syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
أحلام هرمة.... بقلـم: ماهر نطفجي

أحب دائما أن انظر إلى أعينكم وملامح وجوهكم أراقب تصرفاتكم جنونكم غضبكم لهوكم ضحككم بكائكم بؤسكم حزنكم سخطكم لأكتب عنها الكثير الكثير لا أردي لما انتابني هذا الشعور الغريب لأكتب بكل هذا الوضوح والإباحية عما يجتاح داخلي من تضارب في العواطف والشعور المترامي بكثرة في قلبي المثقل بالذنوب والخطايا لا ادري لما أقبلت على القلم إقبال النهم على الطعام إقبال الخائف على الأمان إقبال المشتاق إلى أحضان الحنان لا أدري لكن كل ما أدريه إنني اكتب بحرية بعفوية وأطلق للقلم العنان.


لقد كبرت يا زوجتي ودارت الأيام دورتها بي باتت الخطوط خطوط الشيخوخة واضحة بشكل لا أستطيع تجاهله على وجهي فقدت الكثيرين ممن أحب فقدت أبي وأمي وأخي لكنني ما زلت أتابع وهاأنا ذا عائد لك وفي قلبي الكثير الكثير من الحب لك ولأنفاسك ويداك وكلامك الرتيب الجميل هاأنا ذا عائد يا وطني بحبي وعشقي بقلبي ودعائي فقد كنت ادعوا ربي مرارا وتكرارا أن يحفظ لي زوجتي وطفلي الوحيد أن يبقيني على قيد الحياة حتى أراهما وأقبل وجههما لثانية واحدة فقط ثانية واحدة فقط تكفيني .

هذا ما كان يكتبه في مكتوبة الأخير لزوجته قبل أن يعود إليها فقد حسم أموره وقرر أن يعود إلى الوطن بعد أن  ضاق ذرعا بكل الأماكن وضاق ذرعا من كل اللهجات ولم يستطيع أن يغفل الشوق المحطم لقلبه سبعة عشر عاما من البعد والفراق قرر أن ينهيها بحلوها ومرها قرر أن يعلن  الطلاق الرسمي غير الرجعي لحقيبة السفر وللهروب من الذات أنهى رسالته وأطفئ حاسبه وحاول النهوض متكئ على عكازه الهرمة سار ببطء إلى المطبخ فقد كان يرغب بشرب فنجان من القهوة رغم أن الأطباء منعوه عنها لكنه لم يكف عن شربها.

بعد شهرين  حطت الطائرة على أرض الوطن ونزل منها بجبينه المخطط  بالتجاعيد وعكازه عينها لكنه لم يجد احد ينتظره في  المطار استقل سيارة أجرة وذهب إلى منزله الفخم لم يكن ينتظره إلا السكون والغبار الذي ملئ المكان رفع الأغطية عن مكتبته وغرفة الجلوس واخذ الغبار يبدأ جولته في هواء الغرفة فتح النافذة وجلس على كرسي متسخ بجانبها ونظر منها إلى الحديقة الجميلة التي تطل عليها كانت مليئة بالأطفال يركضون ويلعبون بمتعة منقطعة النظير وما هي إلا لحظات حتى بدأت أمطار عينيه تنهمر وتسيل على وجنته المجعدة أخذ يبكي بحرقة مكتومة مقتولة   ثم أغمض عينيه عنوة مستسلما للنوم لمدة ثلاث ساعات  غاب بها عن دنياه المزرية ثم استيقظ وغسل وجهه وغادر المنزل مجدد.

ذهب لزيارة زوجته الغائبة الحاضرة عن  حياته عن  التي تأبى العودة اشترى لها الورود التي كانت تحبها ليضعها على قبرها  ويجلس أمامه لبضعة ساعات ويتحدث إليها وكأنها  حية تسمعه وتبادله أقطاب الحديث ثم عاد إلى منزله الذي قرر أن لا يغادره إلى أن تأتيه المنية ويرقد إلى جانب زوجته.

لقد كان يكتب إلى زوجته دائما رغم أنها ميتة لكنه كان يعزي نفسه ويوهمها أنها مازالت تسمع وتقرأ ما يكتبه كان يحدثها وكأنها على قيد الحياة رغم أنها لا تسمع ما يقول ولن تسمع يبني لنفسه فسحة من الأمل جنة صغيرة يعيش فيها لبضعة دقائق بعيدا عن الحقيقة المزرية كان يوهم نفسه انه يعمل لأجل ابنه الذي لم يرى النور ولم يخلق بعد كان في داخله الكثير الكثير من الأشياء المكتومة التي لا يوح بها إلا لنفسه ولزوجته لأنه واثق بأنها لن تخبر احد كان في داخله بحار من الأوهام الجميلة والمشاعر القتيلة والأفكار النبيلة لم يكن بفصح عنها لأي كان حتى أتته المنية  في احد الأيام واستطاع عندها أن يجعل من أحلامه حقيقة فقد انضم إلى عالم الرقاد  العالم السفلي واستطاع أن يرى زوجته واخبرها بكل شي.

ربما دافع عن أفكاره المجنونة حتى  نال ما يطلب ويريد وربما تخلى عنها فتحققت دون أن يكون يريد فنحن نفعل ما نريد وأحيانا نفعل ما لا نريد هذا ما فاض به قلمي اليوم ولكم مني كل الاحترام

ولتبقى تلك الكلمات وريثتي إلى الأبد.

 2-10-2010

At 5:05 pm

Bond007

2010-10-17
التعليقات
نسرين المجركش
2012-01-05 15:58:27
المشاركه الاولى
عن جد قصة كتير حلوة يعني فظيعة

سوريا
أماني
2010-10-21 22:44:08
أوهام
الهروب الى الأوهام باتت لصيقة بالانسان العربي ننام ونصحو على الأكاذيب 

سوريا
ماهر نطفجي
2010-10-21 04:44:50
.....
شكرا لكم جميعا انتم أسرتي ورفاقي واحبائي .....أقرأ لكم بكل الحب والشغف شكرا لكم بدون ذكر أسماء وبدون القاب او اي استثناء ليس بوسعي الا أن اشكركم فهل تكفي؟؟

سوريا
طائر الشرق
2010-10-20 20:32:06
روشان خانم ونجمة الشرق
العزيز والغالي ماهر بتشكرك على كلماتك الطيبة ومساهمتك الظريفة وأيضا سؤالك عنا واللي حاصل ياعزيزي أنه ابنتي الأمورة روشان خانم ومشروع نجمة الشرق هم اللي أخدين كل الوقت والاثنين هم يحملون ذكريات جميلة في قلبي من الشام والى الشام وان شاء الله قريبا ستسمع أخبار حلوة عن بداية المشروع بجدة ... تمنياتي لك وللجميع بالسعادة والمحبة وشكرا أيضا لسيريا نيوز لأنها مركز ونقطة تواصل قلوب الأحبة مع بعضها ...

سوريا
جينا
2010-10-20 01:51:09
واو
اجمل ما قرات على هالموقع مع انو كل التعليقات حكت كلشي بس لازم ابدي اعجابي بكلامك

سوريا
بسمة
2010-10-19 22:39:21
...
رائعة بصدق .. موجعة حد الصميم .. حين تغتالك الغربة في كل لحظة .. وتبني لنفسك عالما خياليا ترسم فيه من تحب .. و تزرع فيه الكلمات التي تتمنى أن تقول .. أخ ماهر .. تقبل مروري ربما الأول بين كلماتك.. دمت بخير

سوريا
عامر
2010-10-19 16:48:44
وينك انت
حلوة كتير فكرتك ما عد تكتب وينك مو مبين صحيح يلي سمعتو؟؟؟؟ لبقى حاكينا لكن

سوريا
متابع
2010-10-19 16:15:46
احسدك
مساهمة محكمة الكلمات والالفاظ تدل على كاتب محترف انالا املك اكثر مما قيل وكتب في التعليقات السابقة بل انا احسدك

سوريا
جهينة
2010-10-19 16:09:02
كتير حلوة ورقيقة
اشكرك اخ ماهر على لغتك السلسة والرقيقة واحساسك المرهف الصادق المرهف في كتاباتك تحياتي لك

الولايات المتحدة
fleur
2010-10-19 04:12:07
مممممممممم
لا أعلم لماذا ننتظر دائما الفراق او رحيل من نحب لنتأكد من مكانتهم في حياتنا لنعود بعد خسارتهم مكسورين مهزومين لنعيش على الحسرة والذكرى أي وفاء بعد كل هذا ..........قصة بتشبهك كتير باحساسها العالي

سوريا
سالي عيسى
2010-10-19 01:22:13
اكثر من رائع
كلمات متميزة وقصة مؤثرة تشد بإيثار لمعانيها الدفينة مفردات رتيبة نميقة وما الجديد يا ماهر فقد اعتدنا احترافك وترأسك مجالس الأدب وفقك الله وحقا كلماتك لا تنسى ابدا بمعانيها الدافئة المليئة بالراحة والسلام

سوريا
ليلاس
2010-10-19 01:21:24
متميز دائما
نقلتني لعالم كلماتك الرائع انت كيف بتكتب ما بعرف...عنجد اروع ما قرات على الاطلاق بكل معنى الكلمة انت رائع جدا يا سيد ماهر

سوريا
فتاة الأندلس
2010-10-18 19:46:45
الراقي٠٠٠
احفظ من صغري المثل الأندلسي الذي يقول قلب القائد كالبحر لا يمكن اكتشافه شواطئه البعيده وكذلك أنت صدقا يا أخي ‏٠دام الله قلبك القائد الي الخير

سوريا
basem habeb
2010-10-18 18:41:58
تحيتي
ما أصعب أن يعود الإنسان من الغربة ليجد لا شيء في انتظاره , أعرف الكثيرين ممن عادوا بتلك الطريقة المفجعة , ولكنك كتبتها بطريقتك المميزة المحببة لقلوبنا والمحزنة بنفس الوقت . تحيتي لك صديقي ماهر .. والله اشتقنا .

سوريا
Dew- - - Flame
2010-10-18 17:45:55
حلم جميل
جميل أن نبتعد عن الواقع و نحلق في عالم خاص نبنيه بأفكارنا مع كل همسة من نسيم عابر و كل شعاع دافئ في شتاء قارس. قد يوقظ هذا الأمل فينا من جديد لنتعايش مع واقعنا الأليم. طبعا بعد أن نفتح أعيننا و في ومضة تنهار القمم التي تسلقناها

سوريا
جيهان علي
2010-10-18 16:57:37
الاخ ماهر
قصة حزينة سردتها باحساس مرهف فعلا الحياة تمر سريعةو في غفلة منا قد تضيع منا احلامنا ويفارقنا اناس احببناهم فلا تبقى لنا سوى الحسرةو الغصة المرة, شكرا على المساهمة الرقيقة تحياتي لك ودمت بالف خير

سوريا
شاعر بس مع وقف التنفيذ
2010-10-18 16:06:33
أحلام هرمة
من أجمل ما قرأت بسيريانيوز كلمات ومشاعر وصور رائعة . ولكن لدي سؤال : هل الغربة هي الحل الوحيد لتحقيق الطموح وأي طموح .. جمع المال ...؟؟ فعلا زمن قلبت فيه المقاييس .... شكرا لصاحب المساهمة من القلب

سوريا
خالد
2010-10-18 16:00:02
كلمة وحدة بس
رائعةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة بكل معنى الكلمة

سوريا
حدا مو مهم
2010-10-18 15:04:54
0933
اشتقت لهل اللغة لهكلام لهنبرة القوية الرقيقة اشتقتلك يا ملك يا راقي كيفما التفت تشدني اليك شكرا الك

سوريا
جاد
2010-10-18 14:45:49
شفافة
مبدع بتكفي هالكلمة الك بس

سوريا
عصام حداد
2010-10-18 14:33:41
الحياة !؟!؟
فعلا مساهمة رقيقة ومحزنة وهذا يدل على إحساسك المرهف صديقي ماهر .. الحياة شقاء لكل من فيها فقير أم غني .. شح أم نعم .. عافية أو مرض .. سعادة أو حزن .. لكن لولا هذا الشقاء أحيانا لمملنا منها . شكرا لك ياصديقي .

سوريا
ميادة كامل
2010-10-18 03:57:55
تحية
تحية لك صديقي ماهر ..هو قدر الانسان ان يعيش ويرسم احلاما ..ولكني لااعرف هل قدره ان تشيخ احلامه ايضااا؟؟؟ام ان الاحلام لاتشيخ ابدا ومايشيخ هو ارواحنا نحن فقط؟؟؟لك الشكر صديق لهذه المساهمة الرقيقة

الكويت
زياد
2010-10-18 01:27:52
قصة حلوة
نحاول الاقتراب من المثالية قدر الامكان لكن طبيعة الانسان تتنافى مع المثالية قصة حلو ماهر شكرا

سوريا
مغترب
2010-10-18 01:10:46
تحية كبيرة للكبير
تحية لقلمك الساحر يا سيدي الكريم

سوريا
أسماء
2010-10-17 20:58:05
الإخلاص والوفاء
صديقي الملك ماهر.....جميل أن يتحلى الإنسان بالصدق والإخلاص والوفاء،لأنه يزرع في النفس الحب والوئام،فبالوفاء تحيى النفس بجمال محاسن القلوب،دمت ودامت كتاباتك صديقي....تحياتي لك.

سوريا