يروى أنه في أواخر القرن الثالث الميلادي وفي إحدى المقاطعات الرومانية..
كان الإمبراطور كلوديوس يعتقد أن المتزوجين غير قادرين على أن يكونوا جنوداً أقوياء لأنهم يفضلون البقاء قرب زوجاتهم وأطفالهم على الاستبسال في ساحة الحرب..فقرر منع الزواج في مقاطعته.
وكان هناك راهب رقيق القلب اسمه ڤالنتين راح يزوج الشباب سراً..وعندما علم الإمبراطور كلوديوس بأمر ڤالنتين ألقى القبض عليه..وتم رجمه وقطع رأسه في يوم الرابع عشر من شباط "فبراير" عام مائتين وسبعين للميلاد..وقد صادف هذا اليوم عشية عطلة الربيع الرومانية المسماة "بلوبيركاليا".
بعد موت ڤالنتين أُدخل اسمه كقديس في سجل المسيحية..وبما أن روما أصبحت مسيحية فيما بعد جعل الكهنة العطلة الربيعيـة في الرابع عشر من شباط بدلاً من الخامس عشر منه..وسمي هذا اليوم "يوم ڤالنتين ".
ويقال بأن ڤالنتين عندما كان في السجن وقع في غرام ابنة السجان العمياء وأنه بقوة حبه وإيمانه استطاع أن يشفيها من العمى..و قبل أن يساق إلى حتفه بعث إليها برسالة وداع كتب فيها:
من ڤالنتينـكِ"From your Valentine " …"
* * * * * * * * * *
هكذا تنتهي الأسطورة التي تتناقلها المواقع الإلكترونية..حيث عثرت بعد بحث مطوّل في صفحات الانترنت على عدة أساطير مختلفة كلها تتحدث عن نشأة عيد الحب..وأعترف بأنني نقلت لكم إحداها بأمانة شديدة..فاسمحوا لي الآن أن أقدم لكم الرواية الحقيقية لهذا العيد كما أراها..رواية واقعية تحتفي بالحب الأسمى.
لقد ظهر عيد الحب في حياتنا العربية منذ ما يقارب عقدين من الزمن..لا نعرف كيف ظهر ولماذا..لكن ما نتفق عليه جميعنا هو أنه عيد مستورد تماماً بكل طقوسه ومستلزماته..حملته إلى مجتمعنا رياح العولمة كغيره من الأفكار والعادات الغربية..وغاب عن أذهاننا أننا احتفلنا به منذ غابر الأزمان بل ربما منذ الأزل..مذ خلق الله الإنسان فجعل له قلباً وحبيباً..ووطن.
نعم..هكذا كنا ولا نزال وسنبقى نحتفي بالحب ونقدسه بالفطرة..بعيداً عن أي استعدادات و ترتيبات..كيف لا؟!! وهو الزائر الوحيد الذي يأتينا دون دعوة فيدخل قلوبنا بلا تصريح..بل ربما نفاجأ بوجوده بين كريات دمنا وفي تلافيف أدمغتنا دون أن يقرع الأجراس أو ينتظر على الأبواب..إنه الزائر الوحيد الذي يتربع في عقر دارنا ليصبح السيد المطاع..يحتل كل الأماكن ولا يبقي لنا سوى الزوايا الصغيرة نلتجئ إليها هرباً منه..بأختصار هو قدرنا الذي نشقى به فنسعد بالشقاء ..ولذلك كان قدر المحبين أن يغفوا ويصحوا على حب من سكنوا قلوبهم..وقدر الأحرار أن يعيشوا ويموتوا في حب أوطانهم.
نحن العرب نحتفل بعيد الحب في الرابع عشر من شباط على الطريقة الغربية..ونحتفل به كل يوم على طريقتنا..دون زينة لأن الوطن تزينه جباله وأنهاره وأشجاره وأزهاره ونجومه وغيومه و......وأبناؤه..نعترف له كل يوم بحبنا ونقسم له بإخلاصنا ليس في ضوء الشموع بل في نور شمس الصباح وعلى صوت زقزقة العصافير وهديل الحمام..لا نقدم له هديتنا الوحيدة بل نحفظها له أمانة بين أضلاعنا ونكتفي بوشم حروفه داخلها ..نقترضها منه لنحيا ونحب..لكننا نعده بأن تكون تلك العضلة الحمراء النابضة له متى شاء وللأبد..بكل شرايينها وأوردتها وشعيراتها الدموية وبكل الدماء التي تجري فيها والروح التي تسكن خلاياها.
هكذا هي الشعوب الحرة..هكذا هو الشعب العربي..هكذا هو شعب مصر..منذ أن كانت مصر وإلى الأبد..نعم..سيسجل التاريخ أن عيد الحب في بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة كان عربياً مصرياً بأمتياز.
ها هو النيل يستعيد صفاءه..وها هو النسر الذهبي يحلق عالياً في فجره البازغ من ظلال الدم لينادي بأعلى صوته..ولتردد من خلفه رمال الصحراء:
بـلادي..بـلادي..بـلادي لك حبـــي وفـــؤادي
اكثر من رائعة قصة الحب التي قدمتيها لنا في قالب عربي صادق الهوى فشكرا لك ياريم
تحياااتي ..