syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
أهمية التربية بالقصة ج 3 ... بقلم : عدنان العلي الحسن

قصة خشبة المقترض


وهذه قصة خشبة المقترض الأمين فلننظر كيف يمكن أن نربي أبنائنا على الأمانة ورد الأمانة من خلال سرد القصص ؟

فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفى بالله شهيدا قال فأتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلا قال صدقت [ فقال " سبحان الله نعم " ] . رضي بكفالة الله, مما يدل على إيمان صاحب الدين , وثقته بالله عز وجل .

 

فدفعها إليه [ أي الألف دينار ] إلى أجلٍ مسمى ..

فخرج في البحر فقضى حاجته [ وفي رواية : فركب الرجل البحر بالمال يتجر فيه فقدر الله أن حل الأجل وارتج البحر بينهما ]

ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا [ زاد في رواية أبي سلمة " وغدا رب المال إلى الساحل يسأل عنه ويقول : اللهم اخلفني وإنما أعطيت لك " ]

ثم زجج موضعها [ قال الخطابي : أي سوى موضع النقر وأصلحه , وهو من تزجيج الحواجب وهو حذف زوائد الشعر , ويحتمل أن يكون مأخوذا من الزج وهو النصل كأن يكون النقر في طرف الخشبة فشد عليه زجا ليمسكه ويحفظ ما فيه , وقال عياض : معناه سمرها بمسامير كالزج , أو حشى شقوق لصاقها بشيءٍ ورقعه بالزج , وقال ابن التين : معناه أصلح موضع النقر ]

 

ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانا [يعني كما جاء في رواية أخرى " استسلفت من فلان " ] ألف دينارٍ فسألني كفيلا فقلت كفى بالله كفيلا فرضي بك [وفي رواية " فرضي به " ]

وسألني شهيدا فقلت كفى بالله شهيدا فرضي بك وأني جهدت

أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها [ وزاد في حديث " فقال اللهم أد حمالتك "]

فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه [أي دخلت في البحر ]

رماها وهو واثق بالله , متوكل عليه , مطمئن أنه استودعها من لا تضيع عنده الودائع .

 

ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها [قطعها بالمنشار ] وجد المال والصحيفة ( وجد المال ) في رواية النسائي " فلما كسرها " وفي رواية أبي سلمه " وغدا رب المال يسأل عن صاحبه كما كان يسأل فيجد الخشبة فيحملها إلى أهله فقال : أوقدوا هذه , فكسروها فانتثرت الدنانير منها والصحيفة , فقرأها وعرف " .

قوله : ( وانصرف بالألف الدينار راشدا ) وفي حديث آخر " قد أدى الله عنك , وقد بلغنا الألف في التابوت , فأمسك عليك ألفك "

 

يعني لما تيسرت للمدين العودة إلى بلده ,جاء بسرعة إلى صاحب الدين , ومعه ألف دينار أخرى , خوفا منه أن تكون الألف الأولى لم تصل إليه , فبدأ يبين عذره وأسباب تأخره عن الموعد , فأخبره الدائن بأن الله عز وجل الذي جعله الرجل شاهده وكفيله , قد أدى عنه دينه في موعده المحدد ..

 

وفي الحديث من الفوائد:

• فضل التوكل على الله وأن من صح توكله تكفل الله بنصره وعونه .فما أحوج الإنسان في زمن طغت فيه المادة , وتعلق الناس فيه بالأسباب إلا من رحم الله, إلى أن يجدد في نفسه قضية الثقة بالله , والاعتماد عليه في قضاء الحوائج , وتفريج الكروب , فقد يتعلق العبد بالأسباب , ويركن إليها , وينسى مسبب الأسباب الذي بيده مقاليد الأمور , وخزائن السماوات والأرض , ولذلك نجد أن الله عز وجل يبين في كثير من المواضع في كتابه هذه القضية , كما في قوله تعالى : {وكفى بالله شهيدا} (الفتح 28) , وقوله : {وكفى بالله وكيلا } (الأحزاب 3) , وقوله : { أليس الله بكاف عبده } (الزمر 36) , كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في النفوس , وعدم نسيانه في زحمة الحياة , وجاءتنا السنة بقصة هذين الرجلين من الأمم السابقة , اللذين ضربا أروع الأمثلة لهذا المعنى .

 

• إن هذه القصة تدل على عظيم لطف الله وحفظه , وكفايته لعبده إذا توكل عليه وفوض الأمر إليه , وأثر التوكل على الله في قضاء الحاجات , فالذي يجب على الإنسان أن يحسن الظن بربه على الدوام , وفي جميع الأحوال , والله عز وجل عند ظن العبد به , فإن ظن به الخير كان الله له بكل خير أسرع , وإن ظن به غير ذلك فقد ظن بربه ظن السوء .

 

• إذا بلغ العبد الغاية من الزهد ، أخرجه ذلك إلى التوكل;

فإذا اتكلت فكن بربك واثقا لا ما تحصل عندك الموثوق

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا .

(...ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيءٍ قدرا) (الطلاق:3)

2011-02-20
التعليقات