حكاية ليست من هذا الزمن
جلس في الشرفة..مج في سيجارته عميقا..كان يراقب دخان سيجارته الذي سرعان ما يتلاشى...قال في سره..كم من الشبه بين هذا الدخان والحياة...حاول ان يتذكر المحطات الكبيرة في حياته...أبتسم لهذه التسمية..المحطات الكبيرة..قال ساخرا:هل تعتقد
نفسك بونابرت اخر؟.
ليست في حياتك محطات لا صغيرة ولا كبيرة...أنت مجرد رقم..نعم مجرد رقم ...نملة صغيرة..السنين
التي تركتها وراءك ليست سوى فقاعات صابون...غيوم عاقر.تطلع الى السماء..كانت الغيوم تتلاشى مثل قطيع ماشية هاجمها ذئب
سأل في سره:
لماذا تهرب الغيوم الى أمكنة أخرى؟
لماذا لا يهطل مطرا...تذكر وجه الأرض صباح هذا اليوم وهو في طريقه للمدرسة
كانت اخاديد العطش والقحط تحفر ذلك الوجه...بدا مثل وجه طفل يتيم لا يملك مأوى والليل بارد...دونما سبب واضح تذكر ذلك الطبيب
كثرت الروايات حوله...أقتربت بعض الحكايا التي نسجت حوله من الاساطير..بل ربما في احايين كثيرة تفوقت عليها...كان في الأربعين
أقل قليلا...أكثر قليلا..استيقظت المدينة صباح ذات يوم لتجد اسمه على لافتة فوق بيت وسط المدينة..سوق المدينة..كانت المدينة في ذلك
الزمن صغيرة ويهطل فيها مطر كثير...كانت حقول الحنطة تطوق المدينة كيد خضراء رحيمة...كان يرتدي دوما قميصا ابيض وسروالا رماديا
صباح الخير...كانت كلمته وهو يدخل عيادته وبنظرة سريعة تتنقل عيناه في وجوه المرضى...يرشف في فنجان قهوته التي كانت دوما تسبقه الى
غرفته..يصنعها رجل يسجل له اسماء المرضى وينظف المكان حين ينتهي الطبيب الشاب...كان الطبيب قليل الكلام...كان يقرأ وجه المريض
وكثيرا ما خاطب الرجل العامل لديه:رد لهذا المريض ماله ...لم يكن يكتفي بذلك..كان يتناول علبة دواء من رف في عيادته ويسلمه للمريض بعد
ان يشرح له طريقة الاستعمال....لم يكتف الطبيب الشاب بذلك..لو زارته امرأة عجوز...أم يتيم..رجل عاجز..كان يمد يده في جيبه
ويضع في يد المريض كل ما كان في جيبه من مال ويقول له:خذ هذا...أنت تحتاج للغذاء الجيد...اكثر من الفواكه...تجاوز الطبيب كل الحكايات التي
نسجت حوله...قيل انه كان يدفع وبشكل منتظم لعائلات كثيرة....كان يختارها بعناية..رجلا هرما...امرأة ليس لها أحد غير الرب...
لم يكن لهذا الطبيب بيت...كان ينام في فندق قريب من عيادته...استأجر هناك غرفتين...عندما يهبط الليل كان يخرج..كل المدينة كانت تعلم ان
الطبيب الشاب يتجرع في ذلك المحل العرق المفضل لديه...عرق البطة...كان يشرب كثيرا..يتكلم قليلا...قيل انه من عائلة ثرية ومشهورة
وقيل انه الأبن الوحيد لتاجر يملك ثروة خرافية...لم يكن من سكان تلك المدينة..كان قد جاء من مكان آخر..لا احد يدري سبب أختياره لهذه المدينة
التي تشبه الريف اكثر ما تكون مدينة....ظل الطبيب عشرين سنة في تلك المدينة...وكما استيقظت المدينة ذات يوم لتجد عيادته استيقظت ذات يوم
وكان الطبيب قد غادر تلك المدينة..لا أحد يعلم أين ذهب ذلك الطبيب...قيل انه سافر لبلاد بعيدة...قيل انه ذهب للعاصمة وقد أقسم الكثرون أنهم شاهدوه
في شوارع العاصمة...وقيل ايضا انه رفض مشيئة والده في أن يتزوج احدى قريباته...وهاجر مع امرأة كانت تحبه ويحبها...فعل ذلك بعد ان رفض
الوالد أن يبارك له زواجه...
استيقظ من شروده...لا يدري لماذا تذكر ذلك الطبيب...في زمن ذلك الطبيب كانت حقول المدينة خضراء دوما...لم يكن الناس يصلون طلبا للمطر
كانوا يصلون حتى لا يغرق الله مدينتهم....تأكد بشكل ما ان السماء تغيرت طباعها في هذه المدينة عندما تبدلت نفوس ساكنيها.
رسالة الى امرأة ما
ذات العينين البدويتين...أقول لك سرا..قد سقطت في عشق هاتين العينين..كنت أدرك دوما ان الله خلق المرأة من أوراق الياسمين والنعناع.
حين عرفتك سألت نفسي كم من الحدائق أحتاجها الرب ليصنع امرأة مثلك...أنفاسك الدافئة في صدري تحوله الى ادغال من اشجار النخيل..
يا ذات العينين الحمامتين....يا من صارت اسراب السنونو لا تهاجر في الشتاء بل تسكن اهدابها...مولاتي..هل تندسين في معطفي هذه الليلة الباردة؟.
أريد ان أتجول معك في كل شوارع المدينة...السماء سوف تمطر لو فعلنا ذلك..سوف تهطل عشقا وخرزا ملونا..وكرات حرير..هاتي
يدك داخل كفي ..يدك الرحيمة هذه اذابت كل جبال الجليد التي تراكمت وكبرت في دواخلي سنينا بعد سنين..يا امرأة غسلتني تحت مطر من عسل وحليب.
هل أقول لك سرا يا جميلة العينين...قد سقطت في عشق هاتين العينين.
لكنها أصبحت رحلة للأحزان حين كنت احدق في الفندق الخشبي فوق تلك القمم المغطاة بالثلوج وتلك الشموع الملوتة التي كانت تحاول عبثا ان تستر احزان ناس تتجرع كؤوس نبيذها وتصطنع الضحكة...ربما يكون الحديث عن ذلك عنوان مساهمة قادمة(لا أود ذلك)..لك دوما كل الحب.أطيب امرأة:ما أجمل كلامك حين أجدك سعيدة...ومادمت كذلك فسوف اكتب لك كلاما جميلا مثلك...الرجل الذي لايعشق المرأة ولايحترمها يكون جثة بحاجة للدفن في مكان بعيد مقفر...لك دوما كل الحب.
ن لم نستطع ان نستوعب الدرس وان نتكيف ونرسم وفق مجريات المباراة...كنا بحاجة الى تكتيكين مختلفين في مباراتي اليابان والأردن بعد أن انقذتنا صافرة النهاية من هدف سعودي ثان قادم لو كانت هناك بضع دقائق اخرى..المهم الله يسامح المنتخب.أن اكتب عن الغربة لأنك تحبين الشجن..قد لا افعل ذلك فأنا اريد سارة سارة وسعيدة..لكن ولأنني لا احطط ولا افكر ولا اختار فقد لا احافظ على رغبتي وقد اكتب لك رحلة حزينة(البارحة كنت اتفرج على برنامج ورأيت الثلج فوق جبال في سويسرا...مكان ما هناك كنت قد رأيته.ذهبت هناك للأستجمام لك
sara:هناك الكثير من الأطباء الذين مارسوا الأدب..أتمنى ان تصبح الدكتورة سارة ايضا اديبة(بس أكتبي الرواية مشان أقدر أنتقدك)قولك المنتخب قدم ماعليه؟.أنا لا اعتقد ذلك .كان يجب ألا يسمحوا للسعادة أن تضيع..كانت فرصة العمر خاصة بعد فوزنا على السعودية ..يبدو ان الشباب اعتقدوا ان الفوز على السعودية بطولة.كم يضحكني هذا ويبكيني لأسباب كثيرة..المنتخب السعودي كان تائها مشتتا ضائعا دون رغبة ودون هوية والدليل انها خسرت كل مبارياتها كع اختلاف الخصم من حيث التكتيك وايضا خدمنا الحظ ثلاث مرات(مرة في كل مباراة)
جهينة:اشكرك ياصديقتي.اتمنى دوما أن يكون الوطن ياسمينا ونعناعا وكذلك ايامك .الطيبون يمارسون طيبتهم دونما أنتظار لمقابل ما.هكذا خلقهم اللهالعزيز؟.هل تتذكر ذات مرة سألتك .لك دوما كل الحب.عصام:كيف حالك أيها الأخ عن عائلة ما؟.ربما يكون الطبيب من تلك العائلة.لك دوما كل الحب.shaza:اشكرك ياشذى..أكون سعيدا حين تقرأين لي وأجد ملاحظاتك حول ما كتبت.لك دوما كل المحبة.نيران صديقة:أشكرك ايها الأخ..فخور لو وجدت دوما نقدك وملاحظاتك في مساهماتي المتواضعة(كنا نسينا الجرح لكن اسمك ذكرنا الله يسامح المنتخب.مع محبتي
د.زاهر:أشكرك ..كيف الحال أيها الأخ الدكتور؟.أتمنى أن تكون بخير.لك ايضا تحياتي وكل المحبة.عبود:يارجل عم تقول في ناشئين وعم تطلب اقولك من وين العسل والحليب؟.بس نلتقي راح اقولك وهمسا(عم امزح)العسل والحليب كناية عن الحلاوة والنقاء..حين نقول غرق في بحر الهموم هذا لايعني ان هناك بحر يدعى بحر الهموم بل الامر كناية عن عمق وأتساع الهموم..لك دوما كل المحبة.عاشقة الورد:صدقت ايتها العزيزة ..هناك ماينحدى النسيان قد يغفو قليلا لكنه يمكن أن يتأجج كل لحظة.عساك بخير.لك كل الحب.
مااجمل كلامك للمراة انت تحبها وتحترمها جداقد سقطت في عشق هاتين العينين كم جميلة كلماتك تندسين في معطفي شكرالكلماتك ولن اعود حزينة
تذكرت رجل الطب والادب والسياسة العجيلي الله يرحمو بزمن كان فيه الطبيب عن جد واجهة ثقافية حقيقية للمجتمع..شكرا عالمساهمة اللطيفة ولو اني بين قوسين بحب اوراق الذاكرة من دفتر الغربة اكتر من دفتر الوطن لانو حجم الشجن فيها عالي.بالمناسبة انا ما كتبت ابدا خواطر(مو لاني طبيبة ما بعرف اكتب بس بقرا كتير ولما بكتب رح اخد رايك.وبالنسبة للمنتخب بقول بحرقة الله يعطيهن العافية عملو اللي عليهن.
لا يسعني إلا أن أبدي إعجابي بهذين النصين ..وأنا لاول مرة أقرأ لك ،لكني أعدك بأنني سأظل أقرأ لك..وأعتقد أن ليس ثروة الكاتب ما كتب فقط،بل ثروته في قرائه أيضا ..فاقبلني قارئا...بعد تقبل احترامي
جميلة جدا الكلمات والتعابير والمعاني العميقة ..تعلم ماذا أعرف طبيبا كذاك الذي وصفته .. رائعا بل اكثر ..ياسمين ونعنع وعسل وحليب ..كلمات رائعة. حفظ الله ووفقك
أخي العزيز عدنان : لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم .. وحقيقة أنا أثق بتلك المقولة الرائعة .. ومن أسرار الحياة أن زيادة الرزق من الله لايعني بالضرورة الرضا ونقصانه لايعني الغضب .. شكرا أيها الصديق .
لااعلم لماذا دائما اشم رائحة النعناع والياسمين والمطر الذي يبلل تراب الوطن في عذب كلامك .قصتك الاولى قمة في الطيبة والسرد وهكذا هي الحياة حين كان ذلك الطبيب قديسا مع اهالي تلك البلدة كانوا طيبين ولكن للاسف حين غادرهم وانحجبت طيباته لظروف قاهرة سكن الشر قلوبهم ونسوا ذكره حتى من كلمة حلوة .لكن جمال وصفك لصاحبة العينين البدويتين الرائعتين جعلنا ننسى مرارة وصف اهالي القرية لذلك الطبيب الذي حين مج سيكارته واسترجع ذكرياته ادرك انه عليك حين تعطي ان تعطي دون سؤال لانه عليك ان تتوقع كل شيء
هناك أشخاص يحفرون في ذاكرتنا صور رائعة ونتذكرهم رغماً عنا نستحضرهم بأفعالهم ويثيرون لدينا الكثير من التساؤلات...رسالتك لامرأة ما: جميلة جداً والأجمل ما كتب فيها...دمت بخير
شكرا عالهدية الي وعدتني فيها ..جدي حكالي قصة مشابهة كان عندون واحد بالضيعة متل حكاية صاحبنا وبليلة مافيها ضو قمر طفش وتاني يوم الصبحيات اكتشفو ان عمل طاخ طيخ مع بنت المختار..بالنسبة لأم عيون بدوية استاذ عدنان معلش اتحمل غلاظتي شو قصدك انو غسلتك بمطر من عسل وحليب..يعني من وين نزل الحليب ومن وين نزل العسل..الله يوفقك انتبه في ناشئين بالموقع..تحياتي الك
الاخ والصديق العزيز عدنان :سلمت يداك ..كنت اكثر من رائع ..تقبل تحياتي الصادقة
في الرد رقم 2 حدث خلط بين الرد على العزيز عصام والعزيزة جهينة...قصدت:العزيز عصام هل تتذكر ذات مرة سألتك عن عائلة؟.قد يكون ذلك الطبيب من تلك العائلة.اعتذر عن هذا الخلط.ارددت التصحيح فقط كي لاتختلط الامور عند العزيز عصام والعزيزة جهينة.