السلام عليكم.. إخوتي و أخواتي أنا لست ملاكاً و لا عالماً بعلوم الشريعة و لم أصل إلى مرتبة الاجتهاد, و أريد هنا أن أبين أن هناك فرقاً بين إعمال الفكر في دائرة المباحات و العرف و السلوكيات و بين إعماله في أحكام الإسلام و حدوده.
فالنوع الأول آلته العقل السليم و النية الطيبة و العمل على نشر الأفكار الجديدة و المفيدة من خلال حملة اجتماعية أو ما شابه, و سيكون الحكم للناس في قبول هذه الأفكار أو رفضها.
أما النوع الآخر فهو مختلف تماماً, فهو يحتاج إلى رجل وصل إلى مرتبة الاجتهاد, أي أن الاجتهاد في هذا المجال ممكن و لكن له قواعده و أصوله, و تعلمون أن سيدنا عمر عطل حد السرقة في عام الرمادة و هو اجتهاد في الحدود و لكن.. سيدنا عمر هو أهل للاجتهاد بالإضافة إلى أنه كان هو الخليفة بالإضافة إلى أنه عطل الحد بشكل مؤقت و لم يعمل على إلغائه و احتج على ذلك بالضرورة و الضرورات تبيح المحظورات.
أما أن يأتي شخص عادي و يقول: "أنا لا أتصور قسوة الحد الفلاني و لا أستطيع احتماله فهلموا نغيره" عندها سيكون ردي عليه: ما هكذا تورد الإبل يا سعد, فعدم استيعابك لحكمة الحكم أو الحد الفلاني لا يعطيك الحق في تغييره لأن الأمر ليس بهذه البساطة و إنما له أصول كما ذكرت, أما الاحتجاج بعدم وجود آية صريحة تتحدث عن هذا الحد و أن الأحاديث التي أثبتته غير صحيحة فهذا يتطلب اللجوء مرة أخرى إلى علماء الحديث و الفقه الثقات و هنا تكمن أهمية المرجعية, إذ أعتقد أن على كل واحد منا أن يحدد مرجعية علمية دينية معاصرة يتعلم منها أمور دينه و يسألها عن كل ما لا يفهمه في هذا المجال, و لهذا قلت في العنوان لعله يكون خيراً, فهذه دعوة لي و لكل واحد منكم أن يتخذ مرجعية يسعى إلى التواصل معها و يستشيرها في معظم أموره, أما إذا سألتم عن كيفية اختيار هذه المرجعية (فبالنسبة لي) وضعت ثلاثة معايير:
المعيار الأول:
هو شهادة علمية كبيرة على درجة الدكتوراه في أحد علوم الشريعة.
المعيار الثاني:
هو أن يكون أخذ العلم بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.
المعيار الثالث:
هو أن يكون مشهوداً له بالتقوى و الصلاح و الاستقامة.
و أضيف بأنني أعتبر كل عالم من علماء بلاد الشام يحقق هذه المعايير أعتبره أهلاً لأن يكون جزءاً من هذه المرجعية, لماذا علماء بلاد الشام بالذات؟
لأنني ابن هذه البلاد و علماء هذه البلاد أدرى من غيرهم بظروفها و أعرافها و طبائع أهلها, و لأن فضل بلاد الشام و أهل بلاد الشام ورد في طائقة من الأحاديث أسرد بعضها عليكم:
في تاريخ الحافظ بن عساكر الدمشقي - رحمه الله بسند رفعه عن عبد الله بن حوالة الأزدي أنَه قال : " يا رسول الله خر لي بلداً أكون فيه، فلو علمت أنَك تبقى لم أختر على قربك. قال : " عليك بالشَام - ثلاثاً " - فلمَا رأى النبي صلى الله عليه وسلم كراهيته إيَاها قال : " هل تدري ما يقول الله في الشَام ؟ إنَ الله تعالى يقول : " يا شام ! يدي عليك، يا شام ! أنت صفوتي من بلادي، أدخل فيك خيرتي من عبادي. أنت سيف نقمتي وسوط عذابي، أنت الأندر وعليك المحشر".
ومن أصح ما ورد في فضل الشام قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " بينا أنا نائم إذ استلب عمود الإسلام من تحت رأسي، فأتبعته بصري، فإذا هو نور ساطع في بلاد الشام، ألا إن الأمن والأمان عندما تكون الفتن في الشام " الكتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، للمؤلف أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ و سَلَّمَ : (( إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلا خَيْرَ فِيكُمْ لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ )) صحيح الجامع.
عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس )) قلنا فماذا تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : (( عليكم بالشام )) أخرجه احمد والترمذي وهو صحيح.
عن عبد الله بن حواله قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : (( سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ وَ جُنْدٌ بِالْيَمَنِ وَ جُنْدٌ بِالْعِرَاقِ قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ فَقَالَ عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ وَ اسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَ أَهْلِهِ )) صحيح أبي داود.
عن ابي الدرداء اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ و سَلَّمَ قَالَ ( إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ).
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا قالوا وفي نجدنا قال اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا قالوا وفي نجدنا قال هناك الزلازل والفتن وبها أو قال منها يخرج قرن الشيطان ) رواه الترمذي.
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن عنده طوبى للشام إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه
رواه الترمذي وصححه.
وفى الحديث الصحيح " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء فهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا يا رسول الله وأين هم قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
أما بالنسبة لمن أنكر السنة بالجملة و زعم الأخذ بالقرآن دون غيره فما قولك في الآية (و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا)
و الآية (من يطع الرسول فقد أطاع الله)
فجميعنا يعلم أن أوامر الله عز و جل جاءت في القرآن فأين هي أوامر الرسول صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم حتى نطيعه؟
و أين أنت من الآية (و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيراً)
أفلا تعتبر أن التابعين و الأئمة من أمثال أبو حنيفة و الشافعي و أحمد بن حنبل و مالك بن أنس من المؤمنين؟
فما الذي فعله هؤلاء المؤمنون؟
ألم يأخذوا بالأحاديث النبوية الشريفة و يستنبطوا الأحكام منها؟
أم أنك تريد أن تصلي على هواك؟
و تدفع الزكاة على هواك؟
و تحج على هواك؟
شيء آخر هو خطبة حجة الوداع,أنصحك بقراءتها جيداً لأنني لن أصدق أن الأمة كلها اتفقت على المؤامرة و لفقت هذه الخطبة على رسول الله و أنت الوحيد الذي اكتشف هذه المؤامرة, لأن رسول الله يأمرنا في هذه الخطبة بالتمسك بكتاب الله و بسنة نبيه صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم , أيها القرآنيون إن الاحتكام إلى القرآن حق و إن إنكار السنة باطل,و أنا أعلم أن هناك بعض الأحاديث التي نستطيع إعادة النظر في صحتها و لكن هذا لا يكون إلا من خلال مرجعية موثوقة,فاقبلوا أو لا تقبلوا فالخير مستمر في هذه الأمة إلى يوم القيامة, و بارك الله بالشام و بأهل الشام و بعلماء الشام و بكل المؤمنين الصادقين و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم و الحمد لله رب العالمين.
بغض النظر عما سقته من أحاديث وأقوال عن الشام فهي أم الدنيا ويكفيها فخرا ً وجود رجال كـ بشار الأسد ووالده رحمه الله لديها من الكرامة والوطنية وثبات الموقف وهو شيء قل وجوده في سائر بلاد العرب خلال العصر الحالي .. تحيااتي ..
أخ زياد هذا كلام جميل ومفيد وجاء في وقته. ألف شكر
شذى و حسام الشام و القراء أشكركم و أحييكم من القلب و أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت إلى الأشخاص الذين و عدتهم بهذه المساهمة و السلام عليكم.