وصل (رائد) إلى وجهته المنشودة، وعندما أعطى لسائق سيارة الأجرة ورقة من فئة الـ (200) ل.س، قال له السائق (معوضين)
نظر رائد باستغراب إلى العداد الذي أشار إلى (166.5) ل.س، فقاطع السائق دهشته، وانطلق تاركاً كعادته زبوناً متمتماً مزهولاً على قارعة الطريق، واختفى مبرراً لنفسه بأن أولاده أحق من هذا الزبون بالبقية.
دخل السائق إلى مكتب (التكسي) وألقى تحيته وجلس مع صاحب السيارة، وبعد برهة من الزمن تعالى صوت كل منهما بسبب الاختلاف على ساعات الدوام والأجرة، وذلك لأن صاحب السيارة طالب بزيادة بنسبة (5 %) بحجة أجور الصيانة وإصلاح الأعطال المتراكمة، وما كان من السائق إلا أن وافق على الزيادة التي ستحول دون أن يقطع زرقه.
اتصل صاحب السيارة بصاحب الدكان الذي أجره المحل ليفتتحه مكتباً لسيارات الأجرة، وحدد موعداً معه ليدفع له أجور المحل، وبعد أن التقيا طالب صاحب الدكان برفع رسوم الإيجار الشهري لدكانه التي يرى بأن موقعها الاستراتيجي يستحق أجراً مرتفعاً، مدعياً أنه سيعطيها لشخص يريد أن يتشارك معه فيها إذا رفض المستأجر دفع الأجور المطلوبة، فما كان من ذلك المستأجر إلا أن وافق على الزيادة المطلوبة في الأجور.
في اليوم التالي حصل صاحب الدكان على ورقة إنذار بدفع رسوم مالية مترتبة على دكانه منذ عقد ونيف ما اضطره إلى الذهاب إلى البلدية، حيث فوجئ برقم خيالي، فاضطر لتقديم اعتراض، ولكثرة الناس المصطفين في طابور المعترضين، قرر دفع (ثمن فنجان قهوة) للموظف ليسهل معاملته، فما كان من ذلك الموظف إلا أن غير وجهه من وضعية العبوس إلى وضعية الابتسام.
قبل انتهاء الدوام خرج ذلك الموظف فرحاً بما جمع من (فناجين) وذهب ليشتري مكيفاً وتلفازاً لكي ينهي خلافه مع زوجته المتطلبة، لكن فرحته تلاشت فوراً بعد وصوله إلى معرض الأدوات الكهربائية، لأن صاحب المعرض بمناسبة الموسم رفع سعر جميع الأدوات الكهربائية المستخدمة صيفاً، كالبرادات والمكيفات والمراوح بنسبة (10 %)، مبرراً لنفسه أنه سيبيعها بمرابح أكبر غصباً عن المضطرين، مدعياً أن ثمنها ارتفع من المصدر، وبأنها أرخص من السوق، فما كان من الموظف إلا أن اشترى مكيفاً وانصرف لإنهاء خلافه مع زوجته.
تعرض صاحب المعرض لسكتة قلبية، بعد أن علم أن شحنة الأدوات الكهربائية التي كان ينتظرها من أحد التجار صودرت لأنها مخالفة، قرر ابنه تخليص تلك الشحنة، لإنقاذ والده ولاسترجاع كافة الأدوات المصادرة، وبخطة محكمة استطاع الشاب تخليص الشحنة بالكامل لقاء مبلغ زهيد وبراد وغسالة ومكواة وتلفاز ومكنسة ومروحة، كهدايا للموظف الذي خلص التاجر وابنه من الخسارة المادية والمعنوية التي كادت تلحق بهما.
ذهب الموظف إلى بيت خطيبته وقدم مهرها لوالدها وأكد لأهلها بأنه انتهى من تجهيز المنزل الذي سيقضي فيه مع ابنتهم أجمل أيام حياته، إلا أن والدها فاجأ الجميع برفع مهرها، وفسخ الخطبة، وعندما اشتكى الموظف لصديقه، قرر صديقه أن يساعده وذهب إلى منزل تلك الخطيبة.
فوجئ (رائد) بجمال خطيبة صديقه، وقرر خطبتها بدلاً منه، منفذاً جميع شروط والدها الطماع، دون عناء ومن مال حصل عليه من ؟؟؟؟...
يبدو أن المحقق غادجيت حصل على مهنة التحقيق بالواسطة، ليس فقط لأنه ظن (رائد) متزوجاً وعنده أولاد، بل لأنه أيضاً فاشل بالرياضيات فالعداد أشار إلى 166.5 والمحقق ذكر 44 المشكلة أن 166.5 + 44 = 210.5 والورقة التي أخذها السائق هي 200 وليس هناك ورقة نقدية بقيمة 210.5 .. شكرا سيدي المحقق ولكن تقبل مروري بروح رياضية.
أولا شكرا أخ هاني على الموضوع وكيف لسائق التكسي أن يعتبر بأن أولاده أحق من أولاد رائد وهو لا يعرفه أصلا ولا يعرف ما حالته أي أنه يحلل لنفسه ويحرم لغيره ولكن ماذا نقول فهذا المشهد هو المشهد المكرر نفسه الذي يحصل معنا كلنا
معك حق. أعتذر عن استعجالي. إذا فسائق التكسي يعتقد ان أولاده أحق من الراكب بهذا المبلغ. لكن هذا هو إضافة للتناقض في الشخصية السورية.... تحياتي وشكرا
شكرا عالمشاركة الجميلة جدا على بساطتها...وشكرا للاخ سامح الذي دائما يغنينا بمشاركاته المميزة
أطلب منك أيها المحقق أن تقرأ القصة مرة ثانية أو أكثر ,لتعرف معنى ما كتب .وبعدها أكتب تعليفا جديدا..شكرا لك
اولا شكرا للاستاذ هاني على هالقصة الحلوة يللي هي مضحكة مبكية.... اما الاخ سامح فانا احييك من كل قلبي.. تعليقك بمحلو وللاسف هذا الواقع, فنحن دائما نتابع اخطاء الناس ونقييم اعمالهم القبيحة مهما صغرت وبنفس الوقت ننسى اعمالنا القبيحة مهما كبرت لا بل ندافع عنها ايضا وهنا المرض الاكبر فعندما نبيح لانفسنا الاخطاء وندافع عنها فنحن نعلم ابناءنا ان ذلك هو الصواب وبالتالي فاننا جيل بعد جيل نزيد مجتمعنا امراضا كالتي ذكرتها.
عن جد حلوة كتير
أعجبتني اللوحة جدا وهي بالفعل قابلة للعرض المرئي عبر بقعة ضوء أو مرايا ولا تقل شأنا ولا جودة عما تقدمه الكوميديا السورية في أبهى لوحاتها .دائرة الطمع شملت الجميع وصولا إلى رائد الذي كان خارج الحسابات ودخلها بقوة في المشهد الأخير . القصة برمتها صورة مؤلمة لواقع مجتمعنا النهم بمعظم مفاصله مع الأسف.
شكرا للأخ على هذه المشاركة التي تمس الواقع الذي نعيشه هذا نحن لم يعد احد يكترث لشيء سوى المال حلال او حرام شريف ام حقير للأسف هذا ما آلت إليه حالنا والكلام يسحب على 99ز9 % من مجتمعنا وللأسف
مرة واحد خطب بنت صاحب نادي قمار، قام نط رفيقه وقله "يا زلمة هاد ماله ورزقه حرام كيف بتاخد من بناته ؟" قام رد عليه : "ليش هو بس يلي ماله حرام ؟ وحياتك 80% من مال الشعب حرام ..." هالحكي لناس بعرفهم منيح، وانا معه، لانه الناس عنا بتفكر انه الحرام هو بس وقت يجي المال بالقمار او بالسرقة، ومو عرفانين انه الغش حرام، والاستغلال حرام، واكل مال الغير حرام، والرشوة حرام، والربا حرام، والسلام عليكم حرام ..
تعليقي غريب: كل هؤلاء الموجودين في القصة نمائج حقيقية نصادفها يوميا في حياتنا ، الأحلى أنهم جميعا يطالبون القيادة بمحاربة الفساد!!!! المهم وجدت أن رائد أكثرهم طمعا وبخلا: تباخل ب44 ليرة على سائق التاكسي وقال أن أولاده أحق من السائق بها، ثم طمع بخطيبة ضديقه وقرر اخذها منه (أليس متزوجاً وعنده أولاد؟) هذه القصة تلخص تناقضات الشخصية السورية النموذجية ... تحية للكاتب
احد حلقات بقعة ضوء 2010 بعنوان ( القيمة المضافة)
هذه هي الحلقة المفرغة للفساد حلقة دائرية تدور وتدور ويدور معها المواطنين في سوريا بمختلف انواع الفساد والافساد...
شكراً لكم جميعاً ولتعليقاتكم الرائعة والتي لولاها لما فكرت في كتابة هذه المساهمات ونشرها في هذا الموقع كما أتمنى من كل قلبي ألا يبخل أحد بتعليقه إذا ما قرأ مساهمة أعجبته سواء كانت لي أو لغيري من المساهمين الرائعين الذين أتحفونا ويتحفوننا بكتاباتهم الممتعة والمفيدة...