وقفت أمام المرآة .....وتخيلت....ماذا لو في يوم من الأيام انقلب الزمان وعادت المرآة تعرض ما حدث امامها.....

تقف امرأة امام المرآة لترى حياتها التي قضتها بصحبة زوجها المريض وما عانته من آلام وهو مريض يتأوه تارة وتارة اخرى يجور عليها بيده أو بلسانه لانه يرى نفسه يقترب من الموت وسيتركها في الحياة......رأت كل ما مّر من أحداث امام عينيها على المرآة ورأت كيف بكى ابناؤها اباهم وكيف بكت زوجها وهي تعلم ما عانته منه هو من تبعات المرض وضعف الروح......

تقف امرأة أمام المرآة لترى نفسها أيام الشباب ووجهها يلمع حيوية مشدود الحواف نضر اللون مضاء بالبسمات.....وكيف كانت تداعب اصابعها بشرتها وتمر بالألوان الزاهية على بشرتها البيضاء.....وتنثر شهرها الغزير على اكتافها لتعاجله بضربات متتالية بفرشاة عاجية لتلمح عيناه ترمقانها بمحبة واعجاب.......                                                                                                         لم يتغير ما في الصدور ولكن كل شيء تغير من بشرتها... شعرها...حتى تلك الفرشاة العاجية...وحتى عينيه اصبحتا ذابلتين كثيرة التجاعيد ولكنهما تمتلئان بنفس الدفئ......     

تقف امرأة أمام المرآة تلك التي تقع خلف الباب لترى نظرات وحركات من استضافتهم في منزلها....منهم من كان محبا ومنهم من كان كمن كانت سبب فقرهم وفشلهم في الحياة....وبنفس المرآة ترى لحظات الوداع المرّة لزوجها المسافر والدمعات التي ذرفتها على أمل عودته بسلامة....وأيضا لحظات عودته من سفره وفرحتها وفرحته بلقائها ولقاء أطفاله....

هل تعلمون أننا حينما نكون في هاوية الحزن والغم لا نلتفت للمرآة نحن النساء.... الا عندما نذهب لنغسل دموعنا عن وجوهنا....وذلك نادرا لأننا نحب أن نسقيها للوسائد                                   

الدواء الحقيقي ان ننظر للمرآة ولو مرة واحدة على الأقل عندما نشعر بالملل.....

اتمنى ان لا تعود المرآة لتعرض ما فات من حياتنا لأن المرآة الحقيقية تسكن في عقولنا ولكنها بأسم الذاكرة......الا ان المرآة ستعود لأدق التفاصيل كل منا ما فاته وسهت عنه الذاكرة....لذلك أنا بغنى عن الألم الذي ستسببه.....لأن مرآتي - ذاكرتي - تحتفظ بالكثير عن آلامي وآلام من أحب من الناس

تحيتي ومحبتي لكم