syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
الواشنطن بوست: التفاهمات الروسية الأمريكية الجديدة حول سورية...ترجمة: محمد نجدة شهيد

تقترب الحرب الكارثية في سورية مما قد يكون نهاية دبلوماسية حيث تعمل الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل على بلورة اتفاق يتضمن بقاء الحكومة السورية مقابل تعهدات روسية باحتواء المدّ الإيراني في البلاد.

لقد أصبح الآن احتواء المدّ الإيراني ابتداءً من سورية الهدف الوحيد لإدارة الرئيس ترامب بعد أن زال خطر تنظيم داعش تقريباً . ويبدو أن الرئيس ترامب بات مستعداً الآن لتبني سياسة من شأنها إضفاء الشرعية على الحكومة السورية والتخلي عن بعض فصائل المعارضة السورية التي تم تدريبها من قبل الولايات المتحدة.
 


لقد ارتدت سياسة الرئيس ترامب حول سورية مراراً جيئة وذهاباً ككرة الطاولة. ولكن السمة الأكثر تناسقاً في سياسته هي عدم ثقته بالتعهدات الأمريكية العسكرية في الشرق الأوسط التي قدمها أسلافه جورج دبليو بوش وباراك أوباما. ويبدو أنه يقوم بالتخلي عنها خطوة خطوة .

وتأتي المباحثات الدبلوماسية الجارية حالياً حول سورية في وقت يستعد فيه الرئيس ترامب لعقد قمة في يوم 16 تموز المقبل مع الرئيس بوتين في هلسنكي. ولا يعلم الدبلوماسيون الأجانب وحتى مسؤولو الإدارة على وجه اليقين المواضيع المدرجة في جدول الأعمال ، لكن من المؤكد أن الوضع في سورية سيكون موجوداً بقوة في الجدول .

أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في الاتفاق الذي يتبلور الآن حول سورية هو أنه يجري بالتعاون الوثيق بين روسيا وإسرائيل. ويُركز جدول الأعمال الإسرائيلي بقوة ، مثل الرئيس ترامب ، على التصدي للمدّ الإيراني ودحره بعد أن استنتج الإسرائيليون الآن فيما يبدو أن الرئيس بوتين هو شريك إقليمي يُمكن الوثوق به .

لقد عرض خبراء إسرائيليون وأوروبيون وأمريكيون بعض الجوانب العامة للاتفاق المحتمل الذي يتبلور الآن حول سورية. ففي مقابل تنازل الولايات المتحدة عن مطالبها بإجراء انتقال سياسي في سورية ، ستدعم روسيا مختلف التدابير لاحتواء المدّ الإيراني ، بما في ذلك:

● إبعاد القوات المدعومة من إيران حتى مسافة 80 كم على الأقل من الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان. ( المقصود هنا فيما يبدو إنشاء منطقة عازلة ـ المترجم ) .

● يكون لدى إسرائيل موافقة روسية ضمنية لمهاجمة أهداف إيرانية تشكل خطر على إسرائيل في سورية طالما أن القوات الروسية لا تتعرض خلال ذلك للخطر . في الحقيقة لقد مارست إسرائيل هذه الحرية في العمل في الأسابيع الأخيرة لضرب قواعد إيرانية سرية لمنع محاولة طهران فتح "جبهة ثانية" في سورية ضد إسرائيل تكمل جبهة حزب الله في لبنان.

● يعزز الجيش السوري ، المدعوم من الطيران الروسي ، سيطرته على جنوب غرب سورية ويستعيد مواقعه على الحدود الأردنية. ويبدو أن الأردن يفضل هذا الوضع الجديد على الحدود لأنه قد يسمح باستئناف حركة مرور الشاحنات مما يعزز الاقتصاد الأردني الذي يُعاني من ضائقة مالية. كما ويبدو أن قوات المعارضة في الجنوب الغربي ستُترك لتواجه مصيرها بمفردها . ومع فرار آلاف اللاجئين السوريين الجدد نحو حدود أردنية مغلقة ، فمن الممكن حدوث مذبحة جديدة للمدنيين المحاصرين.

● تقوم الشرطة العسكرية الروسية بتسيير دوريات منتظمة في مناطق جنوب غرب سورية وربما في مناطق أخرى لتحقيق الاستقرار فيها. لكن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين شكك في قدرة روسيا على تحقيق ذلك محذراً من أن أي توقع بأن هذه القوات الروسية ستعني الأمن "يعتمد على التمني بدلاً من الواقع". وستحتفظ الولايات المتحدة في الوقت الحالي بتواجدها في التنف بجنوب سورية لمنع أي تقدم إيراني هناك.

● يقوم الجيش السوري بدعم روسي بتوسيع نطاق انتشاره في المناطق التي تتواجد فيها القوات الكردية السورية في شمال شرق سورية حيث شارك فيها هؤلاء بنجاح مع القوات الأمريكية في هزيمة تنظيم داعش واستعادة الاستقرار. ويأمل القادة الأمريكيون أن تبقى القوات الأمريكية هناك لمدة 18 شهراً أو أكثر. لكن الرئيس ترامب سبق وأن أعرب عن نفاد صبره فيما يتعلق بهذه المهمة.

ويشعر قادة المعارضة السورية بخيبة أمل كبيرة من الاتفاق الذي يتبلور الآن بين روسيا والولايات المتحدة ، وحذرني أحدهم من أن "الخيانة" الأمريكية ستكون حاضنة لظهور حركات جهادية جديدة في المستقبل. وتشكك بشدة الدول الأوروبية ، التي كانت حليفاً سرياً رئيسياً في سورية ، في نجاح خطة احتواء المدّ الإيراني في سورية . وحسب ما أخبرني دبلوماسي أوروبي فقد " حذرت كل من بريطانيا وفرنسا الولايات المتحدة من أنه من غير المحتمل إلى حد كبير أن يكون لدى روسيا من القوة على الأرض ما يكفي لإخراج الإيرانيين من المناطق التي يُسيطرون عليها الآن".

إن استعداد الرئيس ترامب للتسليم بالنفوذ الروسي في سورية، والتخلي عن المكاسب الأميركية التي تحققت هناك بصعوبة ، يُزعج العديد من مسؤولي البنتاغون ، لكن يبدو أنهم باتوا يفقدون الحجة لدعم موقفهم .

وفي الوقت الذي يستعد فيه الرئيس بوتين لحضور القمة ، يستحق هنا أن نتوقف للحظة حتى ندرك كيف لعب هذا الرجل أوراقه بذكاء . فقد بدأت روسيا تلعب دور الموازن الإقليمي الذي لا غنى عنه ، وهو نفس الدور الذي طالما كانت الولايات المتحدة تتبجح في القيام به . وأصبحت روسيا تحافظ بطريقة ما على علاقات جيدة مع كل من إيران وإسرائيل. ولديها علاقات متنامية مع السعودية والإمارات ، وتتحاور في نفس الوقت مع الأكراد السوريين وخصومهم الألدّاء في تركيا.

صحيح أن الرئيس بوتين يتمتع في المحافل الدولية بسمعة بلطجي سابق في الاستخبارات الروسية ، إلا أن استراتيجيته في سورية ، والحق يُقال ، تستحضر المبدأ الصيني البارع في إخضاع العدو بدون منازلته . لقد استحوذ الرئيس بوتين بالفعل على مكانة عالية في سورية بأقل تكلفة ممكنة في الوقت الذي يبدو فيه الآن الرئيس ترامب المُحترِم لرغبات الرئيس بوتين مستعداً للتسليم بانتصاره في سورية.

ديفيد إغناتيوس . الواشنطن بوست . 29-6-2018.

https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/is-trump-handing-putin-a-victory-in-syria/2018/06/28/a853657a-7b14-11e8-93cc-6d3beccdd7a3_story.html?utm_term=.6efcb457ab90
 

2018-07-15
التعليقات