غادرت الوطن قبل عشر سنوات وشهرين وخمسة أيام ، باحثا عن لقمة العيش ، قضيتها في إتمام تحصيلي العلمي والعمل في شركة مرموقة ضاعفت لي راتبي خلال هذه الفترة ثلاث مرات نتيجة إجتهادي وعملي الدؤوب ، وأكملت نصف ديني مؤخرا بالزواج من فتاة أحببتها وأحبتني من تلك البلاد ، وكان قرارنا أن نقضي فترة شهر العسل في وطني .
كانت جوليا – إسم عروستي ، زوجتي الآن – متحمسة جدا للفكرة فقد كانت تتوق لرؤية بلد الرجل الذي تزوجته ، خاصة بعدما حكيت لها عن جماله والحضارات التي تكتنز أراضيه ، ومن شوقي وشوقها اتفقنا أن نسافر على متن الطائرة السورية ، على الرغم من أن توقيت إقلاعها ووصولها غير مناسبين ، فالطائرة تصل دمشق الحبيبة الغالية حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل وهو وقت غير ملائم نهائيا لإخبار الأهل لاستقبالنا في المطار ، فتوصلنا بأن لا نخبرهم بموعد وصولنا وننام في تلك الليلة في الفندق أي فندق وفي الصباح – الصباح رباح ، كما يقال – نذهب ونرى الأهل ؛ وهكذا كان .
أقلعت الطائرة بموعدها وكانت الرحلة ممتازة من جميع الجوانب فالطائرة من أحدث الطرازات والإبتسام على وجوه أفراد الطاقم لم يفارق ثغرهم الجميل ، وبالمختصر كانت رحلة رائعة ، وسررنا – أنا وجوليا – بالرحلة أكثر من غيرنا ، بسبب تدليلنا من قبل المضيفين والمضيفات الذين بمجرد أن عرفوا بأننا عرسان جدد احتاروا بطرق إسعادنا فهذا يعطينا قطعة كيك إضافية وتلك تفاجئنا بإعطائنا وردتين حمراوتين كانت تخبئهما خلف ظهرها ، وأكثر ما أسعدنا ، تهنئة كابتن الطائرة عبر ميكرفونات الطائرة وتصفيق الركاب ومباركاتهم لنا ، لقد غمرونا بالحب مما جعلنا لا ننام من فرط سعادتنا ، على الرغم من طول زمن الرحلة .
وصلنا مطار دمشق الدولي في الوقت المحدد تماما ، وكانت تستقبلنا أسفل سلم الطائرة مضيفة أرضية – سبحان الذي خلقها – لو كانت في كندا لانتخبوها ملكة جمال الدماثة واللطافة ، مشت أمامنا حتى أوصلتنا قسم الجوازات ، وعندما سألتها إلى أي نافذة تتجه زوجتي كونها أجنبية قالت : لا داعي لذلك ، فأنتما الاثنان يمكنكما الوقوف سوية أمام أية نافذة وسيقومون بخدمتكم. خلال مدة لا تزيد على العشر دقائق كنا بقاعة إستلام العفش حيث ركض أحد الحمالين وحمل حقائبنا لخارج مبنى المطار وعندما حاولت إعطائه بقشيشا رفض بكل أدب وتهذيب قائلا : هذا ضد سياسة الشركة التي أعمل بها ، أهلا وسهلا في وطنكم . يا سلام على هذه العفة وعزة النفس.
وبلا طول سيرة ؛ ركبنا التكسي ويالها من تكسي نظيفة من الداخل والخارج والسائق حليق الذقن ويلبس زيا نظيفا وجميلا ؛ "من فضلك ،ممكن تقل لي إلى أين بتحب وصلكم ؟ "
- إلى فندق الأحلام من فضلك .
- حاضر ، على راسي ، أنا بخدمتكم .
إنطلقنا بالسيارة بسرعة معقولة وكان طريق المطار مضاء بأنوار تمكّن السائق من القيادة المريحة على إسفلت أشبه بالسجادة المخملية لا حفر ولا مطبات ، ونحن في الطريق سمعنا صوت صفارة إنذار ، نظرنا خلفنا فرأينا شرطي على دراجته يلحق بنا ويشير للسائق بأن يتوقف . قلت في نفسي : الله يستر .
توقفنا وجاء الشرطي وقال للسائق بعدما حياه التحية العسكرية ، بضعة كلمات لم نفهمها تماما وحياه مرة ثانية وعاد لدراجته ونحن استأنفنا المسير ؛ سألت السائق – بدافع الفضول – عما جرى ، فأجابني السائق : لقد أوقفني الشرطي لينبهني بأن لمبة الضوء الخلفي الأيسر بحاجة لتغيير ، وأنا من جهتي شكرته . يا سلام على هذه المحبة والاحترام . "والله لنصير أحسن من أوربا خلال بضع سنين . "
وصلنا الفندق ونزلنا من السيارة بعدما دفعت للسائق أجرته وفق قراءة العداد ، ودخلنا الفندق ، حيث استقبلتنا هناك فتاة – أنا أؤكد أنها أخت المضيفة التي استقبلتنا في المطار- ونمنا ليلتنا تلك بسعادة وهناء وقرابة الظهر ذهبنا لبيت أهلي الذين استقبلونا بالأهلا والسهلا وقضينا مدة إجازتنا بين بلودان الساحرة وشواطئ اللاذقية النظيفة وحلب ومأكولاتها الشهية ، لقد كانت إجازة أجمل من الجمال : المناظر الخلابة والمعاملة اللطيفة والنظافة التي لم أشاهد مثيلا لها في أي من البلدان التي زرتها . إني أنصح كل معارفي وأصدقائي – بكل صدق وصراحة – أن يزوروا وطني الجميل .
دمشق 15/12/2010
V
V
V
V
ملاحظة : كتبت القصة تحت رعاية وزارة السياحة وإشراف الجهات المعنية
This story made me smile especially at the end. An interesting story.
قصة حلوة خليتنا نحلم معك و نصدق و لو للحظات قليلة
قصة جميلة و مضحكة ، وخاصة بالنهاية !
قصة ناعمة وحلوة شكرا .. لك ولكل من يملك احساسا مرهفا وحبا لوطنه
خليتنا نحلم معك هل الحلم الجميل .بدنا نتعلم من أحلامك كيف نحب بلدنا الجميل.،ذكرتني بالنشيدة الي عم تكررها ابنتي الصغيرة ...يابلدنا لاتخافي نحنا ولادك نحنا ..متلك بالدنيي مافي انت أعز وانت الأغلى
شكرا لك أستاذ فواز ،،الله يبشرك بالخير ..والله نحن بحاجة لتلك اللفتات الجميلة .كي نرقى بأنفسنا وبوطننا الحبيب
صار معي هيك شي عالسورية، حيث عرضت وجبة إضافية ، بيظهر حست إنا متزوجين جديد.. مدري مرتي طلبت لحم بدل دجاج قمت أكلت صحنا..والله ماعدأذكر بس دللوناشوي وقتا... أما بقية ماحصل معكما فهو طبيعي وأصدقك،
بالحقيقة اخي ابوعمر انا تخيلت انك سوف تستيقظ في نهاية القصة لتجد نفسك قد عشت حلما جميلاً. لكني اضيف والله ان هذا ليس بعيدا ً علينا ان اردنا ان نكون كذلك بل افضل من ذلك . ولالله لاينقصنا الا الإخلاص في عملنا وستجد ان كل شيئ كما في الحلام لا بل اجمل. اتمنى لك التوفيق
أشكرك على هذا الحلم الذي شاركتنا فيه , أعتقد أنّه لا ينقصنا شيء كي نكون أفضل البلدان وأرقاها ولكن هذا يحتاج إلى عمل طويل دؤوب , لنسعى جميعا كي تكون بلدنا قبلة السياحة في العالم .. لما لا؟ تحيتي لك أخ فواز .
واللة حلوة ومضحكة كتيير .
ما الجديد في الموضوع يا ابن عمي ؟؟؟ لقد سمعت هذا الكلام من كثيرين قبلك زاروا وطننا الجميل أم انك كنت تتوقع غير ذلك ؟؟؟؟؟!!!!!!!!
Enjoyable, witty and funny to read. Also, I have enjoyed reading the comments