syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
سورية على أعتاب مرحلة جديدة وحاسمة...بقلم: الدكتور خيام الزعبي

ليس ثمة خلاف حاصل على أن الأزمة السورية شائكة وشديدة التعقيد، لكن في الأيام العشرة الأخيرة انتعشت الآمال بتوصل المعنيين بمتابعة الملف السوري إلى حيث يمكن الانطلاق سريعا إلى الفصل الأخير من الحرب التي تجري على أرض سورية، حيث عقدت المفاوضات السورية في أستانة عاصمة كازاخستان واختتمت بسلام محققة نجاحاً كبيراً بفضل تمكًن الثلاثي الروسي- التركي- الإيراني من جمع المعارضة المسلحة "باستثناء المجموعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة" والحكومة السورية على طاولة واحدة من أجل محاولة إيجاد فضاء مشترك للبدء بمسار سياسي من أجل حل للأزمة في سورية.
 


دخلت المفاوضات السياسية السورية مرحلة جديدة مع بداية اجتماعات أستانة، حيث عقدت مباحثات أكثر واقعية وتلبية للحد الأدنى من التوقعات، أفضل بكثير من المباحثات السابقة التي كانت تعقد لحلحلة الأزمة، لم يكن الهدف من تلك المفاوضات التوصل إلى حل سياسي في سورية خلال مدة زمنية قصيرة وبعصا سحرية بل التمهيد لحل حقيقي وطويل الأمد عبر اتخاذ خطوات تدريجية وقد تحقق ذلك بالفعل، تحت ضمان تركي-روسي -إيراني يهدف إلى تحويل قرار وقف إطلاق النار في سورية إلى قرار دائم, سيقوم هذا الثلاثي خلال الأيام المقبلة باتخاذ خطوات جديدة عملية لتطبيق ما يهدف إليه اجتماع أستانة، كما تجري في الوقت نفسه تطورات مهمة ستحدد المسار العام للأزمة في سورية.

في هذا السياق بدأت بوادر تلوح في الأفق لحل الأزمة السورية حلاً سياسياً في ضوء الحديث عن مبادرات وجهود سياسية ودبلوماسية من عدة أطراف مؤثرة وفاعلة في المنطقة، ربما يكون من أبرزها حالياً عقد جولة جديدة من مفاوضات السلام بين أطراف الصراع في سورية، وتشكل مفاوضات السلام المقرر استضافتها في جنيف نهاية الشهر القادم برعاية روسيا بارقة أمل لتحقيق السلام والإستقرار وعلى الرغم من المرحلة الصعبة والخطرة التي تمر بها سورية وفشل التسوية السياسية في الجولات السابقة، فان الأمل في التوصل الى مخرج من الدمار الذي تعرضت له لا يزال قائما من خلال جمع أطراف الصراع حول طاولة الحوار في جنيف بهدف انهاء معاناة السوريين وإعادة الأوضاع المستقرة الى وضعها الطبيعي.

في نفس السياق إن التسوية للأزمة السورية وفق الشروط والتفاهمات التركية الإيرانية، وبمباركة روسية، باتت اقرب من أي وقت مضى، فالتدخل الروسي الذي أحدث تغييراً عميقاً في أدوات الفاعلية لدول الأطراف في سورية، يعزز توقعات مشاركة أمريكا في هذه المرحلة، خاصة أن وجهة نظر الرئيس الأمريكي "ترامب" مشابهة لوجهة النظر الروسية تجاه سورية، في جميع الأحوال فإن الأطراف ستكون أكثر واقعية خلال مؤتمر جنيف القادم، كما يعتقد المهتمين بالشأن الدولي أن المرحلة القادمة ستشكّل فرصة جيدة من أجل التوصل إلى الحل والسلام في سورية ولكنها تحتاج إلى صبر ووقت طويل.

اليوم لم يعد للجماعات المسلحة القوة العسكرية التي تجعلها قادرة على الاستمرار في مواجهة الدولة السورية, كما أن انكسار ميزان القوى يصب الآن لمصلحة الجيش السوري الذي يدفع هذه الجماعات الى الإنسحاب أو إعلان الهزيمة, وبرغم ذلك فتحت الدولة السورية أمام هذه الجماعات الباب لتعود إلى الرؤية الوطنية, وتنخرط في الدولة لمحاربة الإرهاب والتطرف, ومن ثم المساهمة في إعادة الإعمار، وفي الاتجاه الأخر لم يعد للجماعات المسلحة من حلفاء فاعلين ومؤثرين كتركيا أو معظم دول الخليج, خاصة بعد هزيمة مشروعهما في سورية، إذ لم يعودا يهتمان بمصير أو مستقبل هذه الجماعات، وإنطلاقاً من ذلك ينبغي على المعارضة السياسية أن تقرأ حقائق الوقائع وفهمها كي لا تخسر كل شيء, لأن عدم نجاح محادثات جنيف القادمة, سيجعل المعارضة تخسر كل شيء، لذلك لا بد من المشاركة في المفاوضات للتوصل الى حل للأزمة السورية.

مجملاً...... من الواضح الآن هو أنه تتوفر خطة متكاملة يتم توفير الظروف المناسبة لإنجاحها لحل الأزمة في سورية، وأن الجميع يتعاون على تحقيق ذلك إلا أن الجهد الأكبر تقوم به روسيا عبر مبعوثها، لذلك فأن المشهد السوري على ابواب تطورات مفاجئة أولى البشارات هي الإعلان عن خطة وقف العمليات القتالية, وفصل الفصائل عن "داعش" و"النصرة", وإدخال المساعدات وتوحيد الجهود لمحاربة الإرهاب, وهذا الأمور تمهد وتهيئ البيئة المناسبة لمباحثات جنيف ونجاحها، هنا لا بأس لو تم تصنيفي ضمن أكثر المتفائلين بإمكانية بلورة حل سياسي في سورية ترافقها آليات دمج مستعجلة بين أدوات الأطراف المتصارعة لمحاربة الإرهاب، كما لا أتردد عن القول بأن حل الأزمة السورية تقترب بقوة وإن الإعلان النهائي عن نجاح الجهود المبذولة لحل المسألة السورية لن يتأخر كثيراً، وبإختصار شديد يجب على الجميع بذل المزيد من الجهود لإنجاح مؤتمر جنيف المنتظر عقده لتعزيز الحل السياسي في سورية، فهذا المؤتمر قد يكون آخر فرصة لإنقاذ سورية والمنطقة بأكملها من الفوضى والدمار، وإيصال سورية الى بر الأمان.

2017-02-26
التعليقات