لقد بات الاهتمام بقضايا الطفولة ، والعمل على تحقيق متطلباتها في عصرٍ تتضاعفُ فيه المعلومات سنوياً من أهم القضايا التي تشغل المهتمين...
وأصبح السعي إلى الارتقاء بمنابر الطفل الثقافية وتعزيز وسائلها ؛ من أكثر الأمور إلحاحاً وأهمها على الإطلاق ، وذلك بغية الإعداد المتكامل للطفل - عقلياً و انفعالياً واجتماعياً - ليصبح قادراً على مواكبة التطوّر العلمي والتفجّر المعرفي ، وعلى تحمُّل أعباء المستقبل الذي سيملك فيه المتعلِّم مقومات السيادة على غير المتعلِّم ، وليتمكَّن من الإسهام الإيجابي والفاعل في بناء وتطوير المجتمع الذي يعيش فيه . .
ولا تتحقَّق هذه الأهداف إلا من خلال الاهتمام بجميع الجوانب التي تخصُّ حياة الطفل ، وفي مقدمتها الجانب الثقافي.
وتعتبر صحافة الأطفال وسيلة لتعليم وتثقيف الطفل , وتوسيع آفاق معارفه ، ولتنمية مهاراته وإثراء خبراته ، كما أن صحافة الأطفال تمتلك مقدرة استثنائية في صياغة الاتجاهات الإيجابية لديهم ، وتزويدهم بالقيم - التي تدعوه لاحترام الإنسان والمجتمع - والمفاهيم والحقائق التي تتماشى مع العصر بطرق شائقة وأشكال مبسطة , بالإضافة إلى إمتاع الطفل وإدخال البهجة والسرور إلى نفسه وتنمية التذوق الجمالي ، وإشغال أوقات فراغه بما يعود عليه بالفائدة ، وهي بذلك تسهم في تحقيق غايات التربية والتعليم.
ولصحافة الأطفال نوعان فقد تكون الصحيفة من إبداع الأطفال أنفسهم ، ومن صنع أيديهم ، وهنا تتعاون مجموعة معيَّنة من الأطفال في إعدادها وإخراجها وتحت إشراف المربّين , ويهدف هذا النوع من الصحافة إلى تدريب الأطفال ، وإتاحة الفرصة لهم للممارسة العملية في التعبير عن أنفسهم ، وإشغال أوقات فراغهم بما ينفعهم ، ويسمى هذا النوع بالصحيفة المدرسية أو "صحيفة الحائط"
أما النوع الثاني وهو الأكثر أهمية وانتشاراً فهي الصحافة التي تصدر لهم من قبل الكبار ، ومن أهم أشكالها "مجلات الأطفال" ، وهناك أيضاً الصفحة أو الركن المخصَّص للأطفال في صحف ومجلات الكبار , وهنا قد تكون المساحة يومية - كالجريدة التي تحتويها - أو قد تكون أسبوعية أو شهرية ، لكنها غالباً لا تثير اهتمام الطفل كثيراً ، ولا تشبع حاجاته ؛ لاحتوائها على بعض المواد الارتجالية , إضافة إلى أنها غالباً تكون غير ملوَّنة .
وبالعودة إلى الحديث عن مجلات الأطفال , فإن تاريخها يعود إلى منتصف القرن / الثامن عشر / وفي فرنسا تحديداً حيث كانت الولادة .
ولابدَّ لمجلة الأطفال الناجحة أن تحتوي على أبوابٍ متعدِّدة وزوايا متنوِّعة ، وأن تعمل على تجديد موادها وموضوعاتها باستمرار ؛ حتى تستطيع أن تُشبع حب الاطِّلاع الذي يمتلكه الطفل بالفطرة ، وأن تتوجَّه لأكبر شريحة عمرية من الأطفال ، ثم أن تحقيق التنوّع الذي يعدُّ من أهم شروطها .
ومن شروط مجلة الأطفال أيضاً يمكن أن نضيف . .
يجب عليها أن تراعي الاعتبارات التربوية والاجتماعية من جهة , وأن تراعي خصائص الطفولة ، وأن تلبي احتياجات الطفل المختلفة / العقلية - الثقافية - السلوكية / من جهة أخرى حتى تتمكَّن بشكل أفضل من إثراء وجدانه ، وأقدر على إثارة تفكيره ، وإرواء ظمأه للمعرفة والاكتشاف بما تحمله من مواد . ومن ثم لا بدَّ أن تكون المجلة "متنوِّعة" بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فالتنوّع هو روح مجلة الأطفال ، وأهم مقتضيات تجدُّدها ؛ لأنها بذلك تتنقل بالطفل بين المعلومة والقصة والمادة الطريفة ، وتعرِّفه بأماكن لم يرها ، وأخبار لم يسمع بها ، وتُمتعه وتُرفِّه عنه من خلال اللعب الذي يحمل التنوّع منه القدر الكثير ، ثم أن تكون المجلة قادرة على متابعة الأخبار ، ورصد الحديث منها .
كما ولا يجب أن نغفل عن الاهتمام بالرسوم الملوَّنة والعناوين وبالألوان وحجم الحروف في المجلة ، وعن تكامل المواضيع وانسجامها مع بعضها البعض ، وعن العناية بإخراجها وطباعتها ونوعية ورقها أي / القالب أو الإخراج الفني للمجلة / الذي يعدُّ الوعاء الذي يحوي بداخله جميع محتويات المجلة , فالطفل يمتلك المقدرة الفطرية لاصطفاء الجمال ، ويحمل حسَّاً تذوّقياً رفيعاً في تمييز الحَسن من الرديء ، ويستطيع ببديهته المرهفة معرفة الجميل من القبيح ، فإما أن ينفر وينأى عن المجلة ، أو أن ينجذب وترتاح لها نفسه .
أما أهم المواد التي يجب أن تحتويها مجلة الأطفال فهي :
- المواد الثقافية : وتشمل القصة والقصيدة ، والقصة المصوَّرة أو "السيناريو المصوَّر" والمسرحية والمعلومة والمسابقة الثقافية ، والاستطلاع المصوَّر - كأن يكون عن حضارة أو دولة ، أو عن أحد البارعين في العلوم أو الآداب - وتشمل أيضاً التحقيقات واللقاءات والزيارات الخاصة ، كما تشمل المنوَّعات الثقافية والعلمية . . الخ .
والقصة المصوَّرة التي تحتوي على الشخصيات المتنوِّعة والمشاهد المبهرة ، تخطى بإقبال كبير من قبل جموع الأطفال . ( وقد بدأت هذه الطريقة على يد أمريكية من أصل صيني سنة / 1928 / بكتاب عنوانه "ملايين القطط" ، ويصدر الآن من هذا النوع في أمريكا وحدها ما يقارب / 1000 / كتاب سنوياً )(1) .
ولا بدَّ للمادة الثقافية أن تكون مناسبة لمستوى الأطفال , مؤثِّرةً في مشاعرهم وسلوكهم مشوِّقة بأساليب عرضها ، ومبتعدة عن الأساليب المباشرة .
- المواد العلمية : وتضمُّ الأخبار والمعلومات ؛ التي تدور في فلك المكتشفات الحديثة والتطوّرات التكنولوجية ، والمعارف الإنسانية المختلفة . . الخ .
وشرط هذه المواد أن تكون أيضاً مناسبة للأطفال ، وأن تعمل على رفع مستوى معارفهم العلمية والمعلوماتية ، وأن تنمي قدراتهم الذهنية ، وتحثّهم على الإبداع والابتكار والتفكير الحرّ ، وتكسبهم المقدرة على حل المشكلات بالطرق الموضوعية .
- مواد التسلية والترفيه والألعاب : وتأخذ هذه المواد أشكالاً متعدِّدة ومتنوِّعة من الطرائق والأساليب ، كالألعاب المتجدِّدة مثل "المتاهات , الكلمات المتقاطعة , الفروق بين الصور المتشابهة" ، والألغاز والأحاجي والطرائف والابتسامات . . الخ .
- مساهمات القرّاء : تسهم هذه المساحة بشكل كبير في تعزيز التواصل بين المجلة وقرّائها من الأطفال , وتسمح لهم بالتعبير عن ذواتهم وإبداعاتهم ، وتحقِّق مشاركة الطفل فيما يُقدّم له .
ويجب ألا ننسى ونحن نتحدث عن مجلة الأطفال أهمية الرسوم فيها ، فالرسوم لا تأتي لمجرَّد التزين والتشويق ، ولا كعامل جذب وإبهار فحسب , إنما كوسيلة للتعبير وعنصرٌ مكمل لمواد المجلة ؛ يعمل على ترابط أجزائها وسد الخلل أو النقص فيها , كما أن الرسوم - التي لا تقل أهمية عن الكلمة في مجلة الطفل - تترك أثراً كبيراً في تشكيل الوعي التذوقي ، وفي تنمية الحسِّ الجمالي عند الطفل .
إذاً لا بدَّ لمعظم مواد مجلة الأطفال أن تمسَّ حاجاتهم ، وتُعرض عليهم بوسائل جذابة تبعث في نفوسهم المرح والتشويق .
لكن للأسف فإن الأطفال في مجتمعاتنا لا يزالون يعانون نقصاً هائلاً في ما يجب أن يحصلوا عليه من مجلاتهم ، ولا تزال أفئدتهم متعطِّشة إلى موادها والاستمتاع بألعابها وعيونهم إلى تصفحها وقراءة موضوعاتها ، كما أن الاستثمار في هذا النوع من الصحافة لا يزال ضئيلاً قياساً بأنواع الصحافة الأخرى ، ويتم فيه التوجّه نحو الفئة القادرة على الشراء غالباً ، فمن خلال إحصائية للكاتب "عبد التواب يوسف" عن هذا الواقع يقول :
( إن نصيب الطفل العربي من المجلات الصادرة له قد لا يتجاوز جانب من صورة وكلمة ، بينما نصيب الطفل من المجلات الصادرة في بلد متقدِّم مثل - أمريكا - يبلغ / 12 / مجلة أو أكثر أسبوعياً - ويكاد يكون تعداد الأطفال لدى الطرفين متقارباً - . . ويبلغ توزيع إحدى كبرى المجلات الأمريكية - والتي يتجاوز عددها / 400 / مجلة - وهي / هاي ليتس / إلى أكثر من ثلاثة ملايين نسخة شهرياً )(2) .
ولكم تقدير مدى هذا الفارق الشاسع ، ومدى تأثير ذلك على أطفالنا .
ولتقليص مساحة تلك الفوارق ، وتحقيق صحافة أطفال ناجحة ، لابدَّ في البداية من تغير نظرتنا إلى الطفل وثقافته ، والى أساليب تطويرها لنتمكَّن من تحقيق أهدافنا من تلك الصحافة ، يقول الكاتب "حسن عبد الله" : ( يملك الأطفال أجنحة هائلة ، وأرواحاً جامحة ، وقادرون على التحليق إلى آفاق لا يمكن لنا نحن الكبار أن نتخيلها ، ولن تكون لدينا صحافة طفل بحجم التحديات التي يواجهنا بها المستقبل ، ما لم نكفّ عن النظر إلى الطفل كتلميذ ، والى أنفسنا كمعلمين ، والى الحياة كمدرسة ) (3)
إذا كانت صحافة الأطفال هي الوسيلة الهامة التي يتلقى من خلالها الأطفال الثقافة ، والوسيط الذي يقوم بنقل جلَّ اهتمامات الطفل إليه ، ويُشبع حاجاته النفسية بما فيها الإمتاع والترفيه ، ويفتح أمامه أبواب العالم الرحيب ، وإذا كانت الطفولة تهمنا بكل ما لها من أهمية فلا بدَّ لنا من التفكير جدياً بأهمية دور هذا الوسيط ، وبالوسائل التي تشجيع أطفالنا للتعرّف عليه ، وأن نعودهم على القراءة والتفاؤل بالمستقبل .
ياحضرة الكاتب عدنان العلي الحسن إن هذه المقالة ليست إنما لكاتب اسمه عبد المجيد قاسم ومنشورة في صحيفة الفرات العدد الصادر يوم الأحد15/1/2011 فكيف تسمح لنفسك أن تنسبها انفسك دون وجه حق.
يسلمو ايديك على هالمقال الخطير والممهم جدا بمرحلتنا الحالية,وحبذا ذوي الاختصاص يقروا ويفهموا,طبعا اكيد هون ما رح شوف تعليق ولا علماني,لانو العلمانيين اختصاصهن ربط جرايم الشرف بالدين وتخريس واتهام بالتخلف كل مين بيعترض على مسلسل صبايا,اما مواضيع مهمة عم تبني باوروبا مجتمع متحضر متل هي بيختفوا كلهن وما بتسمع حس حدا!!!!
المقال رائع يطرح موضوعاً مهماً للغاية وشرحاً نوعاً ما جيد ،لكن عتبي عليك أخي الكريم،فلو حاولت الكتابة بنفسك أنا واثق بأنك قادر على ذلك ،حاول الكتابة بفكرك وقلمك أنت وأنا أكيد بأنك ستبدع.دمت بكل الخير والحب والمودة ،تحياتي.