نقل أحد المواقع السورية المؤيدة (وليستْ المُعارِضة) مُداخلةً لأحد أعضاء مجلس الشعب السوري ينتقد فيها أداء الحكومات المتتالية منذ بدأ الأزمة في سورية.. ومما قالهُ:(يجب ألا ننسى دوماً أن واجب مجلس الشعب هو طرح المشاريع القانونية أو تشريع القوانين لكن ليس من مهامه تنفيذها، فالنقد دوماً مُوجه لمجلس الشعب لأنه لا ينفذ ما يقول، ليس من مهامنا التنفيذ فهناك سلطة تنفيذية مسؤولة عن ذلك، ومشكلتنا ليست بالسلطة التشريعية إنما بالتنفيذية )!!.
على الرغمِ من أن كلام العضو المُحترم يُوحي بأن مجلس الشعب لا يعي ما هو حقيقة دوره في الوطن(أو أن دوره محدود رسميا)، ولكن لا بُدّ من الشدِّ على يد كل من يرفع الصوت في سورية أينما كانَ ضد كل أشكال الخلل والفساد والإفساد والرشاوى والتجاوزات ومخالفات الأبنية والتجاوز على الأملاك العامة، والتشبيح والخطف والسرقة والابتزاز ومظاهر الترعيب من طرف (الزعران) الذين يحملون السلاح تحت عناوين مختلفة، وانعدام الضمير والمحاباة في الدولة والمحسوبيات والشخصنات والدعم والواسطات واحتكار المناصب للأصحاب والأحباب والأصهار والمُقرّبين، والفساد الإداري بالدولة وفساد ضمير بعض مسئوليها ودعسِهم على كل المعايير والأسس والقواعد المؤسساتية واستبدالها بأمزجتهم المريضة وعلاقاتهم الخاصّة، كما شاهدنا وخبِرنا في وزارة الخارجية،
وهذا ما كتبتُ عنه كثيرا وحتى وجهتُ بشأنهِ رسائل للرئاسة ومجلس الشعب، وآخرها كانت رسالة للرئاسة يوم 22/6/2017 بعد اجتماع الرئيس بمجلس الوزراء، وجاء فيها:( كنتُ أرى على الشاشة بالماضي وزيرا يجلس بقربٍ منكم على الطاولة ويهزُّ برأسهِ كتعبيرٍعن دعمهِ وتأييدهِ لتوجيهاتكم ولكنه كان يخالف كل تلك التوجيهات في الممارسة ولا يقيم وزنا لأية معايير بوزارة الخارجية ولا يحترم أية تراتبية وأقدمية ولا أية كفاءات علمية ولغوية ولا خبرات مهنية مقرونة بعقودٍ طويلة من النضال في حزب البعث بدأت منذ العام الدراسي 1968-1969 في ثانوية أبي الفداء في مدينة حماه، ومضافا لكل ذلك ثلاثة ضباط شهداء من العائلة....الخ.) .. وكان السائق في تلك الوزارة الآمر والناهي لثمان سنوات، وتسبّب بالكثير من التخريب وإقصاء خيرة الكوادر وأقدمِهم عن إدارة الإدارات، ومع ذلك لم يُحقّق معهُ ولا مع رئيسهِ الذي منحه بعضا من صلاحياته!.
يا أيها العضو المحترم، كلامك عن أن دور مجلس الشعب هو طرح المشاريع القانونية وليس
التنفيذ، غير صحيح.. فدور مجلس الشعب لا ينتهي بطرح مشاريع القوانين وإنما بمتابعة
تنفيذ تلك القوانين ورقابة تطبيقها بشكلٍ صحيح وعادلٍ وصادقٍ وأمين.. أيْ دور مجلس
الشعب المتابعة والمراقبة والمحاسبة والتحقيق مع أي وزير لا يحترم في وزارته
المعايير والأسس ويديرها كما لو كانت مزرعة ومن حقه أن يفعل بها ما يشاء وأن يُقرر
ما يشاء وأن يُميِّز بين الكوادر!.
نعم من حق مجلس الشعب أن يسائل أكبر مسؤولين بالدولة لماذا نقلتمْ هذا لوزارة
الخارجية بعد أن كان مُهمّشا في مكان عملهِ الأصلي، بدون مسابقة وبأدنى المؤهلات
العلمية وبانعدام المؤهلات اللغوية، وعلى أي أساس يبقى سفراء بالخارج 7 أو 8 أو 9
أو 10 أو 11 أو 12 أو 13 أو 14 أو 15 أو 16 أو 17 سنة يتقاضون بالعملة الصعبة
ويجمعون ما يعادل ملياري ليرة سورية من ثروة الوطن وليس لواحدهم إبنا على الجبهات
بينما لا تتقاضى عائلات خمسين شهيدا في الشهر ما يتقاضاه واحدهم في الشهر؟؟.
من حق مجلس الشعب أن يسأل ويسائل لماذا تم اختيار هذا أو ذاك بالتحديد من الجامعة (وحتى
من غير الجامعة) لتعيينهم سفراء وينتقلون من سفارة لأخرى على مدى 17 عاما، في سابقة
غير موجودة حتى في أكثر الدول مَلكيةً بالعالم؟. أين تكافؤ الفرص؟. كيف سيكون الوطن
للجميع؟. هل عقُمتْ أرحام الأمهات؟. هل هناك من عاملٍ سوى عوامل المحسوبية والدعم
والقرابات أو المصاهرات؟.
من حق مجلس الشعب أن يسأل ويسائل ما هي معاييركم لتعيين سفراء؟. هل سوى المحسوبيات
والواسطات؟. ما هي معاييركم لتعيين سفيرة من خارج السلك لترِثَ والدها (الذي كان
سفيرا بذات المكان وهو أساسا من خارج السلك) بينما أبناء الكار والمهنة والخبرة
والمؤهلات العلمية واللغوية المشهود لهم بالأداء والوطنية ونظافة اليد والمقدرة على
تحمُّل المسئولية وعلى المبادرة واتخاذ القرار، هؤلاء يتمُّ إقصاؤهم؟. لقد كتبتُ
مقالا منذ ثلاثة أعوام أسأل بهِ: (ما هو الفرق بين المسئول الذي يقصي خبرات الوطن
وبين الإرهابي الذي يغتال خبرات الوطن؟. ). والسؤال ما زال مطروحا.. ما هو الفرق؟.
نعم أنا ابن البعث اساسا وما تعلمناهُ وعلّمناهُ هو عدم السكوت عن كل الممارسات
الهدّامة والتخريبية في الوطن.. ورفع الصوت في وجه كل مظاهر الخلل التي سبقَ وأشرتُ
إليها.. والوقوف بوجه أصحاب ثقافة المزارِع وفاقدي الضمير الذين لا يعرفون سوى
الشخصنات والمحسوبيات والدعم والواسطات، ويدعسون على المؤهلات والخبرات والكفاءات،
فهؤلاء لا يمكن الرهان عليهم في أي تغيير وإصلاح نحو الأفضل أو بناء دولة قانون
ومؤسسات..
ولأن صوتي كان عاليٌ دوما في أماكن عملي ولا تأخذني في قول كلمة الحق
لومة لائم، فقد حُورِبت كثيرا إذ كنتُ أسيرُ بعكس إتجاه السير، وسأسأل هنا مجلس
الشعب الموقّر: ما رأيكم بما سيرِدُ أدناه:
حينما وصلَ أحد المدعومين والمقرّبين جدا من وزيرهِ، في أهم الوزارات السورية إلى عُمر
الـ 60، تمّ التمديد له سنة بعد سنة حتى وصل إلى عمرِ الـ 65 (وهذاكان معمول به
طيلة الزمن بالنسبة لكافة كوادر تلك الوزارة بلا استثناء، إلى حين باتَ السائق هو
أقوى شخص ومُعادلا للوزير، فتغيّرت الأمور) .. التمديد بعد الـ 65 كان يحتاج إلى
مرسوم رئاسي وهذا كان يحتاج إلى تدخلات رفيعة، وقد توَفّر ذلك أوّل مرّة وصدر مرسوم
بالتمديد له عاما بعد الـ 65 ليصبح عمرهُ 66 عاما..
ولكن لم يكن مضمونا إطلاقا صدور مرسوم آخر للتمديد له سنة أخرى بعد نهاية الـ 66 فهذه سابقة نادرا ما تحصل ( وقد حصلت فقط مع ضابط كان في موقع مهم ثمّ صارَ سفيرا وبعدها معاونْ وزيرْ وتمّ التمديد له بمراسيم رئاسية عاما بعد الآخر حتى بلغ السبعين عاما، واليوم ترِثهُ ابنته سفيرة في ذات المكان، كما أشرتُ أعلاه، بعد أن جاؤوا بها من خارج السِلك لأنه أصبح من حقهم دوما مقعدْ سفيرْ كما في العائلات اللبنانية التي من حق أبنائها دوما مقعدا في البرلمان) ، فماذا فعلوا لأجل ضمان التمديد حتى عمر السبعين لذاك الشخص المدعوم؟.
**لقد لجأوا إلى إعداد مرسوم خاص تحت عنوان "تنظيم عمل الوزارة " وفصّلوا فيه مادّة
خاصّة على مقاس الشخص المدعوم(الذي كان هو المسؤول عن إعداد ذاك المرسوم، وعلى
جنينتهِ استفاد منه الكثيرون)، لأنّ وزيرهُ يريده لجانبهِ مدى الحياة حتى لو كان
على العكازة، وأسندَ له غالبية الملفات بالوزارة، ولذلك تراه دوما في كل مهمة
خارجية ليقبض بالعملة الصعبة.. فلا يكفي أولاده وأقاربه بالوزارة الذين يقبضون
بالعملة الصعبة، بل يجب أن يبقى هو مدى الحياة يقبض بالعملة الصعبة، مع أنه لم يخدم
واحدا من أولاده خدمة العلم يوما واحدا، كما يفعل أولاد الفقراء الذين لا يعرف
واحدهم معنى :العملة الصعبة!.
** حينما شعروا أنه لا يمكنهم التمديد له بعد الـ 66 فقد لجأوا إلى (تعديل النظام
كله)، وأفلحوا بعد جهود حثيثة ومتابعة وإصرار، على تمرير المرسوم 4 للعام 2010،
وانتزعوا من خلالهِ صلاحيات واسعة .. وبدلَ أن كان التمديد بعد الـ 65 مسألة نادرة
واستثنائية جدا جدا وتحتاج لمرسوم رئاسي، ولم تحصل إلا لشخصٍ بعينهِ، كما أشرنا،
فقد جعلوها مسألة روتينية بسيطة جدا جدا ومن حق الوزير، ولا تحتاج سوى لاقتراح
الوزير وكل من يقترح الوزير التمديد له فسوف يحظى بذلك روتينيا ويصدر المرسوم
روتينيا من الرئاسة!. وهكذا تمّ التمديد له سنة بعد أخرى بشكل روتيني حتى السبعين
عاما!.. وحينما استنفذوا فرص التمديد أبقوهُ بكل صلاحياته بموجب (عقد خبرة) !..إذ
لا يوجد أحدا ذا خبرة سوى شخص واحد فقط لا غير!.
**ولكن من هُم الذين يقترح الوزير التمديد لهم بعد عمر الـ 65 ويجوز لهم ذلك؟. إنهم فقط من يحصلون على ألقاب سفراء!. فهؤلاء بموجب المرسوم 4 يبقون حُكما حتى عُمر الـ65 ، وبعدها يتمُّ التمديد لهم بمرسوم خاص عاما بعد عام حتى عمر السبعين وحسبَ المِزاج والمحسوبية ومستوى الدّعم!..
*وبالمقابل فمن لا يمنحونهم ألقاب سفراء كـ (زملائهم) فقد أصدر الوزير قرارا
بصرفهِم في عمر الستين بخلاف كل الماضي، وبغض النظر عن خبرتهم ومؤهلاتهم وكفاءاتهم
ووطنيتهم ونظافة يدهم!. بل بينهم من ينتمون لأسر شهداء ويساعدون أبناء شهداء ولكنهم
دعسوا على الشهادة والشهداء، فهؤلاء يحتفون بهم بالإعلام ولكن بمؤسسات الدولة
فثمنهم فرنك مصدِّي وخاصّة لدى من لم يفقدوا لا أخا ولا إبنا ولا ابن أخ وليس لهم
عزيزا على الجبهات ولا يعرفون معنى الشهادة وحاجة اليتامى للعون والمساعدة،
وحساباتهم مُتخمة باليورو والدولار وأولادهم يحملون الجنسيات الأمريكية والكندية
والفرنسية والألمانية وغيرها!. ولا بأس أن يبقى المسئول على رأس عمله وقد شارف
الثمانين ويصرف من يصغرونه بعشرين عاما بحجة العمر!!.
*والسؤال: من هُم الذين يحصلون على ألقاب سفراء، وما المعايير؟. لا توجد أية معايير سوى الدّعم والواسطة والمحسوبية، حتى لو كان هناك من لا يصلح سوى مدير استعلامات على باب سفارة!. فالمحسوبية فوق مصلحة الوطن كله!!. كانت بالماضي مسألة السفراء تمرُّ عبر القيادة، ولكن بعد المرسوم 4 باتت فقط من صلاحيات الوزير، رغم أن مجلس الشعب يجب أن يكون له دورا ويخضع كل مرشّح إلى جلسة استماع أمام لجنة محددة في مجلس الشعب..
**لماذا هذه الامتيازات للسفراء فقط، مع أن الصغير والكبير يعرف أنه لا توجد أية
معايير لا موضوعية ولا منطقية، ولا أسُس لاختيارهم سوى الواسطة والمحسوبيات
والشخصنات والالتماسات؟. ولو كانت هناك أدنى حدود المعايير والمنطق والأخلاق
والضمير، لما كان الكثير منهم (حتى لا نعمم) في مواقعهم، وكنا نرى آخرون مكانهم،
لأنهم أكفأ وأخبر وأقدر وأحق بأضعاف المرات، إن لجهة الأقدمية أو التراتبية، أو
المؤهلات العلمية واللغوية، أو المقدرة على المبادرة واتخاذ القرار وتحمُّل
المسئولية، أو لجهة العطاء للوطن؟!.
*طبعا الجواب على السؤال السابق صعبٌ، مع أن الجميع يعرف الجواب، وهو أننا في مرحلة
ما قبل الدولة، ولسنا في دولة بمعنى الدولة، ولذا نتعامل بعقلية المزارع
والمحسوبيات والمحاصصات (حتى أننا لا ننسى حصة الأحبّة التركمان في المناصب ونضع
منهم في القيادات الحزبية والسفراء!. فقد ثبتَ للبعض أن التركماني هو أكثر تمسكا
بالعروبة من ابناء العروبة المناضلين من 50 سنة... وحتى لا يُفهم كلامي خطأً فأنا
مع أن يكون هناك التركماني والشركسي والأرمني وكل أطياف الوطن، ولكن على أن يتم
اختيار الأكفأ والأقدر وليس الضعفاء بينهم)..
**هذ التمييز للبعض على حساب الآخرين ليس سوى نوع من التفرقة العنصرية وتقسيم الناس
إلى فئتين : فئة مدعومين وفئة غير مدعومين .. الفئة الأولى لها كامل حقوق المواطنَة،
بل هم مواطنون درجة ممتازة، والآخرون لا يحق لهم أن يتمتعوا بكامل حقوق المواطَنَة،
ويُعامَلون كمواطنين درجة عاشرة، لأن الفرق بين صرفِهم من الخدمة وصرف زملائهم
المدعومين، هي عشر سنوات ... بين عُمر الستِّين لمواطني الدرجة العاشرة، والسبعين
عاما للمدعومين!.. وبدنا نحترم هيك دولة وهيك مسئولين يميزون بين أبناء المؤسسة
الواحدة بهذا الشكل الفاضح!.
أين هو مجلس الشعب؟. نعم هنا يتجلّى دوره أيضا..
*في المرسوم 4 المُشار إليه ورد في المادة 35 ما يلي : ( يحق للوزير أن يرفض بدون
بيان السبب وقبل إجراء المسابقة طلب أحد راغبي التعيين في وزارة الخارجية وهذا
الرفض التقديري غير تابع لاي طريق من طرق المراجعة القضائية أو الإدارية ) .. لاحظوا
أن الرفض "تقديري" ويحصل دون بيان السبب!. أين يوجد هذا في العالم؟. أن ترفِض طلبا
لابنِ وطنك يريد التقدم للمسابقة من دون أن يعرف لماذا، وماذا يوجد بحقه حتى يُرفَض
طلبه؟. هذا بدلَ أن يعرف المواطن ما هو ذنبه وما هي مشكلته حتى ينتبه لنفسه ويصحح
أخطائه، إن كان مخطئا!.. ثم ما الذي يضمن أن يكون رفض الطلب مبنيا على خلفيات
وحساسيات شخصية وكيدية لاسيما أننا في دولة لا توجد فيها أدنى المعايير والمنطق
والموضوعية والضمير وكل شيء تحكمه المحسوبيات والشخصنات والواسطات والكيديات، بل
والسائق والمرافق والسكرتيرة!..
**أعتقد من حق المواطن أن يعرف بالتفصيل لماذا تمّ رفض طلبه، ومن حق كل مواطن أن
يعرِف لماذا يُحارب حينما تتم محاربتَهُ، ويدافع عن نفسه إن كان بحقهِ افتراءات
وكيديات وتقارير ويُعطَى الفرصة لتفنيدها وتوضيح الحقائق، وإلا كيف سيشعر المواطن
أنه من هذا الوطن إن كان بلا شأنٍ ولا قيمة له لهذه الدرجة!.. بل لماذا لا يعرف حتى
الراسب في المسابقة ما هي أسباب رسوبه كي يستطِع في المرة القادمة أن يتجنبها؟. متى
سنكون شفافين وصريحين وصادقين مع المواطن؟. متى سنجعل المواطن يشعر أن له قيمة ولو
صغيرة في دولته ووطنه ؟.
*في الأردن (دولة الرجعية كما يصفونها) كانت كل تعليقات الأردنيين بعد آخر تعديل
وزاري تتناول وزير الخارجية المنصرف(ناصر جودة) وكيف له أن يبقى تسع سنوات على رأس
الخارجية!. حتى في الأردن وجَدُوها مسألة غريبة وغير مقبولة .. يعني عند "الرجعية " المسألة
ليست طبيعية لأنها تُحوِّل المؤسسات إلى مزارع ، بينما في الدول "التقدمية" الأمر
عادي أن يتناوب على الوزارة ثلاث وزراء فقط على مدى 47 عاما!.. وأن يبقى السفراء
بلا أية حدود زمنية 12 سنة و 13 سنة و 14 سنة و15 سنة و 17 سنة يقبضون بالعملة
الصعبة (آلاف الدولارات بالشهر) بينما أعلى راتب في سورية لا يعادل مائة دولار ،
وسورية باتت من أغلى دول العالم.. وشعبها من أفقر الشعوب.. هكذا نبني دولة المؤسسات.. وهكذا
نصنع العدالة وتكافؤ الفرص .. وهكذا نُوزع ثروات الوطن .. وهكذا يشعر الجميع أنهم
متساوون بالمواطنة..(وهكذا ندفع بالناس دفعا للشوارع للوقوف في وجه هكذا ممارسات
والاحتجاج على هذا التحيُّز والظلم واستغلال السلطة، والنضال لخلق دولة مؤسسات
للجميع وليس لفئة أو شريحة مدعومة في الوطن تحتكر المناصب والمكاسب ) ..
ولهذا ليس غريبٌ أننا في مرحلة ما قبل الدولة ولم نستطع أن نبني دولة قانون ومؤسسات
ومعايير وتكافؤ فرص كل هذا الزمن الطويل، لماذا؟!. إنه عموما بسبب العقليات التي
افتقرت للوجدان والضمير والأمانة، في ممارسة صلاحياتها ومسئوليتها ورفضتْ أن تعتبر
كل أبناء الوطن مواطنين متساوين وكاملي المواطنة!..ومعروفٌ كم يؤدي سلوك أولئك من
ضررٍ على الدولة والوطن!.
في آخر مسابقة لوزارة الخارجية جاؤوا بالعديد من أبناء السفراء (الذين جاؤوا بهم
اساسا من خارج السلك) وعيّنوا أولادهم دبلوماسيين، لأنه يجب أن يكون لهم امتدادا
على الدوام بالوزارة ويرثهم أولادهم من بعدهم!!.
في أحد الاجتماعات الحزبية بوزارة الخارجية كان يتحدّث معاون الوزير( وكان عسكري
بمرتبة صغيرة بالاساس وتم نقلهِ للخارجية، ومعروف بعصبيته وتسرعه وحماقته) كان يشرح
التعليمات التي يتمُّ بموجبها نقل الكوادر للسفارات، فاعترضَ البعض على كلامه
وقالوا له أنتَ بذاتك خالفتَ هذه التعليمات، ثمّ سردوا له الأمثلة بالأسماء.. فما
كان منه إلّا أن هرب للأمام وقال: ( يارفاق منبقى عالم ثالث) ..
نعم كنا عالم ثالث واليوم بتنا عالم عاشر بفضل هكذا عقول!!.. ومن هنا تولّدت
القناعة أنه يستحيل تقويم شيءٍ في هذا الوطن ما لم يتم تغيير نهج الحُكم بالكامل
وانتقالهِ إلى نهج حُكم مختلف كُلية يقوم على التعددية وصناديق الإقتراع والأغلبية
البرلمانية، ولا يكون البرلمان مجرّد هيئة لصياغة القوانين، فيمكن تشكيل لجنة من
كبار القانونيين وبمشاركة المنظمات والنقابات والوزارات المعنية لصياغة القوانين
ولا حاجة للبرلمان ما لم يكن قادرا على المراقبة والمتابعة والمحاسبة والمساءلة
والتدخل بالصغيرة والكبيرة في الدولة..
رحِم الله من قال: وأخبثُ الماء ما بقيْ في حياضٍ فحاولوا التغييرا ... نعم حينما
يبقى الماء في الحياض زمنا طويلا بلا تغيير فسوف يصبح سببا للتسمم...
شكرا لسيريا نيوز التي تنشر هذه المواضيع التي تضع اليد مباشرة على الجرح وتفضح أهل النفاق والفاسدين والمفسدين بهذه الدولة الذين يعتقدون ان الناس ساذجة ولا تعرف حقيقتهم- هناك من يسعون دوما لتبرير العجز عن مكافحة الفساد وكل مرّة يخبرونك خبرية مختلفة وآخرها وجود ثغرات بالقوانين وحقيقة الأمر الثغرات هي في الضمائر والوجدان والعقول- لأن أهل الفساد هم أهل السلطة والنفوذ الذين يستغلون سلطتهم ونفوذهم لأجل الثراء وهم معروفون ولم يحاسبهم أحدا!! بل هناك أقارب لأهل السلطة ليسوا في المناصب ومن أفسد الفاسدين !!
at the end they will tell you this is what the president want, shut up