على جدار إسمنتي عالي, ظهرت الساعة الرقمية, لتعلن عن نهاية آخر دقيقة من عامنا الراحل, مرت الثواني متثاقلة, لتمتد الثانية كأنها ساعة أو حتى أكثر.
رفيقي بجانبي يرصد الحدث, و يجهز آلة التصوير, الكل متهيئ و مستعد ليعبر عن فرحه بعام قد مر بسرعة البرق, في هذه اللحظة, شريط ذكرياتي بدأ بالتسارع, ليعود الزمن بي إلى لحظات و مشاهد حاولت تناسيها طوال تلك الفترة, تذكرت كيف سافرت, وفات ثلاثة من عائلتي, أمور لا بد أن تترك غصة في قلب أي إنسان.
ما إن انتهت الدقيقة الأخيرة, حتى انطلقت الألعاب النارية, لتعبر عن فرحة الناس بحلول عام جديد, امتزجت الألوان في ضباب الليل, لتشكل لوحة جميلة, صنعتها أيادي البشر, هي نفسها تلك الأيادي التي صنعت أسلحة الدمار, أغمضت عينيَّ لأسمع صوت الانفجارات, تذكرت أولئك الناس الذين ملوا صوت القنابل, كرهوا كل صوت وقف في وجههم, في وجه حريتهم, أطفال هنا لضجة القنابل فرحوا, وغيرهم في بلاد الحرب, حُرموا من عظمة الهدوء, أناس تغنوا بجمال النار وتفاءلوا, وآخرين من حمى النار شبعوا, وتشاءموا.
تزينت الساحة, بألوان العالم المتنوع, أجناس مختلفة, توحدوا هنا في هذا المكان ليته سمي ساحة الحرية والمساواة.
انطلقت زغرودة امرأة عربية, شعور ما انتابني, تذكرت فرح إخوتي, زغرودة أم تزف خبر استشهاد ابنها, انطلقت عدة تكبيرات بعد الزغرودة العربية, الله أكبر الله أكبر, هل حان موعد آذان منتصف الليل, سؤال بدا لي عندما كنت غارقاً في فوضة الاحتفال.
عائلة افريقية اصطفت لأخذ صور تذكارية, ضحكاتهم كادت تخرج من عدسة المصور, فرحت كثيراً, قلت في نفسي, ما زالت الدنيا بخير, تناسيت صمت الفقر المحدق في القارة السمراء.
رجل أوربي كهل على عكاز, كان يحدق في كبد السماء, نظرة, حاولت تحليلها, فخرجت معي بعض الأفكار, أظنه كان يتساءل هل أكون هنا في العام القادم؟ أين زوجتي التي كانت تحتفل معي منذ عدة أعوام, أين هي الآن, أولادي في أي مكان يحتفلون؟
نظرت على يسار المشهد المتنوع, مجموعة شباب و شابات من جنوبي شرق آسيا, تسلحوا بكاميرات متطورة, ضحكة جميلة كانت على محياهم, هم نفسهم أحفاد قنبلة هيروشيما و ناغازاكي, لكن هم الآن يحتفلون بولادة عام جديد, يفكرون باختراعات تساعد البشرية على قضاء احتياجاتهم اليومية.
جنون من أمريكا الجنوبية, يرقصون السالسا و التانغو و السامبا, على ايقاعات غربية, كان فولار تشي غيفارا حاضراً بقوة, أناس همهم الاحتفال و الفرح, رغم تعاسة العيش البسيط, و تعاسة رائحة الأفيون الذي يغطي سماء قارتهم الحديثة.
رجل بطاقية الكوبويّ, و سيجارة المالبورو, كان واثقاً من نفسه, يكلم بعض الأصدقاء بلكنة أمريكية معروفة, يبدو سعيداً لما سيحدث في العام القادم.
شاهدت العالم بكامله بمدة لا تتجاوز عشرون دقيقة, كان ختام الاحتفال أغنية عربية, ارضاء لبعض الجمهور المتواجد على أرض بروكسل.
عدنا بعد الاحتفال, تهنا في مغارات الميترو, حظنا بدا غير جميل, مع بداية العام الحاليّ, لكن بقليل من الصبر وصلنا منازلنا, والتعب بادياً علينا, كلٌ منا نام دون حراك, ليبدأ يومه الجديد.
وفات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الصحيح وفاة أتمنى أنها قد سقطت سهواً
أشكر الأخ العزيز محمد وأتمنى لك المزيد من العطاء والكتابات الجميلة فذلك الاجتماع العالمي الذي حضرته في رأس السنة بتنا بحاجة لنراه يضم اهل الدنيا جميعا وينسون صراعاتهم ولو ليوم واحد ويودوا كما كانوا أمة واحدةلا يعتدون ولا يظلمون بعضهم لأسباب يتسيدها الشر ولا شيء سواه فالحس الانساني يكفي ليعيد بني الانسان إلى اخوتهم وسابق عهدهم في المحبة والتواصل الأخوي(( لمجرد أنك انسان )) بارك الله بك وزادك وكل عام وبنو الانسان بخير
الف شكر لكل شخص مر من هنا ... بالنسبة لكلمة وفات نعم انها سقطت سهواً ... مشكور اخي الكريم على هذه القراءة الناقدة لكن اتمنى انني وفقت في ايصال صورة ما جرى ... ولك فائق مودتي وشكرا للأخ ابو الوليد لكلماته الطيبة ...