syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
من كتابي الموهوبون ... بقلم : ريما بدر خربيط

المَوهِبَةُ والإبداعُ عَطيَّةُ اللهِ تبارك وتَعالى لِجُلِّ النّاسِ، وبِذرةٌ كامِنَةٌ مُودَعَةٌ في الأعماقِ؛ تَنمو وتُثمِرُ، أو تَذبُل وتَموتُ، كُلٌّ حَسبَ بيئَتِهِ الثَّقافيَّةِ وَوَسَطِهِ الاجتِماعيِّ .


ومِمّا لاشَكَّ فيهِ أنَّ كُلَّ أسرَةٍ تُحِبُّ لأبنائِها الإبداعَ والتَّفوُّقَ والتَّميُّزَ لِتَفخَرَ بِهِم وبإبداعاتِهِم، ولَكِنَّ المَحبَّةَ شَيءٌ والإرادةَ شَيءٌ آخرُ .

 

 فالإرادةُ تَحتاجُ إلى مَعرِفَةٍ كاشِفَةٍ، وبَصيرَةٍ نافِذَةٍ، وقُدرَةٍ واعيَةٍ لِتَربيَةِ الإبداعِ والتَّميُّزِ، وتَعزيزِ المواهِبِ وتَرشيدِها في حُدودِ الإمكاناتِ المُتاحَةِ، وعَدَمِ التَّقاعُسِ بِحُجَّةِ الظُّروفِ الاجتِماعيَّةِ والحالَةِ الاقتِصاديَّةِ الماليَّةِ، ونَحوِ ذَلِكَ مِنَ الحُجَجِ ...

 

 فرُبَّ كَلِمَةٍ طيِّبَةٍ صادِقَةٍ، وابتِسامَةٍ عَذبَةٍ رَقيقَةٍ، تَصنَعُ(الأعاجيبَ) في أحاسيسِ الطِّفلِ ومَشاعِرِهِ، وتَكون سَبَباً في تَفَوُّقِهِ وإبداعِهِ .

وهَذِهِ الحَقيقَةُ يَدعَمُها الواقِعُ ودِراساتُ المُتَخَصِّصينَ، الَّتي تُجمِعُ عَلى أنَّ مُعظَمَ العباقِرَةِ والمُختَرِعينَ والقادَةِ الموهوبينَ نَشَؤوا وتَرَعرعوا في بيئاتٍ فَقيرَةٍ وإمكاناتٍ مُتَواضِعَةٍ .

  

 

كيفَ اكتَشِفْ أنَّ ابني مَوهوبٌ...؟

تُعتَبَرُ الأسرَةُ المَحضَنَ الأوَّلَ والرَّئيسَ لِلطِّفلِ في بِدايَةِ سِني حَياتِهِ، إذ يَقَعُ عَلى عاتِقِ الأسرَةِ مَسؤوليَّةُ اكتِشافِ ورِعايَةِ وتَنميَةِ مَواهِبِ أبنائِها؛ ولَكِنْ في مُعظَمِ الأحوالِ تَعجَزُ الأسرَةُ عَنِ القيامِ بِوَاجِبِها هَذا ِلأسبابٍ عِدَّةٍ مِنها:

 

1- نَقصُ عَوامِلِ الخِبرَةِ وقِلَّةِ التَّدريبِ

2- عدَمُ تَوافُرِ مَعلوماتٍ كافيَةً حَولَ مَواهِبِ الأبناءِ وطُرُقِ التَّعامُلِ مَعَها .

 

إنَّ أحدَثَ الاتِّجاهاتِ في التَّعرُّفِ عَلى الأطفالِ الموهوبينَ والكَشفِ عَنهُم هو الاتِّجاهُ التَّكامُلي الَّذي يَتَماشى والاتِّجاهَ الحَديثَ في تَعريفِ الموهوبِ، والمُتَمَثِّلَةِ في قياسِ وتَشخيصِ جَوانِبِ الموهِبَةِ: العَقليَّةِ والتَّحصيلِ الأكاديميِّ في المُستوياتِ المُتَقَدِّمَةِ، إضافَةً لِلقُدراتِ الإبداعيَّةِ والسِّماتِ الشَّخصيَّةِ الَّتي تُمَيِّزُ الموهوبينَ.

 وقَدْ ظَهَرَ العَديدُ مِنَ المقاييسِ لِلكَشفِ عَنِ المَوهوبين مِنها:

 

1- مِقياسُ الكَشفِ عَنِ الموهوبين في مَرحَلَةِ ما قَبلَ المدرَسَةِ: والَّذي يُرَكِّزُ عَلى التَّعَرُّفِ إلى الأطفالِ الموهوبينَ مِنْ خِلالِ السِّماتِ الشَّخصيَّةِ والعَقليَّةِ والانفِعاليَّةِ الأساسيَّةِ الَّتي تُمَيِّزُهُم عَنِ الأطفالِ العاديين، مثلَ: الاستِقلاليَّةِ، وحُبِّ الاستِطلاعِ، والمُثابَرَةِ، والطَّلاقَةِ، والمُرونَةِ، والأصالَةِ، والحَساسيَّةِ لِلمُشكلاتِ، وتَعَدُّدِ الاهتِماماتِ والمواهب .‏..

 

كي تَجِدَّ أطفالاً مُوهوبينَ عَليكَ أنْ تُؤمِنَ بِذَلِكَ، وتَرغبَ رَغبَةً حَقيقيَّةً في البَحثِ عَنهُم، وكُلَّما كانَ التَّعرُّفُ إليهم مُبَكِّراً،كان ذَلِكَ أفضَلَ، ويَتِمُّ بِوِساطَةِ:

 

 1- الملاحظاتُ المَدرَسيَّةُ::

لَو تَركنا فِعلاً القياسَ لِمُلاحَظَةِ المُعلِّمينَ سَوفَ لا يَتِمُّ التَّمييزَ أو التَّعرُّفَ إلى أكثَرَ المَوهوبينَ لِذَلِكَ فَهوَ مِقياسٌ مُساعِدٌ، يُلاحَظُ فيه الإنجازَ المُتَمَيِّزَ الَّذي يُبدِعُهُ هَؤلاءِ الأطفالِ، كأنْ يَلحَظَ آباؤُهُم ومُدَرِّسوهُم:

- تَقَدُّمَهُم صَفّينِ أو ثَلاثَةٍ بِالنِّسبَةِ إلى عُمرِهِ مُتَفَوِّقاً عَلى رِفاقِهِ بيُسرٍ.

- يُلمَحُ لَديهِم شَغَفاً في القِراءَةِ سابقاً أقرانَهُم، مِمّا يُكسِبُهُ ثَراءً لُغَويّاً وفِكريّاً.

 

مَعَ لَفتِ الانتِباهِ إلى أنَّ التَّدخُّلَ المُبَكِّرَ لِلكَشفِ عَنِ مَوهِبَةِ الطِّفلِ الكامِنَةِ، مُجدٍ أكثَرَ مِنَ التَّدَخُّلِ المُتَأخِّرِ، ذَلِكَ أنَّهُ يُتيحُ لَنا مَجالاً رَحباً لِرعايَة الطِّفلِ وتَنميَةِ مَوهِبَتِهِ، مَعَ الأخذِ بِعَينِ الاعتِبارِ الفَرقَ بَينَ المَوهِبَةِ والذَّكاءِ والإبداعِ . 

وقَدِ استَطاعَ (رونزوللي) تَصميمَ مِقياسٍ لِهَذا الغَرضِ، والمَجالاتِ الَّتي يَهتَمُّ بها هيَ  :

 

ب- الخَصائِصُ الشَّخصيَّةُ، مثالُهُ ::

- المُبادَأةُ الذّاتيَّةُ .

- الإصرارُ على إكمالِ الواجِب.

- المُعاناةُ لِلوصولِ لِمُستَوى أفضَلَ.

 

ج- الخَصائِصُ الابتِكاريَّةُ، مثلُ:

- حُبِّ الاستِطلاعِ .

- الأصالَةِ في حَلِّ المُشكلاتِ .

- لا يُسايرُ .

 

د- الخَصائِصُ القياديَّةُ، مثلُ :

- الثِّقَةِ بِالنَّفسِ .

- النَّجاحِ .

- الاستِعدادِ لِتَحَمُّلِ المَسؤوليَّةِ .

- سُهولَةِ التَّكيُفِ مَعَ الموقفِ الجَديدِ .

وهُناكَ أبعادٌ عَمليَّةٌ لِقياسِ الطِّفلِ الموهوبِ وتَشخيصهِ:كالقُدرَةِ العَقليَّةِ، التَّحصيلِ الأكاديمي، القُدرَةِ الإبداعيَّةِ، السِّماتِ الشَّخصيَّةِ .

 

2- القياسِ الجَماعي :

وهو الَّذي يَتِمُّ بِصِفَةٍ دَوريَّةٍ لِقُدراتِ التَّلاميذِ العَقليَّةِ وتَحصيلِهِم الدِّراسيِّ ولا شَكَّ أنَّ أدواتِ القياسِ الجَماعي تَخدُمُ أهدافاً مُفيدَةً ، ويَبد وأنَّ أفضَلَ ما وَضَعَهُ الباحثون بَعضَ الأسئِلَةِ مِنْ مِثلِ:

1- مَنِ الَّذي يَستَخدِمُ الحِسَّ والمَعرِفَةَ السَّليمَةَ ؟

2- مَنِ الَّذي يَتَعَلَّمُ ويَحفَظُ أكَثَر بِسُرعَةٍ وسُهولَةٍ ؟

 

3- مَنِ الَّذي يَتَعَرَّفُ عَلى العَلاقاتِ ويَفهَمُ الدِّلالاتِ ؟

4- مَنِ الَّذي يَتَّصِفُ أنَّه يَقِظٌ ومُلاحِظٌ جَيّدٌ ويَستَجيبُ بِسُرعَةٍ ؟

5- مَنِ الَّذي يَعلَمُ كَثيراً مِنَ الأمورِ حَولَ مَواضيعَ لا تَعني الأطفالَ الآخرينَ؟

3- الاختباراتِ الأكاديميَّةِ الفَرديَّةِ لِلذَّكاءِ: عَنْ طَريقِ مَحَكّاتٍ عِلميَّةٍ مُقَنَّنَةٍ: 

 

إن استِخدامَ أحدِ الاختِباراتِ الفَرديَّةِ مَدخَلٌ مُهِمٌّ وشامِلٌ لِلقياسِ والتَّقديرِ لا يُمكِنُ إغفالُهُ، ويكونُ مِنْ خِلالِ دِراسَةِ الحالَةِ (أي جَمعُ المَعلوماتِ والبياناتِ مِنْ مَصادِرَ مُتَعَدِّدَةٍ ومُتَنَوِّعَةٍ وتَحليلُها لِلتَّعَرُّفِ إلى التَّشخيصِ الدَّقيقِ لِلطِّفلِ، ومِنَ المُهِمِّ ألا نَكتَفي بِأسلوبٍ واحِدٍ لِلكَشفِ عَنِ الأطفالِ الموهوبين فَمثلاً:

( الطَّلبَةُ ذَوو المُعَدَّلاتِ التَّحصيليَّةِ المُرتَفِعَةِ قَد يَكونون أولاً مُبدِعينَ فالكَثيرُ مِنَ الطَّلبَةِ غَيرِ المُبدِعينَ والَّذينَ يَتَمَتَّعونَ بِذكاءٍ مُرتَفِعٍ يَكونُ أداؤُهم عالياً في المَدرَسَةِ أو في مُجالِ العِلمِ والمعرِفَةِ لَكِنَّهُم لا يَقدِرونَ عَلى تَوليدِ أفكارٍ إبداعيَّةٍ وأشياءَ مُبتَكَرَةٍ)

2011-02-11
التعليقات
عزت
2011-02-17 12:09:51
thanks
شكرا لك يا ريما الحكيمة و نرجو إعلامنا بموعد إصدار كتابك القادم بما أننا في شوق كبير لقرائته

سوريا
ردينة بركات
2011-02-13 09:53:59
أنت موهوبة
للكاتبة شكراً لموهبتك و أعتقد أن وحي كتابك نبع من موهبتك أنت ورعاية أهلك لك أتمنى ابلاغنا عن طريق موقع سيريا نيوز بتاريخ صدور كتابك وكيفية الحصول عليه وأتمنى الحصول على ايميلك أو رقمك ان أمكن مع الشكر يا أحلى المواهب

سوريا
يمان خضور
2011-02-13 09:48:40
شكرا
بصراحة الكلام المكتوب ذو وقع خاص و تعابير مميزة ولكن علينا بتوجيه الثقافة إلى المجتمع المحيط بالطفل أتمنى أن أحصل على كتابك سيدتي قريباً و أتمنى لك مزيداً من التألق و أن يسير الشباب على نهج ثقافتك

سوريا
الوردة الدمشقية
2011-02-13 09:22:21
شكرا يا وردة
في الحقيقة أني أتابع ما تكتبيه آنستي الجميلة وأتابع برنامجك كلنا أطفال على اذاعة صوت الشعب أما فقرتك الجديدة في نوافذ ومرايا أثارت اعجابي وأضفت رونقاً خاصا على البرنامج شكرا لك ولجمالك الشخصي وجمال روحك

سوريا
حسان محمد محمود
2011-02-11 17:52:06
مع الشكر للإعلامية الأستاذة ريما
حقيقةً تثار ههنا مسألة العناية اللاحقة بالموهبة (إن تم اكتشافها) بمعنى: توافر المؤسسات و الآليات و المنهجيات الراغبة و القادرة على تنمية الموهبة وبلورتها، أعتقد أن هذه مسؤولية اجتماعية علينا أن ننهض بها بوساطة برامج حكومية مدعومة من القطاع الأهلي...شكراً للأستاذة ريما.

سوريا
السيف الدمشقي
2011-02-11 13:11:59
مع الشكر للكاتبة
يمكن نحنا اخر دولة بالعالم تجبر بالتعليم الالزامي للاطفال,بغير دول ما بيستوعبوا هالشي,لانو فشل طرق تدريس الطفل عنا خلا يكره المدرسة ويروح يتعلم شي مصلحة,على العكس بغير دول الطفل بحب المدرسة اكتر من البيت,بالمانيا بيعملو رحلة مدرسية كل فترة للاطفال عالجامعة وبيورجوهن عالمخابر والمدرجات وبخلوهن يحاوروا الطلاب ليزرعوابعقل الطفل انو مستقبلو هون مو عند شي كومجي,اما عنا فياريت الاستاذ يقوم بواجبو ما بدنا اكتر فضلا عن اكتشاف الموهوبين,يوم القيامة والله ليتحاسب كل مين كره طفل بالمدرسةوالدراسة.

ألمانيا