من وجهة النظر الفيزيائية، في البدء كان الصفر فلم يكن هناك شيء
لم يكن هناك مكان ولا زمان، ولكن من وجه آخر كان هناك كل شيء إنما بشكل غير محدد بالمعالم التي نعرفها والتي نحن جزء منها. ثم ولسبب ما و بقدرة قادر بدأ ما يمكن تسميته بلاشيء بالتحول إلى الأشياء، وبدأ العد تصاعدا و تمددا.
وبدأ الزمان والمكان تمددا وكان الكون. بعض الظواهر تدل على أنه سيأتي على الأشياء في وقت ما حدث معاكس يدمجها جميعا وبقدرة نفس القادر سترد جميعا إلى عالم اللاشيء أو عالم الصفر المهيمن، وتدور الدائرة.
أغمض عينيك واسترخ وتجرد بأفكارك عن كل ما حولك، ودع روحك تنساب بعيد عن الأرض رويدا رويدا، بعيدا عن الحياة بأحزانها وأفراحها ، حلّق معي عاليا بعيدا عن عالم الأشياء ، بعيدا عن الظلم والعدالة عن الفقر و الغنى عن الطمع والزهد عن الأنانية والإيثار عن البخل والكرم عن الأبيض والأسود عن الأرض والقمر عن الجاذبية وانعدام الوزن عن الأقنعة والوجوه المكشوفة.
حلّق بروحك بعيدا في عالم اللاشيء أو اللاوجود حيث السكون يساوي الضجيج والضوء يساوي العتمة ، حيث لا حياة ولا موت . هناك في عالم الصفر ستجد أصل كل شيء،
لكن عليك في رحلتك أن تحافظ على وعيك لتطلع وتدرك ظواهر و قوانين عالم اللاوجود الكلي أو عالم الصفر ذاك. على هذا فالصفر كون يختزل ما نعرفه من أكوان ويضمها جميعا بحيث يدمجها معا فتفقد هويتها الفردية لصالح الصفر فتصبح صفرا أو بمفهوم كوننا هباء وإن كانت موجودة على وجه غير الذي نقدر على تحسسه . فإن أنت عرفت حقيقة الصفر فقد كشف عنك الحجاب.وإن أنت امتلكت الصفر فقد امتلكت كل شيء ولو أن فعل الملكية عندئذ لن يعني شيء.
لنبتعد قليلا عن كون الصفر ونعود إلى كوننا الذي نعرفه . هناك أفراد يبدؤون يوما من الصفر المعنوي و المادي، ويحدث شيء ما في حياتهم فينطلقون بالعد تصاعدا و تمددا فيدب الخدر في أفكارهم ووعيهم و أوصالهم فينسون الصفر الذي بدؤوا منه وينسون أو يتناسون قدرة القادر التي أحدثت التغيير في عالمهم ونقلتهم من عالم الاندماج الصفري إلى حال التورم التصاعدي ويتناسون الحقيقة بأن هناك وقت ستنتهي به حالة التمدد وسيعودون به إلى كون الصفر وعندها ستكون المفاجأة صاعقة.
هناك آخرون لا ينسون الصفر ولديهم طاقات لانهائية على التردد إلى عالم الصفر جيئة وذهابا ولو أن بعضهم يفعل ذلك مكرها على العودة للصفر ليبدأ من جديد رحلة التمدد بعيدا عنه . بعضهم يكرر الرحلة بلا كلل ولا ملل ، وهؤلاء لابد أن يكونوا على وعي لتلك المقدرة لديهم ولتلك القدرة الإلهية التي تمدهم بقدرة البدء برحلة جديدة كلما عادوا إلى الصفر بدون احباط أو اكتئاب ، ولا يخالجهم شعور الفقر عندما يكونوا في عالم الصفر لعلمهم أن التمدد و التورم هما وجهان من وجوه الفقر.
ربما ينطبق هذا الوصف على شعوب وأمم بأكملها ، فهناك أمم تحاول الفكاك من قبضة جاذبية الصفر، فتبدأ بالتمدد بشكل عشوائي غير منتظم غير مدركة لتلك القدرة التي يحتاجها ذلك الانطلاق فتجدها في أحسن الأحوال تبتعد عن الصفر قليلا فتثبت عند موقعها المتواضع لمدة غير محددة أو تنكفئ عائدة للوقوع في قوة الصفر الجاذبة مرة أخرى.
وفي المقابل هناك أمم تمددت بعيدا عن الصفر وهي منظمة إلى الحد أنها خرجت من قوة جذب الصفر مع معرفتها طريقة الخروج من تلك القوة الجاذبة، فتصل إلى حد من العجرفة والصلف تنسى معها أن تلك القدرة الإلهية اللازمة للفكاك من عالم الصفر هي نفسها من ستعيدها إلى الكون الصفري. لماذا؟ لأن هذه هي دورة الوجود الطبيعية .
أخيرا لعالم الصفر جمالية عليك استكشافها لتعرفها والتمتع بها ، ربما جمالية تفوق الجمالية الناتجة عن الوجود التمددي الذي ندركه بمعرفتنا المحدودة.
ملاحظة أخيرة، في أيام المدرسة كان المعلمين يهددون الطلاب بالصفر المكعب، وكنت دوما أتساءل فالفرق بين الصفر العادي والصفر المكعب وعلى ما يبدو أن الصفر المكعب هو مشتق من الشكل المكعب الثلاثي الأبعاد بمعنى أن الكسلان في الدرس سوف يأخذ علامة صفر ثلاثية الأبعاد. أبعدكم الله عن علامة الصفر.
بعطيك صفر ع مقالك.... يعني كل شي! عجبتني فكرة انو الصفر هو كل شي...(هيك فهمت)
شكرا للسؤال. أقصد بالاندماج الصفري هو اندماج موجودات الكون ببعضها لتفقد هويتها الفردية لصالح الاندماج فتصبح صفرا وهناك أمثلة فيزيائية وغير فيزيائية مثل حالة الافلاس المادي و المعنوي عند الفرد ليصبح لاشيء في شلال البشر الهادر. أما التورم التصاعدي كما ورد في النص فهو ازدياد الحجم المادي على حساب الحجم المعنوي. أما قوانين عالم اللاوجود فأنا كغيري لاأعرفها ولكني أعرف أنها موجودة. معك حق المقال يحتاج لتبسيط
شكرا خلود للتحية الدافئة. من أين آتي بهذه الأفكار؟ ببساطة من مصدرين :هناك من يلهمني ومن الحياة . إن الاشتراك بالأفكار يحصل وقد حصل معي سابقا وهنا حصل أيضا. معك حق المساهمة تحتاج لتبسيط أكثر . لك مني ألف تحية.
ممكن استاذ هشام أن تشرح لي ما المقصود بالإندماج الصفري والتورم التصاعدي و قوانين عالم اللاوجود مقالتك غامضة وتحتاج لتبسيط
أولا أرحب بعودتك التي أفرحتني كما أفرح عندعودة كل اسم اعتدت قراءة قلمه فشكرا لك وثانياأرجو أن تخبرني من أين تأتي بتلك الأفكار ؟ جميلة وعميقة ولاتخطر في البال ومع هذا هل تصدق أنني كنت أتأمل عالم الصفر منذ أيام هذا اللاشيء المهم جدا, مساهمتك حلوة جدا ولكنها تحتاج لكد الذهن ليعرف القارئ ماذا تود أن تقول , ضاعف الله ميزان حسناتك بالأصفار الكثيرة على اليمين فقط وجنّبك الصفر على الشمال , على فكرة البارحة كانت درجة الحرارة عندنا 38 تحت الصفر , تحياتي لك.
مقال ممتع جداً بارك الله فيك يا اخ هشام وقد أدهشتني بأفكارك وعباراتك شكرا لك