رغم أنها تعاني من فقر الدم ,إلا إننا دائما ننشد التقدم للسينما السورية , ونحلم بعصا سحرية تجعلها حاضرةً وليست تحتضر , ولم نكن في يوم من الأيام كالنعام , فندفن رؤوسنا في التراب ونتعامى عن واقعها المؤلم .
بل كنا نتوسم منها الأفضل في كل دورة من دورات مهرجان دمشق السينمائي و نجد جموع عشاقها متجمهرين أمام دور العرض منتظرين أكسير الحياة في كل جديد تقدمه.
ومع تأخر مطر السماء استدركنا ”مطر أيلول” كعنوان جميل لفصل من فصول إبداعات عبد اللطيف عبد الحميد, ولكن الاسم لم يأتي على شاكلة المسمى...
“ مطر أيلول “ اسم جميل يجذب معجبي ”نجم ليالي ابن آوى” وساعي البريد في ”رسائل شفهية” , ومن لبى ما طلبه المستمعون ... إلا أنه على ما يبدو قد نسي هذه المرة أن يعطينا نوطه التي كان يعزفٌ بها على أوتار القلوب والعشق الريفي, فيحرك فينا الألم تارة والأمل تارة أخرى.
انطفأت الأضواء وبدأ الفيلم بمعزوفة شارة البدء في الإذاعة السورية , فكانت موفقةً جميلة , وكم تمنينا أن تطول أكثر... ولكن بدأت قطرات المطر تنهمر قطرة تلو القطرة , وأخذت المشاهد المبهمة تظهر مشهدا وراء مشهد , وكان علينا أن نكون يقظين كي لا يفوتنا أي مشهد, فيضيع المغزى الذي حاولنا عبثاً أن نفهمه فجاءت شخصيات الفلم أشبه بالفانتازيا .. التي يحاول فيها الكاتب والمخرج إيصال فكرتهم بغض النظر عن البعد المنطقي للشخصية, فلم يعد هناك ربط بين شخصيات الفيلم من جهة . وأحداثه من جهة أخرى.
فلست أدري ما الرابط بين بائع البطيخ والحمّام الإفرنجي ( صاحب الحظ الأوفر في مشاهد الفيلم ) ..!! وما الرابط بين الشجر وشخصية المخابرات التي كانت ( بعبع ) الفيلم ؟ لم استطع تفسير ذلك الحب ( الأفلاطوني ) عند ذلك الشاب الذي كانت قدماه تدمى وهو يسعى نحو حبيبته ... كما هو حال شقيقه الثاني لكن باختلاف الزاوية.
ناهيك عن الكثير من المشاهد الهيروغليفية التي حاولنا فك رموزها.
سيدي عبد اللطيف لا ننكر أن فكرة ( قسوة الحياة ) كانت مفهومة في المجمل , فهي لا تحتاج إلى عناء الفهم لأنها قاسم مشترك في جميع أفلامك, ولكن إذا كنت قد وَظفتَ جميع مشاهد الفيلم كي تشرح لنا هذا فهذه طامة كبرى لأن طرح هذه الفكرة لا يحتاج إلى كل هذا الخليط من المشاهد المعقدة ... والشخصيات التي كنا نجهل خلفياتها... وقد يكون هذا تخمين.. وحسب ...لأننا لم نفهم ماذا كنت تريد أن تقوله إلى جمهورك.
وما هي الرسالة التي حاولت إيصالها من خلال أحداث الفيلم ؟؟
وبالرغم من كل هذه المحاولات لم تصل رسالتك إلى معظمنا بل أن كلا ً منا حاول تفسيرها على طريقته . أو أنك اخترت طريقاً طويلا ً ووعراً كي تصل غايتك.
ربما استطاعت لجنة التحكيم في مهرجان دمشق السينمائي أن تفهم ما عجزنا عنه ..! , أو أنه كان علينا أن ندرس السينما (( التشكيلية)) جيدا ً كي نستمتع بما أبدعته نصاً وإخراجاً . فعذراً يا صاحب نسيم الروح, مطر أيلول لم يروي ظمأنا بل على العكس قد زاد مطرك من ظمأنا