syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
افتتاحية نيويورك تايمز: لماذا ترامب خائف من روسيا إلى هذا الحد؟ ترجمة: محمد نجدة شهيد

كان المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جون برينان صريحاً في حديثه يوم أمس الأربعاء عندما سُئل عن سبب قيام الرئيس ترامب بتقديم التهاني لنظيره الروسي بوتين لفوزه في انتخابات مزورة حتى بعد أن حذره موظفو الأمن القومي من مغبة القيام بذلك.
 


وقال برينان في برنامج "صباح الخير" الذي تبثه قناة ان بي سي عن المكالمة الهاتفية بين الرئيسين يوم أمس الأول الثلاثاء "أعتقد أنه خائف من رئيس روسيا ، وأن لدى الروس اتصالات قديمة مع الرئيس ترامب وربما يكون لديهم أشياء عن ترامب يُمكن أن يكشفوها".

وقد نوقشت احتمالية أن يكون بوتين يُمسك على ترامب بعض الأشياء على مدار العام الماضي بشكل غير مباشر حيث أظهر الرئيس ترامب عاطفة محببة للرئيس الروسي وتجاهل أو عذر سلوكه العدواني وأنشطته الشائنة وأهمها التدخل للتأثير في نتائج الانتخابات الأمريكية الرئاسية لعام 2016 ، وهو موضوع تحقيق يجريه المحقق الخاص روبرت مولر.

لكن بعض المدافعين عن الرئيس ترامب ذكروا أن الرئيس باراك أوباما سبق وأن أتصل أيضاً بالرئيس بوتين عندما تم انتخابه رئيساً في عام 2012. هذا صحيح لكن الظروف الحالية مختلفة جداً .
ففي السنوات الماضية أصبح الرئيس بوتين مستبداً على نحو متزايد حيث سحق معظم معارضيه السياسيين وعمل على إعادة انتخابه غير النزيه هذا الأسبوع.

ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية إنهم على يقين من أن بوتين تدخل في الانتخابات الأمريكية الرئاسية لعام 2016 لدعم فوز ترامب، وهو يحاول التدخل مرة أخرى للتأثير في نتائجانتخابات عام 2018 ، وكذلك في العديد من الانتخابات الأوروبية.إضافة إلى ذلك ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014 ، وتشن الحرب في أوكرانيا وفي سورية لتمكين الحكومة السورية من البقاء في الحكم.

وفي الوقت الذي فرضت فيه الإدارة مؤخراً عقوباتها الأولى ذات التأثير على روسيا لتدخلها في الانتخاباتوغيرها من الهجمات الإلكترونية المدمرة ، وحملت روسيا مسؤولية تسميم جاسوس روسي مزدوج سابق سيرجي سكريبالوابنته يوليا في بريطانيا ، امتنع الرئيس ترامب عن انتقاد الرئيس بوتين أو الدعوة إلى محاسبته عن هذه الأعمال .وقد عززت المكالمة الهاتفية الأخيرة هذا النهج.

إن ما لم يقله الرئيس ترامب للرئيس بوتين كان مهماً تماماً مثل ما قاله خلال المكالمة الهاتفية.
فهو لم يطالب الرئيس بوتين بالتوقف عن التدخل في الانتخابات الأمريكية الرئاسية أو غيرها، كما أنه لم يتطرق حتى إلى دور موسكو في واقعة تسميم سكريبال وابنته. كما أنه لم يُشر أيضاً إلى النظام السياسي غير العادل الذي يحرم الروس من أن يكون لهم رأي حقيقي في حكومتهم.
وقد عززت في وقت لاحق سارة ساندرز السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض عدم اهتمام الرئيس ترامب بمثل هذه المسائل عندما قالت للصحفيين بأنه ليس مهمةأمريكا التساؤل حول الطريقة التي تجري بها الدول الأخرى انتخاباتها.

وفي الآونة الأخيرة أصبح التباين أكثر وضوحاً بين الرئيس ترامب ومستشاريه الذي نأخذوا يتلقون في ما يبدو تهديدات أكثر جدية من روسيا.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لصحيفة التايمز أن الرئيس ترامب لا يُريد معاداة بوتين لأن تعزيز العلاقة بينهما هو الطريقة الوحيدة لتحسين العلاقات بين البلدين. كما قال الرئيس ترامب يوم أول أمس الثلاثاء أنه يأمل في مقابلة الرئيس بوتين قريباً ، وفي مناقشة منع سباق التسلح ، وهو سباق للتسلح يُشجعه كلا الرئيسين بالكلام الفضفاض والاستثمار في الأسلحة الجديدة.

ومما لا شك فيه فإن إشراك روسيا ومنع سباق التسلح أمران مهمان . لكن من الصعب أن نرى كيف سيؤدي التشجيع واسترضاء المتنمرين إلى تعزيز المصالح الأمريكية. وهذا ليس هو النهج الذي سلكه الرئيس ترامب مع خصوم آخرين مثل كوريا الشمالية أو إيران ، أو حتى مع بعض الحلفاء.وفي الوقت الذي يعمل فيه الرئيس ترامب على إرضاء الرئيس بوتين، فإن انتقاده للسيد مولر أصبح أكثر قسوةحيث أصبح التحقيق الذي يُجريه يُثير مخاوف متزايدة الجدية بشأن شبكة من العلاقات تربط مساعدي ترامب بروسيا.

وقد أقر مستشار الأمن القومي السابق للرئيس ترامب ، مايكل فلين ، بأنه مذنب في الكذب بشأن تورطه مع روسيا. كما أعترف مستشار سابق للسياسة الخارجية، جورج بابادوبولوس، بأنه مذنب أيضاً في الكذب بشأن تورطه مع الروس. وأقر نائب رئيس الحملة الانتخابية الرئاسية السابق ، ريك غيتس ، الذي كان له صلاته الخاصة بروسيا، إلى جانب رئيس الحملة الانتخابية السابق المدان حالياً ، بول مانافورت ،بأنه مذنب في الكذب بشأن المسائل ذات الصلة بالتدخل الروسي .

لقد طلب السيد مولر من شركات الرئيس ترامب تسليمه جميع الوثائق المتعلقة بروسيا. ويقول ديمقراطيون في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب إن السيد ترامب كان "يتفاوض بنشاط في موسكو حول صفقة تجارية مع بنك روسي يخضع للعقوبات الأمريكية " خلال فترة الحملة الانتخابية لعام 2016.ووجه مولر اتهامات بضلوع 13 روسياً في التآمر للتأثير في نتائج الانتخابات الأمريكية الرئاسية لعام 2016 بهدف ضمان فوز السيد ترامب وإيصاله للبيت الأبيض.

ويعرف السيد برينان أكثر من أي شخص آخرحجم التهديدات المحتملة لأمريكا ، ولكنه ليس الوحيد الذي يتحدثعن ذلك. فقد انتقد السناتورماكين الرئيس ترامب ، قائلاً: " لا يُمكن لرئيسٍ أمريكي ٍقيادة العالم الحر من خلال تهنئة الحكام المستبدين على الفوز بانتخابات زائفة". وحتى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ، ميتشماكونيل ، الذي نادراً ما يُعارض الرئيس ترامب ،قال أن إجراء اتصال هاتفي بالرئيس بوتين "لا يُمكن أن يكون على رأس قائمة أولوياتي".

وخلاصة القول ، إذا كان الرئيس ترامب ليس بالفعل مجرد تابع للرئيس بوتين ، فقد حان الوقت لكي يثبت صحة ذلك. افتتاحية صحيفة نيويورك تايمز الخميس 22-3-2018.
https://www.nytimes.com/2018/03/21/opinion/donald-trump-russia-putin.html?

2018-04-21
التعليقات