هناك سر في كتابات كويلو يغريك أن تقرا وتقرا بنهم دون التوقف إلى أن تنتهي القصة التي بين يديك لتتمنى أن تعيد قرأتها من جديد فهو يتحدث عن البدو الرحل والغجر وعن الخيميائيين وقارئات الفال وعن الحروب والحب والشغف والأحلام والتواضع والحكمة والسحرة والقرآن والإنجيل وعن الأيقونات فلا يمكنك الإفلات من اسطره المليئة بالإثارة في قصته الخيميائي.
تدور أحداث القصة في الأندلس حيث يعيش سنتياغو الراعي الذي علمته خرافه لغة كونية استخدمها مرة ليخلص نفسه من الموت على أيدي قبائل الصحراء حينما كان يبحث عن أسطورة حياته يساعده في ذلك كلا من القدر وملك الرعيان وقارئة الفال الغجرية.
سنتياغو الذي أحب ببراءة واغرم بشغف مرتين وكان يرى العالم كله في قطيعه كان قد كتب عليه أن يجوب العالم باحثا عن كنزه المفترض الكنز الذي رآه في إحدى مناماته والعجوز التي فسرت الحلم طلبت عشره يرافقه في رحلة البحث عن الكنز تجار وخيميانيون يقرؤن بنهم وجمالون يعلمون الصحراء شبرا شبرا ويتناول معهم القصص والأحاديث ويستفيد منهم ويخسر ويربح حاملا معه الأمل وكلمات الحكيم ملكي صادق وحجري المعرفة" أوريم وتوميم "
إن أجمل ما في القصة ذلك المثل الذي طرحه الملك الحكيم عن سر سعادة البشر وفيما يلي انقله حرفيا
ثمة تاجر كبير، أرسل ابنه ليكتشف سر السعادة
مشى الولد أربعين يوماً في الصحراء، ووصل أخيرا أمام قصر جميل يقع على قمة جبل وهناك كان يعيش الحكيم الذي يجدُّ في البحث عنه.
فبدل أن يلتقي رجلاً مباركاً
فإن بطلنا دخل صالة تعج بنشاط كثيف: تجار يدخلون ويخرجون ، وأناس يثرثرون
وفي إحدى الزوايا فرقة موسيقية صغيرة تعزف ألحاناً هادئة، وكان هناك مائدة محمّلة بمأكولات من أطيب وأشهى
ما تنتج تلك البقعة من العالم.
هذا هو الحكيم الذي يتحدث مع هذا وذلك وكان على الشاب أن يصبر طيلة ساعتين حتى يأتي دوره أصغى الحكيم إلى الشاب الذي كان شرح له دوافع زيارته، لكن الحكيم لا وقت لديه كي يكشف له سر السعادة، وطلب منه القيام بجولة في القصر ثم العودة لرؤيته بعد ساعتين.
- أريد أن أطلب منك معروفاً ـ أضاف الحكيم وهو يعطي إلى الشاب ملعقة كان قد صب فيها قطرتين من الزيت ـ ، أمسك الملعقة بيدك طوال جولتك وحاول ألا ينسكب الزيت منها.
أخذ الشاب يهبط، ويصعد سلالم القصر، مثبتاً عينيه دائماً على الملعقة، وبعد ساعتين عاد إلى حضرة الحكيم.
- إذاً ـ سأل هذا، هل رأيت السجاد العجمي الموجود في صالة الطعام؟ هل رأيت الحديقة التي أمضى سنوات عشرة في تنظيمها كبير الحدائقيين ؟ هل لاحظت أروقة مكتبتي الرائعة؟
كان على الشاب المرتبك أن يعترف بأنه لم يرَ شيئاً من كل هذا ،على الإطلاق
- عد وتعرّف على القصر واحرص ألا تنسكب قطرتا الزيت
- حسن
فلا يمكن الوثوق برجل يجهل البيت الذي يسكنه. ( قال له الحكيم )
اطمأن الشاب أكثر، وأخذ الملعقة، وعاد يتجول في القصر، معيراً انتباهه هذه
المرة لكل روائع الفن التي كانت معلقة على الجدران،
وفي السقوف، رأى البساتين والجبال المحيطة بها وروعة الزهور
والإتقان في وضع كل واحدة من تلك الروائع في
مكانها المناسب،
وعند عودته إلى الحكيم، روى له ما رآه بالتفصيل.
- ولكن أين
قطرتي الزيت اللتين كنتُ عهدت لك بهما؟
نظر الشاب إلى الملعقة ولاحظ أنه قد
سكبها.
- حسنٌ ـ قال حكيم الحكماء ـ هاك النصيحة: الوحيدة التي سأقولها لك
" سرّ السعادة هو بأن تنظر إلى عجائب الدنيا كلّها، ولكن دون أن تنسى أبداً وجود قطرتي الزيت في الملعقة " .
عندما وصل أخيرا وبعد سفر طويل وصعب وقاهر إلى كنزه الذي رآه في أحلامه اكتشف أن الكنز لم يكن بعيدا حيث الأهرامات وإنما في الكنيسة المهجورة في الأندلس بلاده ذاتها وتحت شجرة الجميزة التي كان ينام تحتها كل يوم منذ يفاعته أثناء رعيه للقطيع .
ان جمال السرد وخفته والحبكة البسيطة المعقدة بان معا والإثارة كلها تميز كتابات كويليو المبدع ولعل الحكم المستقاة من نهاية القصة وفي صدرها هي ما أعطاها أهمية تجاوزت بذلك أهمية أعظم الروايات في العالم
التقى سنتياغو بعد كل تلك الأيام المرة بالفتاة البدوية فاطمة والتي كان قد التقاها في إحدى الواحات وأحبها حبا لا يشبه في ذلك إلا حب فلورينتينو للآنسة فيرمينا داثا في رواية الحب في زمن الكوليرا لغارثيا ماركيز
santiago de chile
عزيزي الكاتب، لا أظن أنك كنت موفقاً في وصف وشرح الرواية، ولكني مع ذلك لا ألومك على تقصيرك، فهذه الرواية العظيمة تحتاج إلى كتب للتعليق علهيا واستنباط الحكم والدروس والعبر من بين سطورها. أوافقك الرأي أنها رواية تستحق القراءة والإعادة عدة مرات، وهي بحق أجمل ما قرأت لباولو كويلو.
انا قاري هاي الروايه وكتير انسرت فيها لانو بغض النضر عن كل شي فهي بتحكي عن الخديعه الكبرة الروايه عباره عن خدعة والخدعة بتبلشس بالاسم باولو كويلو كتاباتو لا يعلى عليها لانو الو طريقة خاصه وفريده بالكتابة
المتتبع للرواية يلاحظ أن الكاتب واسع الأفق وأنك تقرأ فعلا لتستمتع ،ولقد إستطاعت أن تفسر النفس البشرية بعيدا عن كل شوائب المادة بصور بلاغية و رائعة..شكرا فادي إن ذكرتنا بهذه الرواية الممتعة من جديد.
من المعروف عن باولو كويلو تأثره بالروحانيات, لكن لمن يبحث قليلا يجد ان رواية الخيميائي "مقتبسة" من جلال الدين الرومي عن كتابه المثنوي