قصة كانت تجول بخاطري كثيراً، قد تكون ضرباً من الجنون أو تعتقدون أن صاحبها مصابٌ بمرضٍ نفسيّ، و لكنني أظن أن معظم أحداثها تحصل مع كثيرٍ منكم، بشكلٍ أو بآخر.
كأي كاتبٍ هاويٍ، يحب أن يؤمن جواً ليستطيع الكتابة، هدوءٌ قاتل، سيجارةٌ يشعلها، قلمهُ المفضل، و دفترٌ أختاره بعناية.
أحداث قصة صاحبنا هذا، مرت عليه دون أن يشعر، و لكنه في ختامها عرف أنه يعيش في زمنٍ لا نفع فيه للقلب، و عليه أن يسلم زمام أمور نفسه للعقل، نعم، قلب هذا الإنسان، و عقل هذا الإنسان، و نفس هذا الإنسان، حوارٌ داخلي، يدور بينهم، و كان كالتالي:
القلب: أخي العقل، لماذا تفعل بي هذا، نحن خلقنا لجسد واحد، فلتكن معي لا ضدي.
العقل: لقد أتفقت معك على أشياء و خالفتك في أشياء، و تركتك تستلم زمام هذا الجسد لسبع سنوات، و ماذا فعلت، قل لي، عذبت النفس دائماً و عذبت هذا الجسد مراراً، بِحَرِّ الصيف و برد الشتاء، و كل هذا من أجل ما كان يسمى بنعيم الحب، يا أخي نصحتك مليون مرة، أن تترك لي هذا الأمر، و لكنك أبيت، و كنت تقدم التنازلات تلوه التنازلات، حتى طفح بي الكيل، سأظل أحاربك حتى النهاية.
النفس: أخي القلب، أخي العقل، لا تفعلوا بي هذا، لماذا التنازع، لقد مللت من هذه التصرفات، لنعش بسلام، أرجوكما كفى تشتيتاً لي، كفى.
القلب: يا أخي النفس، صحيح أنني تحالفت معك دائماً، و لكني لم أجبرك على شيء و كنت أترك خياراً للعقل حتى ينصحك حين أحتار أنا، أنا لم أبدأ بالقتال، إن العقل دائماً يريد كل شيء، ولا يترك لي المجال أبداً.
العقل: أنت و كلماتك المعسولة، هذا ما تحب أن تفعله، تخدعني دائماً بأنها آخر مرة، و أنك ستسلمني زمام الأمور في كل مرة تفشل فيها، و دائماً تجد الأعذار لهذا الفشل، سأقتلك، نعم سأقتلك، كفاك لهواً بي و بالنفس، ليس لك رفيقٌ غير الحزن، كلما تركك رجعت إليه مذلولاً، أتعشق الحزن يا عدوي، و تأخذ النفس معك لترافقك بسكراتك، أوجعت الجسد بكثرة مرافقتك للحزن، ماتت النفس بكثرة مرافقتك للحزن.
النفس: صحيح أنني أحببت مرافقتك يا قلب، لكن ما يقوله العقل هو عين الصواب، لماذا تحب مرافقة الحزن، أليس لك رفيق غيره، تراه دائماً يسكر بذكريات الماضي التعيس، و لا يعبئ بأحد.
القلب: آخ منك يا عقل، ألم تعلم أن للحب عذاب، ألم تعلم أن الحب مقصدي، و لكنه يهرب مني دائماً، فلا أرى أمامي غير صحبة الحزن، تكلمت مع الأمل كثيراً و لكنه يخونني، في كل مرة يعدني بالتكلم مع الحب و لكنه يخلف بوعده، أهذا جزائي بعد كل ما فعلته لك أنت و للنفس أيضاً، حتى يعيش هذا الجسد بنعيم الحب.
العقل: أظنك يا صاحبي، عفواً يا عدوي، لم تعلم أن لدخولك نعيم الحب متطلبات كثيرة، فلم يعد ينفع الأمل و لم تعد تنفع وعوده، لتدخل نعيم الحب، يجب عليك أن تتبعني لأصل إلى العقول الأخرى، فما رأيت قلباً إلا وكان مشتتاً، لا يعلم ما به من أوجاع.
النفس: صدقاً قلت يا عقل، خذ بنصيحته يا قلب، عسى أن نرتاح و نريح الجسد معنا.
القلب: لا و ألف لا، لن أدخل لنعيم الحب إلا على طريقتي، و سأصدق وعود الأمل و إن لم يفي بها، و إن صاحبت الحزن أياماً و شهوراً و سنين.
يستل العقل خنجراً من وراء ظهره، و بغفلة من القلب، يطعنه به، يسقط القلب غير مصدقٍ لما فعله العقل، و عيونه تشخص من هول الصدمة، و دمائه تجري كجريان السيول، ترقد النفس بجانبه، تحاول أن توقف هذا النزيف، و لكن هيهات، فطعنة الغدر موجعة.
النفس: لما فعلت ذلك، حرامٌ عليك، أليس فيك رحمة، أنه صديقنا، كيف سنعيش من دونه، كيف سنكون من دونه، كيف؟.
العقل: و أخيراً، سأملك هذا الجسد، و أخيراً سأطرد الحزن من مملكتي، و أخيراً ستتبعيني يا نفس، سنتخلص من هذا العذاب، و سندخل نعيم الحب على طريقتي من أبوابه الواسعة.
القلب: لقد أعتبرتك صديقي دائماً يا عقل، و لكنك غدرت بي، و مع ذلك فأنا أسامحك، فلتشهدي يا نفس، فلن أصعد إلى ربي و بي ذرة من الكره لك، أتمنى منكِ يا نفس أن تعيشي مع العقل بسلام و أن يرتاح هذا الجسد أخيراً من أوجاعه.
جاء الحزن ليلفح النفس بعبيره الموجع، و معه خمرة الذكريات لتسكر النفس سكرتها الأخيرة، و تودع القلب و روحه تصعد إلى بارئها مع الألم.
يجلس العقل على كرسيه و هو سعيد بتخلصه من القلب، يفكر كيف يدخل لنعيم الحب، و لم يكن يعلم أن أول طلب من طلبات الحب، أن يرافقه القلب.
هذه قصة صاحبنا، في ذلك اليوم قرر فيه عقله أن يقتل قلبه، و يملك نفسه، و يخلص جسده من الحزن، فهل يستطيع صاحبنا هذا ان يدخل لنعيم الحب بعقله، بعد أن قتل قلبه ... و هل ستطيب نفسه أن تعيش بدون قلب، و يرتاح جسده من الحزن.
الأربعاء 9_2_2011
شذى الغالية، أشكرك على وقوفك و تعليقك الرائع، و عسى خيراً ما سيحدث، أخي صاحب الحزن الدمشقي شكراً للنصيحة، أخي زركوف أعتقد أن هذا ما أستنتجته أنا أيضاً في هذه الأيام الغابرة
لاوجود للنفس، وماالقلب إلا مضخة، إذا الكلمة العليا للعقل فقط لاغير. وشكرا.. لشذى ، قرأنا وعلقنا منشان?
اجعل قلبك كالبئر لا يدخله سوى شخص واحد ولا تجعله كالبئر يشرب .....
القلب الذي توقف أو تجمد قلب يرهق المحبين أكثر بعد الفراق ببساطة لأن الذكريات لا تحيا في الثلاجة بل في قلوب نابضة ومستمرة تنشد الحب في الأشخاص والأشياء. نعم لكلماتك الجميلة .. نعم لهذا البوح الرقيق والعميق .. لا لكل الدعوات التي تقول بفصل السلطات الثلاثة .. العقل والقلب والنفس خلقوا كائنا واحدا ولم يخلقوا على هيئة توائم.أرجوك لا تفقد الأمل. دمت بألف خير ومودة
ما قيمة إنسان لا يضعف بدقات قلبه أو يقوى بها وما قيمة حكمة تبنى على نقاط وقوانين ومفاهيم العقل من غير أن يكون لها نبض إنسان حي. العقل يحيا في الكتب والنفس تهذبها العواطف وإن خذلتنا الأقدار البشرية ولم نجتمع بمن نحب أو اختارت لنا مشيئة الله ترتيبا في الحب غير ذاك الذي نتمناه، فهل من حقنا أن نفرض على قلوبنا حظر تجول؟يتبع
سيدي الكريم أحببت جدا جدا جدا. سامحك الله تتحدث عن ضرب من الجنون أو ربما مرض نفسي، لماذا؟ فقط لأنك اخترت مركبا تبحر فيه داخل ذاتك. أما ان الأوان يا ترى لنؤمن بحقنا في فهم ذواتنا من غير أن نتهم باطلا وزورا وبهتانا بالجنون فلتمت كل هذه التهم ولتذهب إلى الجحيم. أنت عاقل بل عاقل جدا، والعاقل كما أفهمه على نحو بسيط للغاية لا يمكن له أن يضع قلبه في ثلاجة ويعيش على هواء النفس والعقل. القلب ينفع في كل الأزمنة وهو يلزم الأقوياء تماما كما يلزم الضعفاء قالقوة من غير قلب تتحول إلى غطرسة.
القلب الذي توقف أو تجمد قلب يرهق المحبين أكثر بعد الفراق ببساطة لأن الذكريات لا تحيا في الثلاجة بل في قلوب نابضة ومستمرة تنشد الحب في الأشخاص والأشياء. نعم لكلماتك الجميلة .. نعم لهذا البوح الرقيق والعميق .. لا لكل الدعوات التي تقول بفصل السلطات الثلاثة .. العقل والقلب والنفس خلقوا كائنا واحدا ولم يخلقوا على هيئة توائم.وأخيرا كيف لنا أن نعيش بغير الأمل..أرجوك لا تفقد الأمل ولا تفقد ثقتك بما هو ات. دمت بألف خير ومودة
ما قيمة إنسان لا يضعف بدقات قلبه أو يقوى بها وما قيمة حكمة تبنى على نقاط وقوانين ومفاهيم العقل من غير أن يكون لها نبض إنسان حي. العقل يحيا في الكتب والنفس تهذبها العواطف وإن خذلتنا الأقدار البشرية ولم نجتمع بمن نحب أو اختارت لنا مشيئة الله ترتيبا في الحب غير ذاك الذي نتمناه، فهل من حقنا أن نفرض على قلوبنا حظر تجول؟ يتبع
سيدي الكريم أحببت جدا جدا جدا. سامحك الله تتحدث عن ضرب من الجنون أو ربما مرض نفسي، لماذا؟ فقط لأنك اخترت مركبا تبحر فيه داخل ذاتك. أما ان الأوان يا ترى لنؤمن بحقنا في فهم ذواتنا من غير أن نتهم باطلا وزورا وبهتانا بالجنون فلتمت كل هذه التهم ولتذهب إلى الجحيم. أنت عاقل بل عاقل جدا، والعاقل كما أفهمه على نحو بسيط للغاية لا يمكن له أن يضع قلبه في ثلاجة ويعيش على هواء النفس والعقل. القلب ينفع في كل الأزمنة وهو يلزم الأقوياء تماما كما يلزم الضعفاء قالقوة من غير قلب تتحول إلى غطرسة.يتبع
الله عليك يا فاقد..انا مع الاخ عقل بالي قالو..القلب مابيجي منو الا التعب .. بيخلق احلام كاذبة كفيلة بتضييع وقتك...واغراق حاضرك بآمال وهمية..بعتقد انك بتوافق كلامي..بحكم اسمك..التشاؤم حلو كتير على الأقل مارح تتفاجأ بالنهاية..حبيت هالانكسار والبؤس والحزن والسوداوية الي بشخصيتك..تحياتي الك