جلست في أحد المقاهي الموجودة في أحد أهم المراكز التجارية في دمشق ( والتي تتفاخر بأنها تمنع التدخين داخلها حتى قبل صدور المرسوم الذي يمنع التدخين داخل الأماكن المغلقة)، أقول، جلست مع خطيبتي لنحتسي فنجاناً من القهوة ونتجاذب أطراف الحديث كما يفعل المخطوبون عادة.
وبينما نحن جلوسون إذ بي أشم رائحة دخان تبغ، نظرت إلى الطاولة التي بقربنا فوجدت شاباً يجلس مع فتاة، وقد قرر أن الأوان قد آن ليظهر رجولته بإشعال لفافة تبغ، نظرت للطاولة التي بعدهم مباشرة وجدت امرأتين ومعهما طفل رضيع، والطاولة التي بعدهما أيضاً عليها عائلة مع أطفالهم، رآني النادل وأنا أتلفت، فسألني إن كنت أريد شيئاً فأجبته بأنني أبحث عن لافتة منع التدخين، فالمرسوم واضح، التدخين ممنوع في الأماكن المغلقة، وهذا المقهى لا يوجد فيه أي نافذة مفتوحة، وسقفه منخفض
وأخبرته بأنني منزعج من رائحة الدخان، فكان عذره بأن هذا الشاب المدخن قد استأذنه ليدخن، يا للأدب، كنت سأنهض وقتها وأشدّ على يد الشاب المدخن من كثرة أدبه، يستأذن النادل ليزعج الآخرين، فما كان من نفسي الأمّارة بالسوء إلا أن دفعتني لأقول له: لو سمحت أنا أتضايق من رائحة الدخان وكما ترى فالمكان هنا مغلق، فنظر لي الشاب شذراً وأطفأ لفافته بكل امتعاض (يا لوقاحتي)، وقد شعر بأني هدرت رجولته أمام فتاته، فما كان منها إلا أن استجمعت كل ما لديها من موروث فكري وثقافي وما يسمى بالأنا الأعلى، والضمير الأخلاقي، وجميع ما يحتوي رأسها _ذو التسريحة التي توحي بأن صاعقة قد نزلت عليها تواً_ من ذوق واحترام، وأشعلت لفافة تبغ وبدأت تدخن بلا مبالاة وكأن أحداً لم ينزعج من الدخان، وتحدياً لي أنني لن أجرؤ على مخاطبتها
فقالت لي خطيبتي: هل أطلب منها أنا إطفاء اللفافة، فلم أنصحها بذلك كون شكل الفتاة وتصرفها الوقح يوحي بردة الفعل التي يمكن أن تخرج منها، ولكن المضحك بالأمر أن الشاب الذي معها استجمع قوته مرة أخرى وأشعل بكل صفاقة لفافة أخرى، وذلك بعد أن أعادت له هذه المخلوقة الغريبة كرامته المهدورة، فنظرت إليه وقلت له، شكراً جزيلاً، أنا مصاب بالربو والدخان يضايقني بشكل كبير، فلم يدر ما يفعل وأطفأ لفافته، وطلب الحساب وانصرف مع فتاته
فسبحان الله، أي تربية أنشئ عليها هؤلاء؟ ما أوقحهما، هل أصبح إثبات الذات بتحدي القيم والاستهزاء بصحة الآخرين؟
وكما يقال فالشيء بالشيء يذكر وعلى ذكر موضوع الصحة، حدث معي أيضاً ما يلي:
كنت أزور إحدى قريباتي في قسم الولادات في أحد أفضل مستشفيات دمشق الخاصة، وعندما خرجت إلى رواق القسم، اشتممت رائحة دخان واضحة من الغرفة المجاورة، وذهلت، يا إخوتي وأخواتي شيء مذهل، الموضوع هنا لم يعد موضوع قلة ذوق أو جهل، إنما انحطاط إلى الدرك الأسفل من التمدن والأخلاق، هل صرنا نستقبل أطفالنا برائحة الدخان؟
يا للخزي الذي وصلت إليه بشرية بعض الأشخاص، ألم يعد بمقدور هذا الكائن العجيب أن يخرج من المستشفى ليدخن، هرعت إلى الممرضة وطلبت منها أن تقوم بشيء ما قبل أن أنزل وأتحدث مع الأمن، فسارعت إلى تلك الغرفة وطلبت منهم التوقف عن التدخين، وأخبرتهم بأنه يوجد مكان خاص بالمدخنين الا وهو المقصف في الطابق الأرضي.
وعلى ذكر الأماكن الخاصة بالتدخين، اتصلت بأحد المطاعم الموجودة في دمشق القديمة وأردت أن أحجز طاولة، فسألني مسؤول الحجوزات إن كنا من المدخنين، فأجبته بالرفض، فقال لي إذاً سأحجز لكم في القاعة الحجرية، قلت له ولكننا نود أن نجلس بقرب البحرة، حيث الهواء الطلق والمكان واسع، فاعتذر مني بأن هذا المكان خاص للمدخنين، وحرصاً على مشاعرنا سيحجز لنا في القاعة الحجرية
قلت له: لو أنني أريد أن أجلس في مكان مغلق لبقيت في البيت، هل أصبحنا في زمن يحجر فيه على غير المدخنين بينما يتمتع المدخنون_الذين يجلبون ربحاً مادياً أكبر_ بمزايا كثيرة، فكل الدول التي تحرّم التدخين، تجعل للمدخنين أماكن خاصة مغلقة بعيدة عن باقي الأشخاص والأطفال، أما نحن فبتنا نكرّمهم ونضعهم في أفضل الأماكن، وأصبح لتدخين النرجيلة قيمة عالية، حتى أنني ذهلت مرة لرؤية امرأة تضع مبسم النرجيلة في فم ابنها الرضيع، وتنظر إلى من حولها والكل يضحك على هذه الدعابة اللابشرية، وكان الأولى بهم أن يضعوا الجمر في فمها كي نضحك نحن أيضاً على هذه الأم التي تمثل أسوأ نموذج للأمومة.
المشكلة أننا لا نعرف من هي الجهة الخارجية التي يمكن أن نلجأ إليها في مثل هذه الحالات، وأقول خارجية لأنها ليست نابعة من الضمير، ولا من نفس الإنسان، لذلك لا بد من تقويم الاعوجاج خارجياً، ولا أقصد بالاعوجاج التدخين نفسه، وإنما أقصد الأذى الحاصل لغير المدخنين على أيدي بعض الأشخاص الذين لا يفكرون إلا بأنفسهم، الذين يجب أن نبدأ بقول لا في وجوههم، ألا نسمح لهم بالاعتداء على صحتنا لمجرد أن لفافة تبغ خطرت على بالهم، وهذا الكلام يجب أن يكون في كل الأماكن التي نعرف أن الدخان ممنوع فيها، ألا يكفينا ما نحصل عليه من دخان السيارات، وكل الملوثات من حولنا.
ومن كان لا يهمّه صحتّه فصحّتنا تهمنا
ومن كان لا يهتم لصحّة أطفاله، فصحّة أطفالنا هي أغلى ما لدينا
ومن كان لا يهتم لصحّة أطفاله، فليسأل الآباء الذي ابتلوا بأطفال أصيبوا بالسرطان.
سلمت يمينك اخي عادل ....الغريب ان قرار منع التدخين كان مرسوما جمهوريا تم الاعلان عنه قبل اشهر من تطبيقه فظننا انها قد فرجت وبات بامكاننا ان نتنفس هواء نقيا في المطاعم والمقاهي والباصات والتاكسيات لكن للأسف وكما هو حال كل القوانين في بلادنا فقد كان مجرد حبر على ورق ... وأ صر المدخنون على ان يحرقوا مع لفافاتهم هذا القانون!!!!!!
فعلا انو التدخين صار مشكلة بكل محل وانا صار معي ربو تحسسي وكتير بدايق من المدخنين ووين مابروح في تدخين وانا بهرب منو بس المشكلة في عالم مبتقدر انو في ناس مريضة ومابتقدر تشم هيك ريحة كريهة..وشكراً إلك على نشر هادا الموضوع اللي جد بيكهرب وبدايق كتير ناس متلي مو ضروري يكونو بحالتي بس بيدايقوا من الدخان..
إلى من نوجه الشكوى في حال حصول تجاوزات و خرق لتطبيق المرسوم؟ من الجهة المسؤولة عن تطبيقه و لمن نشتكي؟ نتمنى من إدارة الموقع أن تجري تحقيقاً عن هذا الموضوع و عن حالة تطبيق المرسوم و أن تساعدنا نحن الذين لا نريد الموت بدخان السجائر البغيض أن نعرف لمن نشتكي. لدينا كل الحق بدخول المطاعم و المقاهي كغيرنا و لا نريد استنشاق دخان السجائر إذ يكفي ما نتنفسه كل يوم في الشوارع من الدخان و التلوث. رجاء يا موقعنا المفضل أن تهتموا بهذا الموضوع إذا أمكنكم و أن توصلو صوتنا.
الشكر وكل الشكر للاخ عادل على هذا المقال. منذ بضعة أيام كنت في أحد المراكز التجارية الكبرى (بجانب المركز الذي قصدته أنت) و دهشت لأن تطبيق المرسوم أصبح من الماضي فهناك من دخن الأركيلة بكل صفاقة في القسم المخصص لغير المدخنين في المطاعم الموجودة في الطابق الأخير. كم أشعر بالأسى لأن تطبيق القانون عندنا يتم بهذا الشكل. المرسوم كان واضحاً وهو مرسوم حضاري بكل معنى الكلمة و لكن من يقوم بمراقبة تطبيقه يغض النظر. عداك عن الأسلوب الذي أتبعته بعض المقاهي بجعل واجهتها زجاجية و متحركة للتحايل على القانون.
يسلم تمك أخيرا لقيت مين فشلي خلقي و وصف المدخنين بالانانيين حتى ولو كان منن أبي وأخي شو أسعدت لما سمعت بمرسوم منع التدخين ولكن للأسف لم يتم احترامه
مقالة بتفش الخلق تسلم ايديك !! فعلا بعض المدخنين هم من عديمي الإحساس بمشاعر الآخرين وكأن لهم كامل الحرية في أن يدخنوا أينما شاؤوا ومتى شاؤوا غير عابئين بمن حولهم من الناس ( بما فيهم المرضى والأطفال ) فمثل هؤلاء حقيقة لا يتمتعون بأدنى معايير الذوق والإنسانية !!
مقال هام جدا لذلك ستكون التعليقات قليلة جدا فهل يعقل أن يكون المولود الجديد أول مايتنفسه سموم المدخنين أين المسؤول عن تطبيق المرسوم
قد أسـمعت لو ناديت حيا.. ولكن لابد من الكلام والمتابعة وياحبذا من الحكومة تشكيل لجان من غير المدخنين لتنفيذ مرسوم منع التدخين مما يعلم الناس الحضارة والوعي الصحي ويدخل الملايين الى خزينة الدولة فهل يعقل لمولود حيديث الولادة أن تكون المواد السامة أول مايدخل رئتيه " حسبي الله ونعم الوكيل "
سيد عادل قرأت مساهمتك ولم أعرف ما تريد بالضبط هل تريد قرار يمنع التدخين نهائيا في أي مكان , هل تريد أن يضعوا المدخنين داخل القاعات المغلقة وغير المدخنين في الهواء الطلق , وكيف كنت تتلائم مع الأجواء قبل صدور قرار المنع ألا تظن أنك تبالغ قليلا , مع أنني معك أن من يدخن بالأماكن المغلقة والمؤسسات والمشافي قليل الذوق وحتى الفهم , لكن شئنا أم ابينا هناك مدخنين وسيبقون وعليك تحمل غلاظاتهم .
عندصدورالمرسوم الذي يمنع التدخين ، فرحت جداولاأنكرأنني أحسست بامتلاكي للسلطة لأنه في حينهاأعتقدت بأنني أستطيع أن أمنع أي شخص مدخن من التدخين ، شاءأم أبى ، فهناك مرسوم بذلك .. ولكن مع الأسف كانت خيبتي جدا كبيرة ، لا مرسوم ولا غير ذلك سيمنع المدخنين من التدخين وأصبحنا نحن الغيرمدخنين المنبوذين (نظرا للنظرات التي يرمقنا بها المدخنون عند الطلب منهم بعدم التدخين) كأننانوجه أهانات لهم وياليتنا اكتفينا بالنظرات (الزورات يعني). واشعر بأن التدخين زاد عن ما كان عليه قبل صدور المرسوم .ولا حياة لمن تنادي .
عزيزي الكاتب انا مدخن منذ عشر سنوات ولكني لا اتذكر يوما اني اشعلت سيكارة في مكان مغلق او في حضور اناس غير مدخنين فهذه مسالة تتصل اتصال مباشر بالتربية والاخلاق ولا علاقة لها بعادة التدخين فكثير من المدخنين لديهم اللباقة ويحترمون حدودهم وانا منهم الحمد لله واتمنى من كل قلبي الاقلاع عن التدخين وانا معك بان ظاهرة التدخين في الاماكن العامة وخصوصا المشافي والمدارس والجامعة امر غير حضاري ومقرف فعلى كل شخص احترام حرية الآخرين والاهم حقهم في عدم اشتنشاق التبغ الذي يضر بصحتهم ارجو الالتزام من قبل المدخنين
نشكر الكاتب على طرحه مشكلة حساسةتواجهنا أينما ذهبنا هذه الأيام.
اخ عادل مقالك يلفت النظر الى موضوع حساس وخطير والكثير منا ينظرون اليه انه امر روتيني عادي فترى التدخين في كل مكان وحتى بعد صدور المرسوم وفي الفنادق والمطاعم الفخمة فما ان يظهر السيكار الكوبي الفاخر ابو 50$ حتى يغيب قانون الدستور ويحل قانون $ مكانه مع انني مدخن ولكن الموضوع هو احترام حرية الآخرين وعندما اشعل سيكارة في مكان ممنوع يعني انني لا احترم الناس الموجودين لا احترم المرسوم وبالتالي لا احترم نفسي والله العظيم يا شباب على محطة البانزين العامل يمسكك بالسيكارة وهو يعبأ البانزين للناس .
قرأت المساهمة وشكرا للكاتب.. أناكمان بحياتي مادخنت، بس قعدت بالقهاوي كتير، بالنسبة للقصة الأولى: مابظن إنو مستاهلة تصير مشكلة .. وأقترح أن تغيير الطاولة كان أفضل ربما، بس كمان بتعتمد عمزاج الشخص وقتا، بس عالأغلب أناكنت بغير طاولتي، وأتابع متعتي باللحظات الجميلة مع خطيبتي.
والله كلامك 100% تمام وأشكرك على طرح هذا الموضوع لقد تكرم علينا السيد الرئيس بمرسوم لننتهي من هذا الموضوع ولكن بعض الناس ضعاف النفوس يحتاجون هزة بدن ومخالفة قاسية وخاصة السائقين الذين بتنا نخشى من البهدلة معهم ونستحمل رائحة ضراب السخن الدخان نرجوا مراقبة المخالفين وخاصة مما ذكرت من سائقي شركات النقل وحتى الحكومية وسائقي المكرويات
اكتر من نص شعبك بدخن ... فالمشكلة انهم الاكترية، والدخان هنا منقصد فيه السيجارة والاركيلة، فبتسال بنت او شب انه بدخن بقلك "لاااا اعوذ بالله الحمد الله بس باركل..." بقى بكل المطاعم بتجي العالم لتأركل وتنفخ لهيك بكونوا الاغلبية، انا متعود على رائحة الدخان بقى ما عاد همني بس متل حضرة الكاتب مصاب بالربو وبتحسس فمشكلة كبيرة ...
أناشدك الرأي أخ عادل وأكره الدخان والمدخنين لكن نضطر في بعض الأحيان لتحمل هؤلاء الجهلاء الذين يستمتعون بمضايقة الآخرين وبإيذاء المجتمع والبيئة، فأضطر أحياناً أن أصبر على زبائني المدخنين رغم ضرري الكبير واستيائي منهم، بل وأجلب لهم صحن السجائر كي لا أجرح مشاعرهم وأحافظ على رزقي... لكن يقال مثل بالعامية ((لو الذوق بينباع كنا اشترينالهم يا)) تقبل تحياتي
Good for you. It will take us 100 more years to be human.
ابتليت بالتدخين من قريب و اتمنى من داخلي ان اقلع عنه.لان حياتي اختلفت 180 درجة الى الاسوء. سأحاول الاقلاع عنه ادعو لي بالتوفيق
والله يلي لفت نظري بمقالتك هي خطيبتك...شو هل البنت المرباية والله ماعاد في من هل النمرة......أنا صار معي موقف مشابه مع خطيبتي فقمت لأحكي قام سكتتني وقالتلي زيح هيك وخلي الحكي للبنات ...لك روح يا أخي عادل الله يهنيك ويخليلك ياها اللهم لا حسد وإنما غبطة....دير بالك عليها وحطها بعيونك