد ومستغِل للسلطة وتسأل من أين لك هذا ، وكيف ؟.... أصبحت هناك طواقم وقواعد حزبية شعارها (معاهم معاهم ، عليهم عليهم) !. لا تشعرُ أنها معنية بأي شأنٍ عامٍّ وخللٍ وممارسات غير صحيحة وغير مسؤولة في الوطن ، كما غياب القانون وعقلية المزارع ، والشخصنات والمحسوبيات ، والواسطات ، وانعدام المعايير وتكافؤ الفرص ،، وسادت عقلية الانتهاز وتزيين الأخطاء ، والتمسيح للمسئولين بغرض المكاسب !!.
وكان أيضا الاستهتار بكل القيم الحزبية والتنظيمية
كاحترام الأقدمية الحزبية والتراتبية والتاريخ النضالي..!. أي باختصار انتهى دور
الحزب بالجوهر الذي كان مُفترَضا أن يكون!. وبقي من حيث الشكل !!.... وزاد الطين
بلة تغييب الديمقراطية والانتخابات داخل الحزب واعتماد نهج التعيين ، فأصبحت
القيادات الحزبية تُصنَع بقرارات ، وليس من خلال نضال حزبي طويل وشاق ومصداقية
وتضحية تنصقل خلالها الشخصية الحزبية !.وطبعا كل ما ساد داخل الحزب انعكس بشكلٍ
مباشرٍ على الدولة وعلى المجتمع !.!.... الكثير الكثير يمكن قولهُ في هذا الإطار ،
ولكن لنذهب إلى النتائج :
*الحزبيون البعثيون الصادقون مع أنفسهم ،مارسوا الصمت في هذه الأجواء ، ومنهم من
ابتعد عن حضور الاجتماعات واكتفى بالمراقبة والمتابعة عن بُعد (طبعا ليس المقصود
أجواء الوطن اليوم أو منذ خمس سنوات ، وإنما الأجواء منذ عقود قبل الأحداث الأخيرة
)!.
*على صعيد الشعارات العروبية والقومية ، فلم تتحرر فلسطين ولا الجولان ، ولا
اسكندرونة ، ولا عربستان ، ولا سبتة ومليليلة ، كما كانت الشعارات القومية أيام
زمان !! وفشلت تجربة الاتحاد الثلاثي مع مصر وليبيا ، وتجربة التقارُب مع العراق ،
وبدل القضاء على الرجعية العربية بات المناضلون أكبر أصدقاء وشركاء للعائلات
"الرجعية" العربية!. ومنهم من زادوهم بالثراء والمال !.
*على الصعيد الداخلي لم يتمكنوا من مجاراة تحديات التنمية ومكافحة البطالة والفساد
والبيروقراطية والروتين وخلق دولة المؤسسات والمعايير والقانون، بل تعمقت ثقافة
المزارع والإقطاعيات والغابات واحتكار السلطة والقرار والمناصب ، وسادَ منطق
التنفيع للأهل والأقارب والأصحاب والأحباب على حساب الآخرين وكفاءاتهم ومؤهلاتهم
!!.
*كما فشلوا في تطبيق شعارات القضاء على الطائفية والعشائرية والجِهوية أو الإقليمية
، بل أن كل هذه تعزّزتْ عبر محاصصات رسمية كانت واضحة في كافة الميادين ، وحتى داخل
الحزب نفسه !!.. الشعارات التي كانت تُطرَحُ قبل سبعون عاما ، ما زالت ذاتها رغم كل
ما طرأ على الصعيد الداخلي منذ عقودٍ طويلة ، وعلى الصعيد الإقليمي والعربي والدولي
!!. وأعتقد أن الأمر بات يحتاجُ إلى وقفة جريئة جدا وصادقة ، وإعادة النظر بكل
الحزب ، من مبادئه وشعاراته وأسسه وأهدافه وأعضائه ,,,,, حتى النهاية !!
وبناء حزبٍ جديدٍ على أنقاضهِ ، باسمٍ جديد،
ومبادئ جديدة وأسس تنظيمية وفكرية وثقافية جديدة ، ومنطلقات جديدة !! حزبٌ يعتمد
الواقعية والموضوعية ويبتعد عن لغة الخطابات والشعارات الإنشائية غير المعقولة ،
وغير القابلة للتطبيق !. أسسٍ تنطلق قبل كل شيء من حاجات الناس في الوطن ومن
معاناتها وهمومها ، ولقمة عيشها ، ويعتمد شعارات الملعقة والصحن والطنجرة والخبز
والبرغل والسمنة والزيت والسُكّر ، وفرصة العمل والبيت.... أي حزبا ملتصقا بالبشر ،
لا سيما الطبقات الفقيرة والكادحة ، ويُجسِّد همومها اليومية وليس أحلامها القومية
والعروبية فوق المثالية بِبُعدها عن الواقع واستحالة التطبيق ، طبعا مع البقاء على
التأكيد على البعد العروبي والقومي فنحن عربا ولا يمكن أن ننفصل عن جلدنا !. ولكن
بدل شعار الوحدة ليُكن شعار التقارب التجاري والاقتصادي والثقافي والفني والسياحي ،
والاستثمار وجذب الأموال العربية لفتح المصانع والمعامل والمشاريع وتشغيل أبناء
الوطن ...{{ .... انتهت الاقتباسات من المقال المُشار إليه المنشور في الثامن من
آذار الماضي !!.
* إن الغاية من التذكير بهذا المقال والإقتباس منه هو طرح السؤال التالي : هل
الدردرة والبختنة حديثة العهد ، أم أننا اكتشفناها متأخرين كثيرا ؟؟. وهل قبلهما
كان كل شيء على ما يُرام وكان الشخص المناسب في المكان المناسب وكل شيء يسير وفق
المعايير والقواعد والأسس والقوانين ، وكلٍّ يأخذ دوره في الدولة بحسبِ أقدميته
وتراتبيته ومؤهلاته وكفائته، ولا مجال للمحسوبيات والشخصنات والقرابات والكيديات
وكل ما عرفناه من أمراض قاتلة في الدولة على مدى عقود طويلة ؟؟ أم أنهما كانا
استمرارا لمرحلة طويلة غابت بها كل المعايير الوطنية والنضالية الصحيحة ، والمفاهيم
المؤسساتية ، وتهمّشتْ المؤهلات والكفاءات ، لِتحُلَّ مكانها المحسوبيات والدعم
والواسطات والتملُّق والانبطاح والنفاق والطأطأة ، حتى باتُ الوطني الشريف الذي
لديه من نفسهِ ، مقصيا ومُبعدا ويشعرُ أنه ليس من هذا الوطن ؟!!.
*كم من خيرة الوطنيين والمناضلين لِعقودٍ طويلة في حزبٍ أساسٍ في الدولة والمجتمع ،
ومن خيرة وأنزه كوادر الوطن ونُخَبِهِ ، مُهمّشين ومقصيين لِهذه الأسباب (أي لأنهم
كانوا مناضلين ولأنهم يرفعون الصوت ضد كل مظاهر الخلل)، أو لأسبابٍ كيدية وشخصية ،
أو لأنهُم غير مدعومين ، بينما نرى أتفه وأسخف وأهزل الشخصيات تُشغِل المواقع التي
يجب أن يُشغِلها أولئك ؟؟. أليسَ هذا قمة التخريب والدردرة والبختنة والولدنة
والعرنسة والهشمشة وووووو ...الخ ... ثمّ نبقى سنين طويلة ساكتون ونأتي أخيرا ،
حينما يفوت الأوان ، لنقول إن من كانوا يتحدّثون عن دواعش الداخل كانوا صادقين !!.
منذُ متى وأنا والكثيرون يتحدّثون عن دواعش الداخل ؟؟. هلْ من عناهُم الكلامُ شيئا
؟؟.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts
الولدنة والعرنسة والهشمشة قد تكون مصطلحات تشير إلى شركة الثلاثي أخوان المحدودة للدبلوماسية السورية وهم رأس الوزارة ومستشاره وثالثهم سائقهم المُعادِل لوزير بالدولة