كعادته كان جالساً ذاك المساء الحزين الذي يشبه المآتم بهوله ! ورغيف الفقراء بإحمراره.
عيناه حائرتان لا تهدأن.كان حائرا خائفا فرحا يائسا... مليئا بالمعجزات والأسئلة كالثقب الأسود!!
روحه تنازع تتخبط كطائر حر في قفص لعين. جسده مرتعش مضطرب ويداه باردتان من نوبة السُكر والقذارة المتراكمة في دمائه..
هذا المساء ما أنفك يزوره كل عام وفي نفس الشكل والتوقيت.منذ ثلاثة عشر عام.
هذا المساء هو الصورة الأخيرة للوطن في عينيه والآن تفصل بينه وبين عينيه تضاريس ومسافات وذاكرة هرمة..كحضور الآبالسة يأتي المساء. وكالأنبياء يرحل بسلام مميت.كالروح التي تخرج دافئة من جسد بارد يغادر..لتعود الأشياء لحالتها المعتادة..
في ذات الليلة قرر الذهاب لمسامرة أقرباء له عله ينسى...
قال إن أدوية المسكنات تشبه الذاكرة والأحلام...
ضحك أحد الموجودين.معلقا..
-ليت عندي زجاجة خمر كي نسقيك ونستمع لتخاريفك التي أكل الدهر عليها وشرب..
ونسمع شعرك الغزلي في ذلك الوطن اللعين الذي بصقنا حتى أصبحنا كالمشردين!!
إحمر وجهه وأبدى إنزعاجا واضحا ..
-نحن من بصقناه؟!
وفضلنا المال والهروب والبعد عن دفئ حضنه وفهمه بالطريقة الصحيحة.
نحن خونة وجبناء إخترعنا النكسة والخوف وعشنا تحت ظلالهم..
نحن....
قاطعه أحد الحضور.بقرف يشبه وجهه
-الحنان ما بطعمي خبز؟؟!!
كالصاعقة حلت علية تلك العبارة داهمه كابوس لعين أشياء قذرة تحمل أشكالا سوداء فوق وجوهها وأطياف كلمات مازالت عالقة في ذاكرته كالسوس الذي ينخر جذع شجرة..
في داخله الآن تتقد النيران قال في نفسه.
-ليت الخبز هو مشكلتنا..ضحك ضحكة أشبه بالموت بالمرض المزمن(عاهه)..
-تصبحون على خير..
أكمل الجملة وجرَّ أذيال هزائمه وبقايا روحه وخرج من الباب الخلفي.ليتلقاه الزقاق الحالك الظلام قرر سرج ذاكرته تتقيَّؤ أحلاما كثيرة ومواعيد ووجوه وآمال لاحدود لها.
هذا الزقاق كآماله..وصل لغرفته فتح الباب برعشة دخل رمى جثته على السرير .. ونام..
نام دون أن يشعل ضوء الغرفة.....
أحلام سعيدة يا صديقي المغترب...
قاطعه أحد الحضور.بقرف يشبه وجهه -الحنان ما بطعمي خبز؟؟!! يعني عن جد كنت بحاجة لأجابة مفحمة محصنة من هل قصة لهل الجواب انو الحنان ما بطعمي خبز - مع إني مقتنع بانو الغربة حقيرة 100% بدون ما أعزب حالي بالبحث عن جواب
الجواب واضح سيدي الكريم بما معناه انو الفقر مسيطر على لغتنا دوما كمغتربين نبحث عن رغيف ولكن قصدت باختصار في المشاركة عدم فهم الانتماء والوطنية بشكل خاطئ وهو الفصل بين الوطن بصورة الحنان وبين الرغيف المر في الاغتراب في بلادنا يوجد رغيف ايضا مشموزل بالحنان والوطن