syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
قهوة..(الجزء الاخير) ..بقلم: ميس حاتم

ذهبَ الجسدُ المضنى حزناً ليعدَ لهُ القهوةَ التي طلبها.. بينما هرولَ القلبُ يعدُ ذكرياتهِ على نارٍ هادئة
سافرت بها الذاكرة إلى باريس... حيثُ كانت قد بدأت تستكينُ لقدرها. بعدَ أن عقدت هدنةً مع قلبها الصغير بأن يحيا حياةً جديدة،،، لم يكن هو جزءاً ظاهراً منها، إلا أنه كان يسكنُ كل تفاصيلها مهما صغرت
حتى الأماكن التي كانت ترتادها، والكتب التي تنتقي قراءتها، وثيابها كانت تحتكم ُ لذوقهِ، وكانَ له يداً خَفيَةً فيها دون أن تشعر
كانت تدسهُ في حياتها خِفيَةً وتحتفظُ به بينَ جنبات قلبها وذاكرتها
كما يدسُ طفلٌ صغيرٌ قطعةَ حلوى في جيبه خِفيَةً عن عيونِ أمه


فيتلذذ بتذوقها قضمةً قضمة سراً،،، كانت أيضاً تتلذذ باستعادة ِ ذكرياتهما معاً
وعادت إلى تلك الليلةِ تحديداً.. والتي رن فيها هاتفها بينما كانت مستلقيةً على سريرها تقرأ كتاباً... فظهرَ الوطنُ على الشاشة
تسمرت عيناها على تلك الأرقام والتي كان لها مع كلٍ منها قصة، فماذا عساها تفعل؟
توقف قلبها برهةً عن الخفقان.
هل تفتحُ الباب مجدداً للريح لتعصف بما تبقى من حياتها،،، أم تتركَ البابَ مغلقاً على الاحتمالات وتمضي؟؟؟
ترددت قليلاً... إلا أن القلبَ الساذج كان يزدادُ إلحاحاً مع كل رنة
نعم... أجابت
وإذا بأنفاسٍ لطالما أنصتت لها لتستمد منها فُتات حياةٍ... كانت متعبة ومتقطعة تنذرُ برحيلٍ قريب
لم يفكر قلبها مرتين قبل أن يحجز له مكاناً في أول طائرةٍ عائدة على أجنحةِ اللهفة، وتجد نفسها جالسة ً إلى جانبهِ
جسداً مسجىً على سرير المرض، وروحاً منهكة على فراش الوحدةِ والانهزام
تمسك بتلك اليد التي لطالما حكمت عليها بالعذاب، تتفقدُ شرايينها النافرة القوية فتجدها ذابلةً وادعة مستكينة بين يديها كما لم تعهدها من قبلك
مثلً طفلٍ صغيرٍ لاحول له ولاقوة، تكبلهُ الأجهزة كان هو..
إلهي كم كان قاسيا ذلك المشهد والذي سيسكن ذاكرتها إلى الأبد
أعادتها حرارة القهوة التي حرقت يدها دون أن تشعر إلى حيث هي،، فما أسهل حروق الجسد على الذي جرب حروقَ الروحِ والقلب.
رتبت الصينية كما اشتهى،، وصبت له كوباً لطالما حلمت أن تعدهُ لصباحاتِ الحب التي وعدت نفسها بها معه
مسحت دموعها، وهمت بالتوجه إليه
إلا أنَ صرخةً خرجت من غرفته.. أسقطت صينية الحلم من بين يديها، لتتناثرَ كسراتِ الروحِ منها في كل مكان
ثم خيم الظلامُ على كل شيء
و مات الحلم

 

2016-12-17
التعليقات