syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
لحظة ميلاد .. بقلم: م. مازن تكريتي

مجموعة خواطر تحمل بين طياتها حياة غادرتني و أمل انسحق، لقد أثقلتني آلامي وتفجرت لتخلل قلب منهك وتقويه على نفسه لتخرجه إلى النور لتسطر واقع جديد يكون الفرح حجر أساسه، لأصبح أقوى من ذي قبل .....


 لحظة ميلاد ..

 جلس أمام الموقد الآجر الجميل يتمتع بدفء ألسنة اللهب الزرقاء المتطايرة منه وبجانبه رقد كلبه الأسود الضخم يلوح بذنبه ويتأمله .. بدا وكأنه قد استشاط غيظاً وهو يتابع جلوس صاحبه الكئيب هناك .. على ذلك الكرسي الهزاز عند تلك الزاوية يتابع حركة ألسنة النار .. يسرح بخياله .. كم ابتعد عن كونه ذلك الرجل الشرقي المحافظ .. 

دام الأمر لأكثر من ساعة .. وهو يضع يديه على ركبتيه يحركهما علّه يجد بعض الدفء في أكثر الليالي السوداء المثلجة .. يهز سمعه أصوات أجراس الميلاد حول كوخه ينتظر وبفارغ الصبر اجتماع كامل أصدقائه .. كان يتلهف شوقاً لوضع اللمسات الأخيرة على شجرة الميلاد التي زيّنها بنفسه وحاول طوال الأسبوع المنصرم أن يتكلل جهده بالنجاح وأن تكون هذه المرة هي الأفضل من السنوات السابقة إذ أنها في منزله هذا العام.

 لحظات ورنّ الجرس معلناً وصول أول القادمين لزيارته .. كان أعزّ أصدقاءه الذي سرعان ما طفق يجهز طعام العشاء معه استعداداً لوصول بقية أصدقائه .. مرّت الدقائق التالية بسرعة تصف بهجة استقبال الوافدين إلى ليلة الميلاد تلك للاحتفال معاً .. كانت بالطبع هي آخرهم .. كانت حبيبته .. كم أدفأه وصولها .. أعاد له روحه الهاربة منه .. وهي كانت قاسيةً بعض الشيء كما هو حال ليل الشتاء البارد الذي ما إن ينتهي سرعان ما أن يبدأ من جديد .. كيف لا وهو في أحد مناطق غرب أوروبا ..

نعم لكم تبدلت عاداته وتغيرت وانطوت عليه عادات الغرب فهاهو يحتفي معهم وكأنه واحد منهم .. لعلّ ذلك فقط لكونها واحدةً منهم .. عزائه الوحيد أنها كانت من أصول عربية .. نعم كانت خائفة قليلاً حول كيفية تحديد نوعية العلاقة التي كانت تربطهما وهما يختلفان في الأديان السماوية .. نعم كانت تلك نقطة الخلاف الدائم بينهما.

 

بدأ الثلج ينهمر بشكل غزير لم تألفه عيناه بعد .. تمنى أن يمكُث الجميع هنا في الكوخ معه لعدة أيام وهو يعلم تماماً أن هذا الكوخ لم يكن معد للحالات الطارئة ..

ساد الصمت خلال الردهة بعض الوقت والكل ينظر إليه وهو يحاول ردّ دمعة أبت إلاّ أن تفضح نفسها بين الحاضرين .. وسط نقاش حاد حول علاقتهما جدّياً .. وغادرت هي من فورها قبل أن يبدأ الاحتفال حتى .. بعد أن افتعلت شجاراً لا أصل له ..

نعم كانت قاسيةً كليلته هذه .. كم تمنى أن تكون عيداً .. مرت الدقائق التالية ببطء شديد ما لبث أن سُمع صوت نقر خفيف على باب الكوخ .. فتح الباب وهو متثاقل .. فاجأته بنفسها مرةً أخرى معتذرةً عمّا بدر منها منذ لحظات طالبةً منه أن يغفر لها ذلك .. لقد استطاعت وبخبث ماكر طبع قبلة على ثغره وهما يقفان تحت تلك الباقة محاولة استجداء عفوه عنها وهو كان أضعف من أن يخذل اعتذارها هذا .. في لحظة الميلاد .. عند تمام الساعة الثانية عشرة .. فما كان منه إلا أن أعلن استعداده فوراً للارتباط بها .. ببلاهة شديدة .. متجاهلاً كافة نقاط الخلاف السابقة وكأنه ولد من جديد. 

 

روابط أخرى ..

http://www.syria-news.com/listrelated. sy_related=878

2011-01-08
التعليقات
مازن أبو حميد
2011-10-27 11:47:47
تعليق
لقد قرأت قصتك القصيرة وقد رأيت انها بالمجمل جميلة وأتمنى لك التوفيق بباقي قصصك رغم ان هناك وصف استوقفني وهو السوداء المثلجة فنحن نعلم ان الليالي المثلجة تكون بيضاء وليست سوداء ارجو ان تتقبل نقدي بروح رياضية (مابقدر ما علق هههههههههههه)

سوريا
shaza
2011-01-09 06:28:31
-
هل هي لحظة ميلاد أم لحظة تجدد لحب نائم. تعابير جميلة دمت ودام قلبك.

سوريا