لست آت بجديد إن قلت أننا في عصر الماديات البحتة ، فكل شيء خاضع لقانون السوق الذي يحدد أسعار البيع والشراء أو المقايضة لكل شيء ويحدد قيم الأشياء مادية كانت أم معنوية. ولزيادة الأرباح يجب زيادة الطلب ولذلك يستخدم التسويق كل ما يمكن استخدامه للفت نظر المستهلك
فالغرائز والعواطف والنساء والأطفال والتصاميم ذات الأبعاد المخفية وراء أقنعة كلها يمكن استخدامها لذلك الغرض على مبدأ مكيافيللي الشهير.
قديما كان الانسان كالبضاعة يباع ويشرى في سوق النخاسة لقاء بعض المال. في أيامنا انتهى سوق النخاسة لذلك فقد طوّر تجار السوق طرق العرض مستخدمين في ذلك فنون وأساليب التسويق الحديثة بما يتناسب وروح هذا العصر الذي يجّرم التجارة بالبشر كأجساد أو الأعضاء كقطع غيار ، أما التجارة بمكونات البشر النفسية والأخلاقية فهذه غير مشمولة بقوانين الاتجار بالبشر
لكل أمة من أمم البشر مجموعة من القيم والأخلاق ، وتصون الأمم قيمها كما تصون هويتها ، فتكون تلك القيم حصونا تحمي بها هويتها ووجودها. الظاهر أن بعض محطات التلفزيونية العربية قد اخترقت كل تلك الحصون ووصلت إلى آخر حصن لتخربه بعدما انتهت من غيره. الحصن الأخير الذي أقصده هو حصن براءة الطفولة.
ما أثارني وقدح شرارة ثورة في نفسي هو رؤيتي لبرنامج تلفزيوني عرض على محطة عربية خليجية يقصد منه امتاع المشاهد بالأطفال و الطفولة ، يقوم بدور البطولة بالبرنامج مجموعة من الأطفال يقومون بتأدية أغان العشق و الهوى و الرقص على أنغام تلك الأغاني. أكاد أجزم أن المشاهد المقصود من البرنامج يجب أن يكون من أصحاب بعض الميول المائلة لكي يستمتع ما يشاهد.
أو يبدو كحملة تسويقية لأحد الأسواق المنسية بالإضافة لاستخدام فترة البرنامج كفترة اعلانية مناسبة لجر بعض الأرباح
دعوني أسأل السؤال الآتي: أين المتعة عندما أرى طفل أو طفلة تهز خصرها و تتلوى بحركات يقوم بها عادة البالغين بغرض الإغراء ثم هناك طفلا آخر(نجم أو معجزة!!!) يتغنى بكلمات الهوى البعيدة عن براءة الطفولة بعد الأرض عن الشمس. هل هذا هو الطفل المعجزة؟ هل هذا المنظر يسر ذوي الميول السوية من البالغين؟
قل أنني مخطئ. عندئذ سأعكس لكم الآية ولنتصور أن مطربة الغنج والإغراء العربي التي تعرفونها تقوم بأداء انشودة زهرتي يا زهرتي وتلوح بيديها بحركات بريئة طفولية ؟
هل سنجد ذلك ممتعا أم مضحكا وخارج عن السياق الطبيعي. لنكن واقعيين ولنعط الطفولة حقها ولا نعتد على البراءة في محطاتنا العربية ... إنها آخر حصوننا فلنحافظ عليها ونعززها فربما سيقوم أطفالنا في المستقبل بما لم نستطع نحن القيام به. فلماذا نصنع من أطفالنا لعبا لمن اشتهى ، أم أن الشراكة مع شركة FOX تقتضي مثل هذه البرمج.
أي عقل هذا الذي صمم مثل هذا البرنامج، دعوني أقول دعوا الطفولة وشأنها ولنتعلم من محطات أقل أمكانية مادية ولكن مع ذلك قامت بما هو مميز للطفولة . لن أقبل مقولة "إذا ما عجبك لا تتفرج" للأسباب الآتية:
أولا : لا أحب أن أدفن رأسي بالرمل وأتخيل أن الدنيا بخير
ثانيا : أن المحطة تحتل جزء من الطيف اللاسلكي المخصص للتلفزيونات ومن حقنا أن يستخدم هذا التخصيص بما يعزز نمو أطفالنا بشكل سوي
ثالثا: إنها براءة الطفولة . هل هذا يكفي لموقفي الرافض لمثل هذه البرامج.
دعوا الطفولة وشأنها يا كبار!!
رائع ما كتبت لقد وضعت يدك على موضوع غاية في الأهمية وينبغي أن تكون مقالتك في مسابقة المقالة فالموضوع جدا هام لقد رأيت الحلقة التي استضافت هيفا بالصدفة وكدت أتقيأ مما شاهدت وقلت الله يرحم أيام هايدي وحكيات عالمية والله يرحم برامج الطلائع ونشيد منتصب القامة أمشي إذا كان الأطفال يقلدون هيفا عندما يكبروا كيف ستكون حالتهم وماذا ننتظر من هذه الأجيال؟ فرق بين هذا البرنامج وبرنامج تعليم حفظ القرآن على فناة الحافظ والله أطفال مبدعون يبهجون القلب بقرائتهم للقرآن بأسلوب عذب يدخل القلب.. فرق كبير
كلام جميل دعوا الطفولة وشأنها يا كبار.
شكرا لك أستاذ هشام على فكرتك الصائبة ولكن المشكلة أن المصفقين لهذه البرامج كثيرين وكل ولد يقبر أمه
وأنا كمان رأيي من رأيك مليون بالمية,سموم فكرية تتسلل الى عالم البراءة من خلال تيار جارف من المغريات الترفيهية, نعم هو مبدأ الغاية تبرر الوسيلة الذي يفتك بنا, حسبي الله ونعم الوكيل بتجار الانسانية, شكرا لك أخ هشام على هذا الطرح المفيد والنداء الهادف, ترى هل هناك من يسمع أو يعقل؟
برافو أخ هشام رأيي من رأيك مليون بالمية. لا أعلم لماذا يجب أن يرى أطفالنا في أليسا وهيفا نماذج يفتدون بها ولماذا من ح هكذا برنامج أن يحتجز أبناءنا أمام الشاشة لمشاهدة ما ليس من شأنه ولا اختصاصه. دمت بألف خير
اسمحوا لي أن أشكر وأقدر تأييدكم. نعم هناك من يسمع ويعقل وأن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام